عاش العالم حدثًا مفاجئًا لم يعهده من قبل بهذا الشكل والمدّة الزمنية بعد توقف طارئ لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، استمر لنحو 6 ساعات متواصلة مساء 4 أكتوبر/ تشرين الأول، كانت غير مألوفة وصادمة للكثير من المستخدمين لهذه الشبكة العنكبوتية التي ترتبط بها ملايين الحسابات لمستخدمين من جميع أنحاء العالم.
كانت ست ساعات من الاضطراب الإلكتروني والاستنفار السيبراني والتحليلات والتكهنات والإشاعات، والتي غذّتها تصريحات مسؤولي فيسبوك الذين أكّدوا في الساعات الأولى للانقطاع عدم قدرة الموظفين المختصين على الدخول إلى مقرّ الشبكة لعدم القدرة على فتح الأبواب الإلكترونية.
وكغيرهم من المستخدمين لهذه الشبكة العنكبوتية في العالم، تأثر اليمنيون بشكل كبير بالانقطاع الطويل الذي طال فيسبوك، موقع التواصل الاجتماعي الأول، الذي ارتبطت به حياة مئات الآلاف من المستخدمين في البلد الذي يعيش على وقع حرب وصراع متواصل منذ أكثر من ست سنوات.
وكشف تقرير استقصائي لـ"خيوط" تم نشره في أغسطس/ آب الماضي، كيف يعيش الكثير من اليمنيين لساعات طويلة متنقلين بين مواقع التواصل الاجتماعي؛ فيسبوك/ واتساب/ تويتر/ سكايب، والتي أتاحت لهم الاتصال مع الآخرين بكل سهولة ويسر، وجعلتهم يتجاوزون الحصار الذي فرضته عليهم الحرب في السنوات الأخيرة.
جزء من الحياة
مَن مِنّا لا يعرف أهمية وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة المواطن اليمني، بل هي العين الأخرى التي من خلالها يستطيع معرفة ما يجري من أحداث في العالم، وتبرز فيها تفاعلاته ومشاركاته من خلالها.
أهمّ ما يجب أن نتعلمه من هذا الانقطاع المفاجئ، هو قياس مستوى الارتباط الوثيق بوسائل التواصل الاجتماعي، وما يجب على المستخدمين أنفسهم، تجاه أي انقطاع مفاجئ آخر، من حفظ البيانات المهمة بشكل ورقي وتدوين ما يجب حفظه، وترشيد الاستخدام لها.
وفيها أيضًا يتم التواصل بجميع علاقاته مع من حوله، وأصبح الاعتماد عليها بشكل كبير، والشيء الأول الذي يتفقده عندما يقوم بفتح جهازه؛ لذلك تأثر الجميع عندما حدث انقطاع مفاجئ في وسائل في التواصل الاجتماعي بتاريخ 4 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث استمر الانقطاع لمدة 6 ساعات؛ فما الذي حدث؟
كانت الإشاعة التي تم تداولها في الساعات الأولى لتوقف فيسبوك وواتساب وأنستغرام، بأن هاكر صيني قام بتهكير فيسبوك، وهذا هو سبب الانقطاع، وهو ما اتضح بعد ذلك أنه مجرد إشاعة وخبر كاذب، حيث صرح موقع فيسبوك أن ما يحصل من توقف للشبكة والمواقع الأخرى التابعة لها، مثل واتساب وأنستغرام، عبارة عن خطأ تقني تسبب به موظف داخل شركة فيسبوك، إذ قام بتحديث سجلات الشركة الخاصة ببرتوكول BPG، ولكن بالخطأ قام بمسح كامل السجلات المتصلة بعنوان الـ IPالخاص بسيرفرات فيسبوك والتي تتضمن واتساب وأنستغرام.
لم يقتصر الانقطاع على المستخدمين العاديين فقط، بل وداخل شركة فيسبوك أيضًا، وحتى البطاقات المستخدمة للدخول إلى مباني الشركة، توقفت عن العمل، بحسب مسؤولي شركة فيسبوك، وهو ما اضطر الموظفين المختصين للنزول إلى موقع "السيرفرات" لحل هذه المشكلة وإعادة برمجتها وبرمجة قاعدة البيانات، والتي عادة ما تكون كبيرة وضخمة، ولعدم القدرة على الوصول إلى "السيرفيرات" عن بعد، استغرق الأمر مدة طويلة.
كان الأمر المطمئن في ذلك، تأكيدات شركة فيسبوك عدم تسرُّب أي معلومات للمستخدمين لأي طرف آخر وأنها لم تكن هجمة سيبرانية؛ إذ سرت إشاعة خلال ساعات الانقطاع عن استيلاء "هاكرز" على معلومات حسابات ملايين الأشخاص وعرضها للبيع.
وعبرت شركة فيسبوك، في بيان وجهته إلى المجتمع الضخم من الأشخاص والشركات في جميع أنحاء العالم الذين يعتمدون عليها، عبّرت فيه عن أسفها لما حدث، وقيامها بجهود كبيرة لاستعادة الوصول إلى خدمات الشركة والإعلان عن عودة فيسبوك والتطبيقات الأخرى إلى العمل بشكل طبيعي.
في اليوم التالي للانقطاع، كان هناك جلسة استماع محددة سلفًا في لجنة فرعية بمجلس الشيوخ للاستماع لإحاطة الموظفة السابقة في فيسبوك، فرانسيس هوغن، التي نشرت مجموعة من الوثائق عن استخدام الشركة تحسين المنتجات وخوارزميات ترويج المحتوى، بهدف تحقيق أرباح إعلانية أعلى تضرّ بشكل فعال المستخدمين الأكثر ضعفًا، ومنهم المراهقات.
تقنين الاستخدام
أهمّ ما يجب أن نتعلمه من هذا الانقطاع المفاجئ، هو قياس مستوى الارتباط الوثيق بوسائل التواصل الاجتماعي، وما يجب على المستخدمين أنفسهم، تجاه أي انقطاع مفاجئ آخر، من حفظ البيانات المهمة بشكل ورقي وتدوين ما يجب حفظه، وترشيد الاستخدام لها، حتى لا تتأثر العلاقات الاجتماعية وتصبح مجرد تواصل في العالم الافتراضي.
وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة فيسبوك، من وسيلة للتعارف والبحث عن الأصدقاء ونشر الحياة اليومية العادية إلى وسيلة لنشر بعض القضايا والأحداث والمستجدات الساخنة في اليمن.
وذلك ساعد في فتح أبواب جديدة، وظّفها البعض لنشر القضايا الإنسانية المغيبة عن المجتمع اليمني؛ نتيجة لعدم تسليط الضوء عليها من قبل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة اليمنية.
حسب الاستبيان الذي قامت به "خيوط"، فإن مواقع التواصل الاجتماعي قد تحلّ محل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بنسبة 9, 52%، بسبب قربها الكبير من المجتمع اليمني، خاصة بعد أن امتلكت سلطة تجاوزت السلطة الرابعة في التأثير العام والضغط على صناع القرار في أغلب الأحيان؛ بينما يرى البقية 1, 47% أن وسائل الإعلام ما زالت محافظة على مكانتها.
"تحرير خيوط"