جدران كئيبة للسجناء الأحداث في ذمار

مبادرات "ادّخار الخير" في زمن الحرب
صقر أبو حسن
April 11, 2022

جدران كئيبة للسجناء الأحداث في ذمار

مبادرات "ادّخار الخير" في زمن الحرب
صقر أبو حسن
April 11, 2022

على مدى سنوات، بقيت مبادرة "يجمعنا حب الوطن" هي الوحيدة التي لطّفت كآبة جدران السجن للعشرات من السجناء الأحداث في السجن -الإصلاحية- المركزي بمدينة ذمار، والذي يضم أكثر من (1200) سجين، بينهم نحو (50) حدثًا، يقضون فترات محكومية على خلفية جنايات متعددة، جلّها قضايا غير جسمية.

وُضِعت المبادرة الشبابية التي انتهجت العمل الطوعي منذ يومها الأول، مستندةً إلى عون المجتمع المحلي في تغيير واقع السجناء الأحداث، وبناء ثقة متبادلة بين الحدث والمجتمع.

بدأت المبادرة العام 2012، وكرست طاقة أعضائها نحو "مساعدة الأطفال الجانحين في السجن المركزي في جانب التعليم والصحة والرياضة، بالإضافة إلى الدعم القانوني، والدعم والإرشاد النفسي والاجتماعي، ضمن جهد إعادة الدمج في المجتمع فيما بعد خروجهم من السجن"- قالت سلمى نشهل رئيسة المبادرة، وأضافت في حديث لـ"خيوط": "اشتغلت أيضًا في الغذاء، والصرف الصحي، وإعادة إدماج النازحين، واستمرار التعليم، والصحة الجيدة".

كل المشاريع التي تبنتها المبادرة، كانت بإمكانيات ذاتية من أعضاء المبادرة أو دعم بعض الشخصيات، ومع بداية العام 2018، تضاءل عمل المبادرة لتصل إلى التوقف التدريجي، بعد تشديد الإجراءات في عمل المبادرات الشبابية.

يحسب لمبادرة "يجمعنا حب الوطن" أنها أول عمل شبابي طوعي، يغوص في التفاصيل الغائبة في حياة السجناء الأحداث، ويدفع بهمومهم إلى السطح، ويقدم لهم برامج نوعية، كشريحة مجتمعية لم تأخذ حقها في الكثير من الاهتمام العام أو المجتمعي.

مجتمع متعاضد

يقول رئيس مركز أبجد للدراسات والتنمية، فؤاد النهاري، لـ"خيوط": "المبادرات الشبابية جهد استثنائي في توقيت استثنائي أيضًا". وأضاف: "تنبع أهمية المبادرات الشبابية والمجتمعية، من أنها تُنفذ في ظل هذا الوضع الذي أنهك المجتمع بفعل استمرار آلة الحرب، وهذا يمثل تمثيلًا حقيقيًّا للمجتمع التعاونَ والتعاضد".

مشيرًا إلى أن التوجه العام نحو المبادرات يأتي في ظل غياب الجهد الرسمي في تبني المشاريع وإيصال الخدمات العامة، مجدِّدًا التأكيد على أن المبادرات تكشف مدى ادخار الخير الذي يمتلكه أبناء المجتمع تجاه احتياجاته وقضاياه.

ساهمت مناخات الاضطرابات السياسية في تقليص أنشطة المبادرات الشبابية والمجتمعية، وانحصر دورها –وفق النهاري- في تنفيذ المشاريع الخدمية والمجتمعية، بعيدًا عن القضايا التي تحتمل أكثر من تفسير، في مقدمتها السجناء الأحداث.

لكن رغم ذلك، تنبعث من بين حاجة المجتمع مبادرات وطاقات شبابية ومجتمعية فاعلة، للتبلور، لتصل إلى المواطنين على هيئة مساعدات إنسانية وخيرية، تقف خلفها مبادرات موسمية ذاتية يقوم عليها شباب.

كما تنتشر خصوصًا، في هذا الشهر مبادرات لمساعدة الأسر الفقيرة في رمضان، ومبادرات أخرى لتوزيع كسوة العيد، ومبادرات لتوزيع الملابس الشتوية للأسر الفقيرة والأشد فقرًا والنازحين، وسلسلة لا تتوقف من المبادرات الإنسانية والخيرية، التي تعمل بعيدًا عن أي مظلة، باستثناء مظلة "فعل الخير للمحتاجين".

مبادرة 11 مليار

إلى جانب مبادرة "يجمعنا حب الوطن"، تنشط مبادرات أخرى في ذمار، في اتجاهات مجتمعية متعددة على مدى سنوات الحرب، إذ تكشفت قدرات المجتمعات المحلية في محاولة التجديف بعيدًا عن مناطق الصراع، نحو المشاريع الخدمية المباشرة للمجتمع المحلي، ليكون النموذج البارز "مبادرة طريق جبل مطحن" بمديرية وصاب العالي، والتي تصل تكلفتها أكثر من 11 مليار ريال، جاءت بتبرعات الأهالي والمغتربين، ووصلت في إحدى مراحلها إلى حملات التبرعات لطلاب المدارس في مناطق وصاب بالمصروف المدرسي.

في حديث لـ"خيوط"، يؤكد أمير المطحني، المسؤول الإعلامي للمبادرة، أن مشروع طريق يحضر جبل مطحن خميس مطلق- يمتد بطول 47 كم، وسط الجبال الشاهقة، ويمر بعدة مسارات ويربط ثلاث محافظات ببعضها "ذمار، إب، الحُديدة".

تساهم هذه المبادرة التي انطلقت في العام 2018، في خدمة نحو مليون نسمة في عدة مناطق بالثلاث المحافظات، ويخفف كثيرًا من أعباء السفر عبر المناطق الجبلية الوعرة إلى التجمعات السكانية في وصاب العالي ومناطق أخرى في إب والحُديدة.

تكاتف أبناء المجتمع المحلي، في مساعٍ صادقة -يقول المطحني- من أجل حل مشكلة كانت الهاجس الوحيد لأبناء المنطقة والكثير من المناطق. معتبرًا أن المجتمع هو الذي يحدد خياراته ويصوب جهوده لمعرفته باحتياجاته الملحة.

•••
صقر أبو حسن

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English