تسجيل 14 ألف إصابة بالسلّ سنويًّا في اليمن

مدير مركز المكافحة بصنعاء: "الحرب تشتّت الجهود"
جميل الجعـدبي
March 24, 2023

تسجيل 14 ألف إصابة بالسلّ سنويًّا في اليمن

مدير مركز المكافحة بصنعاء: "الحرب تشتّت الجهود"
جميل الجعـدبي
March 24, 2023

مثل غيره من القطاعات والبرامج الصحية المتأثرة سلبيًّا بتداعيات النزاع المسلح والحصار، بعرقلة أنشطته وتوقف/ تقطع صرف رواتب موظفيه، وتدمير بعض مرافقه، وصعوبة إيصال الأدوية إلى مناطق الاشتباكات، وزيادة موجات النزوح، للعام الثامن على التوالي منذ آذار/ مارس 2015؛ انقسم البرنامج الوطني لمكافحة السل في اليمن على نفسه بين سلطتَي صنعاء وعدن، ليزداد بذلك "الطين بلّة"، وتتشتَّت جهود مسؤولي مكافحة السل، وتتضاعف الأعباء الإدارية والتشغيلية لتفعيل برنامج المكافحة، في بلد يصاب فيه 14 ألف شخصٍ بالسُّل سنويًّا، بمعدل إصابة 48 حالة جديدة لكل 100.000 من السكان.

في اليوم العالمي للسلّ، الذي يصادف 24 آذار/ مارس من كل عام، يوم اكتشاف الجرثومة المسبِّبة للمرض عام 1882- يكشف مدير عام البرنامج الوطني لمكافحة السل في صنعاء، الدكتور/ إيهاب فتحي السقاف، تسجيلهم إصابة 10411 حالة بنهاية العام 2022، بنسبة زيادة 11% عن العام 2021، الذي سُجّل فيه 140 حالة وفاة بالمرض.

وتُظهِر البيانات الصحية المتوفرة استحواذَ المحافظات ذات الكثافة السكانية على ما يقارب 70% من إجمالي حالات مرض السل المكتشفة عام 2022، فقد جاءت أمانة العاصمة (صنعاء) في رأس قائمة إصابات السل بنسبة 15%، يليها في المركز الثاني محافظة حجّة بنسبة 13%، ثم محافظة الحُديدة ثالثًا بنسبة 12%.

وفي المركز الرابع حلّت محافظة إب بنسبة 11% من إصابات مرض السُّل، ثم محافظة عدن في المركز الخامس بنسبة 10%، لتحل محافظة تعز في المركز السادس والأخير بنسبة إصابات 9%.

صعوبات توفير الاحتياجات

وفي حين يكشف الدكتور إيهاب السقاف، اعتزامَهم تنفيذ أنشطة نوعية لرفع معدلات الاكتشاف للإصابات، يرى أنّ الإصابات المكتشفة كانت أكثر انتشارًا للفئة العمرية بين (15-44) عامًا، "وهي الفئة العمرية الشابة والمنتجة في اليمن"، منوهًا إلى انتشار مرض السُّل في أوساط الذكور أكثر من الإناث، بنسبة بسيطة.

يُعبّر مدير عام البرنامج الوطني لمكافحة السل، في حديثه لـ"خيوط"، عن أسفه لمحدودية الدعم الحكومي الافتراضي المقدّم لمكافحة السل في اليمن، والذي يقدّره بما يمثّل 2% فقط من احتياجاتهم، ولذلك "يعتمد البرنامج بشكل رئيسي على الدعم الخارجي من الصندوق العالمي لمكافحة السل والإيدز والملاريا"، والذي هو الآخر لا يغطّي كافة أنشطة برامج المكافحة.

وفي الوقت الذي تم فيه تقليص الدعم ليغطي فقط الأنشطة الأساسية للتشخيص والمعالجة، يعتبر السقاف هذا العجز "فجوة تمويلية"، قائلًا أنّهم سيعملون في المرحلة القادمة للحصول على دعم من جهات أُخرى لتغطية بقية أنشطة البرنامج، الهادفة إلى رفع مؤشرات الأداء والاكتشاف والمعالجة.

770 عاملًا بلا رواتب في مكافحة السل

يعمل في المقر المركزي لبرنامج مكافحة السل بأمانة العاصمة صنعاء، قرابة 70 موظفًا، ونحو 700 آخرين على مستوى المحافظات والمديريات، موزّعين ما بين منسّق، ومشرف لمختبر السل. وحسب مدير البرنامج، فهؤلاء مسؤولون عن تنفيذ سياسات واستراتيجيات وأنشطة البرنامج، كلًّا في منطقته.

يؤكّد المسؤول الصحي توفّر علاج مرض السل في جميع المحافظات والمديريات، حيث "يُصرف مجانًا بموجب كروت المعالجة التي تصرف للمرضى عند تشخيص إصابتهم بالسل".

وفي ردّه على سؤال ضمن هذا الحوار الذي أجراه مع "خيوط"، بشأن كيفية سدّ الفجوة التموينية في رواتب الموظفين، يشير إيهاب السقاف، إلى توفير البرنامج "حوافز رمزية للعاملين بالمستوى الوسطي بالمحافظات، من منحة الصندوق العالمي"، منوهًا إلى وقوع تسرب كبير، بالنسبة للعاملين على مستوى المديريات؛ بسبب انقطاع الرواتب "تحديدًا ذوي الخبرات الكبيرة؛ لم يتبقَّ إلّا القليل منهم".

ولمواجهة هذا التسرب، يوضح أنّهم اضطرّوا إلى "إيجاد عاملين جدد آخرين عبر مكاتب الصحة بالمحافظات"، بالإضافة إلى تأهيلهم لأداء مهامهم على أكمل وجه، وإشراكهم في بعض الأنشطة التي ينفّذها البرنامج لتغطية جزءٍ بسيط من حوافزهم.

حسب السقاف، فإنّ خدمات البرنامج الوطني لمكافحة السل تغطي كافة المحافظات والمديريات في اليمن، ولديه ثلاثة مستويات تواجد، هي: المستوى المركزي، والمستوى الوسطي، ومستوى المديريات. بالإضافة إلى ذلك، يتم التنسيق والتعاون بين المعنيين عن مكافحة السل بالمديريات وعمّال الرعاية الصحية الأولية في الوحدات الصحية من المستوى الطرفي، لمتابعة مرضى السل تحت المعالجة ومتابعة المتخلفين والمنقطعين عن المعالجة، بالإضافة إلى التثقيف الصحي عن مرض السل في المستوى الطرفي.

غير أنّ خدمات البرنامج الوطني لمكافحة السل والأمراض الصدرية تأثّرت سلبيًّا بتداعيات الحرب والحصار، وخاصة في السنوات الأولى للحرب -وفقًا لمدير البرنامج، الدكتور إيهاب السقاف- انخفضت معدلات التبليغ عن الإصابات؛ بسبب تدمير بعض المرافق التابعة لبرنامج السل، كما ازدادت موجة النزوح في بعض المحافظات.

يشير مدير عام البرنامج إلى مواجهتهم صعوبات في إيصال الأدوية إلى مديريات الاشتباكات، ومنوهًا كذلك إلى عراقيل وصول الأدوية والمحاليل الطبية والأجهزة التي يحتاجونها بسبب الحصار وإغلاق مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، مستدركًا: "إلّا أنّه بفضل الله تعالى وبعد فتح هذه المنافذ، فإنّ كل مشتريات البرنامج تصل إلى مخازنه في وقتٍ قياسي".

أدوية فعّالة ومجانية 

بحسب مدير عام البرنامج الوطني لمكافحة السل: "يتم بعد ذلك، إمداد كل مراكز ووحدات السل مباشرة حسب الاحتياج"؛ وذلك من خلال التواصل مع منسقي البرنامج في المحافظات والمديريات، وبموجب عدد الإحصائيات المرفوعة على مستوى كل مديرية ومرفق صحي. 

ويؤكّد المسؤول الصحي، توفّر علاج مرض السل في جميع المحافظات والمديريات، حيث "يصرف مجانًا بموجب كروت المعالجة التي تصرف للمرضى عند تشخيص إصابتهم بالسل"، مشيرًا إلى إعلانهم رقمًا مجانيًّا لاستقبال المقترحات والشكاوى وخدمة مرضى البرنامج الوطني لمكافحة السل والأمراض الصدرية في الجمهورية اليمنية.

كما أكّد السقاف على فعّالية العلاج وتصنيعه بموجب مواصفات منظمة الصحة العالمية في شركات عالمية معتمدة. ولتفادي تأخير وصول الأدوية بسبب الحصار؛ يضيف: "يتم طلب الأدوية بشكل مبكّر، لضمان وصولها في الوقت المناسب، ولضمان عدم انقطاع الأدوية عن مرضى السل".

إرشادات لمرضى السل في رمضان

وينصح الدكتور إيهاب السقاف، مرضى السل، والتجمعات السكانية، خلال شهر رمضان، بعدم الانقطاع عن العلاج بالنسبة للمرضى، وتغيير وقت العلاج بالتنسيق مع الطبيب المعالج ليتناسب مع الصيام.

وبالنسبة للتجمعات السكانية، ينصح السقاف، بالتوجّه إلى أقرب مركز فحص للسل، عند الاشتباه بأيّ أعراض تتعلق بالسل، كنقصان الوزن، والتعرق الليلي المترافق مع السعال المستمر لأكثر من أسبوعين، كما يحثّ على الحفاظ على التغذية الصحية لرفع الجهاز المناعي.

وبمناسبة اليوم العالمي للسل، عبّر مدير البرنامج الوطني لمكافحة السل في صنعاء، عن امتنانه "لكلِّ الموظفين والعاملين في مجال مكافحة السل في جميع المحافظات والمديريات، شمالًا وجنوبًا، لدورهم الكبير وجهودهم المتواصلة في مكافحة السل وخدمة مريض السل".

أضاف: "أقول لهم: استمرّوا بالعطاء واشحذوا الهمم، كوننا مُقبلين على أنشطة نوعية، للحدّ من انتشار السل بين المجتمع والوصول إلى يمنٍ خالٍ من السل بإذن الله تعالى، وكل عام وأنتم ومريض السل بألف ألف خير".

تدابير وإرشادات وقائية 

وللوقاية من مرض السل، أورد المسؤول الصحي الإرشادات الصحية التالية:

السل مرض يمكن علاجه والوقاية منه، وهناك إرشادات وتدابير لحماية ووقاية أنفسنا والآخرين من مرض السل:

- إعطاء لقاح السل (بي سي جي) لجميع الأطفال عند الولادة. 

- الأشخاص الذين تم تشخيصهم بعدوى السل الرئوي النشط، فيجب عليهم الالتزام ببعض إجراءات الوقاية لمنع نقله للآخرين، حيث يمكن لشخص واحد مصاب بالسل الرئوي النشط أن ينقل العدوى لما بين 5 إلى 15 شخصًا سنويًّا، ومن هذه الاحتياطات:

- عدم الانقطاع عن تناول أدوية السل، والتواصل مع المختصين عند ظهور أيّ أعراض جانبية.

- تجنّب التواجد في الأماكن المزدحمة.

- تغطية الفم والأنف عند الحديث والعطس والسعال.

- ارتداء الكمامة عند التجوّل أو التواجد مع أشخاص آخرين، خصوصًا في الأسابيع الأولى من العلاج.

- تجنب زيارة الآخرين أو دعوتهم لزيارة المريض، خصوصًا في الأسابيع الأولى من العلاج.

- البقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو الأماكن العامة الأخرى.

- تهوية المنزل جيدًا بإبقاء النوافذ مفتوحة، والتعرّض لأشعة الشمس.

- تجنّب استخدام وسائل النقل العام.

- فحص الأشخاص المخالطين لمرضى السل الرئوي، وخاصة الأطفال، وإعطاؤهم العلاج الوقائي. 

- يجب على العاملين أو الزائرين والمترددين على مراكز السل أو عيادات الأمراض التنفسية، استخدام الكمامات للحماية من انتقال مرض السل الرئوي.

- الاكتشاف المبكر للحالات، لا سيما بين الفئات الأكثر عرضة للعدوى، مثل مخالطي المرضى والسجناء ونزلاء المصحات ومخيمات النزوح واللجوء، والمهاجرين.

- يجب على الأشخاص الذين يسافرون إلى المناطق التي ينتشر فيها السل الرئوي، اتخاذ الاحتياطات اللازمة والابتعاد عن الأماكن المزدحمة.

- الامتناع عن التدخين بأشكاله المختلفة؛ كونه يزيد من تفاقم حدة المرض ويسهل نقل العدوى ونشرها بين المدخنين.

 

•••
جميل الجعـدبي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English