ملازم الاستبداد

هدمٌ ممنهج لأركان المذهب الزيديّ!
عبدالوهاب الحراسي
September 29, 2022

ملازم الاستبداد

هدمٌ ممنهج لأركان المذهب الزيديّ!
عبدالوهاب الحراسي
September 29, 2022

غاية حسين الحوثي في ملازمِه هي تحقيق الإيمان والوحدة، وهما -كما يقول- مسألتان قرآنيّتان. ولتحقيق ذلك قام بهدم أركان ومبادئ المذهب الزيدي، وتراثه:

- قدّم النقل (النَّص) على العقل.

- رفض الأصول (الدين والفقه)، والرجوع إليهما.

- رفض الاجتهاد وأغلق بابه على الكافة، وأبقاه مفتوحًا لآل البيت ومقصورًا عليهم وحدهم. كما رفضه باعتباره شرْطَ الدعوة والخروج(*).

- رفض البيعة العامة والاختيار في كافة الناس، وخصصها في آل البيت.

- رفض كلّ التفاسير إلا تفاسير آل البيت.

- رفض حتى قول التابعين له بتجريد المتبوع (أيّ اتباع منهج آل البيت)، وألزمهم باتباع (شخص)، يرى نفسه ممثّلًا للمنهج. وهذا يساوي التقليد.

- رفض الإجماع.

- رفضَ علم الكلام، باعتباره دخيلًا على منهج آل البيت، وتحريضًا ضد المعتزلة. 

- رفض أصول الفقه باعتباره تنظيرًا بشريًّا فرق المسلمين إلى مذاهب أربعة وأكثر، وأنه قد هيمن على النص الشرعي (القرآن) وتقدَّم عليه. 

- رفض النظام السياسي الديمقراطي، باعتبار أنّ مبدأَه: (حكم الشعب نفسه بنفسه)، شِركٌ.

كلُّ ذلك يراه حسين الحوثي أسبابًا لغياب الله عن الأمة ولخلافاتها وافتراقها. لذلك أكّد على نظام الحكم الإلهي، بالمصطلح اليوناني (النظام الثيوقراطي).

ويرى أنّ مهمة "أعلام الهدى" (آل البيت) الجهادُ في سبيل إعادة الله إلى الناس وإعادة الناس إلى الله، بتوحيدهم ورصّهم تحت فكرٍ واحد وقيادة واحدة وتشريع واحد، هو منهج آل البيت.

بعد الهدم، نجد أنّ البناء الوحيد هو إيمان حسين الحوثي، بتحقيق العودة إلى أصول ورؤى أئمة آل البيت.

وهذا ليس بناءً، بل إزالة شوائب كثيرة لتصفو لنا قائمة محددة من أئمة آل البيت، انتقاها حسين الحوثي بعناية، كمثل:

  • الإمام الأطروش.
  • الإمام الرَّسِّيّ.
  • الإمام القاسم بن محمد.
  • الإمام عبدالله بن حمزة.

ويولي اهتمامًا خاصًّا بالإمام الهادي يحيى بن الحسين؛ لأنّ أولئك إماميّون، سياسيًّا، وسفاحون؛ متجاهلًا أئمة أفذاذًا، كأحمد بن يحيى المرتضى (لأنّه كان آخر معتزلي أو آخر متكلم في تاريخ الإسلام)، كما أسقط من قائمته الإمام زيد بن علي القائل بجواز إمامة المفضول في وجود الأفضل.

واختفى، تمامًا، من ملازمه، اسمُ يحيى بن حمزة، الذي رفض القول بالوجوب الديني للإمامة، ويرى أنها ضرورة سياسية فحسب. وأنكر إثبات إمامة عليٍّ بالدليل الجلِيّ أو الصريح. وأنّ النسل والنسب ليس شرطًا للإمامة؛ "لأنّ الغرضَ من الإمام القيامُ بمصالح الأمة، وهذا يمكن تحصيله من جميع الخلق دون حاجة إلى اعتبار النسب".

إذن، فحسين الحوثي يحمل مشروعًا سياسيًّا، ولا يمتلك مشروعًا فكريًّا غير السلب والنفي والتحريم.

إنّ دلالات كمثل: "الثقافة القرآنية"، و"القرآن المصدر الرئيسي للتشريع"، ليست سوى تجريد المسلم من تفكيره وحقوقه وأحلامه وكرامته واشتراطه واحتجاجه.

 وتسليم عقله وإرادته ورأيه وطموحه...، لـ"قرين القرآن".

لا يمكن الفصل بين الاستبداد السياسي وترسيم الرأي الأوحد، والذريعة معروفة هي أنّ الاختلاف خلاف، والنقد فتنة وانقسام.

ويبلغ الاستبداد السياسيّ ذروته حين يُعلن وصايته على النصّ؛ باحتكار واقتصار الصدق والصواب والحق في تفسيره، وما دونه كذب وخطأ وباطل وضلال.

لئن كان الحاكم هو ظل لله في الأرض، فلا يمكن أن يبني أرضية مجتمعية يسود فيها التسامح، وحق الاختلاف والتعددية.

فغاية المستبد انتزاع استقلال الإرادة، واستقلال الرأي والفكر في الفرد.

________________

(*) في الحقيقة أنّ سبب رفضه للاجتهاد وإغلاقه أنه حجة المجتهد (الإمام) لمبدأ الدعوة والخروج. 

فالاجتهادُ -ومجاله أصول الدين أو علم الكلام، وضده التقليد، الذي يحرمه المذهب الزيدي- شرطُ استمرار تعيين الإمام في آل البيت. ولطالما كان الاجتهاد تأهيل لأئمة الزيدية في اليمن -كلهم كانوا من آل البيت- للدعوة (دعوة المجتهد لنفسه لتولي الحكم بالكتاب والسنة أو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وإعلان الخروج (خروج الداعي على الإمام القائم أو الحاكم الظالم ومواجهته بالسلاح).

والواقع أنّ رفض حسين الحوثي في ملازِمه، وحربه لعلم الكلام (أصول الدين الاعتزالي)، وكذا إفتائه بإغلاق باب الاجتهاد في وجه العامة، وحصره في آل البيت في الفروع (الفقه) فقط، أنّه لم يجتهد ولم يقوَ، يومًا، على الاجتهاد.

•••
عبدالوهاب الحراسي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English