البطالة؛ غولٌ يلتهم أحلام الشباب

أزمة مستفحلة دفعت الكثيرين إلى الهجرة
محمد عبدالإله
April 19, 2025

البطالة؛ غولٌ يلتهم أحلام الشباب

أزمة مستفحلة دفعت الكثيرين إلى الهجرة
محمد عبدالإله
April 19, 2025

في مدينة صنعاء، يظهر وهيب البورة كحالة واضحة لكسر البطالة بالعمل والإصرار على مجابهة ظروف الحياة الصعبة. يحمل الشاب العشريني إبريقًا نحاسيًّا به شراب بنكهة البرتقال، يعرضه على المارة في رحلة يومية. وهيب ليس وحده في هذه الرحلة الطويلة، بل هو واحد من آلاف الباعة المتجولين الذين يعملون بجد من أجل تحسين ظروفهم المعيشية في ظل التحديات اليومية.

يلاحظ وهيب انخفاضًا ملحوظًا في الطلب على مشروبه، ويعزو ذلك إلى تغييرات في عادات الناس الغذائية، حيث يفضل الكثير منهم شراء أنواع مختلفة من العصائر وتحضيرها في المنزل بكلفة أرخص، مما أدى إلى تراجع الطلب على مشروبه.

يضيف أن هذا التغيير في الطلب يؤثر على عمله، حيث يضطر إلى التكيف وتحديد استراتيجيات جديدة لجذب الزبائن، حتى بتغيير نوع النشاط. ومع ذلك، يبقى متفائلًا بأن الطلب على المشروبات الشعبية سيعود إلى ما كان عليه إذا ما تحسنت الظروف. ويعد هذا التغيير في الطلب على المشروبات أمرًا اعتاده الباعة الجائلون في اليمن، بسبب التبدل المستمر في نمط الحياة الموسمي للناس. فشهر رمضان، الذي يعتبر موسمًا ثمينًا للباعة الجائلين، شهد هذا العام انخفاضًا كبيرًا في الطلب على المشروبات. وفقًا لأستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، محمد القحطاني، فقد لعبت الأزمة الاقتصادية وانهيار الريال اليمني دورًا سلبيًّا في ارتفاع الأسعار، ومن ثم انخفاض الطلب.

يضيف القحطاني أن ارتفاع أسعار الحليب هذه السنة كان كبيرًا للغاية، مما دفع البائعين الجائلين إلى تحويل نشاطهم إلى تحضير المشروبات بنكهة البرتقال، التي تعتبر أكثر ملاءمة لطلب غالبية الناس. ومع ذلك، هذا التحول لم يزد من عملية البيع لهذا المنتوج بل اضطر الناس إلى التخلي عن الشراء بسبب الفقر.

ويرى أن هذا الوضع يظهر تأثير الأزمة الاقتصادية على جميع جوانب الحياة، بما في ذلك تجارة المشروبات في الموسم الذي كان يعتبر ثمينًا للباعة الجائلين، لكن الأزمة الاقتصادية قد حولته إلى موسم صعب ومحبط.

يتميز وهيب بحركاته البهلوانية في سكب المشروب على الكاسات، مما يجعل عملية الشراء تجربة ممتعة ومثيرة؛ فعندما يطلب العميل العصير، يبدأ في إظهار مهارته في سكب المشروب على الكاسات، يرفع الإبريق إلى الأعلى ويقلب الكأس بحركة سريعة، مما يجعل العصير يسكب في الكأس بحركة دائرية. يكرر البائع هذه الحركة مرات عدة، مما يجعل العميل يشعر بالدهشة والاستمتاع.

يواجه المهاجرون الشبان تحديات كبيرة في الخارج، بما في ذلك صعوبة الحصول على إقامات دائمة، مما يضطرهم إلى العمل في ظروف غير قانونية. كما يواجهون صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية والتعليم، مما يؤثر سلبًا على جودة حياتهم.

الحماية القانونية

يواجه الباعة الجائلون صعوبات كبيرة في تغطية احتياجاتهم الأساسية، حيث يصل متوسط دخلهم اليومي إلى 3000 ريال فقط، وهو مبلغ لا يتجاوز 5.50 دولار أمريكي أو هذا المبلغ الضئيل لا يسمح لهم بتغطية نفقاتهم الأساسية، فضلًا عن دفع إيجار المساكن ومجابهة الاحتياجات الطارئة مثل الأدوية.

في هذا السياق، يشير أستاذ علم الاجتماع الاقتصادي، في جامعة تعز، عبدالسلام الحكيمي لـ"خيوط"، إلى أن الباعة الجائلين يشكلون شريحة من المجتمع يعانون من تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة. من منظور إنساني، هذه الشريحة تحتاج إلى دعم وتعاطف كبيرين، حيث يعملون في ظروف قاسية ومتعبة، ويواجهون عدم الاستقرار المالي. هذا الوضع يصبح أكثر صعوبة عندما يكون البائع فتاة أو امرأة.

لذلك، يؤكد الحكيمي على ضرورة اهتمام أفراد المجتمع بهذه الشريحة، والتعامل معهم بروح إنسانية، وتوفير الدعم المالي والاجتماعي لهم. كما يؤكد أهمية الحماية القانونية لهم، وتقديم فرص عمل بديلة بعد التعرف على احتياجاتهم التدريبية في مهن مناسبة لهم.

ويعمل بعض الباعة الجائلين ساعات طويلة في ظروف قاسية، دون أن يحصلوا على المردود المالي العادل عن هذا الجهد. كما يتعرضون للعديد من الظروف المناخية والأمنية القاسية. وتؤثر هذه الظروف على حياتهم وعائلاتهم، حيث يضطر الكثيرون منهم إلى التخلي عن بعض الاحتياجات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية. كما يؤدي هذا الوضع إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد بشكل عام.

ووفقًا لتقرير البنك الدولي، بلغ معدل البطالة في اليمن حوالي 17% من إجمالي قوة العمل في عام 2020، مع وجود أكثر من 4 ملايين شخص يحتاجون إلى فرص عمل خلال العشرين سنة المقبلة.

 تحديات الهجرة

وتعد البطالة ظاهرة معقدة ترجع إلى عوامل متعددة، بما في ذلك الركود الاقتصادي، عدم توفر فرص عمل مناسبة للشباب، وتزايد عدد العاطلين عن العمل، إذ يُعتبر الركود الاقتصادي الذي ضرب الاقتصاد في مطلع التسعينيات من القرن الماضي أحد الأسباب الرئيسية للبطالة.

في عام 2013، أُجري مسح القوى العاملة في اليمن، الذي كشف عن أن هناك أكثر من 150 ألف شخص جديد يدخلون إلى سوق العمل سنويًّا، بينما لا تزيد فرص العمل المتوفرة عن 22 ألف فرصة عمل سنويًّا. هذا يعني أن هناك حاجة ملحة لزيادة فرص العمل وتوفير فرص عمل مناسبة للشباب.

وأظهرت إحصائيات الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD) أن عدد العاطلين عن العمل في اليمن قد بلغ 6.3 مليون شخص في عام 2020، وهو ما يشكل نسبة 25% من إجمالي قوة العمل.

وتعتبر الأوضاع الاقتصادية في اليمن صعبة للغاية، حيث تؤثر الأزمة الاقتصادية على غالبية السكان، مع تقدير عدد من يعانون من الفقر بأكثر من 75% من السكان. ونتيجة لهذه الظروف غادر أكثر من 1.5 مليون يمني إلى بلدان جديدة بسبب الحرب وانعدام فرص العمل؛ وذلك بحسب تقارير للبنك الدولي.

ومع ذلك، يواجه المهاجرون الشبان تحديات كبيرة في الخارج، بما في ذلك صعوبة الحصول على إقامات دائمة، مما يضطرهم إلى العمل في ظروف غير قانونية. كما يواجهون صعوبات في الحصول على الرعاية الصحية والتعليم، مما يؤثر سلبًا على جودة حياتهم.

•••
محمد عبدالإله

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English