إيجارات خيالية للمساكن في حضرموت

غياب للرقابة وتصاعد الأزمات المعيشية
إكرام فرج
December 17, 2022

إيجارات خيالية للمساكن في حضرموت

غياب للرقابة وتصاعد الأزمات المعيشية
إكرام فرج
December 17, 2022
Photo by: Shohdi Alsofi - © Khuyut

اصطدم الشاب الثلاثينيّ، عبدالله عمر، أثناء بحثه عن استئجار مسكن بثمن مناسب، بأسعار يصفها بالخيالية، بعد ما حصل على مسكن مكوّنٍ من غرفتين صغيرتين ومطبخ، بسعر 600 ريال سعودي (نحو 180 ألف ريال يمني)، في مدينة المكلا، في حين لا يزيد راتبه كموظف حكومي على 60 ألف ريال يمني.

ويتحدث عبدالله لـ"خيوط"، أنّه اضطر للبحث عن عمل في المساء ليغطي تكاليف الإيجار ومصاريف أسرته، وقابَله في عملية البحث عن شقة سكنية، أنّ ملاك العقارات يطلبون منه دفع مبلغ إيجار شهرٍ كامل كرسوم للسمسار العقاري، وبعضهم يطلب منه دفع إيجار الشقق لعدة أشهر مقدّمًا، وهو ما فاقم من معاناة هذا المواطن الذي يعاني من ظروف معيشية صعبة.

وتشهد محافظة حضرموت ارتفاعًا متزايدًا في أسعار العقارات والشقق السكنية، يصاحبه ارتفاع في تكاليف الإيجارات التي تنعكس بشكل سلبي على كافة فئات المجتمع، في ظل ظروف صعبة وحرجة ومحدودية الاستثمارات العقارية، وغياب الخطط الحكومية لمعالجة هذه القضية.

تداعيات سلبية

ألقى انهيار العملة المحلية وانخفاض سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، بتبعات قاتمة في هذا الصدد، مع إقدام ملاك العقارات على رفع قيمة الإيجارات من فترة لأخرى، ما تسبّب بأزمة خانقة تطال مختلف مناحي الحياة في محافظة حضرموت.

ويقول الخبير الاقتصادي، مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إنّ المبالغة والمغالاة في أسعار العقارات في اليمن بشكل عام، لا تتناسب مع المعايير والمعطيات الاقتصادية التي يمكن فيها قياس مستوى الارتفاع أو الانخفاض في سعر العقار، وهذا ما جعل الكثير من اليمنيين يعانون ويواجهون صعوبة في هذا الأمر.

في ظل ضعف حضور السلطات المحلية والتشريعات لحماية المستهلك، يجد النازحون والعائدون من دول الاغتراب أنفسهم أمام تحدٍّ صعب ومعاناة مستمرة بالتوازي مع ظروف البلاد والحياة الصعبة؛ يخوضون معارك يومية من ابتزاز المؤجرين، رغم الأهمية التي يشكّلونها في مناطق استقرارهم الجديدة.

ويشير نصر إلى أنّ الارتفاع في أسعار العقارات والإيجار يعود إلى افتقار الدولة إلى مجالات الاستثمارات، فبالتالي يلجأ إليها الأشخاص الذين يملكون رأس مال كاستثمار أكثر أمانًا، باعتبار أنّ قيمته لا تتأثر بشكل سريع.

إضافة إلى تراجع سعر العملة والتداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد اليمني بسبب الحرب، فضلًا عن تدفّق الكثير من الأموال من دول الخليج، ولا سيما السعودية بعد تشديدها في موضوع العمالة .

فضلًا عن الطلب والعرض الذي تخضع له السوق العقارية، غير أنّ الإشكالية تكمن في غياب خطط الحكومة وانعدام أيّ استراتيجية للتوسع إلى الضواحي وتنمية المدن الصغيرة وتعزيزها بالخدمات، وهذا يخلق نوعًا من التكدس والأزمة المرتبطة بمراكز المدن.

أزمة النزوح 

زيادة حركة النزوح من قبل المواطنين، من مناطق النزاعات والحرب إلى المناطق الآمنة، حيث توجّه الملايين من السكان نحو المحافظات والمدن التي تعيش حالةً من الاستقرار الأمني، وأهمّها محافظة إب ومأرب وحضرموت وغيرها، وأيضًا النزوح من دول الخليج، وخصوصًا السعودية بعد التهجير للعمالة اليمنية، والتي تسبّبت بشكل رئيسي بدفع الملاك للمنازل بتغيير العملة من اليمني إلى الريال السعودي، وذلك بحسب قول مواطنين لـ"خيوط".

كما فاقمت أسعار وأزمة العقارات المعروضة للإيجار في حضرموت مشكلة ارتفاع أسعار الإيجارات، وخاصة الشقق والمنازل، ممّا فاقم من معاناة المواطنين في مختلف المناطق المدن، وخاصة مع ازدياد أعداد النزوح.

وبحسب رصد الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن، اطلعت عليه "خيوط"، أشارت إلى نزوح 479 أسرة مؤلَّفة من 2896 نازحًا، خلال شهر أبريل/ نيسان 2022.

وأظهر تقرير تتبّع النزوحَ الشهري الصادر عن الوحدة، أنّ محافظتَي مأرب وشبوة استقبلتَا 58% من الأسر النازحة، كما استقبلت محافظتا الضالع والحُديدة 24% من الأسر النازحة، وتوّزعت بقية النسبة 18% في محافظات: عدن، المهرة، أبین، تعز، لحج، حضرموت.

وتشمل المحافظات التي نزحت منها الأسر الجديدة، محافظتَي الحُدیدة ومأرب بنسبة 45%، و32% من محافظات تعز والبيضاء وإب، فيما توزعت ٢٣% في محافظات الضالع، ذمار، ریمة، شبوة، عمران، صنعاء، الأمانة، حجّة، الجوف والمحویت.

وبخصوص حركة المغادرة للنازحين، رصد التقرير مغادرة 49 أسرة مكونة من 209 أفراد، غادروا محافظات نزوحهم الحالية إلى محافظات أخرى، قد تكون إلى مناطقهم الأصلية أو مناطق نزوح جديدة.

غياب الرقابة

في ظل ضعف حضور السلطات المحلية والتشريعات لحماية المستهلك، يجد النازحون والعائدون من دول الاغتراب أنفسهم أمامَ تحدٍّ صعب ومعاناة مستمرة، بالتوازي مع ظروف البلاد والحياة الصعبة؛ يخوضون معارك يومية من ابتزاز المؤجرين، رغم الأهمية التي يشكّلونها في مناطق استقرارهم الجديدة، وذلك بتحريكهم عجلة التنمية والحركة الاقتصادية.

وفي حديث مواطنين لـ"خيوط"، أفادوا بأنّ هذه الارتفاعات غير مبررة، قائلين: "إنّه عند تجديد العقد السنوي تتجاوز نسبتها 100% في بعض المدن، مع شرط الدفع بالعملة الصعبة بحجّة هبوط العملة الوطنية".

أسعد عامر، مالك مكتب عقاري في حضرموت، يؤكّد لـ"خيوط"، أنّ السوق العقاري خاضع بشكل عام للعرض والطلب، في حين هناك ارتفاع في الطلب على المساكن والعقارات في محافظة حضرموت، خلال الفترة الماضية، نتيجة عودة عددٍ كبير من المغتربين واستقرارهم في مدن هذه المحافظة.

وأطلق مواطنون في حضرموت، مناشدات عاجلة للجهات المعنية لوقف هذا التلاعب، وإيجاد حلول منصِفة، والتدخل السريع للحدّ من طمع ملّاك الشقق السكنية، ومن جشع التجار واستغلالهم، نتيجة غياب دور الجهات المعنية بالرقابة دون النظر إلى تدهور أحوالهم مقارنة بأسعار إيجارات الشقق، بمستويات باتت غير معقولة وبالعملة الصعبة.

•••
إكرام فرج

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English