أطفال اللوكيميا في مستشفى الكويت يموتون بدواء مُلوث

تحدوا المرض، فقتلهم الدواء
إبراهيم عبدالله
October 16, 2022

أطفال اللوكيميا في مستشفى الكويت يموتون بدواء مُلوث

تحدوا المرض، فقتلهم الدواء
إبراهيم عبدالله
October 16, 2022

الأطفال الذين صارعوا مرض سرطان الدّم (اللوكيميا) لسنوات، توفّوا بسبب جُرعة دواء مُلوثة، هكذا أفادت مصادر طبيّة في صنعاء عن وفاة 18 طفلًا من الأطفال المصابين بمرض سرطان الدّم، نتيجة حقنهم بدواء "methotrexate" المُهرّب. بينما يرقد 30 آخرون من الذين حُقنوا بنفس الدواء، في العنايات المُركزة بمستشفيات العاصمة صنعاء.

حُقن هؤلاء الأطفال بُجرع الدواء الملوّث في الـ(24-25) من سبتمبر/ أيلول الماضي، في مركز علاج لوكيميا الأطفال بمستشفى الكويت، بصنعاء. 

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان التابعة لحكومة صنعاء عبر بيانٍ صحفيّ لها، مساء الخميس، الـ13 من الشهر الجاري؛ أي بعد مرور 17 يومًا من تاريخ الحادثة، بأنّ عدد الأطفال الذين حُقنوا بالدواء المُلوّث هم 19 طفلًا؛ تُوفِّي منهم 10 أطفال، بينما يرقدُ بقية التسعة الأطفال في العنايات المُركزة لمستشفيات أمانة العاصمة.

من جانبها، أكّدت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك أنّها تابعت بقلق شديد تداعيات ما تعرّض له تسعة عشر طفلًا من نزلاء مستشفى الكويت والمصابين بأورام الدم، إثر تلقيهم دواء منتهيًا وملوثًا، تم تهريبه إلى إحدى الصيدليات الخاصة، بحسب بيان وزارة الصحة العامة والسكان، الصادر الخميس الموافق 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، ونتج عن استخدام هذا الدواء وفاة عشرة أطفال، بينما تسعة أطفال آخرين ما زالوا خاضعين تحت العناية الحثيثة.

وطالبت، بحسب بيان اطلعت "خيوط" على نسخة منه، الجهات المعنية باتخاذ كافة الإجراءات الإدارية والقانونية الصارمة بحق المتسبِّبين والمقصّرين إزاء ما نتج عن تقصيرهم وإهمالهم، وتعويض أسر الأطفال الضحايا المتوفّين، والتكفل بمعالجة الحالات المتضررة.

"طفلتي كانت بخير، لكن بعد حقنها بالجرعة النخاعية من هذا الدواء -الملوّث- لم تتوقف عن الأنين والصياح من الآلام والصداع لثلاثة أيام متواصلة، حتى تركتني وغادرت روحها يوم الأربعاء- الـ28 من سبتمبر/ أيلول الماضي".

كما طالبت "حماية المستهلك"، جهات الضبط المختصة بتتبع المهربين، ومصادرة ما تبقى من أدوية ملوثة وبشكل فوري وعاجل، وإحالة المتورطين إلى القضاء، واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المتورطين لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم، إضافة إلى ضرورة قيام وزارة الصحة وإدارات المستشفيات بالتوعية التحذيرية تجاه الأدوية المهرّبة والمقلّدة وأضرارها الخطيرة على مستخدميها حفاظًا وتقديسًا لأرواح اليمنيين.

ودعت منظمة الصحة العالمية ومنظمة أطباء بلا حدود وجميع المنظمات الدولية ذات العلاقة، بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية من خلال توفير الأدوية الحيوية والأساسية للمرضى بعموم الجمهورية، وتأمين وصولها وفقًا للمعايير واشتراطات نقل وتخزين الأدوية، للتخفيف من معاناة عموم المستهلكين في اليمن.

تفاصيل عن الحادثة

بحسب شهادة أهالي الأطفال، تقول والدة أحد الأطفال الضحايا لـ"خيوط": "وصلنا إلى مركز علاج لوكيميا الأطفال بمستشفى الكويت بصنعاء، يوم السبت 24 سبتمبر/ أيلول الماضي، وعند وصولنا أخبرونا أنّ الدواء المطلوب للجُرع بحسب الوصفة الطبية المقدمة لنا غير متوفر في المستشفى، لذلك اتجهنا إلى صيدلية "نيو فارما" الكائنة في شارع الزبيري بصنعاء، لأخذ العلاج المطلوب منها، بناءً على ترشيح أهالي الأطفال الآخرين، وبالفعل أخذناه، وعدنا للمركز ليتم حقن الأطفال بها".

تتابع الأمّ المكلومة حديثَها وهي تبكي: "طفلتي كانت بخير، لكن بعد حقنها بالجرعة النخاعية من هذا الدواء -الملوّث- لم تتوقف عن الأنين والصياح من الآلام والصداع لثلاثة أيام متواصلة، حتى تركتني وغادرت روحها يوم الأربعاء- الـ28 من سبتمبر/ أيلول الماضي".

في سياق متصل، يقول عبدالله سعيد قاسم، والد طفلة من الأطفال المتوفّين، لـ"خيوط": "على مدى سبع سنوات، كافحنا أنا وابنتي هذا المرض في محافظة إب، وحين سافر الدكتور المشرف على حالتها للخارج في عيد الفطر الفائت، اضطررت إلى أخذ الجُرع اللازمة من مركز علاج لوكيميا الأطفال بمستشفى الكويت بصنعاء"، مضيفًا: "واظبت على حقن طفلتي بجُرع اللوكيميا، وفي الـ25 من سبتمبر/ أيلول الماضي، تم حقن طفلتي بالجرعة صباحًا، وبعد مغادرتنا المركز، بدأت أعراض شيءٍ ما تظهر عليها مباشرة في ذات اليوم الذي أخذت فيه الجرعة، كانت الأعراض تقيؤ مستمر، يُصاحبه تشنج في الأطراف إضافة إلى صُداع شديد بسببه كانت طفلتي تبكي وتصيح".

ويُتابع قاسم: "عُدت بطفلتي إلى المركز، وتعامل الأطباء مع المُضاعفات لمدة أربعة أيام، من خلال تهدئتها بحقن المُهدئات. في اليوم الرابع الموافق 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، أدخلها الأطباء غرفة العناية المُركزة بمستشفى الكويت، حينها أدركت أنني فقدتُ طفلتي، وبالفعل أخبروني اليوم التالي أنّ ابنتي فارقت الحياة".

وبحسب شهادة أكثر من سبع أُسر من أهالي الأطفال، كانت أبرز الأعراض التي بدت على أطفالهم بعد حقنهم بدواء الـ"methotrexate" الذي أخذوه جميعًا من صيدلية )نيو فارما( الكائنة في شارع الزُّبيري بصنعاء، عبارة عن صُداع شديد وحريق في الدماغ، إضافة إلى تقيؤ وغثيان وتشنجات عصبية.

عن الدواء المُلوّث

تم حقن الأطفال بدواء مثبط للمناعة، صنف الـ"methotrexate" من إنتاج شركة "celon labs" الهندية. في المقابل، أصدرت الهيئة العُليا للأدوية التابعة لوزارة الصحة العامة والسكّان بصنعاء في الـ4 من الشهر الجاري؛ أي بعد 9 أيام من تاريخ الحادثة، تعميمًا للصيادلة والمراكز الطبيّة، بشأن عدم استخدام أربع تشغيلات من الصنف "methotrexate" الذي حُقن به الأطفال، وفي نفس اليوم الذي أصدرت فيه التعميم، قامت الهيئة العُليا للأدوية بإغلاق الصيدلية التي صرفت هذا الصنف لأهالي الأطفال.

وبحسب بيان وزارة الصحة العامة والسكان بصنعاء، الصادر يوم الخميس الـ13 من الشهر الجاري، فإنه وبناءً على نتائج فحص المُختبر الدوائي بالهيئة العُليا للأدوية بصنعاء، تم اكتشاف تلوّث بكتيري في عبوّات الدواء المُستخدم الذي أودى بحياة الأطفال.

أدوية مُهرَّبة.. رقابة غائبة

تجدر الإشارة أنه وخلال السنوات الأخيرة، يواجه مُستوردون وشركات الأدوية في المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، عراقيل كثيرة من قِبل المؤسسات والجهات الرسمية، عند محاولتهم استيراد صنف دوائي مُعين بشكلٍ رسميّ، لذلك يلجأ الكثيرون منهم إلى إدخال أصناف دوائية مُختلفة عن طريق التهريب؛ الأمر الذي يجعل من هذه الأدوية خطرًا كبيرًا على الناس، كونها غير خاضعة لمعايير الجودة، ويتم تخزينها وبيعها بشكلٍ عشوائي وبدون رقابة.

ويعتبر صنف الـ"methotrexate" المذكور، مثالًا واضحًا لهذه الأدوية المُهربة، فهو صنف مهرّب، وليس لهُ وكيل رسمي في اليمن، وبحسب تقرير لـ"المجلة الطبية" اليمنية، صدر في الـ12 من أكتوبر الجاري، كشفت فيه عن حقيقة الشركة الهندية "celon labs" المُصنعة للدواء الذي حُقن به الأطفال الضحايا، فإنّ الشركة الهندية سبق أن تورطت في إنتاج أدوية غير مُطابقة للمواصفات، ما دفع بلد المنشأ لمنع تداول واستخدام أصنافها في السوق الهندية، وإدراجها في القائمة السوداء لعدم تحقيق الجودة.

لكن (دواء الـ"methotrexate") ظل يُباع لسنوات في الأسواق اليمنية، مثله مثل باقي الأصناف المُهرّبة التي لا تخضع لأي رقابة، وتشكّل تهديدًا كارثيًّا على أرواح اليمنيين، هذا وقد أفادت مصادر صيدلانية لـ"خيوط"، أنّ هُناك الكثير من الأصناف المُهرّبة تُباع في الكثير من صيدليات العاصمة وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء، وعند سؤال الصيادلة عن حقيقة ما إذا كانت هذه الأدوية مهربة بالفعل؛ أجابوا بـ: "كل شيء يُباعُ في اليمن".

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English