"أنتِ إلا مكلف"؛ هكذا يُنظر للمرأة في اليمن

اليمنيات بين عنف منزلي ومضايقات في العمل
منيرة الطيار
December 10, 2020

"أنتِ إلا مكلف"؛ هكذا يُنظر للمرأة في اليمن

اليمنيات بين عنف منزلي ومضايقات في العمل
منيرة الطيار
December 10, 2020

   لم يعد الحصول على العمل للمرأة اليمنية، وسط التعنت الذكوري لعملها، فقط هو العائق الوحيد، إذ وجدت مشكلة العنف والابتزاز والتمييز، التي تواجهها أثناء عملها، سواء أكان من المدير أم من الموظفين، علاوة على ذلك ما قد تواجهه إن عرف ذويها بذلك، لتعاني من عنفين؛ ما بين عنف منزلي وعنف خارجي.

    لمياء (اسم مستعار) تحكي عن المضايقات في العمل التي اضطرتها للخروج منه مع حاجتها الكبيرة للعمل، تقول: "كنت أعمل بإحدى الشركات الخاصة مسؤولة العلاقات العامة، براتب جيد، لكن كان أحد الموظفين يتعمد مضايقتي وملاحقتي، وفي المرة الأخيرة كان على وشك أن يقبلني بعد أن أتى إلى مكتبي وقت غداء الموظفين، بحجة سؤالي عن شيء يخص العمل".

    تضيف لـ"خيوط": "حين أحسست باقترابه مني صفعته، فهددني بأنه سينتقم مني، بل إنه شتمني بألفاظ عدة، شعرت بعد ذلك بالخوف، فاضطررت للاستقالة خوفًا من أن ينتقم مني، وكذلك من أن يصل الموضوع لعائلتي التي ستمنعني من العمل مجددًا".

    عدم تفهم ودعم العائلات لما تتعرض له المرأة من ابتزاز ومضايقات في العمل يجعلها عرضة للمضايقات، إذ تفضل النساء اليمنيات السكوت عن المضايقات التي يتعرضن لها؛ خوفًا من الفضيحة أو ردة فعل عائلاتهن التي لا تقدم الدعم لنسائها، سواء أكن زوجات أو بنات أو أخوات، بل إنها تتعرض لتعنيف بشكل أكبر قد يصل للحبس في المنزل أو التعنيف الجسدي.

سلوك المرأة 

    "أنتِ إلا مكلف"؛ هكذا وصفت ربا (اسم مستعار)، ما قيل لها أثناء أحد الاجتماعات بمقر عملها حينما طالبت بحقها في المكافآت أسوة بزملائها، فأسكتها المدير قائلًا: "أنتي الّا مكلف". ما زال الرجل اليمني يرى أن خروج المرأة للعمل وحصولها على مقعد مجاور لمقعده أنه أمر معيب وانتقاص من مكانته، ولا يوجد عمل لها سوى داخل المنزل فقط.

تداعيات الحرب خلفت أثرًا رهيبًا على كل النساء وزادت من حدة العنف القائم ضدهن بسبب الصور النمطية السلبية بشأن أدوار النوع الاجتماعي والمواقف الذكورية، إضافة لممارسات "تمييزية" تمارس بحقها في كل مكان، وانعدام المساواة الاقتصادية

    الآثار النفسية التي تنعكس على نفسية وسلوك المرأة التي تتعرض لعنف – سواء أكان من المنزل أو خارج المنزل في العمل- يجعلها تشعر بالاضطراب الدائم وانعدام الثقة بالنفس وبالآخرين، ومحاولة الهرب من التجمعات، والانطواء على النفس، وفق ما شرحته أخصائية علم النفس منيرة النمر.   

    تداعيات الحرب والصراع الدائر في اليمن، خلفت أثرًا رهيبًا على كل النساء، وزادت من حدة العنف القائم ضدهن؛ بسبب الصور النمطية السلبية بشأن أدوار النوع الاجتماعي والمواقف الذكورية، إضافة لممارسات "تمييزية" شتى تمارس بحقها في كل مكان، وانعدام المساواة الاقتصادية؛ كل ذلك ساعد بشكل كبير في مفاقمة الوضع الهش للمرأة في اليمن.

    وفق صندوق الأمم المتحدة للسكان فقد تأثرت الخدمات المقدمة للناجيات من العنف بشكل كبير في اليمن، وتم إغلاق 14 مساحة آمنة كانت تقدم خدمات للناجيات من العنف، وأربعة مرافق مختصة بالصحة العقلية للنساء.

    أورد تقرير للصندوق تصريحًا لبلقيس بوكاري، المشرفة على إحدى المساحات الآمنة بالحديدة، التي قالت: "لقد بذلنا قصارى جهدنا لخدمة الناس هنا، لكن الكارثة تزداد سوءًا، يومًا بعد يوم، بطريقة لا تصدق".

    ويوفر المركز الذي تعمل فيه بلقيس، فرص التدريب للنساء والفتيات، والخدمات النفسية والاجتماعية للناجيات من العنف. لكنها تخشى المستقبل، فتقول: "بسبب الوضع الحالي والحرب، لم نعد قادرين على استيعاب المزيد. آلاف من النساء والفتيات في حالة سيئة للغاية الآن".

    وفي بيان أصدرته المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة/ ناتاليا كانيم، في اليوم العالمي لإنهاء العنف ضد المرأة في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والحملة الأممية المناهضة للعنف ضد المرأة، التي تستمر 16 يومًا، قالت د.ناتاليا: "كفى للعنف الأسري. كفى للاغتصاب. كفى للممارسات الضارة، مثل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، المعروف بالختان. وكفى للإفلات من العقاب على واحد من أفظع انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا".

    وأكدت أن للنساء والفتيات كل الحق في العيش بمنأى عن العنف في كل مكان، ولهن الحق في السلام في المنزل، وفي العلن، ​​وعلى شبكة الإنترنت.

 اختلال بيئة العمل

    تشهد اليمن ارتفاعًا في نسبة العنف ضد المرأة، وفي عدد النساء المعرضات لخطر العنف والإقصاء السياسي والتمييز في مواقع العمل؛ بسبب الحرب الدائرة، منذ ما يزيد عن خمس سنوات. إذ تعاني اليمن، وهي أفقر دولة في المنطقة العربية، من حرب معقدة وأزمة إنسانية، حيث أضاف الصراع مزيدًا من نقاط الضعف لدى النساء والفتيات، وأدى إلى تفاقم التفاوتات القائمة على النوع الاجتماعي في البلاد، ففي عام 2019، احتلت اليمن المرتبة الثانية (151 من أصل 152 دولة) بالنسبة لتمكين المرأة السياسي على المستوى الوطني، وكذلك في المؤشرات المتعلقة بالنوع الاجتماعي الأخرى، مثل المشاركة الاقتصادية، والتحصيل التعليمي، والصحة، والبقاء على قيد الحياة.

    وتمكنت النساء اليمنيات من الدخول في القيادة الاجتماعية من خلال العمل كأول مستجيبات وصانعات سلام غير رسميات على المستوى المحلي، وفرصة تمثيل للنساء أمام القادة الذكور، لكنهن لم يستطعن المشاركة في القيادة السياسية؛ بسبب بعض الأفكار غير الدقيقة، وهي أن المرأة ضعيفة عاطفيًّا، وغير قادرة على القيام بأدوار رسمية في صنع القرار في المجتمع.

    في ظل هذه المعتقدات، تدعو مؤسسة تنمية القيادات الشابة، وهي منظمة يمنية تقودها النساء بدعم من الصندوق الاستئماني لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إلى المساواة بين الجنسين، لعضوية المرأة وقيادتها في الحكومة، وداخل المجالس المحلية والأحزاب الوطنية على حد سواء، وتستهدف السياسيين والقادة التقليديين، وكذلك النشطاء والطلاب والقيادات الشبابية.

    في السياق نفسه، نجد أن القانون اليمني لم يستطع مساندة المرأة اليمنية بشكل ملاءم وحمايتها من المضايقات التي تحدث لها في العمل.

    حسب المحامي والخبير القانوني عمار الشامي، فإن قانون العمل اليمني ساوى بين المرأة والرجل في العمل ولم يضع أي مجال للتمييز بينهما، إضافة -وفق حديث الشامي لـ"خيوط"- إلى أن الواقع يأتي مغايرًا بقوة، إذ تتعرض المرأة للتمييز في العمل من حيث أداء المهام أو المكافآت، ولم يأتِ قانون العمل بمواد خاصة بالمرأة العاملة إلا من ناحية الإجازات في الوضع أو الإرضاع، وهذا يعد غير كافٍ بتاتًا، بحسب وصف هذا الخبير القانوني.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English