ثمن السقوط الذي يدفعه اليمن

من أفغانستان إلى الوضع الأثيوبي الجديد
خيوط
November 7, 2021

ثمن السقوط الذي يدفعه اليمن

من أفغانستان إلى الوضع الأثيوبي الجديد
خيوط
November 7, 2021

سقطت أفغانستان في يد طالبان مرة أخرى، فسقطنا نحن اليمنيين -الساقطين سلفًا- في هوة إضافية من اليأس والقنوط. قبل بداية القرن الواحد والعشرين، لم تكن الأمور على هذا النحو المترابط الكئيب، لقد شهدنا عددًا لا يحصى من الانقلابات في أفريقيا وتركيا وأمريكا اللاتينية، دون أن يحرك فينا الأمر ساكنًا، أما اليوم، فكلما تداعت لبنة في الجدار الرهيف لأحلام شعوب العالم وتطلعاتهم، كان ذلك، بالضرورة، ثقلًا جديدًا على كواهلنا، وسنوات إضافية من اليباب واليتم.

لكن في المقابل، ضخ الدرس الأفغاني، مزيدًا من الدماء، في جسد قوى ما قبل الوطن والدولة، لتستغلق علينا أسئلة، العدالة والحرية والمواطنة، أكثر فأكثر، حتى لكأننا نرى في الأوهام التي سوّقتها لنا المنظومة الغريبة، خلال سنوات ما قبل الثورة، ضربًا من الفخاخ المحكمة الإيقاع، لضرب التعدد والوئام الاجتماعي.

رأينا، قبل أسابيع قليلة، كيف تحول ربيع تونس إلى شتاء، وفي الأسبوع الماضي، أجهض العسكر المرحلة الانتقالية في السودان، ومن لم يتيقن حق اليقين، بشأن الدول المتآمرة لتمكين العسكر من رقاب المدنيين، حتى إنه ليشار بالبنان إلى كون هذه الدول -وهي بالمناسبة عربية- حليفة موثوقة للمنظومة الغريبة، وبتقريب أكثر: صديقة للولايات المتحدة الأمريكية.

يجب ألَّا يفهم غضبنا على أنه استعداء، أو دعوة للتدخل الخارجي السافر في شؤوننا، بل هو وضع النقاط على الحروف على لعبة تبادل الأدوار البريطانية-الأمريكية في المنطقة، وتذكير لا بد منه بأكذوبة الحرص على استقرار المنطقة.

هناك أيضًا، عشرات -إن لم يكن مئات- الأثيوبيين، وجدوا في اليمن -حتى وقت قريب- بيئة صديقة للعيش، لكن مع انهيار الوضع الأثيوبي، لا نعتقد أننا سنكون بمنأى عمّا سيلحق بهذا البلد... لسنا بحاجة لأن نرى بلدًا جديدًا محتربًا في محيطنا المتلاطم.

في السنوات القليلة، بدا أن هناك تفاوتًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا في أوضاع بعض الأقليات الأثيوبية، لكن وبدلًا من الضغط باتجاه حل هذه المشكلة الجانبية في أداء الحكومة، ها نحن نرى تواطُؤًا مفضوحًا لتسليم البلد، لجماعات مسلحة، ولا من يعبأ بالنتائج الكارثية التي ستتحملها منطقتنا، في حال تقوضت الدولة الأثيوبية.

لا يبدو آبي أحمد، أقل طغيانًا ممن سبقوه من الزعماء الأثيوبيين، ولا نزال، نحن العرب، نعاني من صداع سياساته الخرقاء التي تخص التعامل مع سد النهضة، لكنه، وعلى الرغم من كل دعاوى الانتهاكات القائمة بحقه، لا يمكن إقرار إزاحته من السلطة على هذا النحو العبثي، إلا باعتبار هذا الأمر حلقة في الدأب المستمر، لتمكين جماعات غير نظامية متنافرة، من حياة سكان المنطقة، وإضافة أعباء إثنية جديدة إلى التفاوت القائم.

نحن -اليمنيين- إذ نؤكد أن لا مصلحة في السياسات الخاطئة للحكومة الأثيوبية، نشدد على أن انهيارها سيلحق بنا مزيدًا من الضغط والضرر، وسيزيد إلى حياتنا المنكوبة، مزيدًا من المعاناة.

ارتبط اليمن تاريخيًّا بأثيوبيا، حتى لا تستطيع مع هذه الوشائج، أن تميز أيٍّ من الحضارتين، هي الأصلية، ومن الذي تأثر بالآخر خلال هذا التماس. ومع دخول اليمن، منذ العام 2014، في حالة احتراب أهلي، كانت أثيوبيا إحدى الملاذات، لا نقول الآمنة، وإنما المستساغة لمواطن يمني، وجد في المواطن الأثيوبي ما يشبه التوْأَمة الروحية. 

هناك أيضًا، عشرات -إن لم يكن مئات- الأثيوبيين، وجدوا في اليمن -حتى وقت قريب- بيئة صديقة للعيش، لكن مع انهيار الوضع الأثيوبي، لا نعتقد أننا سنكون بمنأى عمّا سيلحق هذا البلد. لسنا بحاجة لأن نرى بلدًا جديدًا محتربًا في محيطنا المتلاطم؛ المزيد من الغرقى الملقين على شواطئنا، وهم يحاولون الهرب من مستقبل مجهول، أو أن يصبح اليمن، محطة أولى لانتهاك حقوق المهاجرين، مع ازدهار تجارة البشر خلال السنوات القليلة، وتربص السماسرة الذين بلا ضمير، لإخواننا هؤلاء.

كلنا نعرف، أن الحرب اليمنية، لم تمنع الأفارقة من اختيارها وجهة للهرب من جحيم أوطانهم، لنعرف ما الذي سيصيره الوضع، في حال دخل بلد كبير ومتنوع مثل أثيوبيا، في حالة الحرب الشاملة. القادة الخليجيون هم الآخرون معنيون بتأمل الحالة الأثيوبية، وممارسة الضغط على حلفائهم الغربيين لوضع حد لهذه المعضلة، بدلًا من الفرجة، لأنهم في ظل هذا الصمت الفاضح، سيدفعون الكلفة الاقتصادية عاليًا. 


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English