في ظل نضال المرأة للحصول على حقوقها المنتقصة قانونًا، هناك مصادرة لبعض الحقوق المكفولة، ومنها حق الحصول على وثيقة سفر خاصة بها.
ولاقت حملة "جوازي بلا وصاية" رواجًا واهتمامًا كبيرًا بعد تدشينها في تعز منتصف الأسبوع الحالي، وجدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي بين مُساندٍ وداعمٍ للحملة وإنصاف المرأة في نيل حقوقها في السفر ومختلف مناحي الحياة بدون وصاية عليها، وبين ناقد لها كونها غير منطقية وبلا هدف.
وينتقد كثيرون تجيير القوانين وتأثير العادات والتقاليد في عملية تنفيذها، بالذات فيما يتعلق بالمرأة وحقوقها في المجتمع وفي الحياة العامة، ومنها حقها في الحصول على جواز سفر بدون اشتراطات تضعها تحت الوصاية، إذ إن القانون اليمني رقم (7) بشأن الجوازات والسفر، يسمح لكل حاملي الجنسية اليمنية ممن بلغوا سن السادسة عشر، بالحصول على جواز السفر .
تجاوز القوانين النافذة
المواطنة الأربعينية فاطمة جميل، من سكان مدينة تعز، تقول لـ"خيوط"، إنها ليست قاصرة حتى تطلب منها الجهة المختصة بالجوازات في تعز التي قدمت إليها من العاصمة صنعاء بهدف استخراج جواز سفر خاص بها للانتقال خارج اليمن بهدف العلاج من مرض تعاني منه، فقد طلبوا منها موافقة زوجها أو ولي أمرها للحصول على وثيقة السفر.
تضيف: "قالوا لي ضروري موافقة ولي الأمر أو الزوج، لكني لست متزوجة ووالدي متوفَّى، وأخي مشغول لا يستطيع الحضور معي إلى مكتب الجوازات، مؤكدةً أنه تمّ عرقلتها ممّا أجبرَها على دفعِ مبلغٍ مضاعف، بشرط توفير وثيقة وكالة من شقيقها معمدة من المحكمة؛ الأمر الذي أدّى إلى إطالة المدة التي قضتها بهدف استكمال معاملات وإجراءات استخراج جواز السفر والتي وصلت إلى نحو شهر.
تؤكد داليا محمد منسقة حملة "جوازي بلا وصاية"، أن مصلحة الجوازات تعتمد عرفًا تستند حيثياته على "اتهامنا كنساء في أخلاقنا وشرفنا وكرامتنا" ومعاملة المرأة ككائن قاصر تحتاج للوصاية حتى في الحقوق
تعمل الجهات المختصة التي تضرب بالقوانين الخاصة بالأحوال الشخصية عُرض الحائط، على تعنُّت النساء اللاتي يُرِدن الحصول على جواز السفر، رغم أن القانون يكفل للمرأة الحقَّ في استخراج وثيقة سفر بلا أي وصاية، إلا أن مصلحة الجوازات ترفض التقيد به وتنفيذه وتطالب بتعميم من وزارة الداخلية.
يوضح المحامي، ياسر المليكي، في حديثه لـ"خيوط"، أن قانون الجوازات رقم 7 لسنة 1990 الذي أعطى الحق لكل من يحمل الجنسية اليمنية أن يستخرج وثيقة سفر، عدا الأطفال دون سن 16 عامًا؛ إذ يشترط هنا -فيما يخص الأطفال- موافقةُ ولي الأمر، وأيضًا المادة 3 من القرار الجمهوري رقم 2 لسنة 1994 بشأن لائحة الجوازات.
تنص المادة رقم (6) من قانون الجوازات اليمني، على: "تصرف جوازات السفر العادية ووثائق السفر لكل من بلغ سن السادسة عشرة من العمر ممن يتمتعون بجنسية الجمهورية اليمنية؛ أما القصَّر فيضافون في جواز سفر أحد الأبوين، إن كان مسافرًا بصحبته، ويجوز صرف جواز للقاصر عند الضرورة، وبعد موافقة ولي أمره.
حراك نسائي ومجتمعي
تتعرض النساء في اليمن لتعسف واضح في مصلحة الجوازات في مختلف محافظات الجمهورية منذ أكثر من 25 عامًا؛ حيث يتم تشديد الإجراءات فيما يخص النساء بهدف منعهن من استخراج وثيقة سفر إلا بموافقة أولياء أمورهن.
في هذا الخصوص، هناك حراك نسائي ومجتمعي يطالب بحق المرأة اليمنية في الحصول على جواز السفر، كما يلاحظ حاليًّا في الحملة التي انطلقت من تعز "جوازي بلا وصاية"، والتي ترفع شعار المطالبة بإلغاء الوصاية على إصدار وثائق السفر للنساء.
داليا محمد منسقة الحملة تؤكد لـ"خيوط"، أن مصلحة الجوازات تعتمد عرفًا تستند حيثياته على "اتهامنا كنساء في أخلاقنا وشرفنا وكرامتنا"، ومعاملة المرأة كإنسان قاصر تحتاج للوصاية حتى في الحقوق. وترى أنّ ما تتعرض له المرأة أمرٌ غير المقبول، من امتهان ومصادرة للحقوق وإلغاء قانونٍ وتهميشه.
وتستطرد داليا بأن الحملة هدفُها إيصال أصوات النساء لصناع القرار وللرأي العام، والمنظمات المحلية والدولية وكل المهتمين.
بدورها تؤكد ألفت الدبعي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة تعز، لـ"خيوط"، أنه على جميع الشبكات النسوية والشبابية والحقوقية والأحزاب والجماعات السياسية أن تساند، وتضغط باتجاه استخراج تعميمٍ من رئيس الوزراء ووزير الداخلية في الحكومة المعترف بها دوليًّا، يُلزِم مصلحة الجوازات إصدار جواز المرأة بلا وصاية ولي الأمر، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، والتعاطي مع المرأة التي بلغت السن القانونية كمواطنة مكتملة الحقوق.
وتقول نجلاء علي لـ"خيوط": "أنا عشرينية وأستاذة جامعية، لا يعقل أن تطلب مني مصلحة الجوازات موافقة ولي أمري، وليس لي أحدٌ إلا أخٌ يصغرني بخمسة عشر عامًا".
وردًّا على الآراء الناقدة لهذه الحملة، كما في حالة المواطن الثلاثيني، فاروق المغبشي والذي يرى أن هذه المطالبات لا تستند إلى أي هدف سوى أنها مدعومة من الخارج لتشجيع النساء على الهروب خارج البلاد- تقول داليا محمد، منسقة الحملة، إن هناك عادات مجتمعية مغلوطة تقولب المرأة وتتهمها، نتيجة لانعدام الوعي المجتمعي، الذي لا يفرق بين الحقوق والمشاكل الاجتماعية، لكن تفعيل القوانين النافذة هو الحكم والفيصل بين الجميع.