البن اليمني.. ثروة زراعية "مُهمَلة"

تعز تدخل على خط زراعته
رأفت الوافي
March 3, 2022

البن اليمني.. ثروة زراعية "مُهمَلة"

تعز تدخل على خط زراعته
رأفت الوافي
March 3, 2022
Ali Al-Sunaidar - © Khuyut

يعد البن اليمني الأشهر والأجود في العالم، حيث ذاع صيته واشتُهر قديمًا باسم موكا، نسبة لميناء المخا، إذ يُعدّ اليمن من أوائل البلدان الذي انتقلت منه شجرة البن وثماره إلى كافة بقاع الأرض.

ويحتفل اليمنيون في 3 مارس/ آذار بـ"عيد موكا" من كل عام تخليدًا لذكرى زراعة البن الفاخر بإقامة عدد من الفعاليات في أغلب المحافظات اليمنية.

ويسعى اليمنيون لإعادة إنعاش تجارة البن من خلال إعادة زراعته في أغلب المناطق، وهو ما بدأ يتحقق في الفترة الأخيرة في ظل تفاعل مجتمعي كبير.

السنوات الأخيرة شهدت ازدهارًا كبيرًا في زراعة البن في مناطق واسعة بريف تعز، بعد إطلاق جمعية بني سنان في بني حماد قبل عامين مشروع العودة إلى موكا من خلال زرع مليون شجرة بن، وإنشاء نادي البن اليمني لتشجيع المزارعين.

إهمال البن

تواجه زراعة البن تحديات واسعة في اليمن؛ منها ما يتعلّق بالحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من سبع سنوات، والتدهور الاقتصادي، وتوسع زراعة القات واحتلاله مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، إضافة إلى الإهمال الحكومي في معالجة أزمة المياه ودعم المزارعين، وكلها عوامل ساهمت في تقويض المساحات الزراعية للبن.

يقول المزارع علي عبدالخبير طالوق (65 سنة) لـ"خيوط"، إن الأعوام الأخيرة شهدت تراجعًا كبيرًا في المحصول الزراعي للبن بسبب شحة المياه، وتراجع الدعم من قبل الجهات المعنية التي أهملت المزارعين، وتركتهم يواجهون مصيرهم بمفردهم.

رئيس جمعية بن سنان يؤكد أن حملة زراعة مليون شجرة بُن أطلقت في بداية 2019، حيث سميت بالعودة إلى موكا، والتي استهدفت زراعة 350 ألف شجرة خلال العامين الماضيين، فيما تستهدف الحملة زراعة 100 ألف شجرة أخرى خلال هذا العام في عدة مناطق بريف تعز الجنوبي.


يعمل الكثير من المزارعين في الريف الجنوبي لمحافظة تعز على زرع شتلات البُن بجهودهم الذاتية لكن ارتفاع أسعار الوقود مؤخرًا شكّل عائقًا أمامهم.

يؤكد طالوق أنه يقوم سنويًّا بزراعة مئات الشتلات من البن، لكن اختلف الأمر كثيرًا هذا العام بسبب ارتفاع مادة الديزل .يمتلك علي طالوق 30 حقلًا من البن، ويتخذ منها مصدر دخل لإعالة أسرته، حسب قوله.

عائق العوائد

في الوقت الذي يشكّل فيه البُن مصدر دخل للعديد من المزارعين اليمنيين منذُ عشرات السنين، اتجه البعض منهم لغرس شجرة القات التي أصبحت تتوسع بشكل كبير في مناطق زراعة البن؛ نظرًا لعوائدها المالية الكبيرة.

مدير مكتب الزراعة في محافظة تعز، عبدالسلام ناجي، يقول لـ"خيوط"، إن عدم وجود قوانين وضوابط تنص على منع زراعة القات جعلت منه سوقًا مفتوحًا يتجه إليه المزارعون بدلًا عن زراعة البن؛ لما لديه من مكاسب مالية كبيرة. ومن العوامل التي ساهمت في توسع إنتاج وتسويق القات بشكل لافت، كثرةُ متعاطيه كمادة أساسية تندرج ضمن لوازم "الكَيْف"، متجاهلين مخاطره وأضراره .

يشدد ناجي على أضرار زراعة القات الكبيرة من ناحية استهلاك كميات واسعة من المياه الجوفية، وسموم المبيدات المسرطنة التي تؤثر على صحة الإنسان.

استنزاف مزروعات القات الهائلة المياه الجوفية بشكل مفجع يدفع ذلك اليمن إلى صدارة البلدان المهددة بالعطش، كما يصنف من بين أفقر 10 بلدان في العالم في ندرة المياه. في حين تستهلك نبتة “القات”، كميات ضخمة من الماء تصل إلى 30% من المخزون الجوفي.

العودة إلى موكا 

في ظل هذه الصعوبات والتحديات، ارتفعت مؤخرًا الأصوات التي تدعو للعودة إلى موكا من خلال زرع مليون شجرة بُن عبر جمعية بني سنان في بني حماد، والتي تهدف إلى تشجيع المزارعين وحثهم على زراعة البن .

رئيس جمعية بن سنان عبدالكريم الحمادي يؤكد لـ"خيوط"، أن حملة زراعة مليون شجرة بُن أطلقت في بداية 2019، حيث سميت بالعودة إلى موكا، واستهدفت زراعة 350 ألف شجرة خلال العامين الماضيين، فيما تستهدف الحملة زراعة 100 ألف شجرة أخرى خلال هذا العام في عدة مناطق بريف تعز الجنوبي .

وتعد مديريات المواسط والمعافر من أكثر المناطق التي تتميز بزراعة البن، خصوصًا بني حماد، منذُ القدم، حيث كرست جمعية بن سنان أنشطتها لتشجيع المزارعين وتسويق منتجاتهم.

يتابع الحمادي: "عملنا على إقناع المزارعين في زراعة البن، وحققت هذه الفكرة نجاحًا كبيرًا، حيث فتحنا أسواقًا جديدة للبن؛ لأن المزارعين كانوا يجدون صعوبات في تسويقه، حيث تقوم الجمعية بشراء البن من المزارعين بأسعار مناسبة لهم، ومن ثَم تصديرها للخارج وبيعه وتسويقه عبر مكتب خاص بالجمعية في العاصمة صنعاء، ومن ثَم إلى دبي".

يضيف أن أغلب أنشطة الجمعية بجهود ذاتية، وهناك تعاون محدود من قبل حكومة صنعاء، وبعض المنظمات الأجنبية التي يقتصر دعمها على توعية المزارعين.

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء -اطلعت عليه "خيوط"- تقلصت مساحة زراعة البن اليمني، من 33,959 ألف هكتار في العام 2015، الى حوالي 33,544 ألف هكتار في نهاية العام 2017. بفارق مقدار 415 هكتارًا من الأرض الزراعية حتى أواخر 2019.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English