عطش وجفاف بسبب الهدر المتواصل للمياه

في زراعة نبتة "القات"
غدير بدر
March 23, 2023

عطش وجفاف بسبب الهدر المتواصل للمياه

في زراعة نبتة "القات"
غدير بدر
March 23, 2023
Photo by: - Ala'a Alghanami© Khuyut

تتجاوز أرباح المزارع، محمد مرشد، أكثر من نصف مليون ريال يمنيّ من محصول القات الذي يمكن قطفه عدة مرات في السنة، وهو أعلى بكثير ممّا كان يحقّقه من المحاصيل الأخرى التي تخلّى عن زراعتها، خلال سنوات الحرب الحالية، مثل آخرين وجدوا ما يغريهم فيه، على الرغم من مخاطر استنزافه لموارد البلاد المائية.

مرشد يشرح لـ"خيوط"، أسبابَ تحوّله إلى زراعة القات، قائلًا: "ليس للقات موسم محدد كسائر المحاصيل، مثل القمح والذرة والفواكه والخضار؛ إذ يمكن أن يثمر أربع مرات في السنة، وفي أقل محصول يمنحنا ستَّ مئة ألف ريال يمني. أمّا المحاصيل الأخرى فيتم قطفها مرة في السنة، وقد يتعرّض المزارع لخسائر بالغة في بعض الأحيان، كما أنّها قد لا تلقى ذلك الإقبال من المواطنين، مثل القات الذي يتناوله معظم اليمنيين".

ليس للقات موسم محدد كسائر المحاصيل، مثل القمح والذرة والفواكه والخضار؛ إذ يمكن أن يقطف أربع مرات في السنة، وفي أقل محصول نتقاضى ست مئة ألف ريال يمني. أمّا المحاصيل الأخرى فيتم قطفها مرة في السنة وقد يتعرّض المزارع لخسائر بالغة في بعض الأحيان".

توسع واستنزاف 

هذا وقد عزّزت الحرب أفضلية هذه الفوارق لصالح القات بالنظر لما لحق المحاصيل الأخرى نتيجة استمرار الصراع، الذي انعكس سلبًا على نشاط الإنتاج الزراعي وارتفاع تكاليفه، مع قلة كبيرة في العائد، على عكس القات الذي توسعت أسواقه، وزاد عدد زبائنه، علاوة على التسهيلات التي يحظى بها من قبل الجهات المعنية، بسبب عوائده الكبيرة عليها.

الجدير بالذكر، أنّ القات يحتل مساحة 38% من الأراضي الصالحة للزراعة في اليمن، وفقًا لتقديرات غير رسمية، وتشير هذه التقديرات إلى أنّه في توسع مستمر، فيما يستهلك القات 37% من مياه الري، وهذه واحدة من المخاطر العديدة المرتبطة بزراعته، والتي ستمثّل تحديًا مستقبلًا، بالتزامن مع التغيرات المناخية التي تشهدها البلاد منذ سنوات. 

في السياق، يشير عبدالسلام ناجي، مدير مكتب الزراعة بمحافظة تعز، إلى أنّ القات يستهلك كميات كبيرة من المياه الصالحة للاستهلاك البشري، بسبب حفر الآبار بصورة عشوائية.

ويضيف في حديث لـ"خيوط": "لا يخضع القات -الذي لا يصنف كمحصول اقتصادي- للتسعيرة مثل بقية المحاصيل الزراعية والخضروات والفواكه، وهو ما يجعله منافِسًا قويًّا لها".

ويصنِّف مكتب الزراعة بالمحافظة، القاتَ من حيث المساحة المزروعة في المرتبة الثانية، حيث يشغل مساحة تقدر بـ171.744 هكتارًا، ويبلغ الإنتاج 291.49 طنًّا لعام ٢٠٢١، وما زال يتمدّد، وهذا ما يثير قلق المهندس نبيل العامري- مدير إدارة التسويق الزراعيّ في المكتب، الذي يخشى أن يؤدّي هذا الوضع مع ارتفاع سكان المحافظة إلى الاضطرار إلى "جلب الاحتياجات من خارج المنطقة، وربما من خارج اليمن عامة".

تداعيات مختلفة

ولا تقتصر تداعيات زراعة القات على الموارد المائية فقط، بل تشمل أيضًا أضرارًا بيئية. يقول خبراء زراعيون، لـ"خيوط": "إنّ بعض الأسمدة المُستخدمة تضرّ بالأرض وتجعلها غير صالحة لزراعة المحاصيل الأخرى لاحقًا، فضلًا عن استنزاف جيوب اليمنيّين -المنهكة أساسًا- للإنفاق على تناوله يوميًّا.

أمّا صحيًّا، فالقات -بحسب مختصين- مسؤول عن ارتفاع ضغط الدم واحتشاء عضلة القلب، كما أنّ مضغه لساعات طويلة قد يتسبب في نوبات قلبية مفاجئة، إضافة إلى أنّ القات سببٌ رئيس في فقدان الشهية، وتكون الأورام الخبيثة في الفم، وإذا ارتبط القات بالتدخين يصبح عاملًا مساعدًا في الإصابة بقرحة المعدة والمريء.

حلول مقترحة

يعدّ مضغ القات ثقافة راسخة في المجتمع اليمني، والتخلص منها لا يأتي بسهولة، لكنّ هناك حلولًا تقلل من تعاطيه تحتاج إلى دراسات وتشريعات قانونية، بحسب مدير مكتب الزراعة بتعز، عبدالسلام ناجي، ويسرد منها: منع زراعته في الوديان والأراضي الخصبة، ووضع تسعيرة له كبقية المحاصيل الزراعية وأقل منها أيضًا، فلا تبقى سلعة سائبة تشجع على مزيد من زراعته وانتشاره.

ويرى أنّه "من الواجب على الدولة دعم وتشجيع المزارعين، من أجل الإقبال على زراعة البن، ودعمهم بالمستلزمات الزراعية، إلى جانب منع حفر الآبار لري القات".

لا تبدو زراعة البن خيارًا مشجِّعًا للمزارعين، بالنظر لمتطلباته المُكلفة مع صعوبة بيعه بالأسعار المرجوة، وارتباطه بظروف مناخية معينة، فضلًا عن غياب الدعم الرسمي، وكذلك من قبل المنظمات إلّا من مبادرات محدودة.

•••
غدير بدر

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English