"لوبيات" تحمي مصالحها، ومنخرطة في خدمة أجندات خارجية

شفيع العبد
May 24, 2023

"لوبيات" تحمي مصالحها، ومنخرطة في خدمة أجندات خارجية

شفيع العبد
May 24, 2023

مشروع دولة الوحدة حمل عثراته وإخفاقاته معه منذ اللحظات الأولى للتوقيع عليه بين طرفيه، اللذَين انشغل تفكيرهما بمواقعهما ومصالحهما الذاتية على حساب العام، وتجاهلَا المشكلات العالقة لدى كلِّ طرف منهما، والتي أدّت في جوهرها إلى إقصاء طيف واسع من القوى السياسية التي تعاملا معها كخصوم يجب نبذهم خارج الجغرافيا.

كما أنّ النوايا بين الطرفين لم تكن صادقة وقتها مع المشروع الوطني، وسعى كلّ طرف لالتهام الآخر، وهذا ما تجلّى سريعًا وخرج للنور في صورة اغتيالات لعددٍ كبير من كوادر الدولة المدنية والعسكرية، والتنصُّل عن كثيرٍ من بنود الاتفاق، لعل أبرزها الأخذ بالأفضل في تجربة الطرفين، وما تلا ذلك من خصومة سياسية مبكّرة بينهما، وفشل كلّ المحاولات الرامية إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه من خلال وثيقة العهد والاتفاق.

على أنّ حرب صيف 94، توّجت كلّ ذلك الفشل، وانتصرت على مشروع الوحدة ولغة السياسة، ومن يومها ارتفعت أصوات عديدة بهدف إصلاح مسار الوحدة وإعادة الدولة إلى مربع المواطنة والتنوّع على قاعدة الشراكة الحقيقية، لكن المنتصر وقتها رفض كلَّ ذلك، وأضفى على نفسه لقب صانع الوحدة وحاميها العظيم.

في تقديري الشخصي، أنّ الوحدة كانت حلمًا عظيمًا ومسارًا نضاليًّا اختطّه اليمنيّون، لكنه اغتيل فعلًا على مذبح التوقيع الثنائي لرموز قيادتين كانتا الأسوأ في التاريخ اليمني، باعتبارهما غاصبي سلطة، ولم يمثّلا إرادة الناس؛ أصحاب المصلحة الحقيقية في الوحدة والمشروع الوطني.

اليوم، لم يعد للوحدة أثر، لا على المستوى السياسي ولا الشعبي، بعد أن تحولت كل القوى السياسية في البلد إلى مجرد (لوبيات) تناضل من أجل حماية مصالحها أو منخرطة في خدمة أجندات خارجية.

الحديث اليوم عن الوحدة اليمنية وضرورتها مدعاة للضحك والهزء في آن، في ظلّ غياب الدولة.

لم تعد هناك دولة قائمة في اليمن، البلد المهدّد بالتقسيم إلى دويلات وكانتونات مصالح، بعد أن تم مصادرة قراره السياسي والوطني.

المستقبل مخيف بكل تأكيد، وليس كما يُبشرون به، وأعتقد أنّ اليمني اليوم، جنوبًا وشمالًا، يعي المخاطر المحدقة به أكثر من أي وقت مضى، ولكنه وعيٌ ناقص إذا لم يتطور إلى أشكال نضالية منبعها ودافعها وطني بحت.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English