(على ضفَّتي المجرى)

مآزق هُوية الجمهوري وترنّحه
خيوط
November 5, 2022

(على ضفَّتي المجرى)

مآزق هُوية الجمهوري وترنّحه
خيوط
November 5, 2022

"حدثني عن ذاتٍ لي جديدة، وهي بالطبع ليست ذاتي الحقيقية التي عرفت نفسي بها. وإزالة منه لما قد يخالج نفسي من ريبةٍ وتوجّس، قال لي بنبرة هادئةٍ قرأتُ صدقها من عينيه البنّيّتين الواسعتين أسفل حاجبيه الكثّين رماديّي اللون: "ثق بي. سألتزم معك، كل الموضوعية بمنتهى حسن النية، وسأساعدك في وصولك إليك، دون وصاية مني أو تحيّز".

بهذه اللغة الطرية، يمضي بلال أحمد في بناء روايته الأولى "على ضفَّتَي المجرى"، التي صدرت مؤخرًا عن الدار اليمنية للكتب والتراث في القاهرة، ومكتبات خالد بن الوليد في صنعاء، بـ146 صفحة، وغلاف للفنان نبيل قاسم.

وجاء وفي مراجعة سريعة للرواية في (ضفة ثالثة)، ما يلي:

"تتناول الرواية جانبًا من التحولات الاجتماعية خلال الحقبة الزمنية الممتدة من منتصف القرن العشرين وحتى سنة 2014، التي شهدت تحولات سياسية وأمنية في البلاد. ويتعقب السارد حياة أسرتين برجوازيتين من نوع نادر في اليمن، تشكل في عدن إبان الاستعمار، وانحسر وجوده ودوره في الحياة الاجتماعية، ابتداءً من سبعينيات القرن المنصرم وما بعدها. يبتكر بطل الرواية (أسامة) لنفسه هُوية مختلفة بإصراره في منتصف الثمانينيات على التلقب بالجمهوري، ناسبًا نفسه إلى جمهورية ثورة 26 سبتمبر/ أيلول 1962، التي أتى عليها وعلى وجوده تاليًا، مستجدات انقلاب سنة 2014.

غير أنّ لأسامة، بالإضافة إلى ذلك، عوامل أخرى مؤثرة في وجوده، منها قصة حبّه للبطلة نسرين، وذلك الهاجس الدائم المتعلق بالماورائيات ومحاولاته الحثيثة لفك شيفرات كونية.

وتتعارض لديه، في السياق نفسه، رؤيتان؛ الأولى لوالده العطار، الذي يحثّه على التركيز في العمل، وألّا يعول على هوسه بالماورائيات، فيما يمثّل شخص الدكتور شكري، شديد الخيرية، بارقةَ أمل على طريق جديد.

مآزق الهُوية الجمهورية لن تتوقف، وانهيار الجمهورية سيمثّل عاملًا حاسمًا في ترنّح وجود أسامة الجمهوري، وسيكون عليه أن يعيد، بمساعدة صديقه لطف، قراءة تدفق الأحداث بوجهتَي النظر المتعارضتين، والحفر في المجرى التاريخي لها، وإعادة خلقها مرارًا وتكرارًا للوصول إلى تأويل مناسب"(*).

رواية "على ضفَّتَي المجرى" بانشغالها بالموضوع اليمني وتاريخه القريب، وحاضره الغارق في الحرب والتفكك، تشق مجراها الخاص داخل المدونة السردية اليمنية الناشطة اليوم التي اجتذبت إلى عوالمها الكثير من الكاتبات والكتّاب، الذين وجودوا في فنّ الكتابة الروائية الأدوات الملائمة لإيصال تجاربهم الجديدة إلى جمهور التلقي المتنامي المنشغل بهذا النوع من الكتابة الأدبية، التي بدأت تحلّ محلّ أجناس أدبية أخرى كانت رائجة مثل الشعر. وعي الكاتب وخبراته السردية (قراءةً ونقدًا) جعلته يختار موضوعًا ذا حساسية تاريخية جاذبة، يمكن التعاطي معه والنظر إليه من أكثر من زاوية للقراءة.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English