14 أكتوبر

الثورة التي أطفأت شمس الإمبراطورية في المشرق

الدَّيْنُ الكبير الذي برقاب اليمنيين لثوار ومناضلي وشهداء ثورة الرابع عشر من أكتوبر، لا يمكن سداده بقليل من الكلمات الاحتفائية بالمناسبة التي تحلّ علينا مثل هذه الأيام من كل عام، وليس في توظيف الذكرى سياسيًّا في لحظة الانقسام الكبير الذي يعيشه اليمنيّون بسبب سنوات الحرب الطويلة التي محت في منعطفاتها الحادّة الكثيرَ من القيم، ومنها قيمة الوفاء للتضحيات التي سطّرها الأسلافُ من أجلِ مشروعٍ كبير، لم يستطع الأحفادُ الحفاظَ عليه والبناء على مفرداته الكثيرة.

ومع ذلك، ليس أمامنا سوى التذكير بهذه المناسبة، علَّ الالتفات لتاريخنا القريب يمنحنا القدرة على استبصار أحوالنا اليوم، والتي لا أظن أنّ أكثر المتشائمين في ذلك الزمن كان يظنّ أنّها ستجرف الأحفاد إلى مستنقعِ الدم والبارود وبهذه القسوة، بعد ستين عامًا.

التحية الواجبة التي تقدّمها (منصة خيوط) في هذه المناسبة، هي ملفٌ مصغَّرٌ عن الذكرى، يتأسّس على موادٍّ ونصوصٍ متنوعة أنتجها بعض كتّابها الذين لا يزالون يراهنون على حدثٍ مثل هذا ليكون رافعة وحالة إيقاظ، في وقتٍ تكبر فيه مشاريعُ التفكيك، التي وقف أمامها قبل سبعة عقود من الآن روّادُ الحركة الوطنية في الجنوب اليمني المحتل، وأثمرت نضالاتهم وقتها ثورةً كبيرة، أطفأت وبدم شهدائها ونضالات أبنائها وبناتها، شمسَ الإمبراطورية التي لم تكن تغرب عن مستعمراتها الكثيرة في أركان العالم الأربعة.

 كتابات متنوعة تعيد قراءة الحدث من زوايا مختلفة، وتعيد التذكير بشخصيات كان لأدوارها الأثرُ المهم في نجاح الثورة وتثبيت مداميكها، ولم تنسَ في الوقت ذاته، الوقوفَ على الانسدادات العديدة في مساراتها، وصارت مع الوقت عثرات، يحاول فيها أعداؤها محاكمتها من خلالها. أيضًا كانت بعض الكتابات الوثائقية والنصوص التاريخية التي أنتجها بعضُ روّادِ الحركة الوطنية ومناضلي ثورة أكتوبر، وباحثون مختلفون من عربٍ وأجانب، ماثلة أمامنا ونحن نُعِدُّ هذا الملف، فاستخلصنا واقتبسنا العديدَ من الفقرات في منتوجاتهم، والتي تقارب الحدث وتشير إلى تراكماته ووقائعه المتعددة خلال سنوات طويلة. أمّا دور الأغنية الوطنية في إسناد الثورة فقد كان حاضرًا في هذا الملف بالإشارة إلى شعرائها ومطربيها الكبار.

أمّا الإشارة إلى أهمية التوثيق وأرشفة تاريخ الثورة اليمنية بصورة علمية تتمتع بأكبر قدر من الموضوعية والحيادية، فهو ما يمكن، بل ويجب أن يجتهد في تحقيقه كلُّ المهتمين الحقيقيين بتاريخ شعبنا اليمني. وليس بنا حاجة إلى التأكيد على الأهمية البالغة لجمع وتوثيق وأرشفة مادة تاريخ الثورة اليمنية في حياتنا الراهنة، وفي حياة أجيال اليمن القادمة، وهو الأكثر أهمية، كما أشار أحد كتّاب الملف، وهو -بالمناسبة- باحثٌ معروف. 

 ويبقى أن نقول، وبملء الفم: "إنّ ثورة أكتوبر، وبكلّ المفاهيم والمقاييس والتنظيرات الفلسفية والأيديولوجية، وبكل التعبيرات القاموسية، ثورةٌ سياسية شعبية جماهيرية وطنية (اجتماعية واقتصادية)، ثورة تحرُّر وطنيّ، وتغيير اجتماعيّ اقتصاديّ، تضافرت فيها جميع أشكال النضال: (السياسي والمدني الديمقراطي والمسلح)، وشاركت فيها جميعُ القوى السياسية والاجتماعية في الجنوب اليمني"، كما قال أحد الباحثين وكتّاب هذا الملف.

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English