صيد منفلت للوعل اليمني

استهداف متواصل للحيوان المهدد بالانقراض
مبارك اليوسفي
July 4, 2022

صيد منفلت للوعل اليمني

استهداف متواصل للحيوان المهدد بالانقراض
مبارك اليوسفي
July 4, 2022

منذ سنوات يتم استهداف الوعل بطرق عدة من قِبل صيادين في مناطق عدة من حضرموت وشبوة، غير مدركين لأهميته التاريخية ومكانته، وإمكانية انقراضه في اليمن عمومًا، ويتم ذلك في ظل صمت مطبق من قبل الجهات المعنية بحماية التنوع البيئي والحيواني للبلاد. 

قديمًا كان صيد الوعل يرتبط بطقوس وتقاليد غير قابلة للخرق، وهي عادة ظلت متواترة -بحسب مختصين- منذ ما قبل ظهور الأديان السماوية. وبحسب سالم باوزير، وهو أحد سكان محافظة حضرموت الوادي، فإن عملية صيد الوعل هي طقس موسمي لدى أهالي المنطقة، مشيرًا، في حديثه لـ"خيوط"، إلى أن هذا الموسم يكون في العادة من بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني إلى شهر فبراير/ شباط، أي خلال فصل الشتاء.

ويضيف باوزير أن هذه الطقوس كانت تتم في هذا التوقيت؛ لأنه الوقت المناسب لخروج الوعل من أجل الحصول على الطعام والبحث عن أماكن أخرى دافئة، وكان يتم صيدها من قبل الصيادين من أجل الحصول على لحمها. أما عمليات الصيد فكانت تتم وفق اشتراطات وقوانين متعارف عليها من قِبل الأهالي، حيث إنه يمنع صيد صغار الوعل أو الإناث، وذلك من أجل الحفاظ على نسل الوعل في هذه المناطق. وبحسب حديث باوزير، فإن نشاط الصيد تغير منذ سنوات وتحول إلى متعة يمارسها كثير من الصيادين الذين لا يلتزمون بالأوقات والموسم المحدد للصيد، كما لا يلتزمون بأي قوانين، الأمر الذي جعل وجود الوعل مهددًا في تلك المناطق. بالإضافة إلى هذا، فإن الغرض من الصيد تحول إلى متعة يمارسها الصيادون بهدف إظهار مهارات الرماية بالبندقية.

وكان مواطنون في شبوة وحضرموت، ناشدوا الجهات الرسمية للتدخل العاجل ووقف الاستهداف المباشر والجائر للوعل، لا سيما بعد ما تم تداول إفادات لسكان في المحافظتين، بأن عسكريين متورطين بعمليات الصيد تلك.

وتطالب الهيئة العامة لحماية البيئة في محافظتي حضرموت وشبوة، الجهات المعنية باتخاذ إجراءات صارمة ضد المتورطين بعمليات الصيد المنفلتة، كما طالبت الهيئة العامة لحماية البيئة في محافظة شبوة الجهات المعنية، بسرعة التحقيق مع أشخاص ثبّت تورطهم في عمليات الصيد المنفلت، وعبرت عن قلقها إزاء تطور هذه الظاهرة. كما أكّدت الهيئة في بياناتها المنشورة على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والتي اطلعت عليها "خيوط"، على ضرورة حماية البيئة الحيوانية في المحافظة، خاصة الحيوانات المهددة بالانقراض، واتخاذ أشد العقوبات ضد من يتعدى عليها، مشيرة إلى أن الصيد المنفلت طال حيوانات كثيرة مهددة بالانقراض. 

رمزية الوعل في الحضارة اليمنية 

الوعل حيوان من جنس الماعز البري ومن فصيلة البقريات، إلا أنه يشبه -إلى حدٍّ ما- الغزال، ويتميز بقرونه المقوسة للخلف والتي تُشكل نصف دائرة، بالإضافة إلى الذقن. هناك خمسة أنواع لهذا الحيوان، أشهرها ما يُسمى "الوعل النوبي"- نسبة إلى بلاد "النوبة"، وهي إحدى المناطق التي يعيش فيها هذا النوع، إلى جانب اليمن وبعض مناطق الجزيرة العربية. 

لا يتضمن القانون اليمني وجود نص صريح يجرم الصيد المنفلت للوعل أو حتى يحد منه، إلا إن المادة رقم 35 من الدستور اليمني، تنص على أن "حماية البيئة مسؤولية الدولة والمجتمع، وهي واجب ديني ووطني على كل مواطن"

يتخذ الوعل من الجبال والمرتفعات الشاهقة أماكن لسكنه من أجل حماية نفسه من أي هجمات قد تحدث له من قبل الإنسان أو الوحوش المفترسة، لذلك عُرف أيضًا باسم "تيس الجبل". وهو من الحيوانات المهددة بالانقراض في بلدان كثيرة، من ضمنها اليمن؛ وذلك لاستمرار عمليات الصيد العبثية له، بالإضافة إلى كونه حيوانًا نادرًا في الأصل. 

كان للوعل رمزية مقدسة عند اليمنيين القدماء، ولا تزال حتى اليوم الكثير من الآثار القديمة تحتفظ برسوم ومنحوتات لهذا الحيوان، كما كان يعتبر رمزًا قوميًّا جامعًا للممالك اليمنية القديمة، وتم نحته على العملات المعدنية والنقوش الملكية والمعابد. 

وكان اليمنيون القدماء يعتبرون الوعل رمزًا للإله "عثتر"، ورمزًا لإله القمر السبئي "إلمقه"، وذلك نظرًا لقرونه المنحنية التي تأخذ شكلًا مشابهًا للهلال. أما أنثى الوعل في الحضارة اليمنية القديمة، فكانت تسمى "أروى" وجمعها "أراوي"، ومن هُنا اتخذ كثير من اليمنيين هذا الاسم لبناتهم انطلاقًا من معتقداتهم وعلاقتهم بهذا الحيوان. 

تشير بعض الأساطير القديمة إلى أن اليمنيين القدماء صمموا الخنجر التقليدي "الجنبية" بشكل مقوس تباهيًا بقرون الوعل وكرمزية تشير إلى قوته، وما زالت هذه القرون عند سكان حضرموت وشبوة تستخدم للتباهي والزينة باعتبارها رمزًا يدل على الخشونة والقوة.

قصور قانوني

يقول المهندس إلياس عاشور بكير، مدير "إدارة صون الظبية" بالهيئة العامة لحماية البيئة- فرع وادي وصحراء حضرموت، أن "الهيئة بذلت جهدًا كبيرًا للحفاظ على الوعل والغزلان والحيوانات الأخرى المهددة بالانقراض". وأضاف أنه تم إصدار تعميم إلى كل مدراء المديريات بمنع أي تجمعات لأفراد يمارسون الصيد، فيما نشرت الجهات الأمنية تعميمًا في فبراير/ شباط 2019، يتعلق بمنع الصيد في أماكن تواجد الوعل. 

ويشير بكير في حديثه لـ"خيوط"، إلى أنه تم رفع مذكرة إلى رئاسة الهيئة العامة لحماية البيئة من أجل تعميم منطقة الهضبة الشمالية في وادي حضرموت محمية طبيعية، من أجل الحفاظ على الوعل والغزلان وما تحتويه المنطقة من حيوانات نادرة. كما أكّد على ضرورة تطبيق قانون حماية البيئة وتوعية المجتمع من أجل إيقاف هذا الصيد المنفلت، بغرض الحفاظ على الحيوانات المهددة بالانقراض.

لا يتضمن القانون اليمني وجود نص صريح يجرم الصيد المنفلت للوعل أو حتى يحد منه، إلا إن المادة رقم 35 من الدستور اليمني، تنص على أن "حماية البيئة مسؤولية الدولة والمجتمع، وهي واجب ديني ووطني على كل مواطن". وإلى ذلك، صدر قرار من مجلس الوزراء في العام 2002، بشأن الموافقة على لائحة حماية الأنواع المهددة بالانقراض من مجموعة الحيوانات والنباتات البرية وتنظيم الاتجار بها، وعلى ما يبدو فإن القرار لم يتم العمل به منذ ذلك الوقت.

الجدير بالذكر أن صحيفة الحياة كانت قد كشفت عن تسلل صيادين أجانب من خارج الحدود اليمنية وتورط عناصر من وحدات الجيش في عمليات صيد الوعل في اليمن.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English