لم يكن أعضاء المكتب السياسي للحزب مع الانفصال

الحلقة السابعة من مذكرات القيادي الاشتراكي يحيى الشامي
May 23, 2022

لم يكن أعضاء المكتب السياسي للحزب مع الانفصال

الحلقة السابعة من مذكرات القيادي الاشتراكي يحيى الشامي
May 23, 2022

حوار/ سام أبو أصبع

في الحلقة السابعة من رحلة في الذاكرة السياسية مع عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني الأستاذ يحيى محمد الشامي، نصل فيها إلى محطة قيام الوحدة اليمنية وما صاحبها من أحداث شكّلت وجه اليمن اليوم؛ انتقال القيادات الاشتراكية إلى صنعاء وبداية مسلسل الصراع بين شركاء الوحدة وما تعرضت له كوادر الحزب الاشتراكي من اغتيالات، مرورًا بانتخابات 1993، وكيف بدأ التغيير في المزاج الشعبي تجاه دولة الوحدة، وصولًا إلى اتفاقية العهد والاتفاق وانفجار حرب صيف 1994، وإقصاء شريك الوحدة عن السلطة.

حاوره سام أبو أصبع

  • قبل انتخابات 1993، كيف كان مزاج الشارع المتحمس للوحدة، شمالًا وجنوبًا، وهل استمرت العاطفة الشعبية طاغية في موضوع الوحدة؟
  • حصل تحول في الرأي العام لدى المواطنين في المحافظات الجنوبية، والذين كان حماس جزء منهم للوحدة تبرُّمًا من الحزب الاشتراكي، ورأوا في الوحدة فرصة للخلاص من حكم الحزب الاشتراكي. وأتذكر نزول علي عبدالله صالح إلى عدن والاستقبال الشعبي الكبير الذي حظي به من قبل الجماهير في عدن، ولكن حتى هذا الجزء المتحمس من الجماهير تجاه النظام في الشمال، بدأ في الخفوت تدريجيًّا بعد إعادة توحيد اليمن وبعد نزول كثير من المتنفذين في نظام صنعاء إلى عدن وطريقة إدارتهم للمرافق الحكومية وبحثهم عن مصالحهم الشخصية الضيقة على حساب المواطن، الذي كان يعتمد ويرتبط كليًّا بالدولة، ورأوا مصالحهم في الدولة تذهب لحفنة من المتنفذين. ولذلك رأينا في انتخابات 1993، أن الحزب الاشتراكي اليمني حاز على أصوات المواطنين في كل دوائر الجنوب- كما قلت لك في الحلقة السابقة، لأنّ المواطنين في جنوب الوطن بدأوا في المقارنة بين حكم الحزب وحكم دولة الوحدة وما رافقها من صعود للفساد عبر الموظفين القادمين من الشمال أو الجنوبيين الذين كان يكبح فسادهم ضغط الحزب قبل الوحدة، لكنهم رأوا بعد الوحدة فرصة للإثراء غير المشروع من أموال الشعب.
  • هل كان فشل حزبي المؤتمر والإصلاح في اختراق المحافظات الجنوبية -ولو بدائرة- بالنسبة لكم في الحزب الاشتراكي اليمني، هو استفتاء شعبي على العودة إلى جمهورية اليمن الديمقراطية؟
  • لا، لم يكن هذا مؤشرًا رافضًا للوحدة بالنسبة لنا، بل كان مؤشرًا لتوقهم إلى دولة ديمقراطية خالية من الفساد، لأن الحزب حظي بأصوات كثيرة في الشمال أيضًا، فقد حاز الحزب الاشتراكي اليمني في الشمال على الكثير من الأصوات، وكنت حينها مشرفًا على الانتخابات في محافظة إب، وحدث أن رشحنا في كل دائرة مرشحَين: مرشحًا أساسيًّا، ومرشح احتياط، بسبب حوادث الاغتيالات الممنهجة التي طالت كوادر حزبنا. وهكذا في حال حدث أن اغتيل المرشح الرئيس في الدائرة يعقبه مرشح بديل لصعوبة ترشيح بديل بعد إغلاق باب الترشح، لكن حدث تفريق لأصواتنا ولم يفز مرشحونا رغم حيازتنا على أكثر من 500 ألف صوت في المحافظة. وعندما بحثنا عن أصل ما حدث، وجدنا أن بعض المرشحين الاحتياط استمروا في الانتخابات، وأخذوا كثيرًا من الأصوات على المرشح الرئيسي، وخلصنا إلى أن الحزب فقد 10 دوائر انتخابية في إب؛ بسبب عدم الانضباط، وفشلنا في إدارة العملية الانتخابية وإجبار مرشحينا الاحتياط على الانسحاب ليلة الإسناد الزمني، أي عشية الاقتراع. ومع ذلك تعامل الحزب الاشتراكي مع نتائج انتخابات 1993، بواقعية وارتأى أن الحكومة يجب أن تشكَّل من جميع القوى السياسية، رغم تشكيك حزب المؤتمر الشعبي والتجمع اليمني للإصلاح في جدية الحزب حول الموضوع. وحقيقة أن هذه الفكرة كانت لدى الحزب من قبل قيام الوحدة؛ أي إنه يجب ألَّا ينفرد حزب أو أي قوى سياسية بحكم اليمن، وكان قد انفتح على القوى السياسية في الجنوب.
  • كيف وصلت الأمور بدولة الوحدة، وفي ظرف سنوات قليلة إلى الانفجار، وهل كان بالإمكان إيقاف حرب صيف 1994م، على الحزب الاشتراكي خصوصًا، وعلى الجنوب عمومًا، وما هي الأسباب التي أدّت إلى انفجار الأوضاع؟
  • بدأ شريكنا في الوحدة بالعمل على تشكُّل مزاج في صنعاء، يستغل شعارات، تارة دينية وأخرى وطنية، لتوجيه ضربة للحزب الاشتراكي اليمني تحت شعار المحافظة على الوحدة والهُوية الإسلامية في الظاهر، ولكن في الباطن فرصة للخلاص من شريكه الجنوبي في السلطة، وإقصائه من السلطة ومن العملية السياسية، وعلى الأقل إضعافه. وكان يحكم البلد بعد الانتخابات النيابية الأولى بعد الوحدة ثلاثة أطراف: الحزب الاشتراكي اليمني، والمؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، وعندما شنت الحرب، شنت تحت شعار المحافظة على الوحدة، ولكني أقول اليوم، وسأقولها غدًا، إن الحرب شُنّت لضرب الحزب الاشتراكي اليمني، حتى بعد الحرب استمرت المحاولات لتصفية الحزب الاشتراكي وإرثه الوطني تمامًا.

ولم يكتفِ نظام صالح بذلك، بل ذهب لاستقطاب من تبقى من ورثة إمارات وسلطنات ومشيخات الجنوب، وأعاد إحياءهم وزجّهم مجددًا في مواجهة الحزب، وتأليب الأحزاب الدينية ضد الحزب الاشتراكي "الكافر والملحد". وحقيقة، لفت نظري، والحزب قد صار مبعدًا، أن بعض العناصر العقلانية داخل المؤتمر الشعبي كانت حريصة على أن يبقى الحزب الاشتراكي كضرورة وطنية للمحافظة على وحدة البلاد، وكان مثل هذا الطرح يطرح في وجه العناصر الأخرى داخل المؤتمر وخارجه، والتي تريد ضرب الحزب حتى النهاية.

بدأت دعاية ممولة تبث بين الناس في الشمال أن قيادة الحزب الاشتراكي تتعمد إهمال ترتيب أوضاع المناضلين في الشمال، وتزامن ذلك مع البدء في تنفيذ عمليات اغتيال منظمة لكوادر صُفّي فيها أكثر من 150 كادرًا.
  • هناك من يقول إن الحزب الاشتراكي ساهم في ضرب نفسه، فيما حصل في 1986، ولم يقم بإعادة لملمة فوضى الأحداث وترميم الشروخات داخله، إضافة إلى إهمال منظمات الشمال بعد الوحدة.
  • للأمانة التاريخية، كانت هناك متابعة من قيادات الحزب الاشتراكي لترتيب أوضاع الحزب على المستوى الوطني، لكن كانت المهمات المطروحة طبقًا لاتفاقية الوحدة، الأخذ بالأفضل والمحافظة بقدر الإمكان على المصالح التي تحققت للمواطنين الكادحين في جنوب البلاد، ويمكن أن تتحقق هذه المكاسب للمواطنين في الشمال. وأخذت هذه الأفكار من الحزب الكثير من الاهتمام والوقت، ولكن لم يكن هناك متابعة للأوضاع التنظيمية، ليس في الشمال وحسب، بل وحتى في الجنوب، وكان شريك الوحدة في صنعاء، قد استأثر بوزارة المالية، وكانت القطاعات الإدارية التابعة لها في المحافظات بيد المؤتمر الشعبي، وكان حريصًا على أن تكون في يده، ودفع عبرها إلى تعطيل أي قرارات من شأنها إعادة ترتيب أوضاع الاشتراكيين. ولم يكتفِ المؤتمر الشعبي بذلك، بل ذهب جاهدًا إلى استقطاب قيادات اشتراكية مناضلة من محافظات الشمال، واستغلال مشاكلهم الشخصية وزجها في مواجهة مشروع الحزب الاشتراكي، وشكلوا لاحقًا ما يعرف باللجنة التحضيرية باسم الحزب الاشتراكي. وأتذكر اجتماعًا للمكتب السياسي للحزب الاشتراكي لمناقشة هذا الأمر، وكلف حينها الشهيد جار الله عمر للخروج بتصريح لوسائل الإعلام مفاده أن الحزب الاشتراكي مع معالجة وترتيب أوضاع الناس، وفشلت هذه المحاولة رغم الظروف الصعبة، بعدها بدأت دعاية ممولة تبث بين الناس في الشمال أن قيادة الحزب الاشتراكي متعمدة إهمال المنظمات وترتيب أوضاع المناضلين في الشمال، وتزامن ذلك مع البدء في تنفيذ عمليات اغتيال منظمة لكوادر الحزب الاشتراكي اليمني، صفي فيها أكثر من 150 كادرًا من كوادر الحزب من جميع مستوياته التنظيمية، وللأسف لم تكن ردة الفعل من الحزب على المستوى المطلوب، ولم يتخذ الرد المناسب.
  • لماذا لم يكن الرد في المستوى المطلوب، هل شجع ذلك شريككم في الوحدة على المزيد من الجرائم بعد أن اشتم رائحة الضعف؟
  • أكيد أنّ صالحًا ونظامه اشتموا رائحة الضعف من عدم الرد على اغتيال كوادرنا، ولكن في رأيي أن الأحداث التي عانى منها الحزب الاشتراكي والتجارب التي مر بها، خلقت لدى بعض قياداته قناعة التخلي عن العنف، وخلقت لدى البعض الآخر حالة من الضعف بسبب فقداننا للكثير من القيادات الشعبية في الجنوب والشمال، واستكملها نظام صالح في تصفية كوادر شعبية مهمة.

  • ألم يكن هذا خطأً تاريخيًّا يساءل عنه الحزب الاشتراكي بدخوله الوحدة ولم يلملم شتاته بعد؟
  • كان الأمر بالنسبة لنا صعبًا؛ طوال سنوات طويلة ونحن نعمل بجد للوصول إلى لحظة إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، ونعبئ الشارع والجماهير بشعارات الوحدة، وعندما جاءت الفرصة التاريخية دفع البعض منا في قيادة الحزب، بسرعة الذهاب إلى الوحدة مسنودين بتاريخ نضالي طويل وبعاطفة شعبية طاغية.
  • هل كان هناك ثمة تدخل عربي أو دولي بين شريكي الوحدة لإيجاد حلول تُرضي الجميع وتسمح باستمرار دولة الوحدة؟
  • نعم، على إثر تدهور العلاقة بين شريكي الوحدة نتيجة الممارسات التي ذكرناها سابقًا تجاه الحزب الاشتراكي، شكّلت لجنة للحوار الوطني من جميع الأحزاب السياسية، وكنت ضمن ممثلي الحزب الاشتراكي فيها، وعلى ما أتذكر توصلت اللجنة في يناير 1994، إلى اتفاق لتسوية الأزمة بين شريكي الوحدة، ووقع هذا الاتفاق عبدالكريم الإرياني عن حزب المؤتمر الشعبي، وحيدر العطاس عن الحزب الاشتراكي، وعبدالوهاب الآنسي عن التجمع اليمني للإصلاح، وتم تكليفنا في لجنة الحوار بالتحضير للتوقيع النهائي، بين علي صالح وعلي البيض، على ما تم الاتفاق عليه فيما عرف بـ"وثيقة العهد والاتفاق"، وبحضور مندوبين عرب وأجانب كانوا من ضمن من سعى للوصول إلى صيغة الاتفاق، على رأسهم ملك الأردن الحسين بن طلال، ومندوب عن سلطنة عمان، والأمريكان والفرنسيون، وتم التوقيع النهائي لوثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمان، بعد أن عرض ملكها استضافة حفل التوقيع.
تفاجأنا بعد توقيع "وثيقة العهد والاتفاق" بانفجار الموقف عسكريًّا في أبين وفي سفيان وعمران وفي ذمار بعد ساعات قليلة على التوقيع، وأتذكر أني سألت وزير الدفاع حينها، هيثم قاسم طاهر، عن تقييمه للوضع العسكري، وكان رده أننا متساوون في القوة العسكرية.
  • ما أهم ما تضمنته وثيقة العهد والاتفاق؟
  • تضمنت الوثيقة رؤية شاملة لبناء مؤسسات دولة الوحدة وتسليم المطلوبين باغتيال كوادر الحزب الاشتراكي، وإيقاف انتشار الوحدات العسكرية وسحبها من المدن. 
  • كم صمد توقيع وثيقة العهد والاتفاق؟
  • لم يصمد كثيرًا، فالتصعيد كان واقعًا مستمرًا، وأتذكر بعد رجوعنا من العاصمة الأردنية عمان والتي رعت اتفاق "العهد والاتفاق"، وهنا أقول إنه تم توقيع الاتفاق الأولي على الوثيقة في عدن، لكن التوقيع الرسمي تم هناك في العاصمة الأردنية في 20 فبراير 1994، لكن تفاجأنا بعد التوقيع، بانفجار الموقف عسكريًّا في أبين وفي سفيان وعمران وفي ذمار بعد ساعات قليلة على التوقيع، وأتذكر أني سألت وزير الدفاع حينها، هيثم قاسم طاهر، عن تقييمه للوضع العسكري، وكان رده أننا متساوون في القوة العسكرية، وكنت أخاف أن يكون كلامه نوعًا من التفاؤل الذي كان موجودًا لدى بعض القيادات، وكان تخوفي بسبب بعض المعلومات التي وصلتني عن حصار الألوية العسكرية التابعة للحزب في عمران وذمار، بحيث كان علي عبدالله صالح يحيط القوات العسكرية التابعة للحزب بألوية أو عدة كتائب، وكان عندي رأي وكنت متردد في طرحه أمام المكتب السياسي، مفاده أنه لا داعي لنقل الألوية العسكرية من الجنوب إلى الشمال، ولا مبرر لذلك طالما كلها يمن وتابعة لدولة الوحدة، وكان ترددي في طرح هذا الرأي هو أن الفكرة لم تختمر بعد في رأسي وغير واضحة المعالم، لحاجتنا لوجود قوات عسكرية بالقرب من العاصمة صنعاء، وتبيّن لي في تلك الفترة التي أعقبت حرب صيف 1994، أن الفكرة كانت صحيحة، وكان بالإمكان تجنب الهزيمة والاحتفاظ بموقع الند في أي حل سياسي قادم.
  • ما هي أهم الأحداث التي أعقبت توقيع "وثيقة العهد والاتفاق"؟
  • أتذكر محاصرة قوات صالح ومعها مجاميع قبلية من حاشد، حصار لواء عسكري تابع للحزب في عمران* ومهاجمته، وتم صد الهجوم الذي أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين. وأتذكر أن بعضًا من رفاقنا من أبناء حرف سفيان وقفوا مع القوات الجنوبية وهاجموا قوات صالح، وسقط منهم أربعة قتلى وعددٌ من الجرحى وهم يحاولون فك الحصار عن اللواء.

وفي محافظة ذمار، فرضت قوات صالح حصارًا على اللواء العسكري التابع للجنوب* بلواء عسكري تم سحبه من الحديدة إضافة إلى عدة كتائب. وكانت الألوية العسكرية التابعة لنظام صالح، وتحديدًا من العمالقة -والذي هو عبارة عن عدد من الألوية- منتشرة في عدد من المناطق الجنوبية، منها أبين. وحقيقة أن بعض الكتائب التي كانت في هذا اللواء تحديدًا، عرضوا الانسحاب من مواقعهم والانضمام إلى القوات المحسوبة على الحزب، ولكن تقريبًا، ونتيجة لبعض الحسابات الخاطئة من القيادة، تم إهمال الموضوع، رغم أن ستة من الضباط قد نزلوا إلى عدن للتنسيق في مسألة الانضمام، لكنهم لم يلقوا تجاوبًا في الأمر، وللأسف تصوير الحرب كأنها شمالية جنوبية كانت نقطة ضعف خطيرة في سير المعركة، رغم أن عناصر شمالية اشتركت في المعركة مع رفاقهم في الجنوب، واستشهد عددٌ منهم في سفيان وفي مناطق أخرى.

  • ألم تكن لديكم مؤشرات ما عن إمكانية انفجار الموقف؟
  • عندما كنا في عمان، سمعت كلام محمد سعيد عبدالله (محسن)، أن البيض سيمر في رحلة عودته إلى عدن، بالمملكة العربية السعودية أولًا. ولم يكن لدي علم بالموضوع، وشعرت حينها بالانزعاج؛ كيف سيعود الأمين العام، ورئيس الدولة في واقع الأمر، ولا نعرف تحركاته! وبالفعل زار الرياض في طريق عودته وحظي باستقبال رسمي كبير، وعاد بعدها إلى عدن، ورفض العودة إلى صنعاء قبل تنفيذ اتفاق "وثيقة العهد والاتفاق".
  • ما ردك على القول بأن الحزب الاشتراكي كان السبب في تعطيل وثيقة العهد والاتفاق؟
  • ليس صحيحًا هذا القول؛ الحزب الاشتراكي اليمني كان يدرك إدراكًا عميقًا أهمية تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق وما يصحب تنفيذها من إمكانية إصلاح مكامن الخلل في دولة الوحدة وارتباطها بالديمقراطية وإعادة تشكيلها وتفعيل الأقاليم (الفيدرالية). ومن أسباب الفشل برأيي، فضلًا عن الفيدرالية، رفض نظام صنعاء تسليم المتهمين بجرائم اغتيال قيادات وكوادر الحزب، والتي لم تتوقف حتى بعد توقيع وثيقة العهد والاتفاق. إضافة إلى أن الحزب يعي تمامًا أن بناء الدولة المدنية الحديثة يرتبط بتضافر كل الجهود، وبإشراك جميع القوى من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني.
  • أين كنت عشية اندلاع حرب صيف 1994؟
  • كنت في عدن، في لجنة الحوار.
  • وماذا كان رد فعلكم على الحرب؟
  • اتخذنا قرار المقاومة، وهزم الحزب الاشتراكي في حرب 1994، وشنت الحرب باسم الحفاظ على الوحدة، وكانت امتدادًا للصراعات التي حدثت قبل وبعد توقيع "وثيقة العهد والاتفاق"، وصولًا إلى اجتياح عدن.
رجعت من عدن بعد هزيمة الحزب الاشتراكي اليمني إلى صنعاء، والتحقت بمن تبقى من قيادات الحزب في صنعاء، وتشكلنا حول الرفيق علي صالح عباد مقبل، وبعد انعقاد اللجنة المركزية كان هناك حرص على ضرورة عودة الرفيقين جار الله عمر والدكتور ياسين سعيد نعمان.
  • لكن يا أستاذ يحيى، لم يتخذ الأمين العام للحزب علي سالم البيض قرار الانفصال إلا بعد اندلاع الحرب واقترابها من أبواب عدن على ما أتذكر، فكيف شنت الحرب باسم الوحدة؟
  • صحيح، على ما أتذكر كنت في عدن، واستغل نظام صنعاء الأمر، وكان للوحدة حينها شعبية جارفة في الشمال والجنوب، رغم خروج مظاهرات شعبية كبيرة في عدن داعمة لقرار فك الارتباط، وهذا نتيجة لرفض السياسات التي اتخذت بعد الوحدة وأضرت بمصالحهم.
  • هل اتخذ قرار الانفصال من قبل المكتب السياسي للحزب الاشتراكي؟
  • من تاريخ 15 حتى 22 مايو [1994]، لم يكن كل أعضاء المكتب السياسي متواجدين في عدن، وكان جزء منهم خارج البلد، وجزء في محافظات أخرى، ولم يكن هناك اتفاق أو إجماع على قرار الانفصال، وليس صحيحًا أن جميع أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي كانوا مع القرار.
  • ما الذي حدث بعد الهزيمة؟
  • بعد الهزيمة، حاولت القيادة الموجودة في قيادة الحزب في الداخل الحفاظ على الحزب، ولملمة صفوفه، وعملوا على انعقاد اجتماع للجنة المركزية في مقرها في صنعاء، ولكن نتيجة لتعرضها للضرب، عقد الاجتماع في قاعة كلية الشرطة، وسبقها تشكيل لجنة للاتصالات والتنسيق والتواصل مع قيادات الحزب برعاية الرفيق علي صالح عباد مقبل، وكانت كثير من مرافق الحزب والبيوت التابعة لقيادة الحزب تعرضت للنهب.
  • متى كانت عودتك إلى صنعاء؟
  • رجعت من عدن بعد هزيمة الحزب الاشتراكي اليمني إلى صنعاء، والتحقت بمن تبقى من قيادات الحزب في صنعاء، وتشكلنا حول الرفيق علي صالح عباد مقبل، وبعد انعقاد اللجنة المركزية كان هناك حرص على ضرورة عودة الرفيقين جار الله عمر والدكتور ياسين سعيد نعمان، وأتذكر ونحن ما زلنا في القاعة أن الرفيق مقبل اعتقد أن مثل هذا الطرح يستهدفه، فأخذ الميكرفون وقال: "أنا مستقيل"، وصعدت أنا إلى المنصة وتحدثت معه أن المطلوب منهم مساعدتنا في القيادة وتفهم الأمر.

وأتذكر شخصيًّا، بعد حرب صيف 1994، أني تلقيت اتصالًا من الرئيس علي عبدالله صالح، وقال لي بالحرف: "تعال عندنا في المؤتمر الشعبي العام"، وأجبته بأني لن أترك الحزب الاشتراكي وهو يعيش هذا الظرف الصعب، فقال لي: "يعني قبْيَلة؟"، وقلت له: "سَمِّها ما شئت".

وبالنسبة لي، لم يكن الموقف قَبْيَلة. ناضلت في هذا الحزب من عام 1958، ولن أتخلى عنه اليوم في هذا الظرف العصيب، وكان على عبد الله صالح يعتقد بأنى سألتحق به في مثل هذه الظروف وقد التحق به عدد من قيادات الحزب قبل الحرب وبعدها.

  • لماذا عدت من صنعاء إلى عدن ولم تغادر إلى خارج البلد كحال القيادات في عدن؟
  • أنا لم أعرف هذه الطريقة في حياتي، واعتبرت أن تواجدي داخل البلد أهم بكثير على الصعيد الحزبي أو الصعيد الشخصي، خصوصًا إذا ما ضمنت حياتي. وعندما وصلت من عدن إلى صنعاء، وكانت لجنة الاتصال والتنسيق قد شكلت، التحقت برفاقي عضوًا في اللجنة، وعاد لي الأمل في استعادة الحزب لعافيته وعودته بشكل فاعل إلى الحياة السياسية، وفيما بعد شكلت الوثيقة الصادرة عن اجتماع اللجنة المركزية، مهمة وعكست توجهه كحزب اشتراكي.

•••

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English