رحلة عذاب لا تنتهي

كيف يمكن تطوير برامج مساعدة النازحين؟
عبدالرحمن مطهر
August 3, 2022

رحلة عذاب لا تنتهي

كيف يمكن تطوير برامج مساعدة النازحين؟
عبدالرحمن مطهر
August 3, 2022
Photo Credit: Anwar Sharif © Khuyut

تضطر الذهاب بطفلها عبدالرحمن ذي الثماني السنوات شهريًّا من منطقة جدر في مديرية بني الحارث إلى شارع الخمسين مديرية السبعين في العاصمة صنعاء، حوالي 25كم. تقطع كل هذه المسافة لمراجعة الطبيب رشاد عبدالغني طبيب المخ والأعصاب، وكذلك إلى مستشفى المغربي بشارع الزبيري، مديرية الوحدة بأمانة العاصمة، لمتابعة حالة طفلها الذي يعاني من ضمور في الدماغ، وضعفٍ شديد في النظر لدرجة أنه أحيانًا لا يرى شيئًا، خاصة في الليل، مما يكلفها الكثير من المال والجهد والتعب والإرهاق، وتعود للمنزل بروشتة علاجات لا يقل ثمنها من 20 إلى 25 ألف ريال؛ تقريبا (40) دولارًا. هذا ما أفادت به لـ"خيوط"، أسماء موسى، النازحة من جحيم الحرب في محافظة الحديدة إلى العاصمة صنعاء في العام 2017.

وتضيف أنها اضطرت إلى بيع بيتها في مدينة العمال بمديرية الميناء بسبب طفلها عبدالرحمن، خاصة عند دوي انفجارات صواريخ طائرات التحالف العربي الذي تقوده السعودية ومع اقتراب المواجهات المسلحة بين قوات جماعة أنصار الله (الحوثيين) وقوّات الحكومة المعترف بها دوليًّا، كان عبدالرحمن يصاب بهستيريا من شدة الخوف وقوة الانفجارات. وسط ذلك الخوف الذي لا يفرق بين صغير وكبير، كانت أسماء مهمومة بإنقاذ طفلها المريض.

لا يزال اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم حسب تقارير أممية، حيث يحتاج أكثر من 80% من السكان إلى شكلٍ من أشكال المساعدة، لا سيما في ظل انقطاع مرتبات الموظفين التي تشكّل عجلة آمنة للاقتصاد في اليمن، وكذلك بسبب ارتفاع أسعار مختلف المواد الغذائية والأساسية. ويواجه حوالي 20 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي و14 مليونًا يحتاجون إلى تدخل إنساني عاجل، خاصة في ظل تفشي أمراض سوء التغذية في أكثر من محافظة، وكثافة هذه الأمراض في مخيمات النازحين.

ووفقًا للتقارير الأممية المتتابعة، وحسب ما ذكرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من المُقدّر أن يكون عدد النازحين داخليًّا في اليمن، قد وصل إلى حوالي 4 ملايين شخص نهاية العام 2020. يعيش ما يقارب 300,000 من النازحين المعوزين والضعفاء في 1,228 موقعًا مشتركًا (مخيمات)؛ يفتقر 83% منها إلى الخدمات الصحية، ويعاني 36% من عجز في المياه، و43% لا يوجد فيها حمامات. يعاني ثلث النازحين في 104 مديريات في البلاد من مشاكلَ متفاقمةٍ ومتعددة الأبعاد، منها انعدام الأمن الغذائي، وعدم كفاية ضمانات الحماية وضآلة الدور الحكومي، وتفشي الأمراض، وافتقاد المخيمات للخدمات العامة الأساسية، كالرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والكهرباء. 

مهن النازحين

تحاول أسماء (40 سنة) العمل ليل نهار من أجل توفير لقمة العيش لها ولأولادها الأربعة، فهي أرملة، وأكبر أبنائها فتاة عمرها 22 سنة، وأصغر أولادها الثلاثة عبدالرحمن. لذلك هي من تتحمل أعباء مصاريف المعيشة اليومية وإيجار المنزل (35 ألف ريال؛ حوالي 60 دولارً)، لكن يأتي دائمًا في المقدمة توفير أدوية عبدالرحمن.

تعمل أسماء موسى في النهار مربية لطلاب الصفوف الأولى في التعليم الأساسي بمدرسة الهلال القريبة منها بمنطقة جَدِر، خاصة أنها خريجة معهد المعلمين بالحُديدة. تعمل متطوعة عسى أن تجد شيئًا من المشاركة المجتمعية التي لا تتعدى السبعة أو الثمانية آلاف ريال (13 دولارًا تقريبًا)، والتي لم تنتظم شهريًّا. كما تحاول جاهدة شغل وقتها ليلًا في مساعدة ابنتها الماهرة في صناعة البخور والعطور، حسب وصفها.

في مخيم ضرَوان للنازحين تبرع "فاعل خير" بتحويل منزل شعبي إلى مدرسة من فصلين فقط، لتعليم الأطفال القراءة والكتابة، وتأمل مشرفة المدرسة بزيادة فصولها، خاصة مع إقبال الأطفال على التعليم

أخذت نفسًا عميقًا وقالت إنّ كل تعبها وجهدها يوفر لها بالكاد ما أمكن من تكاليف أدوية عبدالرحمن والمصاريف اليومية، إلى جانب ما يجود به أهل الخير. كما تخفف عنها قليلًا المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية التي تستلمها كل شهرين "تقريبًا".

أما بالنسبة للمساعدات النقدية، فقالت إنها لم تستلم سوى مرة واحدة (120) ألف ريال من مشروع الاستجابة الطارئة لمنظمة اليونيسف (حوالي 200 دولار).

تفيد أسماء بأنها تعاني كثيرًا في توزيع وتسويق منتجاتها المنزلية من البخور والعطور، خاصة أنها تسكن بعيدًا عن وسط العاصمة والأسواق الرئيسية. لذلك تتمنى وجود مؤسسات تنموية خيرية تعمل على شراء منتجات النازحين وتوفر لهم المواد الخام بسعر مناسب. تقول إنّ هذا سيساعدها في تطوير عملها وزيادة منتجاتها. 

وتضيف أنّ هناك العديد من النازحات الماهرات في أعمال الخياطة والتطريز، وفي صناعة الكعك والحلويات، والكثير من الصناعات اليدوية. غير أن انعدام الإمكانيات، كالمواد الخام، وصعوبة تسويق هذه المنتجات، يقف حجر عثرة أمام الاستفادة من هذه المهارات.

 تعليم تطوعي وزواج مبكر

يوجد في مخيم النازحين بضروان همدان، منزل شعبي قام "فاعل خير" بتحويله إلى مدرسة مكونة من فصلين لتعليم طلاب وطالبات المخيم القراءةَ والكتابة؛ الصف الأول والثاني الأساسي. تتولى مهمة الإشراف على الفصلين المعلّمة أمة العلي من قرية ضروان، ويتبعان مدرسة ضروان الحكومية. وتقول أمة العلي لـ"خيوط"، إن نسبة إقبال الطلاب من سكان المخيم لا بأس بها، متمنية أن يتم توسيع هذه المدرسة لتشمل مختلف الفصول الدراسية للتعليم الأساسي، خاصة أنّ هناك أشخاصًا متعلمين في المخيم وبالإمكان الاستعانة بهم كمعلمين. 

محمد حسن (40 سنة)، نزح من جحيم صواريخ التحالف بمحافظة صعدة في العام 2015، إلى مخيم "المزْرُق"، ومن ثَمّ إلى مخيم النازحين بضروان همدان، شمال العاصمة صنعاء، وفي المخيم اضطر للعمل في بيع المواد الغذائية داخل خيمة صغيرة، وفيها تحدث لـ"خيوط"، عن قصة محزنة للغاية.

يقول إنه زوّج ابنتيه في سن مبكرة -بشرى (11 سنة)، وإيمان (12 سنة)- وذلك لتخفيف الأعباء المادية، وأيضًا لأنه لا يأمن على بناته في المخيم. ويضيف: "حتى ابنتي هذه -مريم (11 سنة حاليًّا)- قد بعتها بخمسين ألف ريال، كما بعت خواتها (أخواتها)" هكذا يقول؛ يقصد أنها مخطوبة بمهر (50 ألف ريال)، مؤكدًا بأنها ستتزوج قريبًا.

 فيما يتعلق بالمساعدات، يقول محمد حسن إنه لم يستلم أي إعانة غذائية أو نقدية خلال كل السنوات الماضية، باستثناء (130 ألف ريال)؛ حوالي 216 دولارًا، ولمرة واحدة فقط. استفاد من هذا المبلغ في افتتاح دكانه الصغير الذي يعمل فيه، وهو يرى أنّ المساعدات النقدية والعينية تصرف بشكل غير عادل.

أما جهاد حميد الشراقي، فيقول إنه هرب ليلًا هو وأطفاله الثمانية من مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين إلى العاصمة صنعاء، بسبب ضراوة المعارك في مدينته خلال شهر مايو/ أيار 2015، بين قوات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، المتحالفة حينها مع قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وبين الحكومة المعترف بها دوليًّا والقوات الموالية لها. 

 يقول جهاد: "تركت سيارتي لعدم استطاعتي الهرب بها وتركت بيتي وكلَّ ما أملك للحفاظ على حياة أطفالي الثمانية (أربع بنات وأربعة أولاد)، واتجهت نحو العاصمة صنعاء، واستقرّ بي الحال في بني حوات مديرية بني الحارث.

ويضيف: "أعمل حاليًّا في مهنة غير مهنتي الأساسية، فأنا كنت جنديًّا بوزارة الداخلية، لكن حاليًّا أعمل في تبييض المنازل، سواء من الداخل أو الخارج، ومستأجر بسعر لا بأس به (15 ألف ريال؛ حوالي 25 دولارًا) ومستقر نسبيًّا في هذه المنطقة".

يقول إنّ عمله هذا يوفر له بعض المصاريف الأساسية، وهو أيضًا ينتقد تقصير المنظمات المانحة في تقديم المعونات الغذائية لجميع النازحين، إذ قال إنه لا يحصل سوى على "كيس دقيق كل شهرين تقريبًا". أما المساعدات النقدية، فقد يحصل عليها مرة واحدة فقط، بمبلغ (39 ألف ريال؛ حوالي 60 دولارًا)؛ لذلك قرر أن يعمل في أي مهنة لإعالة أسرته، وهكذا يفعل معظم النازحون.

تحذيرات علمية متخصصة 

إلى ذلك، يرى الدكتور عادل الشرجبي أنّ المناطق التي يلجأ إليها النازحون قد تتأثر "سلبًا أو إيجابًا" بحركة النزوح؛ فإذا قُدمت مساعدات سخية للنازحين من المنظمات، سواء الدولية أو المحلية، لا شك أنّ سكان المناطق المقيمين سيستفيدون من هذه المساعدات. ويؤكد على أنّ الاستفادة ستكون مضاعفة إذا كان النازحون مؤهلين ولديهم مهارات في مختلف الأعمال، أما إذا لم يتحقق هذا، فالأضرار ستكون مضاعفة أيضًا.

ويضيف أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، لـ"خيوط": "لذلك ينبغي على السلطات في تلك المناطق أن تعمل على خلق أنشطة اقتصادية حقيقية يستفيد منها هؤلاء النازحون، خاصة أنّ الحلول التقليدية تضر بالسكان المقيمين وبالنازحين أيضًا".

تفكير تقليدي 

ويبدي الدكتور الشرجبي أسفه كون المنظمات والمؤسسات المهتمة بالنازحين وبمشاكلهم، "تفكر بشكل تقليدي"، حيث انتقد توجيه معظم برامجها في مجالات تقليدية، كصناعة البخور والكوافير والأشغال اليدوية... وما إلى ذلك.

وفي الواقع، يقول أستاذ علم الاجتماع: "يجب أن تكون هناك حلول أكثر جدية"، من خلال أنشطة تتلاءم مع المناطق التي ينزح إليها الناس وتلبي احتياجات السكان المقيمين والنازحين، وبشكل تكاملي بين مؤسسات التدريب ومؤسسات التمويل، مشيرًا إلى أنّ هذا أمرٌ جوهري حتى لا يذهب التدريب الذي يتلقاه هؤلاء الأشخاص، سُدى.

كما ينوه إلى أنه لا يمكن إغفال إشكالية عدم تقبُّل النازحين في الكثير من مناطق النزوح؛ فإذا كان النازح منغلقًا على نفسه في المخيم ولم يحاول أن يندمج وينصهر في المجتمع المحلي كما فعل الكثيرون، فلن تنتفي عنه صفة النازح وإن بقي في المخيم لسنوات، خاصة إذا ما علمنا أنّ الاندماج في المجتمعات اليمنية ضعيف نسبيًّا. حيث تظل التجمعات السكانية محافظة على لهجاتها وعاداتها وتقاليدها وعلاقاتها الاجتماعية المحدودة وأعرافها الخاصة وأسلوب حياتها على مدى سنوات.

ويدلل على ذلك بوجود "خليط عجيب" من اللهجات والثقافات في مختلف المحافظات اليمنية، وكأنّ كل جماعة تعيش في بيئة منفصلة عن الأخرى، متقوقعة على نفسها. لذلك يؤكد الشرجبي أنّ على النازح أن يحاول الاندماج والانصهار في المجتمع الجديد وألَّا يبقى متقوقعًا في مخيمه، خاصة أنّ دور الدولة غائب في هذا الإطار، حيث يعيش الناس في بعض المناطق اليمنية لسنوات عديدة، ولا يزال أهالي هذه المنطقة أو تلك ينادونهم بـ"النقيلة"، على اعتبار أنهم دخلاء عليهم.

ويورد مثالًا على أهمية حضور دور الدولة بما كان ساريًا قبل الوحدة في مدينة عدن، حيث كان السكان بعد قدومهم إلى المدينة، وبغض النظر عن المنطقة التي قدموا منها، ينصهرون مع سكان عدن ويتقنون لهجة المدينة وينخرطون في حياتها وينسجمون مع ثقافتها.

بالنسبة لإدارة مخيمات النازحين، يلاحظ الدكتور عادل الشرجبي أنه يتم إدارة مخيمات النازحين بطريقة بيروقراطية تقليدية "متخلّفة" وتفتقر للإبداع والتطوير، خاصة أنّ معظم البرامج والأنشطة التي يتم تنفيذها -كما قال- ليست قائمة على أطر علمية ومسح دقيق وتخطيط سليم لإمكانيات النازحين وقدراتهم ومؤهلاتهم والوظائف أو الأعمال التي يستطيعون القيام بها، ومدى انسجامها مع الاحتياج العام للمناطق التي نزحوا إليها. 

ويتابع أنه بالنسبة للعائدين لمناطقهم الأصلية: "نلاحظ أنّ ما يجري هو فقط مجرد حصر لهم، ولا أحد يلقي لهم بالًا، مع أنهم يريدون أن يبدؤوا حياتهم من جديد، حيث يكون تقريبًا السكن مدمرًا، ولا يوجد معهم عفش وليس لهم أعمال، وما إلى ذلك، فكل شيء هنا يسير بشكل تقليدي متخلف".

وينتقد الدكتور الشرجبي كذلك ما سماها "سلبية النازح"، حين يكون "إنسانًا سلبيًّا، لم يطور نفسه، ولم يعِدْ ترتيب أولوياته وحياته الجديدة، ويكتفي بأن يكون متلقيًا سلبيًّا ينتظر فقط ما تأتيه من مساعدات وهو واقف لا يعمل شيئًا". ويوضح أنّ "النازح لم يحاول الخروج من حالة النزوح التي يفترض أنها مؤقتة، إلى وضع دائم لديه".

ويضيف أنه يتوجب على النازح أن ينصهر مع المجتمع الجديد الذي انتقل إليه ويمارس أنشطة حقيقية، أو أن يخرج من هذه المنطقة إلى مكان آخر حتى يغير حياته نحو الأفضل إن لم يجد فرصته هنا. "أما الركون على المساعدات والهبات بشكل دائم، فهذا غير مقبول".

هدى ناجي: "اليمني لا يجد صعوبة في التكيف مع أي عمل، فما يهمه هو أن يؤمِّن له العمل لقمة عيشه، ويحفظ كرامته، بدل الانتظار الطويل في طوابير المساعدات"

ولهذا يرى أستاذ علم الاجتماع أنّ على النازحين أن "ينظّموا أنفسهم ويعرفوا ماذا يريدون من المنظمات الدولية أو المحلية، وأن يطالبوا بتمكينهم واستغلال مهاراتهم في مشاريع حقيقية، وفقًا لقدراتهم ومهاراتهم". كما يرى أنّ "على الجهات المعنية أن تعمل على مساعدتهم في ذلك، من خلال خطين متوازيين، هما: تأهيل وبناء القدرات لغير المؤهلين، وتمكين المؤهلين"، لافتًا إلى أنّ تنفيذ هذين الخطين من المساعدة، هو المؤشر على وجود "رغبة حقيقية لمعالجة أوضاع النازحين".

الأضرار النفسية 

وفيما يخص الجانب النفسي للنازحين، تقول أستاذة علم نفس الطفل بجامعة صنعاء، الدكتورة هدى ناجي، في حديثها لـ"خيوط"، إنّ بيئة النزوح تلحق أضرارًا نفسية جسيمة بالنازح، وأنّ المنظمات لا تلقي بالًا لهذا الجانب، خاصة أنّ "انتقال شخص من مكان إلى آخر يقوده إلى نوع من الحالة النفسية، حتى وإن كانت الظروف مهيَّأة، بالإضافة إلى دخوله في حالة من التفكير الزائد والتوهان وبعض المشاكل النفسية، ويحدث هذا الأمر للشخصية التي تتمتع بذكاء اجتماعي".

وتضيف أنّ الأمر يختلف تمامًا عند الشخصيات التي لا تتسم بذكاء اجتماعي عالٍ، فهي بمجرد الابتعاد عن الأهل والمكان، تصاب بحالة من الاكتئاب الذي يؤدِّي إلى مشاكل صحية لا حصر لها.

وتشير الدكتورة هدى ناجي إلى أنّ عمل المنظمات غير منظم وغير دقيق، وتبدو كأنها تساعد من لا يحتاج المساعدة. والسبب -كما تقول- قد لا يكون في المنظمة نفسها، بل فيمن تعتمد عليهم للقيام بالعمل في مختلف المجالات من غير المختصين النفسيين والاجتماعيين للتخفيف من معاناة النازح. وهي ترى أنّ أغلب المنظمات تتصور بأن تقديم سلة غذائية أو مساعدة نقدية محدودة، سيكون كافيًا للنازح لترتيب وضعه من ناحية نفسية واقتصادية، بينما في الواقع "هي كمن يأخذ حبة دواء "بندول" فقط للتهدئة، لأنّ النازح يدخل في حالة نفسية، ويحتاج للدعم النفسي الكبير لكي يتكيف مع بيئة النزوح".

ضرورة المسح الميداني 

وتعرج الدكتورة هدى على ضرورة إجراء "المسح الميداني الحقيقي لأي منظمة تعمل في مجال إغاثة النازحين لمساعدتهم على التعايش مع واقعهم الجديد، من خلال خلق فرص عمل لهم، كلٌّ حسب إمكانياته ومجاله".

وبرأيها، يتواجد العديد من أصحاب القدرات والمهارات في مخيمات النازحين، ومن خلالها يستفيد النازح ماديًّا ومعنويًّا، خاصة أنّ اليمني لا يجد صعوبة في التكيف مع أي عمل حتى وإن كان في غير مجاله. ما يهمه هو أن يؤمِّن له هذا العمل لقمة عيشه، وهو حل مناسب يُشعر النازح بالكرامة أفضل بكثير من الانتظار الطويل في طوابير المساعدات التي تشعره بالدونية"؛ تقول أستاذة علم نفس الطفل.

كما تشير الدكتورة هدى ناجي إلى أنّ الزواج المبكر لبعض الفتيات داخل مخيمات النزوح وهن قاصرات وغير مستعدات نفسيًّا وجسديًّا، يتسبب في مآسٍ كثيرة. وترى أنّ من بين الدوافع لذلك لدى أولياء الأمور، "الخوف من بيئة النزوح ومن قساوتها"، مذكّرة بأنّ ذلك له أضرار جسيمة صحيًّا ونفسيًّا على الفتاة؛ لأنها في هذا السن المبكر "غير مستعدة فسيولوجيًّا ولا نفسيًّا لتصبح زوجة وأمًّا". 

 

•••
عبدالرحمن مطهر

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English