الشتاء يفاقم معاناة النازحين بتعز

الحرب تمدّدت لتطال المساعدات الإنسانية أيضًا
محمد الحاجبي
November 6, 2023

الشتاء يفاقم معاناة النازحين بتعز

الحرب تمدّدت لتطال المساعدات الإنسانية أيضًا
محمد الحاجبي
November 6, 2023
مخيم الأشروح - تعز

تتعاظم مخاوف النازحين في مخيمات الرحبة والأشروح بمحافظة تعز، مع اقتراب قدوم فصل الشتاء هذا العام، إذ تتفاقم المعاناة التي تعيشها أكثر من (270) أسرة في هذه المخيمات، التي من المؤكّد أن تواجه ظروفًا صعبة، ونقصًا حادًّا في الغذاء والدواء ووسائل التدفئة، ومعظم الوسائل والأدوات الأساسية في الحياة اليومية، بالتزامن مع تغيرات مناخية حادّة.

الجدير بالذكر أنّ معظم النازحين في تلك المناطق يقطنون في خيام قماشية شبه متهالكة لا تقي ساكنيها من حرّ شمس ولا من برد شتاء، علاوة على افتقارها لأبسط الخدمات ومقومات الحياة، ما ضاعف من معاناة هذه الأُسَر، وفي مقدمتهم النساء والأطفال وكبار السن، إلى جانب المرضى، الفئات الأكثر تضررًا من الأوضاع المأساوية في تلك المخيمات.

قيظ وزمهرير 

مهيب النمر، مندوب الوحدة التنفيذية في مخيم الأشروح يتحدث لـ"خيوط"، عن جانب من هذه المعاناة، قائلًا: "يعيش النازحون الذين فقدوا منازلهم بسبب الصراع الدائر مأساةً بالغة التعقيد نتيجة البرد الشديد، ودخول السيول إلى خيامهم في مواسم الأمطار صيفًا وشتاء، ممّا يزيد الوضع سوءًا، خاصة أنّ منازلهم مدمرة كليًّا بسبب الحرب". 

ويضيف النمر: "أقطن في مخيم الأشروح الذي تسكن فيه قرابة (74 أسرة)، تعرضت مساكن هذه الأُسَر إلى أمطار غزيرة مفاجئة وعواصف رعدية شديدة، خلال سبتمبر المنصرم 2023، ولا يزال موسم الأمطار الشتوية منذرًا بمزيد من هذه الأمطار التي تصاحبها سيولٌ جارفة تتسبب بأضرار كبيرة، بالإضافة إلى فقدان الحيوانات التي تعتمد عليها هذه الأُسَر النازحة، كالأبقار والأغنام، إضافة إلى خسارة المُؤَن الغذائية".

"فررت قبل ثلاث سنوات أنا وأسرتي تحت أزيز الرصاص الحي والمقذوفات التي تتساقط على قريتنا، بحثًا عن مكانٍ آمن، على أمل أن تتوقف الحرب، لكننا حتى الآن كما ترى مشردون، ووحدها معاناتنا تزداد يومًا بعد يوم، فيما استمرت الحرب في التمدد لتطال حتى المساعدات الإنسانية.

خيام مهترِئة

مخيم الرحبة في جبل حبشي، هو أحد مخيمات إيواء النازحين، ويحوي أكثر من (196 أسرة) تقطن تحت خيم مهترئة من قماش، تعاني هذه الأسر أيضًا من حرارة الصيف وبرد الشتاء، إلى جانب مخاطر تسلل الزواحف والحشرات القاتلة، علاوة على التدني الحادّ في أبسط خدمات الحياة كالصحة والماء والغذاء.

عبدالعليم الطويري، أحد النازحين في مخيم الرحبة، يتحدث لـ"خيوط"، عن الظروف والمعاناة التي واجهها على مدى ثلاث سنوات منذ نزوحه من منزله، قائلًا: "فررت قبل ثلاث سنوات أنا وأسرتي تحت أزيز الرصاص الحي والمقذوفات التي تتساقط على قريتنا في مديرية مقبنة بمحافظة تعز (جنوب غرب اليمن)، بحثًا عن مكان آمن، على أمل أن تتوقف الحرب، وأن تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي، لكننا حتى الآن كما ترى مشردون، ووحدها معاناتنا تزداد يومًا بعد يوم، فيما استمرت الحرب في التمدد لتطال حتى المساعدات الإنسانية التي كانت تقدمها المنظمات الدولية".

مخيم الرحبة-تعز

صور متعددة للمعاناة

أحمد وسالم وأمل نماذج لأطفال شردوا من منازلهم ومدارسهم، وتعكس وضع آلاف الحالات لنازحين شرّدتهم الحرب في منطقة الطوير في مقبنة، بعد أن فروا من الموت وجحيم الحرب والدمار، على أمل أن تلتفت لمعاناتهم المنظمات الإنسانية والإغاثية للتخفيف من معاناتهم، لكن لا يد تمتد ولا حرب تتوقف.

لا يختلف حال سعيدة عبده كثيرًا عن حال النازحين الآخرين في مخيم الرحبة، حيث تسكن مع أسرتها المكونة من أحد عشر فردًا في خيم متهالكة من الخارج، وخالية من أيّ أثاث شتوية ومن مقومات المعيشة من الداخل.

تقول سعيدة لـ"خيوط": "لا يقينا المأوى الهش والمتهالك برد الشتاء، نتجمد بردًا أثناء هطول الأمطار أو حلول فصل الشتاء، في حين يغيب دور المنظمات الإنسانية التي تساهم في التخفيف من وطأة هذه المعاناة القاسية".

تتعدّد صور معاناة نازحي مقبنة في مخيم الرحبة، ليظلّ الأمل وحده من يصبّرهم على البقاء في منطقة خالية إلّا من كونها ملجأً آمنًا لهم، في وقت كانت فيه منازلهم وقراهم تتعرض للتدمير والقصف العنيف.

تعيش أسرة أحمد المكوّنة من ستة أفراد في خيمة مهترئة، يفترشون الأرض ويلتحفون قطعًا من الأقمشة الممزقة، التي تعري واقع الحرب والصراع.

يقول أحمد لـ"خيوط": "لديّ ستة أطفال بالإضافة إلى زوجتي وأنا، نعيش حياة ضنك وتعب، والآن ومع دخول فصل الشتاء نتجرّع ويلات البرد، لعدم وجود وسائل حماية من شدته خصوصًا".

يشاركه خالد مقبل، نازح في مخيم الرحبة، الحديث، قائلًا: "نطالب المنظمات وفاعلي الخير بمساعدتنا بما يقدرون عليه من ملابس شتوية وبطانيات بالتزامن مع دخول فصل الشتاء، هذه البرودة تظهر تباعتها جليّةً على الفئات الأضعف، مثل النساء والأطفال وكبار السنّ الذين يحتاجون لرعاية واهتمام وبيئة مناسبة".

ويختتم مقبل حديثه قائلًا: "نحن هنا معزولون عن العالم، نعيش تحت خيام متهالكة، ونفتقر إلى كل الخدمات، ونتمنى أن تنتهي الحرب، ونعود إلى منازلنا، فقد اشتقنا كثيرًا لقرانا وبيوتنا".

تحذيرات أممية 

في سياق متصل، كان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)، ذكر في أحدث تقرير له: "بسبب النقص الحادّ في التمويل، فإن 421 ألف شخص ينتمون إلى نحو 60,200 أسرة من الفئات الضعيفة؛ بمن فيهم النازحون والعائدون والمجتمعات المضيفة، سيكونون معرضين لتحديات الشتاء القاسية خلال الأشهر الأربعة المقبلة".

وأضاف التقرير أنّ مجموعة المأوى تلقّت حتى الآن، 16% فقط من إجمالي التمويل المطلوب، والبالغ 9.8 ملايين دولار، ما يترك فجوة كبيرة تصل إلى 8.2 ملايين دولار، "وبدون مبلغ إضافي وعاجل لسدّ هذه الفجوة التمويلية، فستترك عشرات الآلاف من الأسَر دون الحصول على المساعدة الحيوية التي تحتاجها بشدة لمواجهة صدمات الشتاء". 

•••
محمد الحاجبي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English