سؤال صاغه العقل السياسي الجماعي في اليمن

أحمد صالح الجبلي
May 22, 2023

سؤال صاغه العقل السياسي الجماعي في اليمن

أحمد صالح الجبلي
May 22, 2023

يستبطن سؤال هذا الاستطلاع افتراضًا مهمًّا بأنّه موجّه لشخص لديه من المعرفة الأكيدة ما يمكّنه من الرد عليه. وإذا كانت هذه الملاحظة صحيحة إزاء العديد أو حتى لدى الكل، فأنا –وبدون تواضع!– لا أستطيع الزعم أنّني ضمن هؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون قدرًا من المعرفة الكافية للردّ على السؤال أعلاه.

ومع احترامي وتقديري للمجهود، ولصفاء النيات الطيبة الحسنة التي تقف خلف هذا الاستطلاع، فإنّ صياغته "تصادر على المطلوب"– كما يقولون، ما قد لا تتفق بعض ألفاظه مع آراء وتوجهات البعض، في حين السؤال يعتبره حقيقة ثابتة. وهذا يذكرنا بالإعلام العربي الرسمي الذي كثيرًا ما يعتمد هذا الأسلوب في تزويق الحقائق؛ فتجد "الهزيمة" إما أن توصف بـ"النكبة" كما نقرأ في الأدب السياسي لأحداث حرب عام 1948م، بين بعض الجيوش العربية وجيش العصابات الصهيونية، أو بـ"النكسة" كما حصل لحرب عام 1967م. وفي الحالتين، انتصر فيها الجيش الإسرائيلي، وهُزمت الجيوش العربية المشاركة. هي هزيمة، ولكن الإعلام الرسمي العربي يأبى أن يسمي الأشياء بمسمياتها، فيلجأ إلى التخفيف والتلطيف من وقع الحقائق العنيدة، فلم تهزم الجيوش العربية –ولنترك الأنظمة العربية الآن– ولكنها انتكست، أو غير ذلك من الألفاظ، و"لكل جواد كبوة".

هذه الملاحظة تسري كاملة، بقضها وقضيضها، على جملة "أين تعثّرت الوحدة؟". لربما هي "تعثرت" وما زالت "متعثرة" في نظر البعض، أي إنّ الأمل لم يزل حاضرًا لتستأنف نهوضها ومواصلة مشوارها؛ أقول: "لربما"؛ أمّا ما أزعمه مع العديد ممن ألتقي بهم، فإنّ الحال ينطق بغير "التعثر"، وإنما ينطق بالفشل، بالانهيار، لاتفاق 22 مايو 1990م، وهو على وجه الدقة، ولإبعاد اللبس وسوء الفهم، ليس انهيارًا أو فشلًا لقيمة هدف "الوحدة اليمنية"، وإنّما للأسلوب الذي جرى اعتماده من قبل الطرفين –والحقيقة أنّني لا أعرف ما إذا كانا طرفين أم أكثر– فإذا فشل أو هزم الأسلوب أو المنهج، فذلك لا يعني فشل أو هزيمة الهدف ذاته، ومن هنا يحطّ علينا الشق الآخر من السؤال: "مستقبل الوحدة"؛ وهو ما جرى التعاطي معه ومعالجته في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، على الرغم من محاولة الالتفاف عليه، فالمهم أنّ الطريق والمنهج والكيفية إلخ... كلّ ذلك وغيره، قد صاغه العقل السياسي الجماعي في اليمن.

أما متى يمكن أن يشرع اليمنيّون بالنهوض باتجاه الخطوة الصحيحة الأولى لتحقيق الوحدة اليمنية، فذلك ما لا يمكن أن أقول فيه حرفًا واحدًا. ومع ذلك: إذا كان لكلّ حالة، لكل قانون طبيعيّ أو إنسانيّ، من شروط تشكّل البيئة المناسبة لتحقيق الحالة المعنية أو القانون المعني، فإنّه لا بدّ من تحقيق أحد أهم الشروط الرئيسية، وذلك بالتقاء القوى السياسية الفاعلة والمؤثرة، واتفاقها على مخرجات الحوار الوطني سبيلًا إلى تحقيق الوحدة، مع الانتباه إلى أنّه في السياسة –كما هو الحال مع المرأة– لا يتحقّق الاتفاق والتوافق إلا بالقوة! وللقوة أصناف ومستويات.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English