التقرب إلى الله بحقوق النساء

كيف أصبحت صنعاء تضيق ذرعًا بالحريات العامة؟!
أماني المقطري
December 5, 2021

التقرب إلى الله بحقوق النساء

كيف أصبحت صنعاء تضيق ذرعًا بالحريات العامة؟!
أماني المقطري
December 5, 2021

تُشَدِّد سلطة أنصار الله (الحوثيين) في صنعاء يومًا عن يوم خلال الحرب، الخناقَ على رقاب المواطنين في هذه المدينة التي تعاني إفراطًا من البؤس والظلام. وتُحكم براثن هذه السلطات قبضتها على أفراح ومتنفسات المواطنين، والأكثر من هذا، أنها طالت الحيّز الخاص للنساء، دون إدراك الحق الأصيل لهذه الفئة الاجتماعية، والقوانين الضامنة لها. 

تبث سلطة جماعة أنصار الله (الحوثيين) وبشكل متواتر تعميمات تستثير غضب الحجر وليس فقط البشر، وتقوم بذَرِّ الملح على جروح المواطنين والضغط بكل ما أوتيت من قوة على آلام الخاضعين لسيطرتها رغمًا عنهم، وفي الوقت ذاته توّجه بنادقها وقوّتها نحو أفواههم، حيث تعتقد هذه الجماعة أن الجهل لا يزال يخيم على عقول المواطنين، وأن صمتهم يعني الرضا.

لم تكتفِ جماعة أنصار الله (الحوثيين) بمصادرة كثير من الحقوق، ومن ذلك حق الناس في الحياة والعمل في بيئة صحية وسليمة فكريًّا واجتماعيًّا ودينيًّا، ونصّبت نفسها للوصاية على أمة بالغة. فالإنسان يصبح ناضجًا بما فيه الكفاية لاختيار فكره الذي يحدد مستقبله، ولكن، السؤال الذي لا يجد إجابة؛ ما الذي يصيب الجماعة بالرهاب من وعي اليمنيين، لتطال أيديها أبسط حقوقهم الأساسية؟ هذه التصرفات -على ما يرى معتنقيها، فيها من صواب- تحول دون تقدم المجتمع أو إنهاء قريب للحرب والحصار المطوق للبلد. 

المحيّر في الأمر، هو كيف أن لجماعة تنصب نفسها حاكمة، ألا تلتفت للشكوى المريرة للمواطنين، وقد ضاق بهم الوضع إلى حدود لم تعد محتملة، ولا سيما الساكنين في العاصمة صنعاء، التي تمثل وعاءً جامعًا لأطياف الشعب اليمني، لتأتي المحاولات لصبغها بصبغة دينية متطرفة أحادية النظرة.

مؤخرًا وفي محاولة لتهدئة الحرب ضد النساء، اتجهت الجماعة لأساليب أخرى من فنون الحرب، فمن ناحية؛ تحاول طمس أي مَعلم للفن والطرب، وهو العزاء الوحيد للشعب اليمني المغلوب على أمره، وقد كان منع الغناء والفنانين هو آخر ما آلت إليه الجماعة التي تريد منا العيش كموتى بلا أكفان ولا عزاء.

فصنعاء التي "حَوَت كل فنّ"، وقد جمعت الجمال من كافة أطرافه، لا تحتمل هذه الممارسات الدخيلة عليها، لطالما علت فيها أصوات النساء الآتيات من كل محافظات الجمهورية وملأن شوارعها بعنفوانهن وعفويتهن وألوانهن، على أننا أصبحنا -بعد كل هذا- على شفا حفرة من جاهلية جديدة، بسبب القرارات الأخيرة بحق النساء والفضاء العام. 

ويحزّ في النفس، ألا تجد جماعة أنصار الله (الحوثيين) طرقًا أخرى، أكثر ملاءمة، لممارسة (واجبها الوطني)، لتتجه إلى النساء والحريات الشخصية، وتبرر ما هي عليه من عجز تجاه القيام بواجباتها تجاه الناس، بأحزمة عباءات النساء، اللاتي كنَّ قبل ذلك، يتهمن (الوهابيين) بإسباغ السواد عليهن. هل يعلم الحوثيون، ومن دار في فلكهم أن تاريخ النساء في هذا البلد لم يعرف السواد، إلا في الفترة التي تسيّدت فيه جماعتان دينيتان مفاصل القرار العام؟ نعم، هما: أنصار الله (الحوثيين)، والوهابية السعودية التي أصبحت بعد كل هذه السنوات لا تجد لفكرها ولا ممارساتها سبيلًا إلّا في إضعاف أهم مكوّنات المجتمع -وهو المرأة- التي ظلت وعلى مر العصور تناضل من أجل حقها في الحياة في أبسط أشكالها. 

مؤخرًا، وفي محاولة لتهدئة الحرب ضد النساء، اتجهت الجماعة لأساليب أخرى من فنون الحرب، فمن ناحية؛ تحاول طمس أي مَعلم للفنّ والطرب، وهو العزاء الوحيد للشعب اليمني المغلوب على أمره، وقد كان منع الغناء والفنانين هو آخر ما آلت إليه الجماعة التي تريد منا العيش كموتى بلا أكفان ولا عزاء، وأن تحوّل كل نون نسوة إلى غراب أسود. 

ومن ناحية أخرى، فجميعنا يعلم -بالإضافة إلى الجماعة- أن سيطرتها على مقاليد الحكم لن يدوم طويلًا، ولعلمها -أي الجماعة- بالشيء، فهي حريصة كل الحرص على إبقاء أثرها على المدى البعيد، وكما يُقال بأنك إذا أردت أن تهدم بلدًا فعليك بالتعليم، وعليه فإنها لم تتوانَ يومًا عن إقحام هذا المرتكز الأساسي في نهوض أي أمة، في حربها المستبدة ضد اليمنيين؛ فقد عملت على توجيه الجزء الأكبر من حربها الأيديولوجية صوب الأجيال الناشئة والذين أصبحوا كقنابل موقوتة، لا ندري كيف ومتى وبوجه من قد تنفجر! 

تتوالى التصرفات المسيئة التي لا حصر لها، والتي لم يعد الوعي والقلم قادرًا على محاربتها بأكثر مما هو ممكن، فقد استنفدت الحرب على المواطنين، وحرب المواطنين على ضمان حياتهم، كلَّ طاقاتهم، فما أن يجد المواطن متنفسًا له، إلا ووجد لكمة أقوى من سابقتها. وسيبقى الشعب اليمني يعيش لحظة استراحة المحارب إلى وقت غير معلوم، وسيبقى السؤال الأكثر إيلامًا والذي يمثل غصة اليمني هو "إلى متى سيستمر كل هذا؟".

•••
أماني المقطري

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English