صناعة البرمجيات في اليمن

التضييق على المبادرات الشبابية الساعية لتطويرها
فردوس الكاملي
April 27, 2024

صناعة البرمجيات في اليمن

التضييق على المبادرات الشبابية الساعية لتطويرها
فردوس الكاملي
April 27, 2024

في الوقت الذي أصبح فيه الاقتصاد الرقمي الهاجسَ الذي يسيطر على الاقتصاد العالمي عمومًا، وعائداته التي أصبحت تمثّل النسبة الأكبر في إجمالي العوائد مجتمعة، إلّا أنّ اليمن في إطار هذا التحول الكبير لم تخطُ الخطوات المذكورة للوصول حتى إلى مستوى دول الجوار، لعوامل عدة، أبرزها: الحرب وتبعاتها من صراع وحصار، وانهيار البنية التحتية.

لكن بالمقابل، برزت جهود شبابية إلى السطح في السنوات الأخيرة في صناعة البرمجيات، وصوّبت اهتمامها على وضع حلول رقمية وتنظيم المعاملات الحسابية والإدارية والتجارية، للوصول إلى السوق المحلية والإقليمية بجهود ذاتية متواضعة شهدها هذا المجال.

وبالرغم من الدور المهمّ والفعّال لتكنولوجيا المعلومات وتقنية البرمجة الذي صار محور احتياج كل دولة للنهوض اقتصاديًّا، يجد المبرمج اليمني غيابًا تامًّا لدور السلطات المعنية في دعم البنية التحتية للبرمجيات، وعدم توفير الفرص التي تدفع بعجلة التنمية في هذا المجال، إضافة إلى العشوائية في تنظيم عمل البرمجيات، في ظلّ عدم سَنّ قوانين تنظم صناعتها من الاحتكار والحفاظ على الملكية الفكرية.

وزادت الحرب والصراع منذ العام 2015، من تردّي الأوضاع على مختلف المستويات، حيث يعاني اليمن من الحصار وعدم القدرة على التواصل بالمؤسسات الخارجية لربط الشركات المحلية بالسوق العالمية والإقليمية، إلى جانب الرقابة المطبقة على كاهل الشركات الناشئة والانتهاكات التي تتعرّض لها من قبل السلطات الحاكمة بدون أيّ مسوّغٍ قانونيّ، فضلًا عن السيطرة على بيانات الموارد المالية للمجموعات التجارية الكبرى في اليمن، ما أدّى إلى إحكام الخناق على أيّ مبادرة شبابية تصبو نحو تطوير سوق البرمجيات في اليمن، والسير مع عجلة التنمية الحادثة في المنطقة والعالم.

افتقار الجامعات الحكومية والخاصة إلى مراكز أبحاث للمبرمجين، مع تدني البنية التحتية للاتصالات والإنترنت في اليمن، وعدم امتلاك القطاع الحكومي والخاص أيّ علاقات مباشرة مع كبار شركات صناعة البرمجيات؛ يُبقِي اليمنَ سوقًا ملحقًا بمراكز وفروع هذه الشركات في دول الجوار.

يشير المهندس رشاد حسين الخميسي- المنظم الرئيسي لمجموعة مطوري جوجل في صنعاء، في تصريح لـ"خيوط"، إلى أنّ صناعة البرمجيات يمكن أن تمثّل ركيزة أساسية في اقتصاد اليمن، حيث يمكن أن تتمثّل أهميتها في دورها الرئيسي في تحفيز الابتكار والتطوير التكنولوجي، إذ يلعب الابتكار دورًا محوريًّا في هذا القطاع مع التركيز على البحث والتطوير لخلق منتجات برمجية قادرة على المنافسة على مستوى عالمي.

كما تساهم صناعة البرمجيات في تحفيز الابتكار، الذي يُسهم في الدفع بعجلة صناعة البرمجيات، الذي بدوره يؤثر في مختلف القطاعات، مثل الرعاية الصحية والتعليم والتجارة وغيرها، فضلًا عن تحسين الكفاءة والإنتاجية. 

فرص متاحة لهذا السوق

تكمن الركيزة الأساسية لصناعة البرمجيات في الكادر المؤهل، حيث يُظهِر المبرمجون اليمنيون قدرةً عالية على التكيُّف والابتكار، والقدرة على التعلم الذاتي.

يضيف الخميسي أنّ أهم الفرص المتاحة للنهوض بسوق البرمجيات في الوضع الراهن الذي تمر به اليمن، يبدأ من تأهيل الكوادر الشبابية المتعطشة لهذا المجال، بتوفير فرصة للتعليم والتدريب، وإنشاء برامج تعليمية متخصصة في الجامعات والمعاهد.

إلى جانب تحسين البنية التحتية للتكنولوجيا، التي تبدأ من الإنترنت السريع والآمن الذي يصل إلى معظم المناطق، حتى يتسنى للجميع الاستفادة من تقنية المعلومات والبرمجيات.

كما تقتضي الأهمية -وفق الخميسي- العملَ على تشجيع الابتكار وريادة الأعمال، بإنشاء برامج تمويل وحاضنات دعم للمشاريع الناشئة في مجال البرمجيات، ما يحفّز الشباب على تطوير أفكارهم مع الشركات الدولية والإقليمية، وبناء شراكات متعددة تتيح العديد من الفرص للتدريب والتطوير، وفتح أبواب الأسواق العالمية، والعمل على سياسات داعمة للتكنولوجيا، ما يصنع بيئة تنظيمية مواتية في هذا القطاع.

بكل اختصار، يمكن لقطاع صناعة البرمجيات أن يسهم بشكل مباشر في الاقتصاد، من خلال خلق فرص عمل وجذب الاستثمارات، وكذلك أن يعزز النمو الاقتصادي، من خلال زيادة الصادرات.

ولا ننسى -كما يرى عمار محمد، متخصص في تقنية المعلومات، في حديثه لـ"خيوط"- أنّ اليمن يمتلك فرصًا عديدة لتطوير هذا الجانب من المجالات التي تشهد تطورات متلاحقة، كما يلاحظ الجميع، ووصول الأمر إلى ظهور ما يعرف بالذكاء الاصطناعي، كمثال بسيط على أهمية مواكبة هذه الصناعة البرمجية والتكنولوجية والمعلوماتية وتطويرها، وإلا وجدت البلاد نفسها متأخرة بمراحل شاسعة عن هذا السوق العالمي الواعد.

تحديات صناعة البرمجيات 

يُرجِع خبراء مختصون في البرمجيات؛ تدهورَ مجال التكنولوجيا والمعلومات في اليمن إلى عدة أسباب؛ أهمّها عدم اهتمام الدولة بقطاع أمن المعلومات والاتصالات بالشكل الكافي، إضافة إلى عدم وجود أطر وتشريعات قانونية متكاملة وحديثة، تؤسس لقاعدة وطنية فاعلة للأمن "السيبراني" الوطني.

فضًلا عن ضعف التنسيق بين الأجهزة الحكومية ونظائرها في دول الجوار والعالم، وقيام أغلبية الشركات الخاصة بتصميم أنظمة ذات جودة منخفضة؛ بسبب عدم توفير الدعم الفني الحقيقي، وبحثها عن الربح السريع وقلة الوعي، وهذا لا يوفر بيئة حقيقية لهذه الصناعة.

إضافة إلى افتقار الجامعات الحكومية والخاصة إلى مراكز أبحاث للمبرمجين، مع تدني البنية التحتية للاتصالات والإنترنت في اليمن، وعدم امتلاك القطاع الحكومي والخاص أيَّ علاقات مباشرة مع كبار شركات صناعة البرمجيات؛ لذلك تبقى اليمن سوقًا ملحقًا بمراكز وفروع هذه الشركات في دول الجوار.

ويؤكّد المحلل الاقتصادي نبيل الشرعبي في حديثه لـ"خيوط"، أنّ الاقتصاد الرقمي صار هدفًا لدول العالم عمومًا، ومصدر عائداتها الأكبر، لكن لا يمكن الذهاب إلى الحديث والبحث عن الجدوى التي تسهم في إحداث تحول مفصلي في هذا السياق، وبما يجعل صناعة البرمجيات إحدى ركائز الدخل القومي للبلد، وبنسبة لا تقل عن 15%؛ لأنّ هذا التحول يتطلب بيئةً أعاقت الحربُ الوصولَ إليها في اليمن.

في عالم صناعة البرمجيات يقاس جدواها على البلد، من خلال معايير، أبرزها: البنية التحتية، وتمثّل المرتكز الرئيسي لها، ثم البنية التشريعية والقانونية المنظِّمة والمشجِّعة لهذه الصناعة، يليها التوجه العام للبلد، والثروات وتنوعها والدخل الكلي، إلى جانب مستوى نصيب ودخل الفرد من الناتج القومي، والانفتاح على العالم واعتماد معايير الحوكمة والشفافية، وبدون ذلك تبقى صناعة البرمجيات في أي بلد لا يتوفر فيه ما أوردناه من معايير، مجردَ نشاط يحقّق منفعة لا تتعدى الإطار الخاص للعاملين فيها.

•••
فردوس الكاملي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English