ما الذي تخبره أحياء مدينة الفل عن رائحة البارود

عن الوضع الإنساني للحديدة في الذكرى الثانية لاتفاق استكهولم
نورية الحسيني
December 31, 2020

ما الذي تخبره أحياء مدينة الفل عن رائحة البارود

عن الوضع الإنساني للحديدة في الذكرى الثانية لاتفاق استكهولم
نورية الحسيني
December 31, 2020

بالتزامن مع الذكرى الثانية لتوقيع اتفاق استكهولم، كنت مع فريق من مواطنة لحقوق الإنسان نزور الحديدة للإطلاع على الأوضاع في المدينة الساحلية (غرب العاصمة صنعاء)، والتي حفّزت الأوضاع الإنسانية المتدهورة فيها الأمم المتحدة للسعي لعقد الاتفاقية المعروفة. 

وصلنا إلى المدخل الشمالي للمدينة، عند الساعة الحادي عشرة صباح الجمعة 11 ديسمبر/ كانون الأول 2020، فاستقبلتنا بلافتة صغيرة حمراء كتب عليها (خطر ألغام) مثبتة على أكوام من التراب، على جانبي المدخل المستحدث الضيق الذي لا يسمح الا بمرور سيارة واحدة فقط، كنّا حينها قد قطعنا مسافة 226 كيلو متر من السفر المضني من العاصمة صنعاء غرباً. 

في الجزء الأخير من الطريق يضطر السالك إلى طريق فرعية بعد أن سُدّت الطرق الرئيسية المؤدية إلى داخل المدينة بواسطة حاويات ضخمة وأكوام من التراب. وتطل هذه اللوحات التحذيرية برأسها على جانبي الطريق بعد أن أودت وقائع الألغام التي زرعتها جماعة أنصار الله (الحوثيين) بحياة مدنيين، وثقت مواطنة لحقوق الإنسان واقعتين على الأقل في ذات المنطقة. 

منطقة كيلو16

في منطقة كيلو 16، وهي المدخل الشرقي للمدينة، سُدّ الطريق الرئيس تماماً بالحاويات، وهناك على الطرف الغربي تربض بقية المدينة في أوجعها. لقد غدا الشارع المبتور مفزعًا، وفارغًا بعد أن كان يضج بالحياة والبشر. 

"كان هنا ناس، كان هنا عالم".. يقول سائق السيارة. جميع الأحياء الطرفية بدت شبه خاوية، إلا من أصوات القذائف والرصاص بشكل يومي تقريبًا.

في الأوقات الطبيعية، كان اليمنيون يرنون بأبصارهم إلى سماء هذه المدينة الساحلية من مداخلها، يتوقون لبحرها المترامي، حالمين بفيض نسيمها الشتوي العليل، لكن ما يستقبلك بعد كل هذه السنوات من الحرب نقيض لما تتطلع إليه. 

فالمدينة التي تعطلت فيها شبكات الصرف الصحي، أصبحت غارقة بمياه المجاري، واسفلتها متهالكا، ويمكن رؤية كيف حفرت جماعة أنصارالله (الحوثيين) خنادقاً ومتاريساً في التقاطعات الرئيسية المؤدية إلى داخلها لمنع القوات المشتركة المدعومة إماراتياً، من التقدم. 

وكانت هذه القوات، قد قطعت مسافة طويلة على طول الساحل الجنوبي للمدينة، في مطلع العام 2018، لكنها توقفت في ضواحيها، بعد ضغوط دولية حالت دون وقوع كارثة إنسانية، خاصة وأن هذا المرفأ البحري الحيوي يمثل السبيل لأكثر من 70 في المئة من المعونات والمساعدات الدولية التي يتلقاها البلد.

لكن وبدلاً من أن يفضي اتفاق استكهولم الذي وقعت عليه الأطراف برعاية الأمم المتحدة في شتاء العام 2018 إلى حل شامل لتجنيب المدينة الكارثة، حرصت الأطراف المتحاربة على إلقاء التهم على بعضها، للتنصل من الإيفاء بإلتزاماتها، ما أبقى القيود على تحركات المدنيين قائمة، كما تركت أجزاء واسعة من الأحياء الطرفية تحت رحمة نيران المواجهات المتقطعة. 

يمكن رؤية كيف أن المدنيين يضطرون إلى قطع مسافات مشيا على الأقدام، لتجاوز العقبات الموضوعة في طريق العربات على المداخل، وهناك أحاديث جانبية، بأن الخنادق التي استحدثتها جماعة أنصارالله لمنع تقدم قوات خصومهم، تساعد في تسرب مياه المجاري الطافحة إلى البحر، بما قد يخلفه ذلك من ضرر بيئي على السكان والكائنات البحرية التي تمثل مصدر رزق لهم.

في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2020، سقطت ثلاث قذائف، في ساحة وراء مدرسة اعتاد الأطفال والشباب لعب كرة القدم فيها، قتل على أثرها طفل وشخص بالغ، وجرح ستة آخرون بينهم أربعة أطفال

حي الربصة

على المدخل الجنوبي، مررنا بتجمعات بشرية لأناس يبدو على سيماهم مظهر الفاقة، يتخذون من أطراف سور (مدينة أمين مقبل السكنية) مكاناً للسكنى، على ما في المنطقة من خطورة على حياتهم. 

مررنا بمحاذاة السور إلى حي الربصة المحاصر، وهو أحد الأحياء المفقرة والبائسة في المدينة المنكوبة. ويمثل قوام هذا الحي منازل من الصفيح أو الخرسانة المجوّفة (البلك)، متلاصقة بطريقة عشوائية، ويحيط بالمنطقة من جهتين سوار لواحدة من أكبر المنشاءات الحكومية حيوية قبل الحرب: مطار الحديدة الدولي. 

تجاور الحي من الغرب أيضاَ جامعة الحديدة وهيئة تطوير تهامة، وهما منشآتان خدميتان حيويتان، لكنهما، الآن، تقعان داخل مناطق التماس، وتتساقط فيهما وفي الحي المجاور لهما بشكل متكرر القذائف والأعيرة النارية الحية التي يتراشق بها طرفي الحرب.

وكانت مواطنة لحقوق الإنسان، قد وثقت في العام 2020 واقعة واحدة على الأقل سقط فيها مدنيون بينهم الأطفال داخل هذا الحي وبالتحديد بالقرب من مدرسة النجاح التي تكتظ بالطلاب والطالبات إضافة إلى نازحين هربوا من منطقة خط المطار والأحياء المجاورة لها بعد أن صارت منطقة مغلقة بفعل الاشتباكات. 

ففي السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2020، سقطت ثلاث قذائف، في ساحة وراء مدرسة اعتاد الأطفال والشباب لعب كرة القدم فيها، قتل على أثرها طفل وشخص بالغ، وجرح ستة آخرون بينهم أربعة أطفال. 

 قال أحد الشهود لـ(مواطنة): "وقعت قذيفتان أولاً، فتجمع الشباب والأطفال لرؤية ما حدث، وبعد أقل من نصف ساعة وقعت القذيفة الثالثة التي أوقعت قتلى وجرحى". 

ويضيف: "رأيت القذيفة قادمة من اتجاه هيئة تطوير تهامة غرباً إحدى خطوط التماس بين جماعة أنصار الله وقوات العمالقة (قوات جنوبية مدعومة إمارتياً)، كنا في الحي نسمع أصوات القذائف منذ الليلة السابقة." (1)

في الحي ذاته، أيضاً، سقط مقذوف على أحد الاحياء في (المدينة السكنية)، السبت 26 سبتمبر/أيلول 2020 وأودى بحياة طفلتين داليا (8 سنوات)، ومرام (15 سنة)، وجرحت ثلاث أخريات بجروح بليغة نورة (17 سنة)، ندى (27 سنة)، وفاطمة (50 سنة).

في شرق المدينة يقع حي الزهور. لم يعد لهذا المكان نصيب من اسمه، إلا من الأطفال والشباب الذين تقطف حياتهم وهم في عمر الزهور، بفعل الأعيرة النارية والقذائف التي تتساقط عليهم بين وقت وآخر من جبهات القتال

ورجـح شهود العيان في المنطقة أن مصدر القذيفة هو الاتجاه الشرقي حيث تسيطر القوات المشتركة المدعومة اماراتياً.

ومع كون هذه المناطق عرضة للآثار الوخيمة للمعارك، يبدو أن كل شيء يتحرك هنا مثار لفت للانتباه، فيما يحرك أي وجود غريب فضول أعين القلة من أهالي المنطقة.. فالهدوء الحذر هو ما يخيم في هذه الأحياء المهجورة، على إن توصيف مثل هذه الأماكن بالهدوء مجانب للدقة؛ بما يعكسه هذه المصطلح من استدعاء للطمأنينة. 

ففي كل مساحة سكنية هنا يوجد قتيل أو جريح، جائع أو محتاج، فيما لا زالت جبهات القتال تشهد اشتباكات متقطعة بين وقت وآخر، وتنذر بالمزيد من المصائب والضحايا في صفوف أناس قرروا -ولهم أسبابهم الكافية- البقاء في مناطقهم.

سو ق (صدام)

شرقاً؛ كنا قد عبرنا بصعوبة (سوق صدام) المكتظ بالباعة والمشترين، وهو سوق شعبي للخضار والفواكه والأسماك. هنا في هذا المكان قتل بائع الموز الشاب ماجد عبدالله (20 سنة) في الـ15 من مارس/أذار 2020 بعد أن اخترق عيار ناري معدل 22/7 ظهره ليخرج من فخذه وهو يباشر عمله في السوق المكتظة وقت الذروة.

مواطنة لحقوق الإنسان كانت قد وثقت هذا الانتهاك عند الساعة الثانية عشرة من ظهر ذلك الأحد الشديد الحرارة.

وبحسب شهود العيان فإن الضحية كان واقفاً وظهره للجهة الشرقية؛ أي في اتجاه مدينتي الصالح والمنصري وهي من مناطق خطوط التماس في المدينة؛ فيما كانت نقطة تابعة لجماعة أنصارالله تربض على بعد أمتار من مكان وقوع الواقعة حينها. أسعف ماجد لكنه فارق الحياة في المستشفى.

مقربون من ماجد، أخبروا مواطنة أنه كان يبيع الموز مقابل أجرة يومية لا تتعدى الدولار الواحد أي (خمسمائة ريال)، ليستطيع أن يعيل أخوته الصغار وأبوه العاجز، فيما قال بعض الذين كانوا متواجدين في السوق لحظة إصابته: كنا نسمع صوت الاشتباكات من جهة الشرق في منطقة مدينة الصالح، لم نكن نتوقع أن تصل الرصاصة إلى السوق وتقتل ماجد، ولم نعلم من المتسبب بها". (2)

ومع إنه من الممكن أن يصبح السوق هدفاً عرضياً متكرراً لهذه الاشتباكات مرة أخرى، إلا أن السوق لم ينفض، وبقي منعقداً طوال بقية اليوم.

حي الزهور

وفي الشرق أيضاً، يقع حي الزهور. لم يعد لهذا المكان نصيب من اسمه، إلا من الأطفال والشباب الذين تقطف حياتهم وهم في عمر الزهور، بفعل الأعيرة النارية والقذائف التي تتساقط عليهم بين وقت وآخر من جبهات القتال المشتعلة في محيطهم، وخاصة في منطقة خط الثلاثين شرقًا، والخمسين جنوبًا.

دلفنا المدخل الوحيد للحي، فصادفنا على يميننا سريراً خشبياً من خزف النخيل المظفور، يجلس عليه مسلحان بملابس مدنية ألصقت على بنادقهم صوراً لقتلى جماعة أنصارالله، وعلى يسارنا يمكن مشاهدة كومة من الأتربة التي تسد جزء من المدخل بدأت تنبت عليها أزهار بنفسجية. 

لحي الزهور كما لبقية الأحياء مدخلاً واحداً يحرسه مسلحون تابعون للجماعة، يحفظون تماماً أهالي الحي ويعرفون من يدخل ويخرج إليه، وماذا يريد، بينما سدت بقية المداخل والمخارج لتضييق الخناق أمام أي اقتحام محتمل للمدينة، عرفنا أيضاً عن وجود عيون في كل مكان تترصد كل حركة تبدو غريبة أو مشبوهة، ويقومون بالإبلاغ عنها.

غير ذلك، لا شيء غير عجائز تهاميات نحيلات بملامحهن السمراء وملابسهن الملونة، يحملقن فينا، إلى جانب الهدوء والصمت المريب اللذان يغشيان الأزقة الفرعية العشوائية للحي البائس، ترافقهما خشخشة الأكياس البلاستيكية التي تحوم مع أي زوبعات.

وبالقرب من سور (مجمع الزهور) "إحدى مدارس البنات"، كان طفلان نحيلان لا يتجاوز عمر أكبرهما سبع سنوات يجمعان الأكياس البلاستيكية، يبدو أنهما يستخدمانها لإشعال النار في الأفران الطينية أو مواقد صناعة الطعام.. انتابتني غصة.

وفي الزقاق الرئيس لحي الزهور، تقابلنا بأحد الأهالي، فأخبرنا: "هنا سقطت قذيفة في يوم العيد بالقرب من سقّاية الماء في الحي، قتل الأطفال وتلطخت ملابسهم الجديدة بالدم بدلاً عن الشكولاتة. كانت عيدية مروعة ذلك اليوم، دماً وخرابًا".

في أوقات السنة التي يكون فيها الحر قاتلاً، والرطوبة خانقة، وبسبب من انقطاع الكهرباء الحكومية وارتفاع أسعار رسوم الطاقة التجارية، يهرب سكان الحي من جوف منازلهم للنوم فوق سطوحها ليلاً، أو في أحواشها، ما يجعلهم عرضة مباشرة للقذائف والأعيرة النارية

الكلفة التي يدفعها هذا الحي -وهو من المناطق القريبة للمواجهات- باهظة؛ ليس بسبب القذائف والأعيرة النارية المتساقطة من قبل القوات المشتركة فحسب، بل يضاف إلى ذلك زراعة جماعة أنصارالله الألغام بشكل مفرط داخل الأحياء السكنية. وبحسب إفادة الأهالي، تواصلت عملية زراعة الألغام حتى بعد توقيع اتفاق استكهولم في هذه المنطقة التي تبعد كيلو متر واحد من منطقة التماس.

ولا يحتاج المرء لأي جهد، ليرى بوضوح كيف يعج هذا الحي بمنازل القش أو ما يسمى محلياً بـ(العشش)، وبالقرب منها أحواض مجاري المدينة. 

ظهر يوم السبت 29 ديسمبر/ كانون الأول 2018، خرجت ثلاث فتيات، منار (9 سنوات)، ونورة (12 سنة)، وسعدية (16 سنة) لجمع الحطب من المزارع المجاورة كعادتهن، ولكن موتا كامنا كان يتربص بهن هناك.

شاهدة عيان شرحت لـ(مواطنة): حين تأخرت الفتيات في العودة بدأت أسرهن في البحث حتى وجدن مسلح تابع لجماعة أنصار الله على بوابة المزرعة التي قصدنها.

أخبر المسلح ذوي الفتيات أن البنات في الداخل وأن لغم أرضي أنفجر بهن منذ أكثر من ساعتين.  وهناك رأى الأهالي هذه الزهرات البريئات مبتورات الأطراف السفلية وملطخات بالدماء. شاهد آخر يروي الكارثة عن قرب: كان منظراً يوجع القلب، فارقت منار ونورة الحياة بينما لازالت سعدية تلفظ أنفاسها الأخيرة" (3). شهد الحي موجة نزوح كبيرة بعد هذه الواقعة. 

حي 7 يوليو

ينقسم حي 7 يوليو، شرقاً، بين الطرفين المتنازعين ما يمكننا القول أن أهاليه أصبحوا محاصرين بين نارين، وأنه اكثر أحياء الحديدة تضرراً، بعد أن كان قبل الحرب أحد الأحياء الجميلة والواعدة في المدينة.

وعلى غير معظم الأحياء، يمكن هنا رؤية الشوارع الفسيحة والمعبدة، ومبان متعددة الطوابق في العادة، لكن الحرب لم تمكّن ساكنيه من الاستمتاع بهذا الإزدهار العمراني، وقد اضطروا إلى مغادرة الأجزاء التي شهدت قتالاً ضارية، فيما غامر القليلون مهم، وفضلوا حراسة شققهم وبناياتهم التي أصبحت ولازالت جزء من حلمهم الطويل بالحياة الكريمة والاستقرار. 

بعض هؤلاء، أصبحوا ضحايا للقذائف المتساقطة على الحي، فقتلت وجرحت العديد منهم. أما الذين أجبرتهم ضراوة المعارك على المغادرة، أصبحت أملاكهم ثكنات لمقاتلي جماعة أنصارالله، وفي فترة ما أجبر بقية الملاّك والمستأجرين على إخلاء مساكنهم بالقوة، تحت التهديد باحتجاز كل من يعصي الأوامر. ولا زالت تخرج الحكايات المأساوية من الأفواه:

هنا بالقرب من أحد الدكاكين؛ قتل طفل وجرح والده، وهناك أصيب طفل برصاصة وهو في منزله.. آثار وندوب القذائف والرصاص على الجدران لحق بهذا الحي من خراب، أبواب كسرت ومنازل احتلت. يحدثنا الناس بأسى وبأصوات مخنوقة عن حفر أنفاق وممرات داخل البيوت بمعاونة مجندين من الأطفال ليصبح مرور عناصر جماعة أنصارالله والآليات العسكرية من خلال المنازل سهلاً كمن يعبر شارعاً بعيداً عن الأعين.

حي الزعفران

شهد، وسط حي الزعفران بمديرية الحالي، شمال المدينة عند الساعة  9:30 صباح التاسع من سبتمبر/أيلول 2019، كارثة انفجار مخزن كانت تستخدمه جماعة أنصار الله (الحوثيين) مستودعاً للأسلحة.

قتل في هذا الانفجار رجلان بينما جرح ستة بينهم أربعة أطفال، واستمرت انفجارات القذائف لأكثر من ساعة، تساقطت بعضها على المنازل فهدّمت ما لا يقل عن ستة منها بشكل كامل فيما تضررت أخرى بشكل متفاوت.

قال لـ(مواطنة) أحد الناجين حينها: "سمعنا صوت الانفجار الأول تلته انفجارات متعددة بعد ذلك اشتعلت المنازل، الشظايا تساقطت كالجمر، كنت على دراجتي النارية أهم بالخروج من الحي حين استوقفني أحد سكان الحي طالباً مني إيصاله إلى منزله ليخرج بعض الأشياء المهمة ومن ضمنها أنبوبة الغاز المنزلي، حين وصلنا إلى المنزل، دخل هو بينما انتظرته في الممر، حينها دوى انفجار ضخم انهار على إثره المنزل، وقتل الرجل." (4)

لم تنج المدينة أيضاً من الهجمات الجوية، ففي التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، تعرض أحد مستودعات المواد الاستهلاكية بشارع غزة، في نفس مديرية الحالي، إلى ثلاث غارات أدت إلى تدميره بالكامل، وحين قدم مالكي المستودع لمعرفة الاضرار بعد أقل من ساعة خطفت الهجمة الأخيرة روحه، وجرح ثلاثة آخرين بينهم طفلة.

  في أوقات السنة التي يكون فيها الحر قاتلاً، والرطوبة خانقة، وبسبب من انقطاع الكهرباء الحكومية وارتفاع أسعار رسوم الطاقة التجارية، يهرب سكان الحي من جوف منازلهم للنوم فوق سطوحها ليلاً، أو في أحواشها، ما يجعلهم عرضة مباشرة للقذائف والأعيرة النارية المنطلقة من الثكنات؛ وسجلت المنطقة بالفعل مقتل وإصابة الكثيرين، لا تزال قصصهم ملتصقة بحدقات الأهالي وجدرانهم المجدورة بالرصاص. قال أحدهم: هنا قتلت امرأة بمقذوف راجع لعيار مضاد طيران وهي نائمة في السطح.


  • تنشر هذه المدونة بالتزامن مع موقع منظمة مواطنة لحقوق الإنسان وموقع درج اللبناني

الهوامش:

(1)   مقابلة مواطنة مع شاهد عيان بتاريخ 6 اكتوبر 2020
(2)   مقابلة مواطنة مع شاهد عيان بتاريخ 23 مارس 2020
(3) مقابلة مواطنة مع شاهد عيان بتاريخ 9 يناير كانون الاول 2019
(4) مقابلة مواطنة مع شاهد عيان بتاريخ 17 سبتمبر 2019

•••
نورية الحسيني

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English