الأبواب تُطرق لإنصاف اليمنيين: حان وقت المساءلة

منظمات تطالب الأمم المتحدة بمحاسبة أطراف الحرب في اليمن
خيوط
December 2, 2021

الأبواب تُطرق لإنصاف اليمنيين: حان وقت المساءلة

منظمات تطالب الأمم المتحدة بمحاسبة أطراف الحرب في اليمن
خيوط
December 2, 2021

عقدت في مدينة نيويورك الأمريكية فعالية حقوقية رفيعة المستوى لتسليط الضوء على حالة حقوق الإنسان في اليمن والخطوات التي يجب على المجتمع الدولي اتخاذها إزاءها، بمشاركين من منظمات هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومنظمة مواطنة اليمنية لحقوق الإنسان، والمركز العالمي للمسؤولية في الحماية.

واستهدفت الفعالية التي حضرتها خيوط، إطلاق نداء عالمي مشترك للمجتمع المدني من أجل آلية مساءلة جديدة للأمم المتحدة في اليمن.

ودعا المشاركون في هذه الفعالية إلى ضرورة تحرك الأمم المتحدة في محاسبة جميع الأطراف المتورطة في الحرب الدائرة في اليمن وحماية اليمنيين من الانتهاكات المرتكبة ضدهم عبر آليات مساءلة مستقلة وفاعلة.

وقد حضر الفعالية أكثر من 90 ممثلًا وممثلة عن منظمات المجتمع المدني وجهات إعلامية وبعثات دبلوماسية.

سبقت الفعالية مطالبة 60 منظمة يمنية وعربية وإقليمية ودولية لحقوق الإنسان الجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ إجراءات عاجلة ضد الإفلات من العقاب على الجرائم في اليمن، وسرعة التحرك لإنشاء آلية تحقيق لجمع وحفظ الأدلة على الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ولقوانين الحرب في البلاد التي تعيش على وقع حرب وصراع طاحن منذ نحو سبع سنوات.

ويعاني الشعب اليمني طوال هذه السنوات من عدد لا يحصى من جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان؛ الأمر الذي يؤكد على التزام الأمم المتحدة بمعالجة تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب على مثل هذه الجرائم، ويرسل إشارة للمدنيين في اليمن أن الأمم المتحدة لا تغض الطرف عن معاناتهم.

ودعت المنظمات المعنية بحقوق الإنسان في بيان حصلت "خيوط" على نسخة منه إلى تشكيل هيئة مستقلة ومحايدة من شأنها التحقيق والإبلاغ العلني عن انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي المرتكبة في اليمن، مع جمع الأدلة وحفظها وإعداد الملفات للمحاكمة الجنائية المحتملة في المستقبل. ورغم أهمية مثل هذا التفويض القوي من أجل فضح الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي والمرتكبة في اليمن، ولكن أيضًا من أجل ضمان أن السبل المحتملة للمساءلة الجنائية يمكن استغلالها بشكل فعال في المستقبل للتصدي للإفلات من العقاب وتوفير الإنصاف الفعال للضحايا.

تسبب السلوك الإجرامي لجميع أطراف النزاع -كما تؤكد 60 منظمة حقوقية يمنية وعربية ودولية- في وفاة آلاف المدنيين، مخلفًا أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

ورغم طموح هذا الهدف، إلا أن الجمعية العامة سبق أن ارتقت لمستوى التحدي حينما تطلبت الانتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق والمستمرة ذلك. على سبيل المثال، في عام 2016، شكلت الجمعية العامة آلية دولية محايدة ومستقلة لجمع وحفظ وتحليل الأدلة المتعلقة بأخطر الجرائم بموجب القانون الدولي والمرتكبة في سوريا. وفي عام 2018، أنشأ مجلس حقوق الإنسان آلية مماثلة لميانمار في أعقاب الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية عام 2017 والإبادة الجماعية المحتملة بحق مسلمي الروهينجا. وإدراكًا للحاجة الملحة للمساءلة في اليمن، طالبت عشرات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالفعل المجتمع الدولي على «العمل الجاد من أجل استكشاف المزيد من الآليات البديلة» لرصد حالة حقوق الإنسان.

في السياق، قالت رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان (إحدى المنظمات المشاركة في الفعالية والموقعة على البيان)، إن على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تتحرك الآن وتنشئ آلية لليمن. فإذا كان المجتمع الدولي جاداً في مساندة الشعب اليمني، يجب أن يكون إنهاء الإفلات من العقاب ودعم المساءلة أولى أولوياته. ودعت المتوكل إلى ضرورة مساءلة جميع الأطراف المتحاربة، ومن ضمنهم التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، والحوثيون، على المعاناة التي عاشها المدنيون.

آلية للمساءلة

وأكدت المنظمات الحقوقية أن تحقيق العدالة والتي تبدأ بالتحقيقات والمساءلة أقل ما يمكن فعله لأولئك الذين تحملوا معاناة لا حدّ لها على مدار سبع سنوات. فقد حان الوقت لإنصاف اليمنيين وتشكيل آلية المساءلة في اليمن وضمان تزويدها بالموارد الكافية لأداء مهمتها، فالمعاناة التي يتعرض لها المدنيون تتطلب هذه الخطوة للتصدي للإفلات من العقاب في النزاع الدائر، وإرسال تحذير واضح للجناة، من جميع الأطراف، بأنهم سيحاسبون على جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وحثت المنظمات الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء آلية مستقلة وحيادية للتحقيق في أخطر الانتهاكات والإساءات للقانون الدولي المرتكبة في اليمن وإعداد تقرير علني حولها. وفي الوقت نفسه، تُجمع الأدلة وتحافظ عليها وتُعدّ الملفات لمقاضاة جنائية محتملة في المستقبل.

بحسب بيان هذه المنظمات، "لا يمكن للمجتمع الدولي الوقوف مكتوف الأيدي، والسماح لهذا التصويت بأن يكون الكلمة الأخيرة في جهود المحاسبة على الانتهاكات وجرائم الحرب في اليمن".

وذكر البيان أن جميع أطراف النزاع في اليمن ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق ومنهجية، بما في ذلك قتل وجرح عشرات الآلاف من المدنيين. منذ 2015، إذ نفذ التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات عشرات الهجمات الجوية غير القانونية التي قتلت وجرحت مدنيين ودمرت أو ألحقت أضرارًا بالمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق وغيرها من البنى التحتية المدنية.

في المقابل، أطلقت قوات أنصار الله (الحوثيون) قذائف الهاون والصواريخ بشكل عشوائي على مناطق مكتظة بالسكان في اليمن، بما في ذلك المدن، فضلًا عن إطلاق الصواريخ الباليستية بشكل عشوائي على مناطق مأهولة بالسكان في المملكة العربية السعودية. ومنعت كافة الأطراف المتحاربة وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة لمن هم في أمس الحاجة إليها.

وتسبب السلوك الإجرامي لجميع أطراف النزاع، كما تؤكد 60 منظمة حقوقية يمنية وعربية ودولية وفاةَ آلاف المدنيين، مخلفًا أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

من جانبها، قالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “لا نحتاج إلى معجزة لإنشاء آلية مماثلة، بل إلى الإرادة السياسية".

وفق كالامار، إذا واصلت الدول غض الطرف عما يجري في اليمن، فلن نرى في الأفق نهاية لهذا النزاع الرهيب الذي تسبب بمعاناة لا توصف للرجال والنساء والأطفال في اليمن. وما برح اليمنيون يطرقون جميع الأبواب للمطالبة بالمساءلة والعدالة. والدول الأعضاء مدينة لهم بأن تسرع في اتخاذ هذه الخطوة؛ إذ إنّ رفاه الملايين بين أيديها.

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لـمنظمة هيومن رايتس ووتش: “لا يجوز أن يكون نجاح الحكومة السعودية في ليّ ذراع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإنهاء تدقيقه في سلوك السعوديين والحوثيين وسواهم في اليمن هو الكلمة الفصل؛ فطوال سنوات أبدى جميع الأطراف المتنازعين في اليمن استهتاراً بلا شفقة بحقوق الإنسان وحياة البشر.

وأضاف روث أن من شأن الإفلات من العقاب أن يزيد الأمور سوءاً، إذ أن على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تصحح هذه الخطوة الخطيرة التي تعتبر عودة إلى الوراء.

تحقيق السلام

ذكرت المنظمات الحقوقية في بيانها أن المملكة العربية السعودية، مدعومة من الإمارات العربية المتحدة، قادة التحالف العسكري للنزاع في اليمن، تمكنت من الضغط على أعضاء مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة لإنهاء المراقبة المحايدة لفريق الخبراء البارزين. ونتيجة لذلك الضغط، رفض أعضاء المجلس، بفارق ضئيل، قرارًا كان من شأنه اعتماد تجديد ولاية فريق الخبراء، الأمر الذي مثّل «ضربة مقتل» لجهود المساءلة. وهو ما لخصه السفير الهولندي لدى الأمم المتحدة في جنيف بقوله: إن المجلس «خذل الشعب اليمني» بإنهائه عمل فريق الخبراء البارزين.

بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يرى في هذا الصدد أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أمام خيارَيْن: "إما أن ترضخ للضغط السعودي وتسمح لجميع أطراف النزاع – بمن فيهم الجماعات المسلحة الحوثية – بمواصلة ارتكاب الفظائع تلو الأخرى مع إفلات تام من العقاب، وإما أن تتخذ إجراءً لحماية الشعب اليمني وضمان المساءلة".

بدورها، تؤكد سافيتا بوندي، المديرة التنفيذية للمركز العالمي للمسؤولية في الحماية، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تتحمل مسؤولية حماية الشعب اليمني، والتحرك الآن باتخاذ إجراء عاجل لإنشاء آلية مساءلة دائمة جديدة. وشددت بوندي على أن السلام لن يصبح ممكناً في اليمن إلا إذا سادت العدالة والمساءلة.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English