صرواح.. عاصمة السبئيين الأولى

"معبد إلمقة" إله اليمنيين القدماء
خيوط
April 11, 2022

صرواح.. عاصمة السبئيين الأولى

"معبد إلمقة" إله اليمنيين القدماء
خيوط
April 11, 2022

صرواح -بضم فسكون ففتح- مدينة أثرية هامة تبعد عن مدينة مأرب غربًا بمسافة 40 كم. كانت عاصمة قديمة للسبئيين قبل مأرب، وبها آثار كثيرة للمعابد، وتقع في سفح جبل هيلان من الجهة الغربية، كما أنها الحد الشرقي لخولان العالية؛ ولذلك يقال لها صرواح خولان تمييزًا لها عن غيرها من المناطق التي تحمل هذا الاسم، وكثيرًا ما تردد اسم صرواح في أشعار العرب، وخاصة أشعار علقمة بن ذي جدن وعامر بن أحمد القشيبي وغيرهما من شعراء خولان، وهي الأشعار التي جمعها الهمداني، وأوردها في كتابه "الإكليل"، الجزء الثامن. 

ويمكن اعتبار صرواح من أكبر المناطق الأثرية في اليمن بعد مأرب، وتتمثل أهم الأماكن الأثرية في ثلاثة مواقع: "البناء"، و"القصر"، و"الخريبة"، وتقع المواقع الثلاثة على خط واحد في وسط الوادي المستدير الذي تحيط به الجبال، حيث تقع قرية الخريبة في الوسط، بينما يقع البناء وبقايا خزان المياه وسد على بعد 900 متر إلى الشمال منها، أما القصر وهي قرية حديثة شيّدت داخل قلعة ترجع إلى العصور الوسطى فتقع على مسافة 800 متر إلى الجنوب منها، وفي القصر بقايا معبد إلمقة، وهو معبد الإله القمر، ولا تزال أعمدة المعبد قائمة، ويتراوح بعضها بين 7 و8 أمتار، وفي داخل المعبد يظهر النقش المشهور عند المستشرقين باسم "نقش النصر"، وهو أحد المصادر الرئيسية للتاريخ السبئي وحروبهم وانتصاراتهم. 

وتشكل صرواح في أعمالها مديرية من مديريات محافظة مأرب، ومن أهم بلدانها: "الضيق"، "الزور"، "أراك"، (وفيها آل ربيع وآل راشد)، ديرة عبدالله، الواكفة، (وفيها آل شليف)، الحماجرة، جبل هيلان، وادي رحب، وفيه آل حجلان، وآل حداب، حصن آل دماج، الخنق، الردامنة، سنومة، المحجرة، وجميعها أوطان تسكنها قبيلة جهم الخولانية، وقد أخذت معالم التحديث تغزو مدينة صرواح، فقد مدت إليها الكهرباء والطرقات المعدة، كما أقيمت فيها المدارس والمستوصفات، واختطت في ضواحيها العديد من المزارع الجديدة التي تنتج الحمضيات والفواكه والخضروات والحبوب بأنواعها. 

أول ما يلفت نظر القادمين من مارب باتجاه المدينة القديمة في صرواح هو منظر السور شبه البيضاوي لمعبد إلمقة الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 8 أمتار، وهناك عدد من المعالم المعمارية موزعة في أرجاء المدينة، لكن معبد إلمقة يعتبر أشهر معالم هذه المدينة السبئية، وما زال في حالة أفضل مقارنة بالمعابد الأخرى المنتشرة في عواصم الممالك اليمنية القديمة.

وفي السنوات الأخيرة، نفذ المعهد الألماني للآثار- فرع صنعاء مشروعًا للآثار والتنمية السياحية في مدينة صرواح والسهل المحيط بها، ومن أهم مكونات هذا المشروع إعادة ترميم معبد إلمقة وتهيئته ليصبح مزارًا سياحيًّا، وقد قارب العمل في الموقع على الانتهاء وأصبح معبد إلمقة مهيئًا لاستقبال الزوار من عشاق الحضارة والتاريخ المتعطشين لمعرفة تلك الشواهد الأثرية التي ما زالت قائمة حتى اليوم في جنوب الجزيرة العربية أرض المهد ومصدر الهجرات القديمة "العربية السعيدة".

بدأت أعمال الحفريات الأثرية في معبد إلمقة بصرواح في عام 1992، وسبقها في نهاية عقد السبعينيات أعمال توثيق للنقوش المكتشفة بداخل المعبد وعلى سوره البيضاوي الشكل، وفي عام 2001 أصبحت مدينة صرواح القديمة والسهل المحيط بها من ضمن المشاريع الهامة التي ينفذها المعهد الألماني للآثار لاستكشاف معالم الحضارة اليمنية القديمة والوقوف على أسرارها.

معبد إلمقة

تشير النقوش الموجودة على الوجه الخارجي للسور البيضاوي للمعبد إلى أن المعبد بني في منتصف القرن السابع قبل الميلاد، وبانيه هو الحاكم السبئي "يدع إل ذرح"، ويوجد في الجهة الغربية مدخلان للمعبد لهما أعمدة وفناء مرصوف يؤديان لبهو المعبد.

كما يوجد في المجال الداخلي للمعبد المرصوف بالحجارة مرافق للمآذن المقدسة، وطقوس العبادة ما زالت بحالة جيدة، وتضم مجالس وطاولات حجرية ومذابح وقواعد للنذور.

وفي وسط بهو معبد إلمقة يوجد النقش الحجري المشهور والمعروف بـ"نقش النص"، والذي يعود للملك السبئي كرب إيل وتر. وقد كتب على جانبي صخرتين موضوعتين الواحدة فوق الأخرى، وطول كل منهما 8.6 أمتار، وتزنان حوالي 5.2 أطنان، ويتحدث النص في أحد الجانبين عن طقوس القرابين المقدمة، وصيانة مرافق استغلال المياه بمأرب. وعلى الجانب الآخر، وصف للغزوات الحربية التي نفذها الملك السبئي كرب إيل وتر لتوحيد القبائل اليمنية.

وقال ياقوت الحموي في معجمه: "صرواح -بالكسر ثم السكون ثم واو بعدها ألف وآخرها حاء مهملة- قال أبو عبيد: الصرح كل بناء عالٍ مرتفع، وجمعه صروح. قال الزجاج: الصرح القصر والحصن، وقيل غير ذلك. والصرواح حصن باليمن قرب مأرب، يقال إنه من بناء سليمان بن داوود (عليه السلام)، وأنشد ابن دريد لبعضهم في أماليه: 

حل صرواح فابتنى في ذراه   حيث أعلى شعافه محرابا

وقال ابن الدمينة: سعد بن خولان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وهو الذي تملك بصرواح، وأنشد لبعض أهل خولان: 

وعلى الذي قهر البلاد بعزة    سعد بن خولان أخي صرواح

وقال عمرو بن زيد الغالبي من بني سعد بن سعد:

أبونا الذي أهدى السروج بمأرب        فآبت إلى صرواح يومًا نوافله

لسعد بن خولان رسا الملك واستوى       ثمانين حولًا ثم رجت زلازله

وقال غيره فيهم:

تشتوا على صرواح خمسين حجة      ومأرب صافوا ريفها وتربعوا

وقال القاضي إسماعيل الأكوع: "صرواح بلدة خاربة أثرية في بطن وادي جهم من بني جبر وأعمال خولان، وما يزال بعض أجزاء من قصرها قائمًا وبنيانه مرتفعًا من جهة الشرق والجنوب، وعليه كتابات الأولى للدولة السبئية وتبعد غربًا عن مأرب بنحو أربعين كيلو مترًا تقريبًا.

يشترك في اسم صرواح كثير من المناطق اليمنية، فـهناك:

صرواح أرحب موضع أسفل جبل ذبيان من بلاد أرحب في شمال صنعاء بمسافة نحو 35 كم، وهو من ذوات الآثار.

وصرواح بني بهلول قرية في وادي جبيب من مديرية بني بهلول بالشرق الجنوبي من مدينة صنعاء، بمسافة نحو 15 كم. 

وصرواح قرية في حزم العدين من بلاد إب، وتقع في منطقة بني الفخر. 

وآل صرواح عائلة من أهل وادي عسيلان من مديرية بيحان وأعمال شبوة.

المصادر:

  • معجم البلدان والقبائل اليمنية، إبراهيم المقحفي، مكتبة الجيل الجديد، ط5، 2011.
  • معجم البلدان، ياقوت الحموي، دار الفكر، بيروت. 
  • البلدان اليمانية عند ياقوت، إسماعيل بن علي الأكوع، مؤسسة الرسالة، بيروت، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء.
  • ديوان البردّوني.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English