كأس العالم

لغة واحدة .. شغف متعدد
خيوط
November 1, 2022

كأس العالم

لغة واحدة .. شغف متعدد
خيوط
November 1, 2022

المشترك الوحيد بين شعوب العالم هي الرياضة إجمالًا، وكرة القدم على وجه الخصوص؛ قد تحضر أنواع متعددة من الألعاب الرياضة في هذه الجغرافيا أو تلك وتختفي أنواع أخرى، لكن مِن المستبعد تمامًا ألَّا تحضر كرة القدم كلعبة شعبية وفي متناول الجميع، يزاولها ويشاهدها ملايين الناس ومن شرائح وطبقات متعددة.

 الموسيقى والرقص مشترك آخر بين الشعوب، لكنهما يتحولان إلى خصوصيات ثقافية متمايزة ومتعددة في آن، وتعبير هوياتي صارخ ينهض على تأسيسات إيقاعية وصوتية تولّدها الحاجة إليها في البيئات التي نشأت فيها، حتى وهي تعبر حدودها الجغرافية وتصير منتوجًا عالميًّا تبقى تحمل جيناتها الثقافية الأصلية في البيئات الجديدة التي استُنبتت فيها.

وحدها كرة القدم أذابت الحدود الهوياتية وخصوصيات جينات المنشأ، لتصير بقوانينها، التي تتجدد باستمرار، وطرائق مزاولتها، أشبهَ بلغة واحدة يتلقّفها الجميع بدون مصدَّات وحواجز، ولا تحتاج إلى وسائط توصيل، حتى وهي تُلعب في مستطيلات ترابية وعلى الأسفلت في أزقة وفضاءات الأحياء الفقيرة، حيث لا يمتلك الصبيان أحذية خاصة باللعبة، غير أن عصبويات المشجعين –التي تتجاوز اللون والعِرق والدِّين والثقافة– أعطتها تعدّدًا عجيبًا يُبنى على شغفهم بالمدارس الكروية ورواج اللاعبين والأندية التي يشجعونها؛ فذا برازيليّ الهوى، والآخر أرجنتيني، والثالث إيطالي، والرابع إنجليزي، والخامس إسباني، والسادس ألماني، والسابع فرنسي، ...

صحيح أنّ كرة القدم تحوّلت إلى ماكينة نقود عمياء، تُبنى عليها أحيانًا اقتصاديات دول، وتُحتَكر من مؤسسات متعددة الأذرع ومتعدية للقومية، وصحيح أنّ صناعة وتسويق النجوم فيها صارت تقترب من الأسطرة والتسليع الصوري في منتوج ليس في متناول الجميع، والحديث هنا يتصل باحتكار حقوق البثّ والتسويق وحقوق الرعاية، وانّ دولًا كرتونية وبدوية متنافسة ورجال أعمال مشبوهين صاروا يتملكون أندية كبيرة وعريقة، يحاولون من خلالها اليوم تنصيع صورهم بفوائض نقود ريعية ومغسولة في كثير من الأحيان؛ لكنّها تبقى (كرة القدم) بتعريفها المختزل بكلمتين (الساحرة المستديرة) هي الجامعة للعالم والعابرة لتناقضاته، في مستطيل أخضر ومدرجات ملاعب وإستادات ممتلئة بالمشجِّعين المتحمّسين، وخارج هذا المستطيل تتكشف الكثير من الاعتوارات البشعة على هيئة حروب وأزمات وفقر ولجوء وعنصرية صارخة، تتورط فيها على الدوام دولٌ وجماعات منخرطة في منظومة الرياضة، بما فيها كرة القدم.

كرة القدم وعبر تاريخها الطويل، الذي بدأ فعليًّا من تاريخ تأسيس الاتحاد الدولي قبل 120 عامًا تقريبًا (1904)، عَرَّفت بثقافات هامشية وبلدان فقيرة بواسطة نجوم فرديين أو منتخبات وطنية وأندية تنتمي لهذا البلد أو ذاك، لهذا صارت حاملةَ رسالة كبرى، وتعمل الكثير من الدول والحكومات النابهة على تعزيز حضورها في المحافل الكبيرة والصغيرة بواسطة هذه اللعبة.

ذروة الشغف الملون في كرة القدم، تتكثّف في بطولة كأس العالم التي تُنظم كل أربع سنوات، منذ انطلاقها في العام 1930 في الأوروغواي –عدا بطولتَي 1942 و1946، اللتين لم تقاما بسبب الحرب الكونية الثانية- وفي كل مناسبة منها يحتشد العالم -وتحديدًا من بداية البثّ- أمام وسائط بصرية متعددة لمشاهدة المباريات التي تتنافس فيها المنتخبات التي يشجّعونها والنجوم الذين يحبّونهم. يسكبون كل انفعالاتهم الصاخبة في شهر كامل، يستعدون لاستقباله بكل حواسهم.

تواكب (منصة خيوط) هذه التظاهرة بعديدٍ من المواد عن تاريخ البطولة وأرقامها وتفاصيلها وأخبارها، والتي انطلقت أول مرة في يوليو/ تموز 1930، تحت اسم (كأس النصر) قبل أن تحمل اسم مؤسِّسها العبقري الفرنسي (جول ريميه)، ولاحقًا اسم الفيفا، وكل ذلك من أجل مُتَلَقٍّ قريب منها، يتوجب الوصول إليه وتحسّس حاجته بما يرغب ويتشهَّى.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English