"جامع المظفر" بتعز

مسجد المدينة الذي تعاقب الملوك على تجديده
خيوط
March 30, 2024

"جامع المظفر" بتعز

مسجد المدينة الذي تعاقب الملوك على تجديده
خيوط
March 30, 2024
الصورة ل: أحمد باشا

التسمية:

مسجد/ جامع المظفر.

الموقع:

مدينة تعز القديمة.

الآمِر بالتشييد وزمنه:

الملك الرسولي يوسف بن عمر بن علي بن رسول، الملقب بالمظفر، في بداية حكمه سنة 649 هجرية.

الطراز المعماري:

حافظ المسجد سنوات طويلة على نمط المعمار الأول لعهد الدولة الرسولية، حتى مع التوسيعات المبكرة التي تمت عليه.

الوصف:

يُعدّ المسجدَ المركزي لمدينة تعز بأكملها، وهو أقدم مساجدها وأوسعها.

المسجد يتوسط المدينة القديمة، ويضفي عليها جمالًا وفتنة، لم يُعثر على سنة تأسيسه بالضبط، ولولا أنّ الملك يوسف بن عمر بن علي بن رسول الملقب بالمظفر، حكم ما يقرب من نصف قرن، لَتيسّرَ أمر التحديد، ولكن الواضح أنه بناه في السنوات الأولى من حكمه الذي بدأ وبشكل مطلق سنة 649 هجرية، وبعد أكثر من عشرين عامًا من انتقال السلطة من الأيوبيين إلى بني رسول في 626 هجرية/ 1229 ميلادية. 

أقدم صورة لجامع المظفر التاريخي في العام 1895م، بعدسة الرحالة والمستكشف الفرنسي ديزيريه شارنيه. رحالة، مستكشف، ومصور فرنسي( 1828 -1915)

شيّده الملك عندما كان الناس يصلون الجمعة في مسجد الرشيدية، قريبًا من حي عُدينة أو في أطرافه. ويظهر أنه قد وُفّق توفيقًا كبيرًا في اختيار الموقع؛ لأنّ جميع من جاء بعد المظفر من الملوك، عملوا على تجديده أو توسيعه، ولكن لا أحد منهم فكّر في بناء مسجد منافس؛ فالملك المجاهد أضاف عليه الجناح الغربي بنفس النمط المعماري، وجاء الأشرف الثاني فأنشأ الزيادة الشرقية بنفس النمط أيضًا، حتى إن الرائي لا يلمس أدنى فرق سوى أنّ المسجد غدَا أوسع، وإن كان قد شذّ عن قاعدة بناء مثيله من المرافق في تلك الحقبة؛ إذ إنّ عهدنا بها أنّ كل مسجد مدرسة وكل مدرسة مسجد، أما هذا فقد عرفه الناس بأنه المسجد الجامع للمدينة.

آخر صورة لجامع المظفر التاريخي قبل سقوط منارته القديمة. الصورة في 1961-1962 بعدسة القنصل الألماني ويلي جورج ستيفن

سجّل المؤرخون للدولة الرسولية، حتى بعد زوالهم وتولِّي الطاهريين، اهتمامَهم بالمآثر الدينية من خلال الزيادة التي أحدثها السلطان المنصور عبدالوهاب في مقدمة الجامع والمنبر المنصوب داخل تلك الزيادة، حتى جاء السلطان عامر بن عبدالوهاب، فأمر -في إحدى زياراته لتعز- بنقض الجامع ورفعه عما كان عليه، وأقامه بصورة أجمل.

شهدت السنة الأخيرة لحكم الإمام أحمد حميد الدين سنة ١٩٦٢م، سقوط المئذنة الوحيدة التي كانت تتوسط مؤخرته، وبعد خمس وعشرين سنة من سقوطها؛ أي في 1987م، تم إنشاء مئذنة جديدة للمسجد في طرفه الشرقي، على الطراز الصنعاني للمآذن، رغم إمكانية بنائها على نفس الطراز المعماري للمسجد. والمئذنة الجديدة يبلغ ارتفاعها تقريبًا ٤٥ مترًا، وتقف على قاعدة مربعة مرتفعة سميكة الجدران، كُسيت بأحجار سوداء (أحجار الحبش)، لمنع تسلل الصدأ والملوحة إلى أساس المئذنة وقواعدها، وتضفي عليها أيضًا رونقًا وجمالًا. وتحيط بالمئذنة ثلاث شرفات، وتتوج رأس المئذنة قبةٌ بيضاء تلمع تحت أشعة الشمس، والمئذنة من بعيد شبيهة بقلم رصاص مسنون، وعلى جدارها الخارجي طاقات أو فتحات صغيرة جدًّا متساوية في المسافات، لكسر الفراغ الذي بين رأس المئذنة وشرفة الأذان الأولى. وقطر المئذنة عريض؛ لتصمد أمام قوة الرياح.

جامع المظفر التاريخي عدسة الطيار السويدي Ingvar Svensson العام 1954-1957

يتألف جامع ومدرسة المظفر من بيت للصلاة، مساحته (39,60م × 15,18م)، ويتكون من صدر وجناحين، تغطيه قبة كبيرة مدعّمة بعقود، أما الجناحين الغربي والشرقي فتغطي كلًّا منهما كتابات، ويقع في جنوب بيت الصلاة فناء مكشوف. أما المئذنة فتشغل الزاوية الجنوبية الشرقية منه. وعلى امتداد الصحن في الجهة الغربية، توجد مجنة (قبر)، بها بائكتان صغيرتان ذاتا سقف مسطح، أما الجهة الشرقية فقد أزيلت معالمها القديمة، وتقع فيها حمّامات.

والتخطيط العام لمبنى جامع المظفر عبارة عن بناء من الحجر، مستطيل المسقط، يتكون من طابقين مرتفعين؛ يشتمل الطابق الأرضي على عددٍ من الممرات والحجرات التي كانت تستخدم سكنًا لطلبة العِلم، واستُخدمت في فترات لاحقة مخازن. سقف أحد هذه الدهاليز عبارة عن قبو نصف برميلي الشكل. يشغل الجامع ومرافقه الطابقَ الثاني، ويتكون من فناء (صوح) مكشوف، تحيط به من الجهات الشرقية والغربية والجنوبية ثلاثة أروقة؛ ويحيط به من الجهة الشمالية بيت الصلاة، ويطل عليه بواجهته الجنوبية.

زُخرفت باطن القباب العامرية، التي شُيّدت في عهد الملك الطاهري عامر بن عبدالوهاب، وجدرانها، ورقابها، بالكتابة الأنيقة والألوان الزاهية، غير أنّ الكثير من هذه القباب قد بهتت ألوان زخارفها وطُمست بفعل عوامل الزمن من ناحية، والجهل والإهمال من ناحية أخرى، ومن المؤسف أننا نشاهد النورة البيضاء، بفعل فاعل، كست باطن العديد من القباب. وفي مقدمة الجامع أو الجهة الشمالية منه، تظهر ثلاث قباب ضخمة، وبين كل قبة كبيرة أربع قباب أصغر حجمًا، وتعد هذه القباب من أجمل وأكبر وأقدم القباب في سجل تاريخ قباب المساجد باليمن.

جامع المظفر من الخارج - عدسة أحمد باشا - 2016

المصادر:

- مدينة تعز غصن نضير في دوحة التاريخ العربي، محمد محمد المجاهد، الطبعة الأولى، 1997، ص 60 وما بعدها.

- مساجد اليمن؛ نشأتها – تطورها - خصائصها، تأليف: محمد زكريا، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، 1998. 

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English