الحرائق تواصل حصد "خيام" النازحين في مأرب

ضحايا كثيرون يقطنون أماكن سريعة الاشتعال
إسحاق الحميري
March 31, 2024

الحرائق تواصل حصد "خيام" النازحين في مأرب

ضحايا كثيرون يقطنون أماكن سريعة الاشتعال
إسحاق الحميري
March 31, 2024
.

تركت الغاز يشتعل لطهي الطعام، وذهبت إلى جارتي، وفجأة اشتعلت النار في "الخيمة" الخاصة بي، تقول "أم محمد"، وهي امرأة في العقد الثالث من العمر، وتعيش في أحد مخيمات النازحين في محافظة مأرب شرق اليمن .

شعرت هذه المرأة بالذعر وفق حديثها لـ"خيوط"، لأن ابنيها كانا نائمين في "الخيمة". فعادت مسرعة في محاولة لإنقاذهما، وهو ما تم لها. لكنهما تعرضا لإصابات نتيجة اشتعال النيران في "الخيمة" أثناء نومهما. فقد تعرض الولد لحرق في يده، في حين أصيبت الطفلة بالاختناق بسبب الدخان الكثيف، فسبب لها صدمة كبيرة لا تزال تعيش آثارها النفسية". تعيش "أم محمد" مع أبنائها في مخيم الميل الذي يعتبر واحدا من أكبر المخيمات، إذ يحتضن المئات من الأسر النازحة إلى محافظة مأرب.

تؤكد "أم محمد"، أنها قامت بإسعافهما إلى أقرب وحدة صحية من "المخيم" ليتلقيا الإسعافات الأولية، لكنها كانت قد فقدت مسكنها الوحيد الذي لا تمتلك غيره، مطالبة الجهات المعنية والمنظمات الدولية إلى بناء مساكن أفضل وأكثر أمانا من الخيام التي تعتبر مقلقة وغير آمنه، بالنظر إلى كونها مصنوعة من مواد سريعة الاشتعال.

تعتبر محافظة مأرب شرقي اليمن أكثر المحافظات اليمنية استقبالا للنازحين بسبب الحرب والصراع في اليمن، فهي تستوعب مئات الآلاف من النازحين يتوزعون على 200 مخيم في المدينة وأطرافها، في حين تتعرض أغلب هذه المخيمات لحرائق متكررة مخلفة عديد الضحايا من النازحين.

حرائق متكررة وضحايا كثيرون

مدير الوحدة التنفيذية للنازحين في مأرب سيف مثنى، يقول في تصريح لـ"خيوط"، إن الحرائق في مخيمات النازحين غالبًا ما تحدث بسبب عوامل متعددة مثل التدفق الزائد للسكان، ووجود ظروف معيشية غير آمنة مثل استخدام الوقود القابل للاشتعال داخل الخيام، وقلة الوعي بمخاطر الحرائق، إضافة إلى الربط العشوائي للكهرباء، وغيرها من العوامل المسببة للاحتراق في خيام مصنوعة أساسا من مادة قماشية بترولية سريعة الاشتعال.

سجلت الوحدة التنفيذية للنازحين في مأرب خلال الفترة من 2020 إلى نهاية العام 2023 نحو 501 حادثة حريق في المخيمات تسببت في وفاة 31 شخصا بينهم أطفال وإصابة 64 شخصا، تتوزع على 66 حادثة حريق تسببت في وفاة 5 أشخاص بينهم أطفال وإصابة 12 آخرين، و102 حادثة في العام 2021، نتج عنها 6 ضحايا بينهم أطفال وإصابة 11 آخرين، في حين سجل العام 2022 نحو 114 حادثة أدت إلى وفاة 14 شخصا بينهم أطفال.

بينما سجل العام الماضي 2023 زيادة كبيرة في عدد الحرائق التي شهدتها مخيمات النازحين في مأرب، فقد وصلت إلى نحو 219 حادثة حريق تسببت بوفاة 6 أشخاص وإصابة 22 آخرين. 

أهم أسباب هذه الحرائق، بناء  على دراسات ميدانية أُجريت في هذا الصدد، عدم وجود وعي من قبل المواطنين أو من النازحين في المخيمات، إذ يتم وضع الأماكن الخاصة بالطباخة في "الخيام" وترك الأطفال وحيدين داخلها

يشرح مثنى دور الوحدة التنفيذية للنازحين الذي يتضمن الترتيب مع المنظمات وتوفير المساعدة الطارئة مثل الإسعافات الأولية، وتوزيع الإمدادات الضرورية مثل المأكل والمشرب، وتقديم السكن المؤقت للمتضررين، ذلك أن حجم المساعدات يعتمد على القدرة الإمكانية والموارد المتاحة.

تعددت أسباب الحرائق في نحو 200 من المخيمات في المحافظة التي تحتضن 73% من إجمالي النازحين في اليمن، فقد أضاف مثنى أن الحرائق في العام الماضي كانت لعدة أسباب. سُجلت 116 حالة بسبب شبك عشوائي للكهرباء، و93 حالة نتيجة استخدام الخيام مطابخَ، ونحو 9 حالات بسبب تطاير النار إلى الخيام، وحالة وحيدة نتجت عن انفجار أسطوانات الغاز المنزلي .

وبادرت منظمات مثل "الوحدة التنفيذية" بتقديم مجموعة من التوصيات لشركاء العمل الإنساني والمنظمات الدولية للحد من الحرائق في مخيمات النازحين مثل تفعيل برامج التوعية بمخاطر الحرائق، واستبدال مأوى أكثر ديمومة بالمأوى الطارئ، وكذا إعادة صيانة وتشبيك الكهرباء بشكل آمن، وتفعيل أرقام الطوارئ ودعم الدفاع المدني بالمعدات وأدوات مكافحة الحرائق.

المواجهة بالتوعية والتدريب

في السياق ذاته، عملت عديد المبادرات والمؤسسات والمنظمات المحلية على تنظيم حملة للتوعية من مخاطر حوادث الحرائق وكيف يمكن تجنبها.

يقول مسؤول الحملة، ومدير المشاريع في مؤسسة مأرب "منظمة أهلية"، صالح الغانمي، لـ"خيوط": أطلقنا حملة باسم (إخماد) بالشراكة مع "مركز مدني في ظل الصراع" (اليوسفك) بهدف الحد من انتشار الحرائق والتقليل من أضرارها، والمساهمة في حماية المدنيين النازحين والمضيفين من الحرائق، كما تخلل الحملة تنظيم بعض الأنشطة المواكبة لتوعية المجتمع بطرق الوقاية من الحرائق.

إضافة إلى إيجاد نوع من التنسيق بين الجهات الحكومية المعنية ومنظمات المجتمع المدني، فضلا عن أن الحملة تسعى إلى بلورة آلية لسرعة الاستجابة الطارئة في ما يخص البلاغات الخاصة بالحرائق، إلى جانب مجموعة من الفعاليات والأنشطة التوعوية والإعلامية.

يشير الغانمي إلى زيادة ملحوظة في نسبة الحرائق، وارتفاع في عدد الضحايا، مرجعا أهم أسباب هذه الحرائق، بناء  على دراسات ميدانية أُجريت في هذا الصدد، إلى عدم وجود وعي من قبل المواطنين أو من النازحين في المخيمات حيث يتم وضع الأماكن الخاصة بالطباخة في "الخيام" وترك الأطفال وحيدين داخلها، موضحا أن "الخيمة" لا تستخدم للطبخ لأنها قابلة للاشتعال، ناهيك عن استخدام الشموع وعدم إطفائها عند مغادرة المكان ما يؤدي إلى سقوطها من مكانها وتسببها بحريق داخل "الخيمة".

وتتطلب عملية مواجهة هذه الحرائق تكثيف برامج التوعية والتدريب المستمر، وتأهيل العاملين والفرق التطوعية في المخيمات بكيفية التعامل مع الحرائق والإسعافات الأولية.

•••
إسحاق الحميري

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English