القاضي محمد بن إسماعيل العمرانيّ

اليمن تودع آخر علمائها المجتهدين
خيوط
July 12, 2021

القاضي محمد بن إسماعيل العمرانيّ

اليمن تودع آخر علمائها المجتهدين
خيوط
July 12, 2021

(1340هـ - 1442هـ)/ (.../ 11/ 1921م - 12/ 7/ 2021م)

فوا أسفا للمجد طاف به الردى  وقامت على رغم المعالي نوادبُهْ

   

وُلِد القاضي العلّامة محمد بن إسماعيل بن محمد العمرانيّ في مدينة صنعاء، وهو فقيه مجتهد، واسع المعرفة. توفِّي والده، وهو في سن الرابعة من عمره، فكفلته والدته، فدرس القرآن الكريم، ثم تلقى العلم في عدد من مساجد مدينة صنعاء التي كانت منارة للعلوم الشرعية والدينية، وذلك على عدد من العلماء، منهم: العلّامة عبدالله عبدالكريم الجرافي، والعلّامة عبدالله بن عبدالرحمن حميد، والعلّامة عبدالكريم بن إبراهيم الأمير، والعلّامة حسن بن علي المغربي، والعلّامة عبدالله بن محمد السرحي، والعلّامة عبدالوهّاب الشماحي، والعلّامة أحمد بن علي الكحلاني، والعلّامة عبدالخالق بن حسين الأمير، والعلّامة محمد بن علي السراجي، والعلّامة محمد بن صالح البهلولي، والعلّامة علي بن هلال الدبب، والعلّامة يحيى بن محمد الإرياني، والعلّامة أحمد بن محمد زبارة، والعلّامة أحمد بن محمد الجرافي، والعلّامة منصور بن عبدالعزيز بن نصر، والعلّامة علي بن عبدالله الآنسي. 

تحدث القاضي العمرانيّ عن المرحلة الأولى لطلبه العلم قائلًا: "بتشجيع من كبار السن ممن كانوا يعرفونني من القضاة والعلماء بقولهم لي: "أنت ابن القاضي إسماعيل بن القاضي محمد...، لقد كان جدُّك من كبار علماء صنعاء، وكذلك جدّ أبيك"؛ ليحفزوني على طلب العلم، واللحاق بركب العلماء، وبهذا التشجيع تاقت نفسي للعلم، فبادرت بالدخول في "مدرسة الفلَيحِي" الابتدائية، وأنا في السابعة من عمري، فأخذت القرآن الكريم على الأستاذ: محمد النعماني وغيره، وتعلمت -إلى جانب فنّ التجويد- مختصرات من العلوم ممثلة في منهج مدرسة الفلَيحِي الابتدائية، وهي: الأخلاق، النحو، الخطّ، الإنشاء، الحساب، الهندسة، الجغرافيا، الصحة، وأخذت من المدرسة شهادة في ذلك. انتقلت بعدها إلى مدرسة "الإصلاح" في اليوم الذي افتتحت فيه، فأخذت فيها جميع ما تقدم ذكره من المختصرات الابتدائية، ولكنها كانت أرقى وأرفع من الأولى، وعلى رأس السنة من دخولي هذه المدرسة كان خروجي منها بشهادة أعلى من الأولى، وكانت هذه الشهادة التي حزتها مع زملائي في هذه المدرسة أول شهادات أعطيت لخريجيها، وكانت أول دفعة تخرّجت منها".

مرحلة الطلب الثانية:

ويقول عن المرحلة الثانية: ""لقد قرأت أثناء دراستي في مدرسة بئر العزب، وبئر الشمس عند الأستاذ غالب الحرازي، وفي مدرسة الروضة عند الأستاذ الحسن بن إبراهيم، وعندما بلغت الرابعة عشرة من عمري 1354هـ، انتقلت إلى الجامع الكبير بصنعاء، وإلى مسجد الفليحي، فجوّدت القرآن الكريم على المقرئ محمد بن إسحاق، والفقيه المراصبي، والعلّامة الضرير يحيى الكبسي، والفقيه حسين الأكوع، والسيد محمد حميد الدب".

حفظه المختصرات:

يضيف القاضي قائلًا: "وحفظت المختصرات على السيد عبدالكريم بن إبراهيم الأمير وغيره، ولزمت هذا المسجد (الفليحي) كثيرًا، واختلفت إلى مساجد أخرى أجلس متلقّيًا على يد شيوخها، ومن هذه المختصرات:

كما أخذت على السيد عبدالكريم الأمير في شرح القواعد، وشرح الفاكهي على ملحة الإعراب، وشرح قطر الندى في النحو، وشرح السعد للتفتازاني في علم المعاني والبيان والبديع وغيره، وأخذت على الصفي أحمد بن محمد السنيدار في مفهوم ومنطوق بعض متن الأزهار، وفي صحيفة علي بن موسى الرضا، وأخذت على العلّامة العزي البهلولي في شرح الجوهر المكنون في علم المعاني والبيان والبديع، وشرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك في النحو، وشرح الطبري على متن الكافل في أصول الفقه، وشرح السعد على التلخيص في علم المعاني والبيان والبديع، وشرح عمدة الأحكام، وفي أوائل غاية السَّؤُول في أصول الفقه، وفي أوائل كتاب الكشّاف في التفسير، وأخذت على الفخري عبدالله بن عبدالرحمن حميد في قواعد الإعراب، وشرح ابن عقيل، وشرح الجوهر المكنون والكافل، وتحفة الذاكرين، ونخبة الفكر، وبعض من المناهل الصافية في علم الصرف، وغير ذلك من الكتب، وأخذت على القاضي علي بن حسن المغربي بعضًا من كتاب قطر الندى في علم النحو، وشرح نخبة الفكر في علم مصطلح الحديث، وغير ذلك من الكتب.

وأخذت على القاضي أحمد بن لطف الزبيري بعضًا من شرح القطر، وبعض شرح الفاكهي على الملحة، وشرح القواعد، وأخذت على السيد أحمد بن محمد زبارة في أوائل شرح الأزهار، وثلثي كتاب سبل السلام، وبعضًا من كتاب الشفاء للأمير الحسين.

وأخذت على القاضي عبدالوهّاب المجاهد الشماخي بعضًا من الجزء الأول من شرح الأزهار، وبعضًا منه من الجزء الثاني، وأخذت على القاضي حسن بن علي المغربي في الفرائض، وشرح الأزهار، وأصول الأحكام، وبيان ابن مظفر، وغير ذلك من الكتب، وأخذت على السيد عبدالخالق الأمير في شرح الأزهار، وفي الفرائض، وصحيح مسلم، وغير ذلك من الكتب، وأخذت على القاضي علي الآنسي في الفرائض، وأخذت على غير هؤلاء المذكورين من رجال الفروع والفرائض، وعن السيد محمد السراجي في شرح الغاية، وفي شرح العمدة، وعلى السيد العلّامة أحمد ... [هكذا بياض في الأصل] في شرح الغاية، وفي الكشّاف، وفي شرح الأزهار، وفي سنن أبي داود، وعلى القاضي العلّامة يحيى محمد الإرياني في شرح الغاية في أصول الفقه، وفي الكشاف، وفي سنن أبي داود، وفي البحر الزخار، وفي الروض النضير وفي غيرها".

عقده الحلقات العلمية كوسيلة لتحصيل العلم وتعميقه

يتحدث القاضي العمرانيّ عن بداية تصدره للتدريس، فيقول: "وبينما كنت أختلف إلى مشايخي لآخذ عليهم كبار الكتب -كتب التخصص- كنت أستعين الله، وأفتح حلقات علمية لطلاب أقل مني تحصيلًا في الكتب الأولية من المتون والمختصرات التي تشمل كتب الفقه واللُّغة والحديث؛ وبهذا الأسلوب حصلت على فوائد جمَّة، وعلوم نافعة قيمة أكثر مما لو كنت مقتصرًا على التحصيل فقط".

ومما تجدر الإشارة إليه أنه كان للقاضي العمرانيّ عبر الإذاعة برنامج "فتاوى" امتد زهاء ثلاثين عامًا، انتفع به طالبو الفتوى نفعًا عظيمًا، وهو إلى جانب ذلك محاضر في جامعة صنعاء، وفي المعهد العالي للقضاء يتوافد إليه الآلاف من طلبة العلم من شتى البلاد والأمصار الإسلامية أو من خلال حلقات العلم التي كان يعقدها في مختلف مساجد صنعاء، كمسجد الفليحي، وآخرها مسجد الزبيري.

كما كان للقاضي العمرانيّ قدرة فائقة على ترتيب شؤونه، وتنظيم وقته بين التدريس، والعمل في الوظائف الحكومية التي اضطلع بها، وآخرها عضويته في هيئة الإفتاء الشرعية في الديار اليمنية، وله برامج وحلقات دينية في عدد من القنوات الفضائية والإذاعية.

من مؤلفاته: 

  • نظام القضاء في الإسلام، طبع عام 1984م.
  • الزيديّة في اليمن، كتيّب صدر عن دار التراث اليمني عام 1990م. 
  • مقالات القاضي العمرانيّ، صدر عن دار النشر للجامعات، صنعاء. 
  • نيل الأماني (فتاوى)، جمع وترتيب عبدالله قاسم ذيبان، صدر عن مكتبة الإرشاد ودار ابن حزم، صنعاء عام 2009م.

وله عدد من البحوث والرسائل في علوم مختلفة، كما أن له عددًا من الكتابات في المجلات والصحف اليمنية، مثل: مجلة "رسالة الإسلام"، بالقاهرة، ومجلة "البيان"، بلندن. وفي اليمن نُشرت له عدة مقالات في مجلات "النور"، و"الإرشاد"، و"الثورة"، وغيرها، هذا إلى جانب مشاركاته في بعض مؤتمرات الحوار الإسلامي-المسيحي، كما ساهم في بعض مؤتمرات وزراء العدل العرب، وله تلامذة كثيرون ممن تلقى عنه العلوم الشرعية.

كُتب عنه العديد من الدراسات والرسائل العلمية، منها: "القاضي العلّامة محمد بن إسماعيل العمرانيّ: حياته العلمية، والدعوية"، إعداد عبدالرحمن عبدالله سليمان الأغبري؛ رسالة ماجستير، صدرت عن مكتبة الإرشاد، صنعاء.

للقاضي العمرانيّ عدد من الأبناء النجباء المشتغلين في مجالات العلم والبحث والشعر والدبلوماسية، عُرف منهم: عبدالرحمن، وعبدالغني، وعبدالوهّاب، وعبدالرزّاق.

قال عنه الأستاذ إبراهيم المقحفي: "الشيخ العلّامة المجتهد المحقق القاضي محمد بن إسماعيل العمرانيّ، وهو عالم في الفقه وعلوم الشريعة، ومن العلماء الأجلّاء المساهمين في إعطاء الدروس الفقهية وعلوم الشريعة في المساجد على مدار أيام السنة...، ومن أولاده الدكتور المرحوم عبدالرحمن محمد العمرانيّ أستاذ الأدب بجامعة صنعاء".

تُوفي القاضي/ محمد بن إسماعيل العمراني في يوم الإثنين 12 يوليو 2021، و دفن في مقبرة الدفعي بالعاصمة صنعاء.

المصادر: 

  • موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه د. عبدالولي الشميري، مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون، ط1، 2017.
  • معجم البلدان والقبائل اليمنية، إبراهيم المقحفي، مكتبة الجيل الجديد، ط5، 1423هـ/ 2011م.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English