عبد القوي مكاوي

المناضل الذي لا يتنازل عن مبادئه
خيوط
October 10, 2021

عبد القوي مكاوي

المناضل الذي لا يتنازل عن مبادئه
خيوط
October 10, 2021


1918- 12/ 8/ 1998

ولد المناضل عبد القوي مكاوي في مدينة عدن، وتوفي في مدينة القاهرة، وهو وزير وسياسي تلقى تعليمه في مدارس عدن، ثم التحق بالعمل في شركة " البس" الفرنسية التجارية في مدينة عدن، ثم اختارته هذه الشركة مديرًا لفرعها في إريتريا فسافر إلى هناك، ومكث مدة، ثم عاد مديرًا لفرع الشركة في مدينة عدن.

في عام 1946 انتخب المناضل الوطني الكبير عبد القوي مكاوي عضوًا في المجلس التشريعي، وعين عضوًا في المجلس نفسه عام 1959، ثم نائبًا لرئيس الغرفة التجارية في مدينة عدن عام 64، وفي العام التالي عيّنه المندوب السامي البريطاني ريتشارد ترنبل رئيسًا لوزراء ولاية عدن خلفًا للأستاذ زين عبد اللطيف باهارون، فأصدر قرارًا بتشكيل مجلس استشاري اقتصادي برئاسة حسين الحبيشي، وعضوية أمين قاسم سلطان الشميري وآخرين، وطالب السلطات البريطانية من خلال موقعه بإطلاق سراح الثوار اليمنيين المعتقلين، وإنهاء حالة الطوارئ، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بجنوب اليمن، وتشكيل حكومة مؤقتة تتولى مهمة إجراء انتخابات عامة غير أن السلطات البريطانية لم تستجب لذلك. ولم تمض فترة ستة أشهر على تعيينه حتى إقالته، واعتبرته مناهضًا لسياساتها، ونصيرًا للإرهاب، خاصة بعد قتل عدد من مسئوليها البريطانيين، ورفض مكاوي إدانة تلك الحوادث.

انضم مكاوي إلى منظمة تحرير الجنوب اليمني المحتل بعد تأسيسها مباشرة، وحضر المؤتمر الذي عقد في مدينة الإسكندرية بين منظمة التحرير ممثلة بالأستاذ مكاوي وعبد الله الأصنج ومحمد سالم باسندوة وآخرين، وتنظيم الجبهة القومية ممثلة بعبد الفتاح إسماعيل وسيف الضالعي وطه مقبل وعلي السلامي، وقد أسفر هذا المؤتمر عن التوقيع على اتفاق ينص على تشكيل جبهوي مشترك.

طالب بريطانيا في 19 أبريل/ نيسان / 17 ذي الحجة من العام نفسه بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وإنهاء حالة الطوارئ، والجلاء من عدن، وإطلاق سراح المعتقلين، وتشكيل حكومة مؤقته تمهيدًا لإجراء انتخابات عامة، واقتُرِح عليه وقف أعمال العنف أولاً كشرط لتنفيذ تلك المطالب، بيد أنه رفض ذلك المقترح.


كُلف مكاوي عقب هذا المؤتمر بالسفر إلى نيويورك ليطرح قضية الجنوب على الأمم المتحدة غير أن الاتفاق بين منظمة التحرير وتنظيم الجبهة القومية لم يستمر، بل إن الأمور ساءت بين التنظيمين، ووصلت إلى وقوع أحداث دامية بين الفريقين، فانتقل مكاوي إلى القاهرة ليتولى قيادة المنظمة من هناك بعد أن تعرض أبناؤه جلال وعادل وسمير لكمين مجهول أودى بحياتهم. وبعد خروج السلطات البريطانية من جنوب الوطن وإعلان الاستقلال عام 67 اتخذ مكاوي من القاهرة مكان إقامة له. وأثناء وقوع الأزمة بين فرقاء العمل السياسي في اليمن 1994، وإعلان الحرب على الجنوب ثم ما تلاه من إعلان الانفصال، استدعي مكاوي إلى عدن لتعيينه عضواً في مجلس الرئاسة.

بروز في مراحل النضال

يتميز الجنوب العربي بموقع جغرافي فريد يمتد من باب المندب غرباً وجبل الشيخ سعيد من على امتداد المداخل الجنوبية للبحر الأحمر ومداخل المحيط الهندي مما جعله يكسب أهمية استراتيجية جعلته نقطة صراع منذ الحقب التاريخية للتنافس والحماية للمصالح الاستراتيجية والتجارية في المحيط الهندي وباب المندب ليجعل منه جسر دولياً في وسط المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط. وبهذه المكانة الاستراتيجية للجنوب العربي وجد نفسه هذا الشعب داخل حلقة الصراع الدولي للسياسة التي أفرزتها الحربان العالميتان من بروز سمة جديدة للعصر في الصراع السياسي في ذلك الوقت (المعسكر الاشتراكي - المعسكر الرأسمالي). وهذا الصراع أدى إلى بروز حركة التحرر الوطني من الاستعمار في حق تقرير المصير للشعوب والتي أقرتها الأمم المتحدة لتصفية مخلفات الاستعمار لنيل الاستقلال لهذه الشعوب.

وظلت عدن بعد سقوطها في أيدي البريطانيين تابعة لحكومة بومباي وكانت بريطانيا تهتم بالميناء فقط، حيث تسعى لزيادة التبادل التجاري مع الأقاليم المحيطة، وكانت تركز اهتمامها لتعزيز التجارة بين الشرق والغرب في ميناء عدن ولم يتدخل الإنجليز في شؤون إمارات الجنوب العربي إلا بعد معاهدات الحماية دون تدخل فعّال في شؤونها. وفي أول أبريل/ نيسان عام 1937، فصلت عدن عن الحكومة الهندية كولاية تابعة لها إلى مستعمرة تابعة للتاج الملكي البريطاني مع استمرارها كميناء حر. وجاء هذا التغير في سلسلة المتغيرات الاستراتيجية التي حكمت بين الشرق والغرب، لهذا عملت بريطانيا لنقل كافة مهام السلطة الإدارية إلى وزارة المستعمرات تحسباً لأي متغيرات دولية، وكذا استقلال الهند التي نالتُه في عام 1947م وكل هذه الظروف والمتغيرات في معطيات أمور الجنوب العربي أدت إلى بروز المشاركة الفعلية في الصراع ما بين دعاة الاستقلال بالثورة السلمية في نيل حق تقرير المصير وبين دعاة الثورة المسلحة في الجنوب نحو تحقيق الوحدة العربية اليمنية.

كان عبد القوي مكاوي أحد البارزين في مختلف مراحل تشكل العمل النضالي الوطني في جنوب اليمن، وتطرق الأستاذ نجيب يابلي إلى جزء من سيرته في الموسوعة اليمنية، حيث كتب ما يلي: "هو عبد القوي حسن. ولد بعدن، وتلقى تعليمه في مدارس عدن. التحق بشركة البس A. BESS CO كبرى الشركات التجارية في المنطقة. 

عمل مديرًا للشركة في إريتريا، ثم مديرًا في عدن، وكانت أعلى وظيفة يصل إليها واحد من أبناء عدن. انتخب عضوًا في المجلس التشريعي Legislative Ciuncil عام 1365ه/ 1946م، فعضوًا بالتعيين عام 1378ه/ 1959م، ثم صار نائب رئيس الغرفة التجارية بعدن 1384ه/ 1964م. عينه المندوب السامي البريطاني السير رتشارد ترنبل Richard Turnbull رئيسًا لوزراء ولاية عدن في 7 مارس/ آذار 1965، / 3 ذي القعدة 1384ه خلفًا للسيد زين عبده باهارون الذي قدم استقالته في 23 فبراير/ شباط 1965م/ 21 شوال 1384ه.

موقف وطني صلب

طالب مكاوي بريطانيا في 19 أبريل/ نيسان / 17 ذي الحجة من العام 1965، بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وإنهاء حالة الطوارئ، والجلاء من عدن، وإطلاق سراح المعتقلين، وتشكيل حكومة مؤقته تمهيدًا لإجراء انتخابات عامة، واقترُح عليه وقف أعمال العنف أولاً كشرط لتنفيذ تلك المطالب، بيد أنه رفض ذلك المقترح. 

اغتيل هاري بيري مسؤول أمني بريطاني في 29 أغسطس/ آب 1965م/ 2 جمادى الأولى 1385ه، وبعد ذلك بعشرة أيام اغتيل السيد آرثر تشارلز- رئيس المجلس التشريعي في مدينة كريتر. أثار ذلك الحادث سخط الحاكم البريطاني؛ إذ أنه أدان الحادث، وفرض حظر التجول في مدينة كريتر إلا أن عبد القوي مكاوي شجب ذلك الإجراء، ولم يدن الحادث؛ فتعالت الاحتجاجات في المجلس الاتحادي مطالبةً بفصله، وهاجمته الصحف البريطانية على أنه نصير للإرهاب. 

في 26 سبتمبر/ أيلول 1965م/ 30 جمادى الأولى 1395 ه أقاله الحاكم البريطاني، وحل حكومته، وأدار شؤون الولاية عدن بنفسه. أبدت الدوائر الأمنية البريطانية ارتياحها للقرار، ووصفت مكاوي بالعقبة الكأداء التي تعيق تنفيذ مهامهم، كما وصفه مسؤولون بريطانيون بأنه كان قلبًا وقالبًا مع حزب الشعب الاشتراكي، وكان مع زعيمه عبد الله الأصنج الذي كان في الوقت ذاته رئيسًا لمؤتمر عدن للنقابات، والذي انتقل إلى شمال الوطن ليؤسس في فبراير/ شباط 1965م رمضان 1384ه منظمة التحرير لجنوب اليمن المحتل، وانضم إليها المكاوي لاحقًا. 

وفي يناير/ كانون الثاني 1966م/ رمضان 1385ه دمج الجبهة القومية مع منظمة التحرير لتكوين جبهة التحرير للجنوب اليمني المحتل وعبد القوي مكاوي أمينها العام.

وفي أغسطس/ آب 1966م/ ربيع الآخر 1386ه عقد مؤتمر في الإسكندرية، وتوصل المؤتمرون إلى تشكيل تنظيم جبهوي مشترك، ووقع على الاتفاق عن منظمة التحرير: عبد القوي مكاوي وعبد الله الأصنج وعبد الله علي المجعلي ومحمد سالم باسندوة وعبد الله علي عبيد، فيما وقع عن الجبهة القومية: سيف الضالعي، وعبد الفتاح إسماعيل، وطه مقبل، وسالم زيد، وعلي السلامي. 

غادر مكاوي إلى نيويورك في 4 نوفمبر 1966م / 20 رجب 1386 ه ليطرح قضية شعبه على الأمم المتحدة. 

في 26 فبراير 1967م/ 16 ذي القعدة 1386 ه تعرض أولاده: جلال ضابط الهجرة، وعادل المدرس، وسمير الطالب لكمين إجرامي بشع مع ثلاثة من المواطنين الأبرياء. 

دأب خلال فترة توليه رئاسة الوزراء على انتهاج خط وطني صادق، ومتوازن سياسيًا واقتصادياً واجتماعيًا منها القرار الذي أصدره في 19 مايو 1965م / 17 محرم 1385ه بشأن تشكيل مجلس استشاري مالي واقتصادي تنموي برئاسة حسين علي حبيشي، وضم عضويته أيمن قاسم سلطان، وعبد العزيز عبد الغني، والسيد عمر عبد العزيز شهاب، وعبد الله محمد مقطري، وعلي خليل النياعي. 

كما أصدر سعيد حسن صحبي وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة مكاوي قرارًا بتاريخ 17 مايو 1965م / 15 محرم 1385ه بشأن تعيين أعضاء في مجلس عدن المركزي، لإغاثة الفقراء ضم في عضويته أحمد هائل سعيد أنعم. 

توفي بالقاهرة بمصر في يوم الأربعاء 19 ربيع الآخر 1419ه الموافق 12 أغسطس/ آب من العام 1998.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English