فقراء صنعاء يستقبلون العيد بحزن وأيدٍ فارغة

كوارث متعددة تسلبهم فرحتهم
محمد النمر
April 24, 2023

فقراء صنعاء يستقبلون العيد بحزن وأيدٍ فارغة

كوارث متعددة تسلبهم فرحتهم
محمد النمر
April 24, 2023

لم تكتمل فرحة الفقراء مع حلول عيد الفطر بالعاصمة صنعاء، في ظل ما يكابدونه من مشقة في العيش وتوفير متطلبات الحياة اليومية التي أنهكت كاهلهم بسبب ما آلت إليه البلاد من تدهور اقتصادي وتردٍّ معيشي وفقر مدقع.

وانعكست تبعات كل ذلك، الناتجة عن الحرب والصراع، بشكل سلبي على حياة المواطنين الذين يواجهون صعوبة بالغة في تأمين الغذاء والدواء والمياه والسكن وغياب المساعدات الإغاثية.

حتى وإن وُجدت هذه المساعدات التي تتم بشكل فردي من قبل جمعيات خيرية وتجار ورجال أعمال وميسورين؛ فإنهم يجدون الموت يتربص بهم، كما حدث في مدرسة معين بمنطقة باب اليمن، شمال صنعاء، بعد حصول تدافع لمئات من الفقراء كانوا ينتظرون ما يتم توزيعه عليهم من مبالغ مالية بسيطة ومحدودة من قبل أحد رجال الأعمال، وهو ما أدّى إلى حدوث كارثة وسقوط العشرات بين قتيل وجريح.

ملاحقة منهكة للقمة العيش

اتخذ الثلاثينيّ عبده طه، وهو معلم يعيل أربعة أطفال، من أحد أرصفة الشوارع في صنعاء، مكانًا يعمل فيه بعد أن لجأ إليه اضطراريًّا بسبب توقف راتبه كموظف حكومي، وذلك في تخريز وتطريز الأحذية الجلدية لتوفير ما تيسّر له من المال يُمكّنه من توفير أساسيات العيش وتجنّب ذل العوز، بحسب حديثه لـ"خيوط".

يضيف أنّ شهر رمضان الفائت يعتبر الأثقل على اليمنيّين مع وصول الكثير منهم إلى حالة سحيقة من الفقر وتردي الأوضاع المعيشية، الأمر الذي يُفقد الكثيرَ فرحةَ العيد وعدم انتظاره ومعايشة طقوسه وخصوصيته، لافتًا إلى أنّ منزله فارغ تمامًا من أي غذاء أو أساسيات المعيشة الضرورية سوى الماء فقط.

  • تدهور الحالة المعيشة وزيادة معدلات الفقر وتوقف رواتب الموظفين المدنيين، ألقى بظلاله على حياة الأسر الفقيرة، إذ بات الواقع المعاش مخيفًا ومزريًا، في ظلّ تأكيدات أممية على توسع الأزمة الغذائية والإنسانية في اليمن، لتشمل نحو 22 مليون شخص بحاجة ماسة إلى المساعدات.

يعيش طه حياة مضنية ومارثونًا منهِكًا، لتأمين قوت يومه وأسرته وأطفاله وإيجار المنزل الصغير الذي يعيش فيه، ويشكّل له قلقًا دائمًا في كيفية توفيره.

يقضي هذا الرجل أكثر من ست ساعات في عراك البحث عن لقمة العيش، يحملق بالمارّة ينظر إلى من يقبل إليه حتى يساعده في تخريز حذائه والحصول على مبلغ زهيد لا يتجاوز غالبًا 300 ريال، يعفيه من ذل التسول والعوز والفاقة المدقعة التي وصل إليها، وغيرَه من الفقراء والمعوزين في صنعاء وجميع المناطق اليمنية، لكن يخيب أمله مع كل توقّع، نتيجة ضعف الحركة السوقية في هذه المهنة، حسب قوله.

في حين، يؤكّد المواطن محمد فؤاد، من سكان صنعاء، لـ"خيوط"، أنّ الحرب والصراع وتبعاتها الكارثية والتضييق عليهم وفقدانهم مصادر دخلهم المتاحة، أفقدتهم فرحة العيد وجعلته عبارة عن يوم عادي بالنسبة لهم، يمرّ مرور الكرام بدون أيّ اهتمام به، بسبب عدم القدرة على تلبية احتياجاته المتعددة.

ويعيش كثيرٌ من السكان في صنعاء، التي احتضنت خلال سنوات الحرب نازحين من عدة مناطق يمنية، خاصة من محافظة الحُديدة، في فقر مدقع بعد أن عصفت بهم الأزمات المعيشية والإنسانية.

بينما تعتمد نسبة كبيرة منهم على المساعدات والمعونات الإغاثية، في حين هناك من ينتظر حلول شهر رمضان للحصول على ما يجود به بعض الميسورين من مبالغ مالية زهيدة، في ظلّ تخلي جميع السلطات في البلاد عنهم ومحاولة تلمس احتياجاتهم، وتخفيف حدة الأزمة المعيشية عنهم.

غياب المساعدات 

تدهور الحالة المعيشية وزيادة معدلات الفقر وتوقف رواتب الموظفين المدنيّين، ألقى بظلاله على حياة الأُسَر الفقيرة، إذ بات الواقع المعاش مخيفًا ومزريًا، في ظلّ تأكيدات أممية على توسع الأزمة الغذائية والإنسانية في اليمن، لتشمل نحو 22 مليون شخص بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية مع ارتفاع مستمر للاحتياجات الغذائية.

يشكو مواطنون من عدم الحصول على المساعدات الإغاثية التي توزع في صنعاء بشكل مستمر خلال الفترة الماضية، والتي لا يفهمون طريقة ومعايير توزيعها.

يقول المواطن سامي ناجي، من سكان صنعاء، لـ"خيوط"، أنّه لم يحصل على أيّ مساعدات إغاثية طوال الأعوام الماضية، حيث يعيل أسرة كبيرة يزيد عددها على 7 أفراد يفتقدون لأبسط الاحتياجات المعيشية.

من جانبه، يتحدث المواطن، علي عبدالسلام، لـ"خيوط"، عن أنّ العيد لا يمرّ على الفقراء الذين يعتمدون على المساعدات والصدقات، والذين حرمتهم منه الحرب وتجارها وسلطاتها التي تتاجر بهم بعد أن سلبتهم كل ما يملكون؛ أعمالهم ورواتبهم وسبل عيشهم وحياتهم.

في حين، يشير ناجي إلى أنّ الغلاء والفساد يطحن البلاد، بينما كثير من المواطنين على حافة الفقر، مضيفًا: "جميع المساعدات يتم الاستحواذ عليها من قبل المسؤولين، وما يتم توزيعه من فتات يتم عن طريق المحاصصة والقرابة".

غلاء وفاقة 

وتتصدر أسعار السلع الغذائية المرتفعة اهتمامات كثير من المواطنين في صنعاء كغيرها من المدن والمناطق اليمنية، إضافة إلى ارتفاع أسعار مستلزمات ومتطلبات العيد.

ويصل سعر كيس الدقيق (50 كيلوغرامًا) إلى أكثر من 17 ألف ريال، ويبلغ سعر علبة زيت الطعام (5 لترات) نحو 7 آلاف ريال، فيما تتجاوز أسعار الملابس 10–15 ألف ريال مقابل الحصول على كسوة متوسطة لطفل لا يزيد عمره على 12 عامًا.

  • يشكو كثير من المواطنين الذين يتلقون مساعدات مالية وتحويلات من أقاربهم المغتربين في مثل هذه المناسبات الدينية كرمضان والعيد، من تعرضها للنهب.

في السياق، تقول أم أحمد (40 عامًا)، في حديثها لـ"خيوط": "نتعرض لظلم فاحش؛ الحياة صعبة جدًّا في هذه الظروف، بالكاد الشخص يتمكّن من توفير لقمته، والتي تصطدم بالغلاء وانعدام الدخل، وهو ما يضيع فرحة الشهر والعيد".

عبدالله الضاعني، مدير عام حماية المستهلك في وزارة التجارة والصناعة في صنعاء، يؤكد لـ"خيوط"؛ أنّ هناك تلاعبًا في الأسعار تشهده الأسواق المحلية التجارية، حيث إنّ شهر رمضان يمثّل بيئة مناسبة لزيادة جشع التجار، لافتًا إلى القيام بحملات مخفية لمراقبة الأسواق والمال التجارية كل عام من شهر رمضان لمواجهة المتلاعبين بالأسعار في ظلّ أعباء متفاقمة يكابدها المستهلكون بسبب تردّي الأوضاع المعيشية، وعدم قدرة الكثير على توفير القوت الضروري.

بالمقابل، يشكو كثيرٌ من المواطنين الذين يتلقّون مساعدات مالية وتحويلات من أقاربهم المغتربين في مثل هذه المناسبات الدينية، كرمضان والعيد من تعرّضها للنهب، كما يصفها المواطن سعيد صالح، في حديثه لـ"خيوط"؛ بسبب التعمد الذي حصل خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، وأدّى إلى هبوط سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني.

ويضيف هذا المواطن، بالقول: "لا رحمونا ولا خلوا رحمة الله تنزل علينا"، في إشارة إلى تردّي الأوضاع المعيشية بالتوازي مع تضييق السلطات الحاكمة، كما هو حاصل في صنعاء وفي مختلف المدن والمناطق اليمنية، لكن بدرجات متفاوتة.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English