الطفل أسامة بلا قدم بسبب شظايا صاروخ

معاناة نفسية كانت الحرب السبب الأول في حدوثها
علاء الشلالي
February 24, 2022

الطفل أسامة بلا قدم بسبب شظايا صاروخ

معاناة نفسية كانت الحرب السبب الأول في حدوثها
علاء الشلالي
February 24, 2022

في منتصف سبتمبر/ أيلول من العام 2018، تعرض خط كيلو 16 الرابط بين مدينتي الحديدة وصنعاء لقصف من طائرات التحالف، وعلى إثره قُتل عدد من المسافرين، لكن عائلة عبدالله الحكمي التي فرت من المعارك في الحديدة، نجت من الموت بأعجوبة، رغم أن شظايا القصف اخترقت الحافلة التي كانت تُقِلّهم، فكانت إحدى الشظايا سببًا في إعاقة طفلهم أسامة ذي الأحد عشر عامًا.

خلال حديثه لـ"خيوط"، يتذكر والده الحادثة الأليمة، إذ تم إسعاف الجرحى لإحدى المستشفيات القريبة من وقوع القصف، وأخبر الأطباءُ عبدَالله الحكمي بضرورة بتر الساق اليمنى لنجله أسامة، كان القرار صعبًا لكن تنفيذه مهم من أجل إنقاذ حياة الطفل، وبالفعل تم بتر قدم أسامة، وظل الطفل النازح مع عائلته إلى صنعاء يكابد الآلام الجسدية والنفسية التي ألمّت به نتيجة البتر.

يقول عبدالله الحكمي: "كان نجلي يمشي بالعكاكيز، ويرفض الذهاب إلى المدرسة بسبب تخوفه من تعرضه لمضايقات من أقرانه، كان شخصًا انطوائيًّا، ولا يتقبل النقاش".

معاناة مستمرة

ظل أسامة مدة عامين، يعاني من التداعيات النفسية جراء بتر قدمه، حتى اقترح على والده أحدُ الأشخاص المجاورين لسكنهم، أن يقوم أسامة بتركيب طرف صناعي لرجله اليمنى بدلًا من القدم التي فقدها.

يتردد أسامة بين الحين والآخر على مركز الأطراف بغرض معاينة وصيانة طرفه الصناعي، لكنه يشكو من تهكم زملائه في الصف الدراسي عليه حينما يعلمون أنه يسير على قدم صناعية، وهو الأمر الذي يسبب له معاناة نفسية كانت الحرب السبب الأول في حدوثها.

تلك الفكرة نالت استحسان الطفل، لكنه واجه عقبات حالت دون حصوله على الطرف الصناعي، إذ إن والده لم يكن يمتلك قيمة الطرف الصناعي، والتي تتراوح ما بين 180 إلى 240 ألف ريال يمني في المراكز الخاصة بصناعة الأطراف، فبالكاد يستطيع الحكمي أن يدفع إيجار المنزل الذي يستأجره في صنعاء، وتأمين لقمة العيش لعائلته المكونة من زوجته وأربعة من أبنائه.

يئس الحكمي من الحصول على تخفيض مالي في قيمة الطرف الصناعي لنجله، لم يكن يعلم أن هناك جهات حكومية كانت تُقدّم مساعدات مالية لذوي الإعاقة، ومنها صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، حينها اتجه الحكمي للصندوق وبعد مراجعة استمرت شهرين، تمكن من الحصول على مذكرة موجهة من الصندوق لمركز الأطراف والعلاج الطبيعي الحكومي في صنعاء تُفيد بتكفل الصندوق لكامل التكاليف المالية للطرف الصناعي.

بدأت رحلة تركيب الطرف الصناعي للطفل أسامة بعد أخذ المقاس منه، ومن ثم البَدء بصناعته والتي استغرقت مدة أسبوعين، بعدها كان أسامة يتلقى تدريبات للمشي على الطرف، وجلسات نفسية كانت تقدمها له منظمة دولية معنية بذوي الإعاقة تعمل بالشراكة مع المركز الحكومي.

يقول والده عبدالله الحكمي: "كان تأقلُم نجلي أسامة على المشي بالطرف الصناعي صعبًا، كنا نحفزه أنا ووالدته، والحمد لله اليوم يستطيع أسامة الذهاب إلى المدرسة بقدمه الصناعية".

يتردد أسامة بين الحين والآخر على مركز الأطراف بغرض معاينة وصيانة طرفه الصناعي، لكنه يشكو من تهكم زملائه في الصف الدراسي عليه حينما يعلمون أنه يسير على قدم صناعية، وهو الأمر الذي يسبب له معاناة نفسية كانت الحرب السبب الأول في حدوثها.

يتردد على صندوق رعاية وتأهيل المعاقين الحكومي بصنعاء، الكثيرُ من الأطفال الذين تعرضوا لمختلف أنواع الإعاقة بسبب الحرب، لكن الصندوق لا يستطيع الإيفاء باحتياجات جميع المعاقين بسبب شُـح الإمكانيات المالية، وامتناع بعض المؤسسات التجارية مواصلة دعمها لمشاريع وأنشطة الصندوق الذي تأسس عام 1999، بهدف مساعدة المعاقين والحد من الآثار السلبية للإعاقة.

وكحال مختلف المؤسسات الحكومية عقب سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على العاصمة صنعاء عام 2015، فقد انقسم صندوق رعاية وتأهيل المعاقين إلى صندوقين؛ الأول في صنعاء خاضع لسيطرة سلطة أنصار الله (الحوثيين)، والآخر في عدن خاضع لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، وهي المشكلة التي انعكس تأثيرها السلبي على الأشخاص ذوي الإعاقة.

في حديثه لـ"خيوط"، يشير نائب المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين بصنعاء، عثمان الصلوي، إلى أن الأطفال هم الأكثر تضررًا من الحرب الجارية في اليمن، إضافة إلى أن الحرب تسببت بوقوع إعاقات جديدة في فئة الأطفال وغيرهم.

قيود وأضرار

لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد الأطفال الذين تعرضوا لمختلف الإعاقات منذ بدء الحرب، إلا أن الاتحاد الوطني لجمعيات ذوي الإعاقة اليمنيين أشار إلى أن الحرب سببت للمعاقين الكثير من المشاكل والعراقيل، لعل من أبرزها التسبب بمزيد من الإعاقة لآلاف الأشخاص، وشحة وتقليص الموارد المالية لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، الذي من خلاله كان يتلقى مليون معاق تعليمهم وتأهيلهم وتدريبهم وقيمة علاجاتهم. بالإضافة إلى تضرر كثير من جمعيات واتحادات ومراكز التأهيل والتدريب للأشخاص ذوي الإعاقة في عموم المحافظات اليمنية.

فيما فرضت الحرب مزيدًا من القيود على حرية تنقل وحركة الأشخاص ذوي الإعاقة كحق أصيل للإنسان بحرية التنقل والسفر، ومنها إغلاق مطار صنعاء، وتسببت بمضاعفة الأعباء اليومية لكثير من الأشخاص المعاقين بعد توقف مصادر دخلهم بعد نقل البنك المركزي إلى عدن وتوقف صرف الرواتب ومبالغ الضمان الاجتماعي لعدة سنوات.

وفي تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، قالت المنظمة، إنه "يجب على المنظمات المحلية والدولية العاملة في اليمن جمع وتصنيف بيانات مُصنَّفة بشكل أفضل عن جميع الأشخاص ذوي الإعاقة المتنوعة الذين تتولى رعايتهم. كما يجب عليها إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل مباشر في إعداد المساعدات وتسليمها، بما يكفل حقهم في المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم".

وفي إحاطة لها عبر موقع أخبار الأمم المتحدة، قالت الناشطة اليمنية رجاء عبدالله المصعبي، رئيسة المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، إن "الحرب المستمرة في بلادها خلّفت تأثيرًا كبيرًا على الأشخاص من ذوي الإعاقة، مشيرة إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين تسببت الحرب في إعاقتهم، وخاصة الأطفال"، داعية مجلس الأمن إلى تضمين قضية الأشخاص من ذوي الإعاقة في أي بيان أو قرار يصدره.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English