أحمد بن أحمد قاسم

الموسيقار الباذخ
خيوط
April 1, 2023

أحمد بن أحمد قاسم

الموسيقار الباذخ
خيوط
April 1, 2023

في الأول من نيسان/ أبريل من كل عام، تطل علينا ذكرى وفاة الموسيقار اليمنيّ الرائد أحمد بن أحمد قاسم، (تُوفّي بحادث مروري بذمار في 1993). 

خمس وخمسون سنة هي كل عمر الفنّان، الذي وُلِد في واحدة من حوافي مدينة عدن في العام 1938، واستطاع بكثير من الدأب والتعلم أن يخلق لنفسه موقعًا رائدًا في خريطة الغناء، ليس في عدن واليمن فقط، وإنما في المحيط أيضًا.

عشق الموسيقى وأحبّها وتعلّم العزف على آلة العود على يد أستاذِهِ الموسيقار يحيى مكـي، حينما كان طالبًا في مدرسة بازرعة الخيرية مطلع الخمسينيات، وحينما كانت الندوة الموسيقية العدنية في أوج توهجها، وكان تأثيرها عليه كبيرًا، غادر عدن إلى القاهرة في العام 1956، لدراسة الموسيقى في "المعهد العالي للموسيقى العربية"، قيل بدعم من الفنّان فريد الأطرش حين زار عدن في ذات العام وأُعجب بعزفه وغنائه، وتخرج منه في العام 1961، ليعود بعدها بأفكار موسيقية تجديدية، لتشكّل إضافة لافتة للون الغنائي العدني، الذي كان قد بدأ بالتبرعم بواسطة الندوة الموسيقية والرابطة الموسيقية وإسهامات روادها، أمثال: يحيى مكي، وخليل محمد خليل، وسالم بامدهف، والشاعر محمد عبده غانم، وغيرهم.

أسّس بعد عودته إلى عدن (فرقة أحمد قاسم التجديدية)، وأدخل على عملها آلات موسيقية لم تكن مستخدمة في المدينة، مثل الجيتار والأكورديون، وأطلق في عدن أول فريق غنائي نسوي من الفنّانَين (صباح منصر، ورجاء باسودان، وأم الخير عجمي)، أسماه (الثلاثي اللطيف). 

شكّل مع لطفي جعفر أمان، ثنائيًّا مؤثرًا، نقلَا فيها الأغنية في مدينة عدن إلى مصاف الريادة التجديدية، لكنّه غنّى لشعراء كثيرين، ومنهم: محمد عبده غانم، سعيد الشيباني، علي محمد لقمان، أحمد شريف الرفاعي، أحمد الجابري، عبدالله عبدالكريم، عبده عثمان محمد، فريد بركات، وغيرهم. 

ومن أغانية المعروفة:

"المي والرملة"، "أسمر وعيونه"، "في جفونك مرود السحر استوى"، "غصب عني"، "حبيبي خايف من الأيام"، "كلّما تخطر ببالي"، "تهجر وتنساني"، "صدفــة التقينا"، "يا عيباه"، "يا حبيبي، طال غيابك"، "يا حلو، طال البعاد"، "عدن عدن"، "حقول البن"، "أحببتها"، "حبيب قلبي وفَى وعده"، "من العدين يا الله"، "قالت لي"، "راح الهوى يا حبيب"، "أيش هذا الحسن كله"، "يا حلو، يا اخْضر اللون"، "ابتدينا"، "يا ظبي، وصله غلا"، وغيرها.

أول فنّان يمنيّ يخوض تجربة التمثيل السينمائي، حينما قام ببطولة فيلم (حبي في القاهرة)، مع الفنّانة (زيزي البدراوي)، والفنّان (محمود المليجي)، في ستينيات القرن الماضي.

يقول عنه الفنّان أحمد فتحي:

"تعرفتُ على الأستاذ أحمد بن أحمد قاسم عندما كنتُ صغيرًا؛ حين كان يأتي، هو وفنّانون كثُرٌ، من كل أنحاء اليمن، إلى مدينة الحُديدة في مواسم الحفلات.

كانت الحُديدة تستقبل معظمَ فنّاني اليمن، شمالِهِ وجنوبِهِ، قبل الوحدة وبعدها، في موسمٍ يسمى "موسم الحفلات"؛ حيث كنّا نمتلك سبعَ دُورِ سينما في المدينة، وكلّها مزوّدة بالمسارح، فكانت تستقبل جميع الاحتفالات في ذلك الموسم.

التقيتُ حينها، صدفةً، بالراحل الكبير أحمد قاسم. لقد كان فنّانًا مختلفًا، في شكلِه ومظهرِه، عزفِه، وصوتِه. كان في الحقيقة مختلفًا عن السائد، وهو من شجّعني على الانتقال إلى مدينة عدن، وهناك تبنّاني. في تلك الفترة -أواخر ستينيات القرن الماضي- أُقيمت احتفاليةٌ لأحمد قاسم، دعمًا من زميليه الفنّانَيْن الكبيرَيْن، الراحل محمد سعد عبدالله، والراحل محمد مرشد ناجي، لدفع تكاليف الفيلم الذي أنتجه أحمد قاسم في القاهرة. كان ذلك هو اللقاء الأول الذي يجمع الفنّانين الثلاثة في حفلةٍ واحدة. وكان لهذه المشاركة فضلٌ كبيرٌ عليّ في الحقيقة؛ إذ سجّلتُ حضورًا لافتًا، مع أنّني، حينها، لم أكن أحفظ غيرَ ثلاثِ أغانٍ ظلَّ الجمهورُ يطلب مني إعادتها كلما انتهيتُ، إلى أن ثَبَتَ حضوري لدى الجمهور وصرتُ مألوفًا لديهم. ومثّلَتْ هذه فتحًا طيّبًا لي في بداية مسيرتي. كان فنّانًا مُتْقنًا لآلة العود بشكلٍ غيرِ عادي، وقد تعلّمْتُ على يديه مبادئَ العزف على آلة العود. كانت ألحانه مختلفةً عن السائد. صوته كان متماسكًا وجميلًا، ومساحاتُ صوته كانت رائعة.

الخطُّ العامُّ لنتاجه الفني هو خطٌّ عربيٌّ في الحقيقة، وإن كان قد قام بعمل الكثير من الألحان والإيقاعات المحليّة. ولكنْ -إجمالًا- كان خطّه عربيًّا؛ فأنت حين تستمع إليه -وإن كنتَ لا تعرف أنّه من اليمن– ستقول إنّه فنّانٌ عربيٌّ من مصر، وذلك من خلال أسلوب التلحين والأداء والعزف"(1).

قال عنه الفنّان والباحث الموسيقي، عصام خليدي:

كان أحمد قاسم "موسيقيًّا باذخًا متميزًا وفنّانًا خالدًا، وهو صاحب أفضال موسيقية متعدّدة وكثيرة، ورائدًا رفع على كاهله مهمة النهوض بالموسيقى والغناء اليمني؛ ذلك بتأسيسه أشكالًا موسيقية مبتكرة جديدة، حملت على جنباتها عمقًا وبُعدًا موسيقيًّا ذا دلالات ورؤى لم يسبقه فيها أحد، حيث يتضح ويتجلّى ذلك باهتمامه وإعطائه الجانب الموسيقي دورًا هامًّا، استطاع به ومن خلاله أن ينمّي الأذن اليمنية ويرتقي بالذائقة الموسيقية والإحساس بقيمتها التعبيرية عند المستمع اليمني، مكّنه من تحقيق ذلك الدور الرياديّ الجديد بنجاح عوامل وأسباب كثيرة، أهمّها ما يلي:

موهبته الفذّة المبكرة، دراسته العلمية المنهاجية، المناخ الثقافي والفنّي الخصب في فترة الخمسينيات، ووجود باقة متميزة من الأدباء والشعراء الذين استفاد منهم كثيرًا، وفي مقدمتهم: الشاعر والأديب العظيم لطفي جعفر أمان، الدكتور محمد عبده غانم، الأديب والشاعر علي محمد علي لقمان، الأستاذ مصطفى خضر، الشاعر الرقيق أحمد الجابري، الشاعر فريد بركات، الدكتور سعيد شيباني، الشاعر عبدالله عبدالكريم، الأستاذ علي أمان، الأستاذ أحمد شريف الرفاعي، الأديب والشاعر محمد سعيد جرادة، الأستاذ القدير إدريس حنبلة، الأستاذ أبوبكر بغدادي، وآخرون، بالإضافة إلى أدواته الموسيقية التي ساعدته على القيام بدوره وفعله النهضوي والتأسيسي الحداثي المبكر والريادي"(2).

____________

ينظر:

(1)  https://www.khuyut.com/blog/6774 

(2)  https://nabd.com/s/95806588-ca0af8/ 

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English