التنقل عبر "المبادرات"، هل تخفّف من حِدة الأزمة؟

أجرة المواصلات تثقل كاهل اليمنيين
March 25, 2022

التنقل عبر "المبادرات"، هل تخفّف من حِدة الأزمة؟

أجرة المواصلات تثقل كاهل اليمنيين
March 25, 2022

إسماعيل الأغبري

خيوط: هيئة التحرير

اشتدت أزمة التنقل في المدن الرئيسية اليمنية خلال الفترة الماضية، تحديدًا منذ مطلع العام الحالي 2022، وارتفاع أجرة المواصلات إلى مستويات تفوق قدرات كثير من المواطنين في ظل تردي الأوضاع المعيشية بشكل كبير.

في حين ظهرت بعض المبادرات الخاصة هنا وهناك، بهدف التخفيف من وطأة هذه الأزمة التي يفاقمها تصاعد أزمة الوقود بشكل حاد في جميع المحافظات اليمنية في ظل نقص المعروض منه وارتفاع الطلب عليه وتوسع السوق السوداء التي تبيعه بأسعار خيالية، وسط عجز السلطات المعنية في البلاد عن مواجهة هذه الأزمة بحلول جدية تنعكس على أرض الواقع.

قبل ظهور مبادرة الباصات المجانية في صنعاء، راجت مبادرة في محافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، بعد ارتفاع أجرة المواصلات الداخلية من 100 إلى 200 ريال، حملة "على طريقك" والتي بدأت فكرتها من قبل الصحفي نائف الوافي، ولاقت فكرته تفاعلًا كبيرًا من قبل مختلف شرائح المجتمع بمن فيهم سائقو سيارات وباصات النقل، حيث بادروا إلى نقل طلاب الجامعات بشكل مجاني على سياراتهم الشخصية بشكل فعلي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي 2021.

وفي الوقت الذي حاولت السلطات المحلية في محافظة عدن نهاية العام الماضي 2021، ومطلع العام الحالي 2022، لضبط الانفلات الحاصل في أجور المواصلات الداخلية وإلزام سائقو المركبات والباصات بتعرفة محددة للمواصلات، لا يزال طلاب محافظة أبين والذي يتكبدون عناء التنقل للدراسة في جامعة عدن وتكاليف مرهقة للمواصلات بشكل يومي، ينتظرون أي بارقة أمل بمبادرة تخفف عنهم هذه المعاناة.

غطت مبادرة (متكافلون) في صنعاء حتى الآن (15) خط سير في أمانة العاصمة وأطول خط سير (شميلة – الستين – مذبح – جولة عمران – الجمنة)، فيما استهدفت الحملة في الأساس طلاب جامعة صنعاء حيث خصصت 18 باصًّا وحافلة لتغطية خطوط السير المؤدية إلى الجامعة 

في السياق، تشهد العاصمة اليمنية صنعاء منذ مطلع العام الحالي أزمة وقود خانقة أدّت إلى تضاعف أجرة النقل والمواصلات العامة، وهو ما انعكس بدوره على كافة شرائح المجتمع، حيث أحدثت هذه الزيادة شللًا في الحركة المرورية بسبب توقف معظم باصات الأجرة.

أدّى ذلك مع ارتفاع أجرة المواصلات الداخلية من 100 ريال إلى 200 ريال للرحلة "المشوار"، إلى إطلاق مبادرة (متكافلون) للنقل المجاني من قبل الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري وبمشاركة عدد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، حيث سُيّرت باصات مجانية لتخفيف معاناة المواطنين حظيت باستحسان الكثير.

همّ يؤرق الجميع

تستقل أميرة بجاش (22 سنة) -طالبة جامعية- ثماني حافلات ذهابًا وإيابًا من منزلها في منطقة حِزيَز إلى الستين الجنوبي في جامعة الملكة أروى. تقول بجاش لـ"خيوط": "كنت قبل الأزمة أذهب وأعود من الجامعة بنحو (800) ريال يمني، لكن حاليًّا تضاعف المبلغ إلى (1500) ريال؛ لذلك أعاني من أزمة مواصلات كوني أحد الناس الساكنين في أطراف صنعاء وتعتبر المسافة من البيت إلى الجامعة وحدها معاناة".

وتصف بجاش الوضع بأنه بات مزريًا: "تأثرت بشكل كبير بسبب أزمة المواصلات، إذ أضطر أن أصحو من النوم مع حلول الفجر حتى أتجهز للفطور والذهاب إلى الجامعة، كي أصل في الوقت المناسب لأني أقضي ساعة -على الأقل- في التنقُّل عبر الباصات إلى الجامعة؛ أحيانًا أفكر أن أتوقف عن الدراسة"، تتحدث بجاش بمرارة.

تتابع أميرة: "بات غير ممكنٍ أن نأكل شيئًا بين المحاضرات؛ الأزمة أثّرت على جميع الطلاب لكن الفتيات وضعهن أسوأ بكثير، إذ أضطر إلى التغيّب عن الجامعة لعدم توفر أجرة الباصات، أحاول التمسك بشغفي رغم أن الظروف لا تساعد على ذلك".

وأصبحت أزمة المواصلات همًّا يؤرق الجميع في مختلف المدن اليمنية، إذ يكلف ذلك الأسر مضاعفة إنفاقها في ظروف معيشية صعبة وقاسية ويدفعها للاستغناء عن كثير من الاحتياجات الضرورية لتوفير أجرة المواصلات لأبنائها الطلاب.

يؤكد كثير من الطلاب الجامعيين أن الحملة التي انطلقت نهاية العام الماضي في تعز "على طريقك"، والتي أطلقها ناشطون وصحفيون على مواقع التواصل الاجتماعي خفّفت إلى حدٍّ ما جزءًا من المعاناة وتكاليف الإنفاق اليومية الباهظة، لكن الأهم استمراريتها مع تراجع وتيرتها كثيرًا بعد انطلاقها بنحو شهر

من جانبه، يقول شوقي نعمان (مسؤول حملة على طريقك) -"في محاكاة للحملة السابقة في تعز"؛ التي انطلقت قبل أشهر في صنعاء- إن شريحة الطلاب تستحق الدعم لأنها تعاني من الحرب والوضع الحالي بالدرجة الأولى؛ كونها فئة غير منتجة.

ويؤكد الكثير على ضرورة أن تكون هناك امتيازات خاصة وملموسة فعلًا للطلاب، تشمل هذه الامتيازات المساعِدة في تخفيف إيجارات سكن الطلاب، وإنشاء سكن خيري واسع، وتسهيل المواصلات العامة. 

الباصات المجانية

إلى ذلك أطلق مكتب النقل بالتعاون مع مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في أمانة العاصمة مبادرة وفرت من خلالها 20 باصًّا وحافلة في 12 مارس/آذار 2022، سخرت جميعها في الخطوط المؤدية إلى جامعة صنعاء، إذ استفاد من المبادرة في اليومين الأوّلين نحو ستة عشر ألف شخص.

محمد الشهاري مدير الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل في أمانة العاصمة، يؤكد في حديث لـ"خيوط"، أن الهدف من الحملة هو تخفيف وطأة أزمة المواصلات وتقديم العون لطلبة المدارس والجامعات والمرضى الذين يتجمعون أمام المستشفيات.

وحسب الشهاري فقد تظافرت الجهود من جانب الخيّرين والمتبرعين وبعض الجهات والهيئات العامة حيث عمل الجميع على توفير حافلات نقل جديدة بلغت في نهاية الأسبوع الأول بعد إطلاق المبادرة (117) باصًّا وحافلة.

و"غطت مبادرة (متكافلون) حتى الآن (15) خط سير في أمانة العاصمة وأطول خط سير (شميلة – الستين – مذبح – جولة عمران – الجمنة)، فيما استهدفت الحملة في الأساس طلاب جامعة صنعاء، حيث خصصت 18 باصًّا وحافلة لتغطية خطوط السير المؤدية إلى الجامعة وتستمر فيها الباصات إلى وقت المساء، حيث يُقِل الباص الواحد 40 طالبًا.

ووجه الشهاري دعوة لرجال الأعمال والقطاع الخاص والجهات الحكومية، طالبهم فيها إلى مد يد العون والمساهمة بشكل أكبر للتخفيف من وطأة هذه الأزمة.

أهمية الاستمرارية

لاقت مبادرة (متكافلون) ترحيبًا من قبل المستفيدين منها، رغم ما يراه البعض من أن مثل هذه الأزمات تُظهر عجز السلطات في التعامل معها مع تصدر الملف الاقتصادي لواجهة الصراع الدائر في اليمن بين جميع الأطراف التي تعاني مناطق نفوذها من أزمات متشابهة ومكررة من فترة لأخرى.

يقول أيمن العبسي، سائق باص مشارك في المبادرة، لـ"خيوط": "منذ أشهر وأنا متوقف عن العمل بسبب انعدام الوقود، إلى أن أتت هذه المبادرة كحل للسائق والمواطن، أتمنى أن تستمر حتى يستفيد الجميع ونستمر في العمل".

أما آمنة (20 سنة)، وهي طالبة بالمستوى الثاني في كلية الزراعة بجامعة صنعاء، تؤكد لـ"خيوط" عن استفادتها من حملة (متكافلون) والتي خففت مشكلة المواصلات للكثير من الطلاب المعوزين والساكنين في أماكن بعيدة عن الجامعات التي يدرسون فيها.

وترصد "خيوط"، في هذا الصدد الحملة التي انطلقت نهاية العام الماضي في تعز "على طريقك"، إذ يؤكد كثير من الطلاب الجامعيين أن الحملة التي أطلقها ناشطون وصحفيون على مواقع التواصل الاجتماعي، خفّفت إلى حدٍّ ما جزءًا من المعاناة وتكاليف الأنفاق اليومية الباهظة، لكن الأهم استمراريتها مع تراجع وتيرتها كثيرًا بعد انطلاقها بنحو شهر.

ويرى طلاب ومواطنون أهمية مثل هذه المبادرات والحملات التي تُشعِر الطلاب بالاطمئنان، وأن الجميع يهتم لأمرهم وإداركهم أن معاناة الحرب والمعيشة لا تقل عن معاناة المواصلات والتنقل.

•••

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English