"صادَت فُؤادي"

الأغنية التي اختبرت أصوات المطربين الكبار!
خيوط
February 23, 2023

"صادَت فُؤادي"

الأغنية التي اختبرت أصوات المطربين الكبار!
خيوط
February 23, 2023

كلمات: محمد بن عبدالله شرف الدين الكوكباني

اللحن: تراث

غناء: عبدالرحمن الحداد

ظلّ مقياس الجودة عند المطربين اليمنيين في بدايات تكوينهم الفنيّ، متمثِّلًا بأداء أغاني الموشح اليمني أو ما عرف بـ"الفنّ الصنعاني"، لهذا نجد أغلب الفنّانين اليمنيّين الكبار في الشمال والجنوب الكبار، أدّوا أغانيَ "صنعانية" لأهم شعراء المدرسة الحمينية، ومنهم الشاعر محمد بن عبدالله شرف الدين الكوكباني، وقصيدته الرائجة "صادَت فُؤادي بالعُيون الملاح"، ومن هؤلاء: الفنّان عبدالرحمن الحداد.

تقول بعض كلمات الأغنية:

صادَت فُؤادي بالعُيون الملاح     وَبالخدود الزَّاهِرات الصِّباح

نَعسانَة الأَجفان هيفا رَداح     في ثغرها السَّلسال بَينَ الأَقاح

فُويتنة من خَدِّها وردها     سُويحرِة هارُوت من جُندها

في مزحها لاقَت وَفي جِدِّها     أفدي بِروحي جِدّها وَالمزاح

جِنينية مثل القمر حورية      تُزري بحور العين فردوسية

بِحُسنها لي ملهية مُسهِية     إِن هِمت فيها ما عليَّ جنَاح

غَزال تَلحَظني بِأَلحاظ ريم     رَقَّت مَعانيها كَمِثل النَّسيم

لَها كَلام يطرب وَنغمة رَخيم     يهُزّني مثل اهتِزاز الرِّماح

في صَدرِها الفِضّيِّ تفاحتين     وَجِيدها السامي كَكأس اللُّجين

وَالسحر تنفث بِه من المُقلَتين     وَفِي لَماها البَرق لَالَا وَلاح

ناديت حين لاحَت بِداجي الشَّعَر     موَرَّدة أَوجانها بالخَفَر

من ألفَ الماء في الخُدود وَالشَّرَر     ومن جَمع بَينَ المسا وَالصَّباح

مَن عَلَّمَك يا بابِلي العُيون     هَذي المَعاني الحالِية وَالفُنون

نَهبتَ عَقلي بالمَلَق وَالمُجون     وحسن فاتِن كَم عليه روح راح

في صُغر سنِّك يا بَديع الجَمال     من أَينَ لَك هَذا الملَق وَالدَّلال

أَقسَمتُ ما لك يا حَبيبي مثال     وَلا لِقَلبي عَن غَرامك بَراح

حلفت لك لابلَّغك ما تُريد     وَأجعل سرورك كُل ساعَة جَديد

وَألثمك وَأرشَف لماك البَديد     وَأجعل عناقي لك مَكان الوشاح

وَأغيِّبَك عَن أَعيُن الحاسِدين     كَما أَنتَ وَحدَك نور عيني اليَمين

تَبارَكَ اللَّهُ أَحسَن الخالِقين     الناس من طين وَأَنتَ من مسك فاح

ما أَحسَنَك من حولكَ الغانِيات     مِثلَ القَمَر حوله نُجوم زاهِرات

من كل فتانة لَعوس أم شفاه     لُؤلؤ لماها بَينَ ماذي وَراح

غَزال تسحرني بِغنج الحَوَر     ما بَينَنا طابَ الحَديث وَالسمر

فهنّ أَوتاري وَهنّ السَّكَر     أشرب وَأَطرَب بِالحَلال المُباح

ما قَطُّ لي في غير هَذا مرام     الحَمدُ للَّه نلتُ كُلَّ المرام

لا زال ظل اللَّه علينا دَوام     يحفُّني في مَسرَحي وَالمراح

واصلَتني مَيّاسةُ القَوام     المغيرة لِلبَدر في التَّمام

بلغتني مِن وَصلِها المرام     وَشفَتني مِن لوعَةِ الغَرام

بست مِنها الأَقدام وَاليَدَين     قَبَّلَتني في الخَدِّ قُبلَتَين

أَلثَمتني مبسم وَوجنتين     وَسَقَتني مِن ثَغرِها مَدام

عن الشاعر

هو محمد بن عبدالله ابن الإمام شرف الدين يحيى الكوكباني، أحد أبرز شعراء الحمينية في اليمن.

يقول عنه محمد عبده غانم، في كتابه "شعر الغناء الصنعاني": 

"من الشعراء الذين أُولعوا بنظم الشعر الحميني، ويبدو أنّه ضرب في ذلك مثلًا لغيره من كبار الزيود، ورفع من قيمة الشعر الحميني الذي كان يُنظر إليه شزرًا في الأوساط الأدبية المتمسكة بالشعر الفصيح.

ومع أنّ الشعر الحميني الذي أسهم به ابن شرف الدين في الغناء الصنعاني، بالغُ الأهمية من حيث الكمية، إلّا أنّ أهمية هذا الشعر الحقيقية تأتي في المقام الأول من ناحية الجودة التي يحلّق بها الشاعر فوق معظم شعراء الحمينية في الغناء الصنعاني، إن لم نقل فوقهم كلهم، وهو أول شاعر يسهم بقصيدة حمينية في الغناء الصنعاني يستعمل فيها القصة والحوار في وصفٍ دقيق لإحدى اللقاءات الغرامية".

أمّا الدكتور عبدالعزيز المقالح، فقد وصفه في كتاب "شعر العامية في اليمن":

"شاعر الحبّ ومغنّي الجمال، من أسرة أرستقراطية مالكة، خاض أفرادها حربًا طاحنة في سبيل الاحتفاظ بالإمامة، وبالرغم من نشأة الشاعر الأرستقراطية ومن أنّه وجد نفسه في مجتمع منغمس في الحروب، وفي أسرة انخرط أفرادها في الصراع ضدّ منافسيهم من الأئمة وغيرهم، فإنّه احتفظ لنفسه بموقف مخالف، فكان نديم الهوى والجمال، ورفيق الشعر والطرب. لم تضطرّه الحاجة إلى التكسب بالشعر"(1).

عن الفنان

وُلِد الحداد عام 1950 في مدينة المكلا، وتُوفِّي والده في صغره، فعاش في كنف جده لأمه الشيخ سعيد صديق رجل العلم، كما كان والده عبدالله الحداد أيضًا علّامة وداعية معروفًا. درس عبدالرحمن في مدارس المكلا، ثم سافر إلى العراق عام 1966 ليدرس الإعلام في جامعة بغداد.

عمل عبدالرحمن الحداد مذيعًا ومُعِدًّا للبرامج في إذاعة المكلا في حضرموت، حين عاد إلى اليمن بعد أن أنهى دراسته الجامعية عام 1969، ثم انتقل عام 1972 إلى الإذاعة المركزية في عدن ليعمل فيها وفي تلفزيون عدن، وقدّم برامج فنية، ثم قدّم نشرات الأخبار كمذيع أول. انتقل بعدها إلى صنعاء عام 1986، ليعمل في وزارتَي الثقافة والإعلام، وعمل مذيعًا في إذاعة وتلفزيون صنعاء.

بدأ الغناء منذ كان طالبًا في الابتدائية، وغنّى على المسرح لأول مرة عام 1965، انشغل بعدها بدراسته ليعود إلى وطنه وإلى الغناء. سجّل في بداياته أغنيات لفنّانين يمنيّين كأغنية (علمتني كيف أحبك) للفنّان أبو بكر سالم، التي سُجّلت في إذاعة صنعاء، وانطلق بعدها ليُطلق أجمل أغانيه التي لحّنها ملحِّنون كبار، مثل: محمد سالم باشامخ، وعبدالقادر الكاف، وعبدالرب إدريس، ومحمد مرشد ناجي، وأحمد قاسم، وغيرهم. كما غنّى كلمات شعراء مبدعين، كحسين المحضار، ومطهر الإرياني، وسواهم من الشعراء اليمنيّين.

شارك الفنّانُ الشعبَ اليمني أفراحَه ومناسباته العامة والخاصة بأغانيه، فغنّى في صنعاء الأغنية الحضرمية، وغنّى في عدن الأغنية الصنعانية. كما نقل الفنّ اليمنيّ إلى دول الخليج وشرق أفريقيا ومصر، التي قدّم فيها أعماله الفنية، وأصبح من كبار الفنّانين اليمنيّين، فترك العمل الإذاعيّ ليتفرّغ للعمل الفنّي.

في لقاءاته مع وسائل الإعلام العربية والمحلية، تحدّث الحداد عن الأغنية اليمنية، وساهم في تعريف العالم بها، ليس بغنائها فقط، بل بثقافته واطّلاعه على الفنّ اليمنيّ.

مُنح عام 1989 في صنعاء، وسام الفنون والآداب من الدرجة الأولى؛ تقديرًا لإسهاماته في المجالات الفنية والثقافية. كما منحته وزارة الثقافة درع الثقافة عام 2005 تقديرًا لعطاءاته وإسهاماته المتميزة في تقديم الأغنية اليمنية. كما عُيِّنَ مستشارًا في وزارة الثقافة عام 1990.

قدّم عبدالرحمن الحداد خدمات متميزة للثقافة اليمنية بفنّه وثقافته وعمله الإعلامي، وساهمت أعماله في إبراز الصورة الثقافية لبلاده، وتقديم الأغنية اليمنية بأبهى صورة(2).

________________________________

(1)

https://www.khuyut.com/blog/ya-mughir

(2)

https://www.khuyut.com/blog/6737 

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English