خُطى "التصحيح"

المراوحة في مأزق التأسيس

تقدم منصة “خيوط” ملف “13 يونيو/ حزيران”، من منطلق تسليط الضوء على مناطق الظل في السردية التاريخية لليمن عموماً، بما في ذلك، ارتباطاتها الإقليمية والدولية. وهذا الحدث إنما هو نموذج لأحداث مفصلية أخرى في مسار تاريخ اليمن، كدولة ومجتمع. ولأنه أحد الانتقالات السلسة القليلة في تاريخ اليمن، فهو بالتالي، نموذج مناسب لتسليط الضوء عليه كنموذج؛ أين أصابت “حركة التصحيح”، وأين أخفقت؟ ذلك أن معرفة أخطاء التاريخ، مهم لكل يمني يعيش هذا الجحيم، ويعرف الحكماء ما يفعله الاتساق التاريخي للأخطاء، وبالمثل، ما يفعله اتساق الخطوات الصحيحة لبناء “دولة وطنية” مستقرة، ومواطن قادر على المساهمة بفاعلية في هذا البناء.

التاريخ مسار ديناميكي؛ ليس بالضرورة أن يكون خطياً تصاعدياً، كما تراه جلّ تيارات اليسار الحداثي، بل هو حركة تتسم بإيقاع مركب وغير متوازن، في حين أن أحداثاً وأفكاراً غير مألوفة، تقطع مجرى الزمن قبل أن يكمل دائرته. فمادة التاريخ وفقًا لـ(حنّه آرندت) تتحدد في الأمور والأفكار الخارجة عن المألوف.

العودة إلى التاريخ لا تعني استدعاءه باعتبار الحاضر صورته المماثلة، وهذه العودة ليست بقصد الذهاب إلى الماضي من أجل إصلاحه وإعادة هندسته كي يستقيم الواقع. العودة إلى التاريخ ترمي إلى محاولة فهم جذور الأشياء والأحداث القائمة في الواقع وإدراكها في حركتها وتطورها.

والواقع أن إلقاء نظرة على جانب من إرثنا الثقيل من التحولات، لن يضرنا في شيء، وبالعكس من ذلك، يمكن أن يؤدي تذكر أخطاء الآباء، إلى رؤية صباحات مشرقة، يمكن البناء عليها، تبدد وحشة المساءات القاتمة؛ ليس في فترة حكم الرئيس إبراهيم الحمدي وحسب، بل في كل فترات أنظمة الحكم التي جاءت عبر انتقالات سياسية عسيرة المخاض وباهضة الكلفة. فمقابل الأخطاء التي ورثناها من آبائنا وأجدادنا، وتعاملنا معها كقدر، ورثنا أيضاً مصابيح نور في كل طرف؛ مواقف وشخصيات وأفعال، ومحطات فاصلة استلهم فيها الفرقاء اليمنيون صوابهم عند نهاية النفق المظلم، وأفسحوا طريقاً للحكماء ليزيحوا الصخرة التي تسد منفذ الخلاص. لكن هل يوجد في زمننا حكماء؟ صيرورة الحياة تجيب بنعم؛ لكن ليس قبل أن يفسح المتحاربون لهم المجال، ليس لإزاحة الصخرة من نهاية النفق وحسب، بل لتفتيتها هذه المرة.

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English