نساء عدن: تنوير وتحرير

أيقونة أكتوبر التوثيقية
عبدالودود سيف
October 16, 2022

نساء عدن: تنوير وتحرير

أيقونة أكتوبر التوثيقية
عبدالودود سيف
October 16, 2022

- نساء عدن: تنوير وتحرير، كتاب قيد الطبع، يقع في نحو 240 صفحة؛ من القطع الكبير نسبيًّا، وهو تأليف الأستاذة سعاد عقلان العلس.

ويبدو أنّ تأليفه قد استغرق سنوات عديدة؛ اعتمدت المؤلفة على جمع مادته وتوثيقها بشكل فرديّ– تقريبًا. 

ورغم الفراغ النهائي من تأليفه، واستكمال مادّته التوثيقية؛ وهي مادة توثيقية حافلة بالمعلومات التاريخية التي تكاد تبدو طرية طازجة، ومشحونة بعشرات الأسماء التي تبدو، أيضًا، تجسيدًا لشخوص نسائية استثنائية قمن بدور التنوير ابتداءً منذ مطالع ثلاثينيات القرن العشرين، وامتداد اتجاههن التحرري، لاحقًا، بأشكال متفاوتة تعمق بتحرك سياسي، في بادئ الأمر، وتمظهر في منتصف ستينيات القرن الماضي بالنشاط السياسي الذي عبر عن نفسه بالمشاركة العملية في ثورة أكتوبر 1967م، بإعانات الثوار بالعون المادي، وفقًا لما ستجلوه هذه القراءة.

2- أن أصف الجهد بالتوثيق الفردي، فهذا يكثر في أنظارنا حقيقة هذا الجهد، بل ويؤسطره فعليًّا، بالمعنى التامّ للأسطرة، وليس هذا تبركًا بالقيمة الروحية لهذا الإنجاز التوثيقي الذي وصفته أريحيًّا بالأيقونة الأوكتوبرية، حيث يتداخل بالأيقونة المعنى الإنساني والإلهي، ولكن لأشير من ذلك إلى تجذّر القلة والعدم معًا في شأننا الثقافي والتاريخي.

إنه من المشين بحقنا الإنساني؛ وبصفتنا البشرية، أن تتنافس المسميات السلطوية السياسية في ادعاءات تقسيم الشرعية والنفوذ، في بلادنا الممتدة من المهرة إلى صعدة، ويزين لفضول مني اقتحام خصوصية المعوذة بالله، الأستاذة سعاد العلس، بالتفتيش في إنجازاتها، ويكتشف بإرادة الله أن مؤلفها الثمين "نساء عدن: تنوير وتحرير" مودع في إحدى المطابع من زمن غابر ينتظر روحًا إنسانية تعيد خلقه إلى الوجود ببعثه فعليًّا بالطبع، نظرًا لأن مؤلفته عجزت عن طبعه. وأعتذر بدوري للإخوة القراء بأن يغضوا أبصارهم، باقتحام هذا الإنجاز في قراءته من نسخة (pdf). فعلَّ أكتوبر المجيد يشفع لي.

- المؤلفة والكتاب:

1- المؤلفة:

وفقًا لما جاء في غلاف الكتاب الخلفي، فالمؤلفة: "سعاد عقلان العلس".

من مواليد عدن – الشيخ عثمان، أكملت الدراسة الجامعية في عدن – كلية التربية، حاصلة على دبلوم تربية من دِرِسدن ألمانيا الشرقية سابقًا.

عملت في سلك التدريس في عدن. هاجرت إلى ألمانيا بعد حرب 7 يوليو 1994م.

 وتلخص فكرتها في خوض غمار التوثيق للتنوير والتحرير لنساء عدن، هكذا:

"ارتأيت –رغم وعورة الفكرة– أن أركب الصعب وأطلق سهمًا أحدّ من هذا الزمن، يثقب جدار الصمت الأصم الذي ران على دور المرأة في الثورة، علّ مزلاج باب صدئ يفتح لي، لألج هذا العالم المذهل الذي كانت فيه المرأة في عمق مرجل جمر الثورة تحمل ثقل ماضٍ كلما ذكرناه ليشرق فينا، أظلمَ الحاضر أكثر".

هذا الحدّ الأعلى الذي عرفت فيه المؤلفة نفسها.

لكن المسكوت عنه في التعريف بها، فسأرصده أنا بفضالة معرفتي الوثيقة بها، من خلال متابعتي لكتاباتها.

من المعروف عنها، كما يعرف ذلك عامة معاريفها وكل قرائها، أنّها صوت شعري مسموع، وتحتل –في تصوري كقارئ ومتابع لشعرها– مكانًا مميزًا في صوتنا الشعري النسائي. وتنسحب صفتها الشعرية على جل كتاباتها.

والشعرية في أبسط تجلياتنا، في كتاباتها –كما أتابعها– نبرة حادّة في تعبيراتها تستغرق كامل نفَسها وعمق امتداده. ولون شعرها مصبوغ بنزوع التجديد وهي تمتح في عموم كتاباتها من عمق ثقافي مؤصل بجدارة.

وكثيرًا ما يحدوني شعور تميزها إلى بحث خصوصيتها الشعرية بجدية أكثر.

هذا التوصيف الشعري والثقافي معزّز بانتماء عميق للثورة والإنسان، ويُعكس بوضوح في وجدانها المتجلي في نزوعها التوثيقي.

ويحزّ في نفس القارئ لخيبتها الوطنية ما تعانيه في ذكريات نزوحها من أرض الوطن، بعد الحرب الطائشة عام 1994م، وما عانته جراء ذلك من تشرّد هي وأطفالها، جراء البحث عن ملجأ. (بوسع القارئ إذا تيسر له قراءة الكتاب، فتح عينيه على الإهداء المبكي).

2- الكتاب:

1- يحتوي الكتاب على العناوين التالية:

أ- مقدمة: بقلم الأكاديمي والمفكر العراقي د.عبدالحسين شعبان، على امتداد ص(5-12). 

ب- تعريف تاريخي وجغرافي لمدينة عدن، ص(13-15).

ج- منهجية البحث، ص(16-20).

د- نساء عدن: تنوير وتحرير، ص(21-229).

هـ- قوائم بأسماء المناضلات في تنظيم الجبهة القومية. وتتوزع مستوياتها التنظيمية هكذا: شعبة/ خلية/ رابطة/ خلية قيادية/ خلية/ حلقة.

وهو فهرس بأسماء المناضلات في عدن، ولحج، وأبين.

و- قائمة بأسماء مناضلات جبهة التحرير (94)

وتشمل قوائم أسماء الجبهة القومية 260 عضوًا. وقوائم أسماء جبهة التحرير 94 عضوًا. والمجموع الكلي للأسماء التي جرى توثيقها 354 عضوًا.

2- إطلالة على المقدمة:

تبدو المقدمة رصينة، وتتعامل مع موضوعها بثقة ومعرفة مؤكدة بالواقع المحلي اليمني وخصوصية دور المرأة على الصعيدين الاجتماعي والقانوني. وقد أغنته السيرة المعرفية، إذا صح التعبير، التي حشدتها المؤلفة على المستويين التاريخي والتوثيقي.

وأستوثق من عملية العرض الذي حشدته المؤلفة، وأستخلص جملة من المزايا الأسلوبية؛ حددها طابعًا للدراسة. 

"وبقدر ما للمصادر التاريخية، خصوصًا لما هو مكتوب، فإنّ القراءة الارتجاعية والرؤية النقدية التي حاولت أن تعكسها سعاد بإطلاعنا على نصوص وحوارات وسير وما تردد شفاهًا على ألسنة النساء اللواتي قابلتهن أو تابعت مسارها أعطت نكهة متميزة أخرى لعملها البانورامي. وحسب اطلاعي المتواضع، فإنّ هذا أول بحث شامل وجادّ لتاريخ الحركة النسائية بفسيفسائها الاجتماعية وموزائيكها الثقافي ومصادرها المتنوعة، وخصوصًا للطبقة الوسطى، كجزء عضوي من تاريخ الحركة الوطنية وتلك ميزة البحث الأولى" (ص5).

"أمّا ميزته الثانية، فإنّه يسلط الضوء كاشفًا على جزء غير ظاهر أو غير معلوم أو منسي أو مسكوت عنه، أو كان ينظر إليه كجزء ملحق أو غير مؤثر، وعلى أحسن تقدير جزء مكمل أو متمم، إلّا أنّه غير أساسي.

ومثل تلك النظرة المسبقة بقدر ما فيها من جهل أو عدم معرفة، فإن فيها استصغارًا لدور المرأة ومساهمتها في الحركة الوطنية. وإذا بسعاد تنزع الغبار عنه وتجلي صورته ببهائها وجمالية دورها" (ص5).

"أما الميزة الثالثة، فالبحث هو عبارة عن جولة فكرية وثقافية واجتماعية وسياسية في إرهاصات التنويري لتاريخ اليمن عمومًا، وعدن بشكل خاص في الفترة التي يغطيها الكتاب. أي ما قبل الاستقلال وما بعده" (ص5). 

ويبدو أنّ الكاتب سها عن تحديد الميزة الرابعة، وتحدث عن الميزة الخامسة، باعتماد الكتاب على خيارات واختبارات لمن توجهه لهن أو اختارت نصوصًا منهن أو تمت حوارات معهن (ص9).

أمّا ميزة الكتاب السابعة، فإن سعاد كانت تنقب من خلال بحثها عن الجديد وغير المطروق أو المألوف بمعول جيولوجي لتكشف تاريخًا غير مخبوء أو غير معروف فتقدمه للقارئ (ص9).

ويفصل المقدم لاحقًا تقسيمات الكتاب وموضوعاته، وكان –المفترض– الوقوف على هذه الموضوعات، أولًا، واستخلاص المزايا من ثنايا موضوعات الكتاب لاحقًا.

3- تعريف تاريخي وجغرافي (ص13-15).

بوسع القارئ؛ الرجوع إلى الأصل لقراءة هذا التعريف.

4- منهجية الكتاب.

"اتصالًا لما دار ويدور من زخم عالمي (أحداث وحروب) متلاحقة نتناول منها تحديدًا ما نشأت بعد الحرب العالمية الثانية"، التي بموجبها تقاسمت دول أوروبا العالمَ الثالث، وظهرت منظومة الاستعمار والاحتلال الاجنبي، وبإزائها قامت الحركة الوطنية لدرء الاحتلال والمطالبة بالاستقلال والحرية.

ويتطرق العرض لنشوء الحركة الوطنية ومناوءة الاستعمار وما ترتب عليه من حركة وطنية، وفي خضم هذه الحاجة، نشأت الرغبة إلى توثيق الحركة الوطنية وأرشفتها وكتابتها، "لا سيما أنّ كثيرًا من أبطالها والشواهد عليها يرحلون تباعًا أو تضعف ذاكرتهم ممّا ينذر بكارثة توثيقية بسبب فقدان هذه الرموز المعاصرة لأحداث الأمس والصانعة لها..." (ص16).

"إنّ حفظ الأحداث عن طريق مشروع ثقافي، يعنى بتدوين هذا التاريخ قبل أن تجرفه رياح النسيان" (ص17).

"أمام هذا الفراغ المعلوماتي، برزت الرواية والسرد التاريخي منهجًا علميًّا لحفظ الموروث".

"وبالنظر إلى موضوع كتابي (مناضلات الحركة الوطنية والتنويرية) الذي ارتكزت فكرته على حفظ دور المرأة في جنوب اليمن في فترة النضال ضد الاستعمار البريطاني، قبل اندلاع الثورة، وحتى الاستقلال" (ص17). 

"لم يكن هناك حفظ كتابي لدور المرأة، وبالمقابل بدأت الشخوص في الانقراض، والذاكرات إلى شحوب، مما يعني فقدان التاريخ النسائي الزاهر".

"ارتأيت رغم وعورة الفكرة أن أركب الصعب، وأطلق سهمًا أحدّ من هذا الزمان، يثقب جدار الصمت الأصم الذي ران على دور المرأة في الثورة، علّ مزلاج باب صدئ يفتح لي لألج هذا العالم المذهل الذي كانت فيه المرأة في عمق مرجل جمر الثورة تحمل ثقل ماضٍ شامخ، كلما ذكرناه ليشرق فينا ظلم الحاضر أكثر".

"في وسط خالٍ من أي توثيق لمجريات الثورة عمومًا إلا من اجتهادات افتراضية، وجدت في "النت" منفسحًا للكتابة دونما ضوابط علمية/ بحثية/ أخلاقية، وفي أغلبها ميولية الأهواء، عاطفية تميل حيث بوصلة الانتماء الحزبي أو المناطقي، ممّا يجعل الاتكاء على المعلومات هشًّا لا يستقيم عود الكلمة فيه كمرجع قوي يفيد التدوين"(ص17). 

"أمام هذه الصعوبة كانت الرواية الشفوية هي الأنسب والأكثر أمنًا من حيث إمكانية تعددها وإعادة قراءتها، ومن حيث كونها صانعة للحدث أو معاصرةً له. وفي غياب التوثيق الرسمي تصبح الرواية فضاءً مؤدّيًا إلى كتابة التاريخ برؤى وأبعاد مختلفة قائمة على الشهود"(ص17).

"يعتمد هذا الكتاب الماثل بين يدي القارئ الكريم، على منهج الرواية الشفوية من أفواه النساء على الدور التنويري والوطني للمرأة في أثناء الحكم البريطاني لعدن 1839م – 1967م، وذلك في سعي دؤوب لاستقراء الماضي وتوثيق أحداثه وشخوصه من النساء تحديدًا، لرسم حضور أنثوي فاعل.

وفي الواقع، إنّ التعامل مع الرواة بشكل عام يفرض بالضرورة أن يسبق العمل بهذا المنهج المعرفة التامة ببيئة العمل وعناصرها وشخوصها. وأن تكون العلاقة بين الباحث والرواة على قدر كبير من الثقة والاحترام، باعتبار هذا المنهج عملًا اجتماعيًّا يتطلب النجاح فيه اكتساب هذه المهارة، واهتمامًا راسخًا بالموضوع الذي يسعى لتحقيق أهدافه.

يعتمد المنهج الشفوي في الكتابة التاريخية عامةً، على الآليات المتعددة في استخدام هذا المنهج، والمتمثلة في موضوعي هذا على المقابلات والزيارات الشخصية المباشرة للنساء المستهدفات في هذا البحث والتسجيل الصوتي، فإنّه قد شكّلت الآليات الجديدة في هذا العمل نقلة نوعية لديّ للتواصل مع النساء المستهدفات، وذلك بالنظر إلى وجودي خارج البلاد. كما اعتبرت الرواية الشفوية لديّ ركيزة أساسية للحديث الافتراضي الدائر بين الطرفين، إذ تمكّن هذه الرواية من إطالة الحديث والتعرف إلى الطرف الآخر بما يسمح بتدفق المعلومات وتسلسلها على نحو يعزز الهدف. وساعدت الذخيرة المعلوماتية المتدفقة من هؤلاء النساء على تأسيس قاعدة معلوماتية سمحت لي بتأسيس شبكة تواصل أوسع تخدم أهداف البحث، وأسست كل رواية جاءت على ألسنة النساء نقطة انطلاق إلى مشاركة نسائية جديدة للإدلاء بشهادتها في هذا المجال على قاعدة بلورة الكثير من نقاط السرد بين عدة أطراف وإغنائها.

لكن الأمر لم يكن يسيرًا سلسلًا مع جميع الروايات، فقد كانت الأسباب التي تناولتها بالسياق مثل:

1. الأسباب الصحية مثلًا (فقدان الذاكرة)، منتصبة أمامي كإحدى العوائق التي حجبت الفرصة عن بعض القياديات لسرد تاريخهن، وأحدث هذا النقص فجوة كبرى في تسلسل تاريخ المرأة.

2. وفاة المناضلة المعنية بالبحث، دون أن تترك مذكرات نضالها مكتوبة، وعجز ذويها عن معرفة تفاصيل نضالها نظرًا لسرّية العمل آنذاك، كما حدث مع المناضلة (نجيبة محمد عبدالله) على أهمية دورها في فترة النضال إلا أنّ رحيلها دون ترك مذكراتها مكتوبة قد جعل اسمها يفتقر إلى مادة توازي الدور الذي قامت به.

3. امتناع بعضهن عمدًا عن الإدلاء بشهادتهن كموقف شخصي مجافٍ بسبب تجاهل الحكومات التي تعاقبت بعد الاستقلال لهن ولم تعرْ دورهن النضالي أي لفتة تكريم.

4. عدم وجود أرشفة لوثائق المرحلة برمتها، مع عدم توفّر كتب ومصادر دراسية.

5. كبر سن المبحوثات وارتباك تأريخ المعلومات، استدعى مني التوجّه بالسؤال لعدد أكبر حتى تتمّ توثيق المعلومة بدقة بأكثر من شهادة.

6. سعي بعض المبحوثات لصياغة تاريخهن بشكل شخصي، ومن وجهة نظر خاصة.

7. بسبب تعدد فصائل المرحلة، أحجمت بعضهن عن الإدلاء بشهادتهن.

8. عدم تدوين وكتابة تاريخ الثورة أدّى إلى بقاء بعض الأحداث ناقصة المعلومات كتاريخ يوم وشهر وسنة الحدث، ممّا جعل ذكرها ركيكًا وغير مثبت بدليل يؤكدها.

9. غياب أسماء نسائية مهمة في تاريخ النضال، إما لموقف خاص أو لضعف الذاكرة.

                  ***

اعتمدت في القسم الأول للكتاب (مرهصات الحركة الوطنية والتحررية)، وهي الفترة التي سبقت ميلاد الثورة المسلحة في 14 أكتوبر 1963 والمتضمن أبرز الأحداث الوطنية التي كانت البذور الأولى التي نثرت في بيادر الكفاح من أجل الحرية.

كان إضراب طالبات كلية البنات في 2 فبراير 1962م، أول انتفاضة ضد رداءة سياسة التعليم البريطانية خلخلت الأرض من تحت أقدام محتل غاصب وتوالت بعده الأحداث.

في التوثيق لهذا القسم، كان منهجي مزدوجًا بين رواية شفوية سردتها الطالبات اللاتي خططن وقمن وشاركن بالإضراب، وقد ساعدني الحظ بتوافر أعداد كبيرة منهن، سهل الاتصال بهن واتفقت إلى حدٍّ ما روايتهن مع بعضهن البعض، ثم كانت لصحيفة الأيام الفضل في توثيق الخبر وتداعياته وتغطية الأحداث، إضافة لما توافر لدي من كتب مثل كتاب المناضلة رضية احسان الله، وكتاب د. أسمهان العلس، (أوضاع المرأة التعليمية)، وكتاب نادرة عبدالقدوس، (ماهية نجيب الريادة)، وكتابات متفرقة لأقلام نسائية مختلفة، كـ:ماهية نجيب، هانم جرجرة، رضية إحسان، صافيناز خليفة، نفيسة مندوق، نُشرت في مجلات وصحف تصدر في عدن، كمجلة فتاة شمسان وصحيفة فتاة الجزيرة واليقظة والفجر، هذه المراجع زاوجت الشفوي بالكتابي، ليصبح المنجز أول كتاب يُعنى بدور المرأة في النضال من أجل التحرر من سيطرة الاحتلال البريطاني.

أما القسم الثاني، فقد اختص بمذكرات المناضلات منذ بدء الحركة التنويرية الوطنية التي طالبت بتعليم المرأة ومساواتها بالرجل، حقّها بالعمل والانتخاب وتحمّل واجبها تجاه الوطن، وهؤلاء استقيت مذكراتهن من واقع مشاركتهن الفاعلة في الأحداث العظيمة التي كان للمرأة فيها دور مشرّف كالزحف الشعبي صوب المجلس التشريعي لرفض دمج عدن للاتحاد الفيدرالي وتعرّضت بعض النسوة فيه للضرب والاعتقال والمحاكمة والسجن.

إضراب طالبات كلية البنات الذي كان الشرارة الأولى والفعل الإيجابي الذي أحدث رجّة داخلية وخارجية كاجتراح جريء وفعل مدوٍّ لحقّ لوّحت به المرأة بوجه الاحتلال.

اعتمدت هنا في تدوين سيرتهن على منهج الرواية الشفوية فيما يختص بإضراب الطالبات، إضافة إلى ما نشر في الصحف كصحيفة الأيام التي غطّت الأحداث كاملة وما طرحته المناضلة رضية إحسان الله في كتابها (عدن الخالدة ميناء عالمي حر)، وكتاب د. أسمهان العلس (أوضاع المرأة التعليمية)، كانت شهادة الطالبات اللواتي نفذن الإضراب متماسكة ومتفقة في الطرح وذات حضور ماثل في أذهانهن كأنها الذاكرة القريبة جدًّا.

قسم آخر من المذكرات يتعلق بمرحلة الثورة 14 أكتوبر 1963م، وهذه كان رافدها رواية شفوية خالصة منهن ومن قياداتهن المباشرات ورفيقاتهن، أمّا الراحلات من المناضلات فقد كانت أسرهن أو زميلاتهن هي الذاكرة البديلة أو الذاكرة الجماعية الحية للأحياء والأموات على السواء، وما الذاكرة إلا ضد على النسيان ومرتدة عليه تلتقط ما كان ليصبح ما سيكون ذكرًا على هذه السطور"(ص17-20).

•••
عبدالودود سيف

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English