سلاح المرأة اليمنية لكسر القيود

الرياضة النسائية: حضور مختلف في زمن الحرب
أشجان بجاش
September 30, 2022

سلاح المرأة اليمنية لكسر القيود

الرياضة النسائية: حضور مختلف في زمن الحرب
أشجان بجاش
September 30, 2022

على الرغم من الصعوبات التي واجهتها سهام عامر ونظرة المجتمع السلبية لها، تمكّنت من تحقيق أحلامها في اقتحام المجال الرياضيّ، من خلال ممارسة الألعاب القتالية كأول يمنية تلعب الـ"كيك بوكس" (الملاكمة). 

تقول عامر لـ"خيوط"، إنّها واجهت صعوبات وتحديات كبيرة أثناء ممارستها للألعاب القتالية، فهي ألعاب ذكورية من وجهة نظر اليمنيين، وهو يجعلها تتعرض لمعارضة شديدة من قبل أفراد المجتمع، مشيرةً إلى أنّها ركّزت فقط على تحقيق أهدافها، ولم تكترث لمعارضة الناس لها ووقوفهم أمامَ طموحها الرياضي. 

وتتعرض الرياضة النسائية في اليمن للتهميش، إذ يطغى الجانب الذكوري عليها، فضلًا عن الحروب والقيود المجتمعية وعدم متابعة الجهات للجانب النسوي، ورغم ذلك هناك محاولات نسائية حثيثة لكبح مانعي الرياضة النسوية، إذ إنّ مئات النساء يتجهن نحو أندية نسوية خاصة، إلّا أنّ هذه الأندية غير نشطة وتتواجد في مناطق معينة.

لكن فتيات مثل سهام وغيرها، لم يستسلمن لكلِّ ما يفرضه المجتمع من حصار باسم العادات والتقاليد والأعراف، فكانت الرياضة بمثابة التحدي لتسجيل حضورهن في الحياة، وكانت الألعاب الرياضية الشاقة والمحتكَرة من قبل الرجال، هي الهدف لانتزاع مثل هذا الحضور الرياضي. إذ توجّت سهام في العام 2019، بميدالية ذهبية في بطولة عالمية أقيمت في بيلاروسيا. 

تعيش الرياضة في اليمن أوضاعًا مأساوية منذ بداية الحرب الدائرة في البلاد، والتي تسبّبت في توقف الفعاليات والمناشط، وسط جهود شحيحة تُبذل في سبيل إيجاد الحلول لاستعادة النشاط الرياضي في عموم المحافظات. فأغلب الأنشطة المركزية التي تقيمها الاتحادات الرياضية في جميع محافظات الجمهورية، كما رصدت خيوط، في حالة شلل تامّ ليس منذ بداية الحرب، ولكن منذ بداية الأزمة التي عصفت بالبلاد، وتحديدًا من العام 2013، مع اقتصار الأمر على تجمعات رياضية تقام هنا وهناك، بغرض استمرار اللعبة، لتأتي الحرب في العام 2015، وتزيد الأمور تعقيدًا، لتُوقف النشاط الرياضي كاملًا، وهو ما انعكس بشكل كبير على الأداء الرياضي بشكل عام. 

تصطدم الرياضة النسائية في اليمن، بمجتمع ذكوري محافظ، تهيمن عليه تقاليد اجتماعية صارمة، والذي بدوره ينعكس سلبًا على المرأة اليمنية ويتسبب بحرمانها من تحقيق طموحاتها وحقّها في ممارسة الألعاب الرياضية

ويرى الصحفي بشير سنان، عضو الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية، في حديث لـ"خيوط"، أنّ "الرياضة النسائية في اليمن حالها كحال الرياضة اليمنية بشكل عام، ولكن بفعل الظروف الحاليّة للبلد ازدادت الأوضاع تعقيدًا وغابت الرياضة النسائية منذ ثماني سنوات". 

كما توقفت المعسكرات والمشاركات الخارجية، كما يفيد سنان، وبحسب علمه، فإنّ مخصصات اتحاد رياضة المرأة بالعاصمة تحوّلت إلى مصادر صرف أخرى بعيدة عن الرياضة وتحت تصرف قيادات وزارية لا علاقة لها باتحاد رياضة المرأة.

خطوات إيجابية

وفي ظل التحديات التي تواجهها الرياضة النسائية، كانت دوافع سهام عامر في تحدي هذا السياج من القيود الذي يفرضه المجتمع، حيث تؤكِّد أنّه من الأهمية أن تركّز المرأة على الألعاب القتالية لإثبات وجودها، فهي تسعى إلى المساهمة في رفع علَم اليمن.

وتشير إلى أنّ الرياضة النسائية في ظل الحرب، أصبحت تحديًا أكثر ممّا كانت عليه في السابق، والتي تتطلب مضاعفة الجهود على كافة المستويات، والإنفاق الشخصي للمشاركة في ألعاب وبطولات رياضية. 

وتواجه الرياضة النسائية عدم اهتمام الجهات المعنية، كوزارة الشباب والرياضة، والتي أصبحت في الفترة الأخيرة -كما تؤكّد عامر- تخطط لإلغاء الكادر النسائي من الوزارة، لكن بحسب هذه المرأة الرياضية، سيتم مواجهة وتحدي أيّ توجّه من هذا النوع، فالرياضة النسائية والألعاب القتالية مهمّة للفتيات للدفاع عن أنفسهن.

لم تسمح المرأة الرياضية للمجتمع ونظرته السلبية لها، بتثبيط عزيمتها، فأصبحت تمارس حقّها الرياضيّ، سواء تعليميًّا أو عمليًّا، في بلد يعيش على وقع أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم، ويحتل المرتبة الأخيرة في مؤشر الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لمدة 13 سنة متتالية.

في السياق ذاته، تقول أحلام عبدالحميد، عضو جمعية الإعلام الرياضي في اليمن، إنّ بروز الرياضة النسائية أمرٌ إيجابيّ، وبابٌ كان شبهَ مغلقٍ، وبوجودها تحقّقت أحلام فتيات كثيرات لإبراز مواهبهن، إذ كان ظهور النساء في الرياضة شبهَ معدومٍ خلالَ عقودٍ من الزمن في اليمن.

تضيف أحلام لـ"خيوط"، أنّ النساء في اليمن في ظل الوضع الراهن، نموذجٌ من نماذج النضال والكفاح المستمر، بالرغم من كافة المعوقات والصعوبات التي يواجِهْنَها على كافة الأصعدة والمستويات. 

قيود اجتماعية

تصطدم الرياضة النسائية في اليمن، بمجتمع ذكوري محافظ، تهيمن عليه تقاليد اجتماعية صارمة، والذي بدوره ينعكس سلبًا على المرأة اليمنية، ويتسبب بحرمانها من تحقيق طموحاتها وحقّها في ممارسة الألعاب الرياضية. 

من وجهة نظر الصحافية زهور السعيدي، في حديثها لـ"خيوط"، فإنّ الرياضة النسائية في اليمن محدودة للغاية، في ظل مجتمع ذكوري ينظر نظرة قاصرة للمرأة الرياضية، ولا يوجد أيّ اهتمام بالرياضة النسائية، وخاصة بعد اندلاع الحرب، فلم يتبقَّ إلا القليل من الرياضة النسائية وبإمكانيات محدودة.

يوافقها الرأيَ الصحافي الرياضي ذو النورين الحربي، قائلًا: "تعاني المرأة في الرياضة كما تعاني الرياضة في البلد بشكل عام، وذلك يعود إلى الصراع الدائر وانتشار الأفكار المتطرفة عند البعض وعدم تقبلهم لفكرة "الرياضة النسائية"، واقتصارها على الرجال فقط، فألقى الأمر بظلاله على رياضة المرأة في البلاد بشكل عام".

ويعتقد الحربي، في حديثه لـ"خيوط"، أنّ هناك حالات إيجابية تشكّلها رياضة المرأة في بعض المناطق، منها مدينة عدن، التي كانت المنطلق للرياضة النسوية في الجزيرة العربية والمنطقة العربية ككل خلال عقدَي السبعينيات والثمانينيات، وما رأيناه في الفترة الأخيرة من عودة أنشطة الرياضة النسائية في عدن، وذلك عبر لعبة كرة الطاولة، لَخيرُ دليلٍ على أنّ عدن تتعافى في هذا الجانب الذي افتقدته منذ سنوات طويلة.

في حين أنّ هناك الكثير من المعوقات التي تواجهها الرياضة النسائية في اليمن، خصوصًا فيما يتعلق بالبنية التحتية والألعاب الرياضية النسائية وعدم وجود ملاعب خاصة بالنساء لممارسة بعض الألعاب، مثل التنس والسلة وألعاب أخرى، ممّا أثّر على توسع وانتشار الرياضة النسائية بشكل كبير.

ويتحدث الإعلامي الرياضي الصحفي، سامي الحنظلي، لـ"خيوط"، بأنّ الوضع اختلف عمّا كان قبل الحرب، إذ كان هناك بعض المنشآت والمرافق والإمكانيات، ولكن حاليًّا لم يعد هناك كثيرٌ من كلِّ هذه المقومات والإمكانيات، فبعض الرياضات الذهنية كالشطرنج والطاولة والطائرة لا يوجد لها مدرِّبون.

وإجمالًا، فإنّ عدم الاكتراث بالمجال الرياضي النسائي وغياب تشجيع المحيط الأسري وتقييد المجتمع، تسبّبَ بفرض حظر على النساء مع غياب أيِّ دورٍ للجهات المعنية التي تعمل على تجهيز المعدّات وتقديم الدعم المادي المساعد، كل ذلك يفرض على المتميزات في الألعاب الرياضية المزيدَ من التحدّي والإصرار على ممارسة حقهن الرياضي لكسب الميداليات والتفوق في مجالٍ كان دائمًا محصورًا على الذكور في اليمن.

•••
أشجان بجاش

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English