رحلات "الاحتطاب" تحصد أرواح النساء في المحويت

مآسي السقوط والتعنيف والخذلان
فوزي المنتصر
November 29, 2022

رحلات "الاحتطاب" تحصد أرواح النساء في المحويت

مآسي السقوط والتعنيف والخذلان
فوزي المنتصر
November 29, 2022
Photo by: Mohamed Al-Selwi - © Khuyut

تعرضت سمية (18 عامًا)، وهي أمٌّ لأربعة أطفال، منذ طفولتها لشتى أنواع التعنيف والضرب المبرح من قبل والدها، إلى أن قام بتزويجها قبل أن تتجاوز سنّ الرابعة عشرة من عمرها.

تتذكر سمية، التي تقطن في إحدى مديريات محافظة المحويت، الواقعة جنوب غرب العاصمة صنعاء، في حديثها لـ"خيوط"، ما عاشته من مأساة في منزل والدها قبل أن تنتقل معها هذه المعاناة إلى بيت زوجها، سواء كان تعنيفًا لفظيًّا، أو جسديًّا وهو الأكثر، حسب قولها.

تقول: "أشدّ تعنيفٍ مرّ بي، هو عندما لحقني أبي في صباح أحد الأيام إلى المدرسة، وضربني ضربًا مبرحًا أمام زملائي وزميلاتي، ومن ثَمّ أمرني أن أذهب إلى الوادي، وأنا حافية القدمين، وأجمع حطبًا، ومن ثَمّ أعود بحزمة كبيرة إلى البيت عند وقت الظهيرة".

ووفقًا لسمية، كان حينها دافع أبيها وراء تعنيفها ذاك، هو أنّها لم تستأذنه عند الذهاب إلى المدرسة، بالرغم من أنّه كان نائمًا على حدّ قولها، وكانت قد أخبرت والدتها، أن تخبره بذلك، تحسُّبًا منها لأيّ ردِّ فعلٍ منه، كما كانت تعرفه، مضيفةً أنّها تتذكر بشكل يوميّ هذه الحادثة وتجهش بالبكاء، ولا تستطيع نسيان ذلك؛ لأن حياتها لا تزال مليئة بالمعاناة والتعنيف المتواصل.

علاوة على ذلك، ما زالت تعاني سمية حاليًّا من آلام في القدمين، نتيجة تعرّضها لأشواك ورضوض عند إذعانها لأوامر والدها وذهابها حافية القدمين إلى أسفل الوادي ذي الجغرافيا الوعرة والمليء بالأحجار المسننة والأشواك، خصوصًا أثناء عودتها وهي محمّلة بكومة حطب يصل وزنها تقريبًا إلى 70 كيلو جرامًا.

لم تكن حياة المرأة في محافظة المحويت (غربي العاصمة صنعاء)، تخلو من شتى أنواع المعاناة والتعنيف، التي كانت تتخلل كل تفاصيل حياتها المنهكة والمليئة بالصعوبات والتعنيف والخذلان، لتأتي الحرب منذ ما يقارب ثماني سنوات، لتفاقم معاناتها بشكل أكثر مأساوية، ما جعلها تتعرّض لمخاطر جمّة، وصلت بعضها إلى حدّ الوفاة.

وبحسب رصد واسع قامت به "خيوط"، فقد كانت المرأة في المحويت أبرزَ ضحايا الحرب وتبعاتها الكارثية في هذه المحافظة، والتي سلبتهن الكثيرَ من الحقوق، وفاقمت من حِدّة العنف الأسري الموجّه إليهن، إضافة إلى سقوط ضحايا من النساء والفتيات في رحلات الحياة اليومية الشاقة للاحتطاب من أعالي الجبال، بسبب شظف العيش والفقر، والذي دفع النساء لتحمل مسؤوليات مضاعفة محفوفة بالمآسي والمخاطر المتعددة.

ويكشف تحقيق "خيوط" عن عددٍ من الوقائع والجرائم التي تعرّضت لها نساء في المحويت، يتم التستر عليهن في كثير من الأحيان، منها جرائم قتل متعمّد من قبل أقارب مباشرين، إلى جانب ضحايا التعنيف والحرمان من الحقوق، والسقوط من الجبال أثناء الاحتطاب، كنموذج رئيسي يجسّد واقع المرأة في هذه المناطق النائية، والتي تعاني خذلانًا مضاعفًا نتيجة الإهمال وعدم الاهتمام من قبل وسائل الإعلام والمنظمات الأهلية والمحلية.

ووثّقت "خيوط"، خلال فترة التحقيق، في بعض القرى التي تركّزت في ثلاث مديريات فقط، أكثر من 55 حالة، تعرضن جميعًا لأشكال مختلفة من التعنيف الأسري، إمّا جسدي أو لفظي. ويقدّر العدد الإجمالي للضحايا، في جميع قرى وعزل تلك المديريات الثلاث فقط، بالمئات، فضلًا عن الإحصائية الإجمالية لعدد الضحايا في عموم مديريات محافظة المحويت الذي سيكون بكل تأكيد مأهولًا جدًّا، وقد يتجاوز آلاف الضحايا.

رحلات شاقة

ودفع انعدامُ وشحّة مادة الغاز المنزلي بأغلب النساء في أرياف المحويت الجبلية، إلى رحلة البحث عن الاحتطاب، في مسالك جبلية مرتفعة ووعرة، ما جعلهن يدفعن أرواحهن ثمنًا لهذه الرحلات.

تأكّدت "خيوط"، من خمس حالات قتل متعمد تعرضت لها نساء في المحويت خلال العامَين الماضيين، منها ثلاث نساء تعرضن للقتل العمد بصور بشعة من قبل أقارب من الدرجة الأولى مثل الزوج، الأخ، أو الأب.

يقول المواطن عبدالله علي، خمسينيّ، من سكان مديرية جبل المحويت، لـ"خيوط"، إنّ أكبر معاناة تواجه النساء، نتيجة لتداعيات الحرب، تتمثّل في تسلّق الجبال والهضاب الصخرية، بحثًا عن الحطب الذي تلجأ إليه أغلب الأسر، كبديلٍ عن الغاز المنزلي، لعدم القدرة على شرائه بأسعار باهظة، واللجوء إلى الاحتطاب المحفوف بالعديد من المخاطر.

يتفق معه أحمد محسن (37 عامًا)، من سكان منطقة بني سعد، الذي يشير في حديثه لـ"خيوط"، إلى أنّ هناك أكثر من ثلاث ضحايا وفاة، منذ مطلع هذا العام، نتيجة السقوط من أعالٍ جبلية، أثناء مرحلة تجميع الأحطاب وما يتطلّبه من تسلّق للجبال أو عند العودة بحزم الحطب التي تُحمَل على الرؤوس والسير بها في مسالك وطرق جبلية وعرة وخطيرة. لكن بالرغم من كل هذه المخاطر فإنّها لم توقف النساء عن الاحتطاب، بسبب ظروف الحياة المعيشية الصعبة والفقر والجوع.

من جانبها، ترى ياسمين طالب (29 عامًا)، أنّ رحلة البحث عن مياه صالحة للشرب، هي أيضًا محفوفة بالعديد من المخاطر، إذ تؤكِّد لـ"خيوط"، أنّ المعاناة زادت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، التي وافقت تغيُّرًا في هطول الأمطار وامتداد فترات الجفاف، خصوصًا في فصل الصيف.

وتتحمّل النساء نتائج هذه المتغيرات، من خلال ما يقمن به من رحلات شاقة للبحث عن المياه في أماكن وأخاديد جبلية لا يخلو الوصول إليها من المخاطر المتعددة، للوصول إلى مواقع صغيرة تتجمع فيها المياه لتعبئة صفيحة بكمية تصل إلى 20 لترًا.

تعنيف من نوع آخر

في قصة لضحية أخرى، ضحيتها هنا هي الأم، ومعنِّفها هو الولد الذي يزعم أنّه يقوم بدور المربي، بعد وفاة والده قبل سنوات كثيرة، وفقًا للأم جمعة (60 عامًا)، إذ تقول لـ"خيوط"، إنّها باتت هي وبنتاها يتعرّضن للتعنيف المتكرر من قبل ولدها، على أبسط الأمور التي يخلق منها ذلك الولد مبررًا فعليًّا للتربية، على حدّ زعمه.

تروي جمعة، بحزن وألم، وما زالت آثار اللكمة تبدو على وجهها: "يبحث عن أبسط دافع للتعنيف، مثلًا، شكت إليه زوجته، عن إحدى أخواته، أو اعترضت إحدى أخواته على أمرٍ ما، أو أحد الجيران اشتكى له، حتى وإن اختلق شكوى عني أو عن أخواته، يأتي إلينا بغضب شديد، وينهال علينا بالضرب والتعنيف، دون أن يعرف حتى صحة ذلك الادعاء". وتضيف وهي تؤشّر بأصبعها إلى وجهها الذي ما زالت آثار الضرب تبدو عليه: "هذا الذي تشوفه في وجهي، كان فقط عند محاولتي لإنقاذ أخته، عندما كان يعتدي عليها بكل قوته، بسبب شكوى واتهامات كاذبة من قبل زوجته".

ووفقًا لأمه، لم تسلم حتى زوجته من ممارسة ذلك العنف، وإن كان ذلك التعنيف الموجّه ضدّ زوجته نادرًا جدًّا، ولم يحصل إلّا مرة أو مرتين فقط، إلّا أنّ الأمّ المكلومة ترى ذلك، استجابة من الله، للظلم والتعنيف الذي يحصل لها وبنتيها من قبل ابنها، بسبب ذرائع وشكاوى مزيفة تحيكها زوجته؛ تقول: "العام الماضي، اعتدى على زوجته في المنزل، وركضها إلى أن وقعت من أعلى الدرج إلى أسفله، عند الباب، وظلت متأثرة بالإصابة أكثر من شهر، ونتيجة لدحرجتها على الدرج، ووقوعها أيضًا، أسقطت مولودها".

وبالرغم من الصور المختلفة للعنف الأسري الممارس، ضد النساء والفتيات في ذات المحافظة، وأعداد الضحايا أوساطهن، يظل الحدث ذاته حبيس جدران المنازل، ولا أحد يعلم عنه شيئًا، في ظل عدم وجود أيّ جهة خاصة أو حقوقية ترصد ذلك، خصوصًا في المديريات النائية الجبلية.

تعنيف يصل إلى القتل

يتنوع العنف المفرط الذي تتعرّض له النساء في المحويت، ما بين اللفظي والجسدي والنفسي، حسب شهادة أهالٍ ومصادر سكانية، لـ"خيوط".

ويقول أمين شوقي، مختص في الصحة العامة والتوعية المجتمعية، إنّ العنف الذي تتعرّض له المرأة في المحويت من قِبل السلطة الذكورية في المجتمع، زادت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، بسبب ظروف الحرب التي أفرزت الكثير من التداعيات والتبعات مع تفاقم أشكال وصور العنف الممارَسة في حقّ المرأة، ووصول ذلك إلى القتل العمد بصوره المختلفة والبشعة.

تأكّدت "خيوط"، من خمس حالات قتل متعمّد تعرّضت لها نساء في المحويت خلال العامَين الماضيين، منها ثلاث نساء تعرّضن للقتل العمد بصور بشعة من قبل أقارب من الدرجة الأولى، مثل الزوج، الأخ، أو الأب.

وتتبّع مُعِدّ التحقيق هذه الحالات الثلاث، إذ حدثت الواقعة الأولى في مديرية الرجم، عندما ترصّد الجاني، الزوج، نبيل السريحي، زوجتَه الضحية، منى علي الجبلي، وأقدم على قتلها، بالسلاح الأبيض، في عقر دارها، ليلًا، وذلك عقب لجوء الضحية إلى المحكمة، طلبًا لفسخ الزواج.

سبقت تلك الجريمة، حادثةُ قتلٍ مشابهة لامرأة، زوجة، في جبل المحويت في منطقة بني سعد، وتتمثّل في إقدام الزوج على إطلاق النار وقتل زوجته، عقب عودتها هي وأخوها من جلسة في المحكمة، التي لجأت إليها للمطالبة بالطلاق من زوجها.

لا تزال أساليب الحرمان والسلب التي تطال حقوق الفتيات والنساء، قائمة بحدتها ومعتقداتها التي تمارس ضدهن، من قِبل السلطة الذكورية، إذ يطالهن قسوة الحرمان المتعمد، من أي حقوق كفلها لهن القانون والدستور اليمني، إلّا أنّ سلطة السطو والعادات كانت وما زالت، في الكثير من المدن والقرى في المحافظة؛ هي الأقوى.

إلى جانب تلك الجريمتين، جريمة قتل بشعة، حدثت في أواخر العام الماضي، وإن كان مكان حدوثها، خارج نطاق المحويت، في حراز، المحاذية للمحويت، إلّا أنّ الضحية تنتمي لمديرية بني سعد، إحدى مديريات محافظة المحويت، والمديرية المحاذية تمامًا لمنطقة حراز في مناخة التابعة لمحافظة صنعاء.

إذ نفّذ الجاني جريمته، حسب مصادر محلية مطّلعة -فضّلت عدم الكشف عن هُويتها- تحدثت لـ"خيوط"، بعد أن ذهب بأولاده ليناموا عند أمه، في تبريرٍ منه أنّه يريد أن يقضي وقتًا ممتعًا مع زوجته، لكنها كانت اللحظات المشؤومة، حيث أقدم فيها على ذبح زوجته وهي حامل، وشوّه جثّتها، ومِن ثَمّ قام برميها من على قمة جبل في حراز، ليغطي عن جريمته، بالسقوط العرضي، لتصل الجثة بعد رميها، إلى أسفل وادٍ في منطقة القدم، التابعة لمديرية بني سعد، وتدخلت الأجهزة الأمنية، وكُشف المجرم.

وبحسب معلومات حصلت عليها "خيوط"، فإنّ جميع مرتكبي حالات القتل السابقة لم يفلتوا من الأجهزة الأمنية، وتم القبض عليهم، لكن المصير الأخير عنهم يظل غير معروف، ولم تصدر أي معلومات عنهم رسميًّا. وبالرغم من بشاعة الجرائم العنف المرتكبة ضدّ الزوجات الثلاث، التي وصلت إلى القتل والتشويه، فإنّها لم تخرج عن نطاق المحافظة، ولم تحظَ بأي مناصرة إلكترونية جماهيرية، كأي حالة تعنيف أو قتل في محافظة أخرى، من أجل الضغط العام على تنفيذ الإجراءات القانونية اللازمة ومناصفة الضحايا قانونيًّا في أسرع وقت ممكن، باعتبارها قضية رأي عام. 

حقوق مسلوبة

لا تزال أساليب الحرمان والسلب التي تطال حقوق الفتيات والنساء، قائمة بحدتها ومعتقداتها التي تمارس ضدهن، من قِبل السلطة الذكورية، إذ يطالهن قسوة الحرمان المتعمد، من أي حقوق كفلها لهن القانون والدستور اليمني، إلّا أنّ سلطة السطو والعادات كانت وما زالت، في الكثير من المدن والقرى في المحافظة؛ هي الأقوى.

تورد، في السياق، إحدى المعلمات -اشترطت عدم ذكر اسمها؛ لئلا تتعرّض للأذى- بالقول لـ"خيوط"، إنّ الفتاة أو المرأة في المحويت، وخصوصًا في الأرياف، تُحرم عمدًا وقصدًا من أغلب الحقوق المكفولة لها شرعًا وقانونًا.

وتضيف أنّ أغلب النساء لم يحصلن على حقهن في الميراث، إن لم يكنّ كلهن، ويجبرهن الخوف على عدم التفوّه والمطالبة بذلك الحق، ما يجعلهن يلتزمن الصمت. كذلك، "الموظّفات لا يستطعن التصرف التامّ برواتبهن، وأغلبهن مجبرات على إعطاء الأب نصف الراتب الشهري؛ هذا كان في زمن الرواتب، أمّا اليوم، فلا توجد رواتب".

إلى ذلك، اطلعت "خيوط"، إلى أنّ هناك أعدادًا كبيرة، من الفتيات يحرمن من حقهن في التعليم، حتى لمرحلة الثانوية، تحت ذرائع وحجج واهية، تؤول جميعها إلى "أنّ الفتاة مستقبلها بيت زوجها". ما يعني أنّ ممارسة تلك المعتقدات، من قبل المجتمع، وخصوصًا في الأرياف، تؤول إلى انتهاك الفتيات وحرمانهن من حقٍّ آخر، وهو حق الطفولة، الذي يحل محلّه زواج مرتّب لها، ودون وعي منها بأمور ومسؤوليات ذلك الزواج، ما يفاقم بدوره، أعدادًا كثيرة في قائمة زواج القاصرات، الظاهرة التي تُخلِّف سنويًّا وَفَيَات ومعاناة نفسية وجسدية، تطول ندبتها مع عمر الفتاة، ولا تندمل بسهولة.

أجساد منهكة

كما بات تأثير تداعيات الحرب، اقتصاديًّا، على الوضع المعيشي الذي تعيشه الأسرة، تدفع ثمنه المرأة بصورته الأكثر والأسوأ، نتيجة تعرّضها للعديد من المخاطر، صحية وجسدية ونفسية، فضلًا عن إضافة أعباء ومسؤوليات أسرية أخرى إليها، هي الأخرى فاقمت وضعها إلى الأسوأ.

إذ إنّ الوضع الصحي الذي تعيشه المرأة في المحويت، بحسب شهادات طبية كثيرة، أكّدت لـ"خيوط"، سيّئٌ للغاية، نتيجة لمخاطر كثيرة، أغلبها الوفاة أثناء الولادة، أو ما بعدها، أو التعرّض لتسمّم الحمل. إذ إنّ كل المخاطر المذكورة، حسب الأطباء، ترجع لأسباب متداخلة، جُلّها تفاقمت في ظل تداعيات الحرب، التي أكبَرُها وأسوَؤُها هي انعدامُ أو شحة الأمن الغذائي والمائي، الذي يتسبّب في إصابة أعدادٍ كبيرة من النساء، بسوء التغذية، بنوعيه الحادّ والمتوسط، وأمراض وبائية أخرى، كالكوليرا، والملاريا، وغيرها من الأمراض المزمنة، الناتجة من ظروف الحرب، أو التي تضاعفت بسبب الفقر وعدم القدرة على استمرارية أخذ العقاقير الطبية.

إضافة إلى ذلك، دفعت الظروف الاقتصادية، وتردّي الأوضاع المعيشية، التي رافقت الحرب، الكثيرَ من الذكور بالهجرة، إلى مناطق ومدن أخرى، لفترات طويلة، بحثًا عن عملٍ يُمكّنه، على الأقل، من شراء احتياجات أسرته الأساسية. ذلك بذاته أدّى إلى مضاعفة الأعباء على النساء والفتيات، إذ إنّ الأعمال الزراعية التي كان يقوم بها الذكور قبل الحرب، أصبحت حاليًّا ملقاة على المرأة، بالإضافة إلى مهامها ومسؤولياتها الأخرى؛ ما يجعلها تبذل جهدًا فوق طاقتها، وهو بذاته عامل إنهاك وإعياء كُليّ للمرأة على المستوى النفسي والجسدي.

وبين تلك المعاناة القاتمة، وصور العنف المختلفة عن المرأة، بما فيها، الصور النمطية والمعتقدات البالية، التي تحدق بها، لا يبدو في الأفق، أنّ كل ذلك، سينتهي بسهولة، أو على الأقل التخفيف من أوجهها الأكثر بشاعة؛ خصوصًا أنّ المرأة في ذات المحافظة، لا تحظى، مقارنة بغيرها في المحافظات الأخرى، بأيِّ اهتمامٍ من قبل المنظمات والأنشطة التي باتت تعج في كل مكان، بأنشطتها الحقوقية والتنموية، والتي تسعى إلى محاربة العنف القائم على النوع الاجتماعي، الذي يشمل المرأة. كما يظل خذلان الإعلام، وخفوت الأصوات الصادِحة والمُناصِرة لقضاياهن؛ هو سببٌ آخر في ذلك التهميش، الذي يؤدّي إلى نتائج كارثية، بحق مظالمهن.

•••
فوزي المنتصر

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English