"العُشّار العدني" طوق نجاة لعائلة

طالبة تتحدى الظروف، وتمضي لتحقيق هدفها
ناصر الزيدي
February 13, 2024

"العُشّار العدني" طوق نجاة لعائلة

طالبة تتحدى الظروف، وتمضي لتحقيق هدفها
ناصر الزيدي
February 13, 2024
.

لم تدع مريم صفوان محمد (21 عامًا)، مجالًا للظروف المعيشية الصعبة لكي تؤثر على حياتها العملية والتعليمية، لتشق طريقها نحو تحقيق حلمها ومشروعها الخاص بصناعة العُشّار؛ لإعالة أسرتها، بعد أن تقطعت بهم السُّبل، ولم يجدوا مصدر رزق آخر يساعدهم على مجاراة الحياة.

تخوض مريم، وهي طالبة جامعية بعدن - قسم الصيدلة، معركتَها مع الحياة، حيث تعمل بكل تفانٍ وجهدٍ في صناعة "العُشار"، وهو مخلّل تقليدي يحضّر من ثمار المانجو غير الناضجة والليمون، فباتَ يوفر لها ولعائلتها دخلًا يعينها على مواجهة ظروف الحياة القاسية والتغلب عليها، من خلال تطوير مشروعها إلى مستوى أرفع.

تسعى مريم جاهدةً لتطوير مشروعها (عُشّار حكايتنا) الذي يحظى بطلب كبير ومستمر في مختلف الأسواق بمحافظة عدن والمحافظات الأخرى، كما يُصدَّر حسب الطلب إلى دول الخليج عن طريق المسافرين؛ لجودته الكبيرة وطعمه الفريد من نوعه.

المرحلة الأولى

«بداية مشروعي كانت في شهر مارس عام 2022، وجاءت بعد ملاحظتي أن المائدة العدنية لا تخلو من العشار، وبعد تفكير وتخطيط أخذا مني جهدًا كبيرًا، أطلقت مشروعي (عُشّار حكايتنا) بإمكانيات متواضعة، واستطعت من خلاله توفير مصدر رزقي لي ولأسرتي»؛ بهذه الكلمات لخّصت مريم صفوان بداية إطلاق مشروعها الذي كانت تسعى لتحقيقه منذُ فترة طويلة.

شقت "مريم" طريقها بجهودٍ ذاتية نحو تطوير مشروعها الخاص، من الحي الذي تقطن فيه والأحياء المجاورة له، حتى تمكنت من توزيعه على منصاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، وإيصاله إلى نقاط متعددة في عدن وخارجها.

وتضيف مريم، أنه بعد تحديد اسم مشروعها: "عملت دراسة جدوى، عبر التعلم الذاتي من الإنترنت في إعداد دراسات جدوى للمشاريع الصغيرة، واقتنعت أكثر من خلال اطلاعي على الدراسات، بأن مشروعي سيحقق النجاح".

وبعد اقتناع مريم الكبير بنجاح مشروعها (مصدر رزق أسرتها الوحيد)، بدأت بتصنيع كمية قليلة من العُشار، وتوزيعها على أقاربها، وجيرانها في الحي الذي تسكن فيه، في تجربة أولى لقياس الجودة والمذاق، إلا أنها فوجِئت بإعجاب الجميع بصناعتها للعُشار العدني بطريقة عالية الجودة ومختلفة كثيرًا عن الآخرين، ما دفعها لتطوير وتوسيع مشروعها والتخطيط له.

تطوير المشروع

شقّت مريم طريقها بجهودٍ ذاتية نحو تطوير مشروعها (عُشّار حكايتنا)، من الحي الذي تقطن فيه والأحياء المجاورة له، حتى تمكنت من توزيعه على منصاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، وإيصاله إلى نقاط متعددة في عدن، منها: محلات في إنماء القديمة، وكريتر، ومنطقة الشعب، والشيخ عثمان، والمنصورة، وصولًا إلى عملية التصدير إلى دول الخليج عن طريق المسافرين، حسب الطلبيات من بعض الأسر اليمنية هناك.

تؤكد مريم أنّ مشروعها حظِيَ بارتياح كبير من قبل جمهوره؛ لِمَا يمثله من أهمية كبيرة لديهم في تكملة المائدة، خصوصًا العدنية، وانطلقت بعُشار محضَّر من فاكهة المانجو، وبعد انتهاء موسم المانجو قامت بصناعة عُشار محضَّرٍ من الليمون؛ بناء على طلبات زبائنها المتنوعة النكهات، لكي يتسنى لكل شخص منهم شراء العُشار بالنكهة المفضّلة لديه ولدى أسرته.

وتتابع مريم حديثها، قائلة: "بعد مرور ما يُقارب سنتين من إطلاق مشروعي (عُشّار حكايتنا)، وصلتُ إلى ما كنت أسعى إليه منذُ البداية، بتوفيقٍ وعونٍ من الله، ثم من أسرتي التي ذللت لي الكثير من الصعاب، وأطمح حاليًّا إلى افتتاح متجر صغير خاص بي، وأُنتِج فيه كل أنواع العشار، بنكهات جديدة ومتميزة".

أسعار معقولة

على الرغم من انهيار العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وما ترتّب على ذلك من غلاء فاحش في كل متطلبات الحياة، سواء في محافظة عدن أو غيرها من المحافظات المجاورة، فإن ذلك لم يدفع مريم إلى استغلال وضع زبائنها كما يفعل الآخرون اليومَ، من منعدمي الضمير ومستغلي الأزمات، حيث التزمت تسعيرةً واحدة لبيع علبة العُشار العدني؛ النوع الصغير بمبلغ 2500 ريال يمني للعلبة الواحدة، والكبير بمبلغ 5500 ريال يمني"، مكتفية بالدخل القليل من خلال مشروعها، رغم ارتفاع أسعار العلب البلاستيكية والمستلزمات الأخرى، التي يتطلب توافرها لحفظ المنتوج.

تختتم مريم حديثها، قائلةً: "لم أتلقَّ دعمًا من أي شخص أو جهة، وأنا حاليًّا في أمسّ الحاجة إلى طابعة؛ فأيام الموسم أحتاج أكبر قدر ممكن من الكروت، إذ تأتيني طلبيات من الخارج، حينها تكون الكروت غير متوافرة لدي، وهذا يؤثر كثيرًا على عملي".

تحدٍّ صعب

بكلماتٍ تحمل في طياتها مشقة التعب والمعاناة، تقول مريم: "الصعوبات التي أواجهها، وأكثرها صعوبة؛ أني طالبة جامعية أدرس في قسم صعب جدًّا بالجامعة الوطنية بعدن، وهو قسم الصيدلة، ولكنني أحاول قدر الإمكان ألّا أقصر، ولو بشيء بسيط، في دراستي أو مشروعي، لكيلا أخسر أحدهما، فحياتي مرهونة بهما".

تمضي مريم في المرحلة الحالية بكل عزيمة وإصرار، نحو تحقيق هدفها المنشود (افتتاح متجر خاص لبيع العُشار العدني)، لتستمر في خوض معركتها لتحسين وضع أسرتها الاقتصادي، رغم تضاؤل الأنشطة الاستثمارية، والتحديات الكبيرة التي خلّفتها الحرب تجاه معظم النساء، إضافة إلى نظرة المجتمع القاصرة تجاههن.

•••
ناصر الزيدي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English