ريان

غير معقول!
عبدالرحمن بجاش
February 7, 2022

ريان

غير معقول!
عبدالرحمن بجاش
February 7, 2022

التعازي لأهل ذلك الطفل الذي تُوفِّي إثر مأساة سقوطه في البئر.

حادثة سقوطه كشفت فيما كشفت، تباين قدرات وأهداف وسياسات مختلف وسائل الإعلام، أشهد هنا أن "الجزيرة" ظهرت أكثر حرفية، وأن "العربية"، وبسبب التغطية المتواصلة، نقلت للمتابع المُشاهِد الأنباءَ غثَّها ونصفَ سمينها، وحوّلت المشاهد إلى كائن قلق! القنوات الغربية تظل الأكثر حرفية؛ نظرًا لإمكانياتها المهولة، ولمساحة الحرية التي بها تتخلص من هيمنة ملكيتها، وتُعطي في الوقت نفسه مساحة من المساحة الكلية لسياسة المالك.

ردود أفعال الرأي العام تباينت بين منتقد "تم تخليص الضحية، أما الطفل فقد مات"، وهناك من انتقد كثافة التغطية خبريًّا، وهناك من انتقد حرفية فرق الإنقاذ، وهناك من رأى أن الضرورة كان لا بد معها استدعاء فرق إنقاذ من الدول الأوروبية تحديدًا لكفاءتها وإمكانياتها الهائلة، وهناك من انتقد تجمع الناس في المنطقة المحيطة بالبئر التي سقط فيها الطفل، وهناك من انتقد عدم تواجد قوات الأمن لتمنع الناس من الاقتراب.

أول ملاحظة مهمة هي أننا في "الهمّ شرق"، فقرية "أغران" نائية لم يسمع بها المغاربة أنفسهم، والطريق إليها وعر، شبيه بطرقنا الترابية، حيث تتسع لسيارة واحدةٍ لا تتيح المجال للقادم عكسها!

على أنني أقف على النقيض من كل ما قيل وما تم وما أُنجز!

فأنا أستغرب أن تهتم حكومة عربية بحياة الإنسان؛ إذ إنه أرخص سلعة.

سيظل استغرابي قائمًا حتى أعرف سرّ تحرك الحكومة المغربية، والوطن العربي كله موحد داخل جامعتهم على عدم الاهتمام بالإنسان.

فكيف هبت الحكومة المغربية لإنقاذ ريان؟! بمعنى أن الحكومة المغربية خرجت عن الإجماع العربي، وأنا مستغرب إلى أبعد الحدود لكل ما حصل.

الإنسان العربي يموت كل يوم؛ إما بسبب الجوع، أو بسبب الأمراض، أو بسبب رداءة خطوط السكك الحديدية، أو بالقهر داخل السجون، أو بسبب الظلم خارجها في السجن الكبير "الأوطان"؛ فكيف حصل أن هبّت الحكومة المغربية كلها لإنقاذ ريّان؟! واستجاب العالم، وشغل الإعلام الناسَ بالتغطية الحية. هنا ملمح مهم وهو أن الشاشة جعلت الكون صغيرًا جدًّا، فصارت البئر في كل بيت!

سيظل استغرابي قائمًا حتى أعرف سر تحرك الحكومة المغربية، والوطن العربي كله موحد داخل جامعتهم، على عدم الاهتمام بالإنسان.

على أن ثمة مؤشرات على أن الطفل كما كان عامل توحد للمشاعر، تحوله السياسة إلى عامل للاختلاف، في محاولة المعارضة الحدّ من استفادة الحكومة الحكومة الحالية من زخم دعائي حققته، كان يبدو مكتملًا لو أن ريّان لم يُتوفَّ. "صحيفة تقول إنها ستفجر مفاجأة، فقد اكتشفت سبب وفاة ريان"!

وتتوزع وسائل الإعلام، تذكي النار بين الطرفين؛ لكي تكسب في الأخير إلى خزائنها أموال الإعلانات وتوسيع مساحة المشاهدة.

فما الذي حدث؟


•••
عبدالرحمن بجاش

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English