منتجات مسمومة على موائد الصائمين

سلع غذائية مقاربة على الانتهاء في أسواق المكلا وشوارعها
عبدالله البيتي
March 15, 2024

منتجات مسمومة على موائد الصائمين

سلع غذائية مقاربة على الانتهاء في أسواق المكلا وشوارعها
عبدالله البيتي
March 15, 2024
.

مع حلول شهر رمضان، يعمل بعض التُّجار وأصحاب المحال والمراكز التجارية بمدينة المكلا، على الاستفادة من الإقبال الكبير للمستهلكين على الشّراء، بمحاولة تصريف سلع ومنتجات غذائية أوشكت صلاحيتها على الانتهاء، وذلكَ من خلال تقديمها للمستهلك على شكلِ عروضٍ رمضانيّةٍ خاصّة ومغريةٍ في عددٍ من المحال، والمراكز التّجارية، والأسواق، بالمدينة. حتّى إنَّ بعض المستهلكين أَصبحوا يضطرونَ للوقوف طويلًا في طوابير أمام بعض هذه المراكز التّجارية؛ للحصول على هذه المنتجات والسِّلع، أو شرائها من الباعة المتجولين الذين يفترشون الأسواق والطّرقات والأرصفة.

ويتلقّف العامّة هذه المنتجات والسّلع دونَ وعيٍ أو إدراكٍ لمخاطرها الصحيّة المترتبة، ويعود السبب في ذلك إلى غياب الوعي الاستهلاكي، ونهم الشِّراء الذي يقومُ على مبدأ شراء المزيد خلال شهر رمضان، ممّا يؤدي ببعض المستهلكين إلى إغفال التدقيق في تاريخ الصلاحية، كما أنّ تدني القدرة الشرائيّة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصّعبة التي تمرُّ بها البلاد، إلى جانب ارتفاع الأسعار، تدفع وبقوّة، الكثيرَ من المستهلكين من ذوي الدخل المحدود، للبحثِ عن بدائل لسلعٍ ومنتجاتٍ غذائيةٍ بأسعارٍ أرخص لتوفيرها على موائدهم.

قالَ لـ"خيُوط"، أحدُ الباعة المتجولين، الذين يفترشون رصيف سوق مدينة المكلا، رافضًا الكشف عن اسمه: "يُعدُّ شهر رمضان بالنسبة لي موسمًا هامًّا، حيثُ تزيدُ فيه حركة البيع عندي أضعافًا مضاعفةً مقارنةً ببقيّة الشُّهور، وأغلب مبيعاتي قبل وأثناء شهر رمضان تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على سلع ومنتجات مقاربة الانتهاء"، ويُواصل حديثه مبرِّرًا: "صدّقني ليس هناك أي ضرر صحي من هذه السلع والمنتجات". ويختم وهو يُقسِمُ -مرارًا وتكرارًا- أيمانًا مغلظةً بالله أنّه يقوم بإخبارِ زبائنه عن قرب انتهاء صلاحية السلع والمنتجات التي يبيعها قبل أن يقوموا بشرائها منه، في محاولةٍ منه لشرعنة عمله. 

المخيف في الأمر أنّ معظم هذه المنتجات تُعرَض ولم يتبقَّ لصلاحيتها سوى أيام معدودة، أو أسابيعَ قليلة على الأكثر، وتنتشِرُ هذه السِّلع على مرمى العين في مجمل الأسواق، وعند الباعة المتجوّلين، وداخل المراكز التّجارية، وخاصةً عند المداخل؛ بهدف تشجيع وجذب المشترين لها أولًا. وغالبًا ما تعرض بهدف تصريفها وتحقيق مكاسب مادية منها -ولو بسيطة- عوضًا عن إتلافها وتحمُّل خسائر ماليّة مؤكّدة من جرّاء ذلِك.

ووسط مطالبات المواطنين لمكتب وزارة التّجارة والصناعة بساحل حضرموت، وغيره من الجهات المعنيّة، بالقيام بدورها الرّقابي على مثل هذه المنتجات الغذائية المتداولة، التّي قد تسبّب ضررًا كبيرًا على صحّةِ المستهلك، ولا سيما تلك السلع والمنتجات الحسّاسة، والمتسمة بسرعة التّلف، مثل: الأجبان، والألبان، والتّونة، والمعكرونة، والعصائر، وغيرها. محذّرين من "العبث بصحة وأرواح المواطنين، وضرورة الضّرب بيدٍ من حديدٍ حيال هذا الأمر، وعدم التّهاون فيهِ". وهو بكلِّ تأكيدٍ أمرٌ يتطلّب تكثيف الرّقابة المشدَّدة على المحلات التّجاريّة والأسواق كافة، وملاحقة باعة الطرقات والأرصفة، والاستقصاء عن طرق حصولهم على هذه السلع شبه المنتهية.

مدير إدارة الأسواق وحماية المستهلك بمكتب وزارة التّجارة والصِّناعة بساحل حضرموت، الأُستاذ/ طاهر بامخلاة، تحدّث لـ"خيُوط"، عن هذه الظّاهرة، مؤكدًا بأنّها ليست مرتبطة بحلول شهر رمضان فحسب. ونوّه إلى أنَّ "مختلف التّشريعات والقوانين النّاظمة للسُّوق اليمني لا تحظر أو تمنع بيع السلع والمنتجات الغذائية المختلفة سارية الصلاحية بأسعارٍ منخفضة، ما دام تاريخ انتهاء الصلاحية مدوّنًا ومكتوبًا على السلعة أو المنتج نفسه"، ولفت إلى أنّهم بصفتهم جهةٍ حكوميّة، يقومون بنشر الوعي للمستهلك، بعدم الإكثار من شراء مثل هذه المنتجات؛ حتى لا تتكدّس لديهم، وتفسد وتنتهي صلاحيتها، ولم يتم استهلاكها بعد. 

ويُضيف بامخلاة أنّ فِرَق التّفتيش التّابعة لمكتب الوزارة، تقوم بشكلٍ دائمٍ وروتيني بحملاتٍ ميدانيةٍ مفاجئةٍ على مختلف المراكز التّجارية والمحلات والأسواق في المدينة، وتكثّف وتُضاعِف من حملاتها قبل حلول شهر رمضان المبارك، لضبط المواد والسلع المنتهية الصلاحيّة؛ والتّأكُّد من التزام أصحاب المحلات التّجارية بالاشتراطات الخاصّة بسلامة المنتجات والسّلع المعروضة فيها؛ من أجلِ حماية المستهلك. كما تقومُ فرقهم أيضًا، بإصدار وتحرير المخالفات، والعمل بالإجراءات اللازمة مع المخالفين في حال عدم تقيدهم بالقوانين.

السلع والمواد الغذائية التي تقترب من الانتهاء، تُعرِّض صحة المستهلك للخطر، إذ إنّ سلامة المنتجات الغذائية لا يحدّدها فقط تاريخ الصّلاحية، وإنما تؤثر عليها عواملُ أخرى؛ كالنّقل والتّوزيع والمناولة والتّخزين.

ووفقًا للمادّة (13) من القانون اليمني رقم (5) لسنة 2007، بشأن تنظيم التّجارة الداخليّة، فإنّه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، أو بغرامةٍ ماليةٍ لا تزيد على خمسِ مئة ألف ريالٍ مع إتلاف بضائعه، ودفع التعويضات للمتضرر عن الضرر المباشر النّاجم عن استخدام سلعه بناءً على تقريرٍ طبيٍ مقدّم للمحكمة، كلُّ مَن عرض بغرض البيع بضائع فاسدة، أو تالفة، أو انتهت فترة صلاحيتها. بينما نصّت المادّة (18) من القانون نفسه على معاقبة كلّ من زوَّرَ، أو تلاعبَ في فترة صلاحية البضائع؛ بهدف زيادة فترة الصلاحية المحددة لها، بعقوبة التزوير المنصوص عليها بقانون الجرائم والعقوبات اليمني.

منتجات مقاربة على الانتهاء تباع للعامة في أحد شوارع مدينة المكلا-حضرموت

ويعتبر صالح بارجاش (35 عامًا)، في مجمل حديثه لـ"خيُوط"، أنّ هذه السلع والمنتجات الموشكة على الانتهاء، قد ساعدت كثيرًا من الأُسَر الكبيرة من حيث عدد الأفراد، والأقلّ اقتدارًا ماليًّا من حيث إمكانية شراء وتوفير ما يحتاجونه. مطالبًا في الوقت نفسه، الجهات الرّقابية ذات العلاقة والاختصاص، بضرورة وضع مجموعة من الشُّروط المُلزِمة لعرض هذه السلع والمنتجات للبيع في المراكز والأسواق، ومنها: وضع تاريخ انتهاء صلاحيتها الذي يجب ألّا يقل عن شهر، بجانب سعرها، وتمكين المستهلك من فحص السلعة حسيًّا. 

صحيًّا، يحذّر الدكتور/ علي باوزير في حديثٍ لـ"خيُوط"، من خطورة إقبال المستهلكين في مدينة المكلا، على مثل هذه السّلع الغذائية مقارِبة الانتهاء، خصوصًا تلك التي لم تُخزّن كما يجب. ويؤكّد: "إنَّ هذه المنتجات والسِّلع تُصبِحُ ملوّثة وسامّةً ومليئةً بالبكتيريا الضّارّة، التي قد تؤدي إلى الوفاة، فضلًا عن تفاعل المواد الغذائيّة مع العلب التي تُحفَظُ فيها، وهو ما يفاقم من خطورتها أكثر"، مشدّدًا باوزير على عدم السّماح لمثل هذه العروض الرمضانيّة أن تستوعب بيعَ سلعٍ ستنتهي صلاحيتها في غضون أيام، أو حتّى أسابيع قليلة.

عبد الرّحمن باعظيم (39 عامًا)، يقول لـ"خيُوط"، إنّه لا يُمانع من شراء هذه السلع المقارِبة على الانتهاء لعدَّة أسباب، في مقدمتها أسعارها المخفّضة، التي هي في المتناول بالنسبةِ له؛ كونهُ يعيلُ أُسرةً كبيرة، تزيد قائمة احتياجاتهم وتتعدّد في شهر رمضان، بالإضافة إلى حرصه على استهلاك كل ما يشتريه من سلعٍ ومنتجاتٍ خلال فترة قصيرة جدًّا من وقت الشِّراء، بحيث لا تزيد على ثلاثة أيّام في حدٍّ أقصى، "فاستهلاكنا لها خلال فترة صلاحيتها المحدّدة لها من المصنع، وهذا لن يُسبِّب لنا أي أضرارٍ صحيّة"، كما قال.

وتتعدّد طرق التّحايل على المستهلكين من بعض التُّجار بحلول شهر رمضان، ومن ذلك: بيع منتجات ذات صلاحيّة نافذة، لكنّها أصبحت غير صالحة للاستهلاك البشري بفعلِ عددٍ من العوامل المتمثلة إمَّا في التّخزين السيِّئ، أو التّعرض لعوامل خارجية أدّت إلى تلفها. ولهذا فإنّ أَحمد بادبيان (33 عامًا)، يُدرِك جيدًا مخاطر التّحذيرات الصّحية التي تتعلّق بعدم تناول السلع قريبة الانتهاء، وينصح عند الشِّراء بضرورة التأكد من وجود وسلامة تاريخ الصّلاحية، وأنّهُ لم يتعرّض للعبثِ أو التّزوير أو الخدش. 

ويُذكِّر أَحمد بضرورة التّنبّه لحيلِ بعض العاملين في المحلات التّجاريّة، مستغلين إمّا جهل بعض المستهلكين بأهميّة تاريخ الصلاحيّة، أو زحمة التّسوق لشراء حاجات رمضان؛ وذلك بوضعهم للمنتجات ذات الصلاحية الجديدة في الجزء الخلفي من رفوف البيع في المحلات التجاريّة، وتعمّد إبقاء المنتجات المقاربة على الانتهاء في المقدّمة.

بدورها تؤكّد اختصاصيّة التّغذية، الدكتورة/ وفاء الأشولي، في حديثها لـ"خيُوط"، أنّ "السلع والمواد الغذائية التي تقترب من الانتهاء تعرّض صحة المستهلك للخطر، إذ إنّ سلامة المنتجات الغذائية لا يحدّدها فقط تاريخ الصّلاحية، وإنّما تؤثر عليها عوامل أخرى؛ كالنّقل والتّوزيع والمناولة والتّخزين". وتلفت الأشولي إلى أنّ الفوائد الغذائية لأي منتج تقل، وربما تنعدم، كلما اقترب من تاريخ الانتهاء، داعيةً جميع المستهلكين إلى ضرورة شراء سلع ومنتجات غذائيّة ذات صلاحيّات ممتدة.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English