البحث عن صيغة جديدة تستند لمصالح اليمن وأمنها القومي

عبد الله الحنكي
May 22, 2023

البحث عن صيغة جديدة تستند لمصالح اليمن وأمنها القومي

عبد الله الحنكي
May 22, 2023

يمكن القول إنّ عثرة الوحدة معتقة في الزمن المعاصر، فقد حدثت العثرة الأولى منذ ما يقارب ربع القرن. حين كان أفضل موعد لها يوم استقلال الجنوب. لكن العوامل الموضوعية في طبيعة النظام الدولي آنئذ، حالت دون ذلك.

جاء استقلال الجنوب في ظروف اشتداد الحرب الباردة بين معسكري النظام العالمي الذي ثبتته نتائج الحرب العالمية الثانية، ما فرض تغيرات سلبية على وضع جمهورية سبتمبر، فآلت مقاليدها إلى سطوة يمين العسكر والمشايخ، وبدأ حكم الاستقلال في الجنوب وفق نتائج حرب أهلية بين ثوار أكتوبر عشية الاستقلال، فسيطر فصيلٌ واحد فرض رؤيته المتخبطة وغير الناضجة على تكوين الحكم الوطني بعد الاستقلال وتوجهاته السياسية.

وبعد حوالي ربع قرن، تكرّرت العثرة الثانية بميلاد مشوّه. لكن من الحق القول إنه في هذه المرة لم تكن بسببٍ من معيقات النظام الدولي والذي كان بالعكس مواتيًا، بل من طبيعة ما آل إليه نظاما الحكم في شطري اليمن.

النظام الدولي المهيمن تراخى وهلّت تباشير انتهاء الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفياتي، وبالتالي خلو مناخ السيطرة للقطب الأميركي الواحد. فحدث ما يمكن اعتباره تخلي السوفييت عن موقع نفوذهم جنوب اليمن، ومن الطبيعي أن يؤول موقع الجنوب لصالح القطب الآخر.

وبناء على ما سلفت الإشارة إليه، من كون مسببات العثرة هذه المرة مردّها لطبيعة مآل نظامَي اليمن يومذاك، فقد بلغ النظامان مآلًا قاسيًا مع تباين ما انتهيا إليه.

في الشمال، بلغ نظام الحكم أعلى مراحله الاستبدادية بفعل عوامل كثيرة محلية ودولية، فيما بلغ نظام الحكم في الجنوب، أدنى مراحل ضعفه وتفكُّك نسيجه الاجتماعي والسياسي، أولًا بسبب آثار فاجعة 13 يناير 68 الكارثية، والتي زعزعت كلّ ما قام عليه من أعمدة، بصرف النظر عن مدى تفاوت نسب قوتها، وثانيًا بسبب فقدان دعم السند العالمي الوحيد الذي اعتمد عليه وبالكامل تقريبًا طوال تجربته الماضية في ربع قرن.

من هنا، يمكن تصوّر أيّ نوع من الوحدة، كان متاحًا تحقيقه في ظلّ هذا الاختلال الشامل.

نظامٌ في الجنوب ضعيف مفكك تفتت مكونه الوحيد ذو الصوت السياسي الواحد إلى أدنى ذرات التفتت، وتُرك وحيدًا بلا حليف، فضلًا عن كونه مسخوطًا عليه في النظام الرسمي العربي، بمواجهة نظامٍ في الشمال زاد غرورًا وصلفًا بانفراد حليفه الدولي في قطبية العالم.

وهكذا جاء اتفاق نفق غولد مور 1989، ليكون صفقة بيع أقرب منها إلى صيغة وحدة وطنية تلبي طموحات الشعب اليمني كهدف غالٍ لكلّ نضالاته التاريخية.

ذلك ما أراه فيما يتعلق بالتعثر.

أما عن مستقبلها فإنّي لا أرى لها حظًّا من مستقبل بصيغتها الكاريكاتيرية تلك، وبصرف النظر عن صعوبة الوضع الراهن.

لعلّ الأمل الوحيد يتمثّل بالتفكير في صيغة وحدوية جديدة تستند لمصالح اليمن العليا وأمنها القومي، بَيد أنّ هذا الأمل تحبطه وتعيقه سمات الوضع الراهن المعقد للغاية، حيث يقع الجنوب فريسة احتلال قوى تحالف الحرب، فيما يرسف الشمال في حال غريب من الضبابية السياسية وهيمنة طرف واحد مدجج بالنظرة الدينية للسياسة والحكم بوجه عام!

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English