نساء يتحدثن عن ظاهرة التحرش

كيف يساهم العنف الأسري في انتشارها
خديجة الكاف
December 8, 2021

نساء يتحدثن عن ظاهرة التحرش

كيف يساهم العنف الأسري في انتشارها
خديجة الكاف
December 8, 2021

أصبحت ظاهرة التحرش منتشرة بصورة مخيفة في أوساط النساء العاملات والفتيات بالجامعات والشوارع أثناء سير النساء في الشارع  وتسمع  النساء  كلمات جارحة، وهي مشكلة خطيرة بالنسبة لنساء محجبات أو متبرجات يتعرضن للتحرش لأن ممارسة هذه ظاهرة التحرش ممارسة مرَضية لها علاقة بالحالات السيكولوجية، كما أن التربية السيئة والعامل الثقافي يُعدّان أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الظاهرة، مع غياب حقوق الإنسان والقوانين، والتربية السليمة، وعدم احترام القيم والمبادئ، وبالتالي غياب الاحترام لدى من يقوم بالتحرش الجنسي.

ويعد التحرش الذي تتعرض له الفتاة عنفًا اجتماعيًّا،  ويتمثل بالآثار النفسية التي تصاب بها ضحايا التحرش، ومنها: الإحباط، والقلق، ونوبات من الرعب، وتوتر عصبي، وندرة في النوم مع أحلام مزعجة، وإحساس بالذنب والعار.  

وأصبح التحرش الجنسي كارثة مجتمعية وتهديد جوهري لأمن المرأة والرجل؛ لأنه مسموح له بالتغلغل والنمو في مجتمع يجعل الضحايا تدفع ثمن التعرض للتحرش في حين أن المتحرشين ينجون بكل سهولة ومن أجل التغيير المجتمعي اللازم لمناهضة التحرش الجنسي في بلادنا، نحن بحاجة إلى قانون غير مبهم وواضح لمعاقبة المتحرشين لا لمعاقبة الضحايا.

ومن أجل تسليط الضوء على ظاهرة التحرش التي ظهرت في أوساط المجتمع بأشكال مختلفة وأساليب متنوعة قمنا بإجراء عدد من لقاءات مع قيادات نسوية مجتمعية وحقوقية وقانونية، وإليكم الآتي:

اعتبار المرأة عارًا

تقول المحامية مارينا كمال، مدافعة عن حقوق الإنسان، إن العنف المتمثل بالتحرش الجنسي له عدة أشكال  تبدأ من النظرة الدونية للمرأة والكلمة المسيئة أو اللمس، مشيرة إلى أن هذه الأشكال قد تتطور إلى عنف جسدي، وصولًا إلى الضرب والاغتصاب أو القتل.

وتضيف مارينا في حديثها لـ"خيوط"، أن المرأة "تعاني الأمرّين للحصول على حقها بالحفاظ على كيانها كإنسان من حقه العيش بكرامة وحرية تحفظ لها سلامتها وممارستها لحقوقها بشكل طبيعي". وتنصح النساء بالإبلاغ عن أي شكل من أشكال العنف، يتعرضن له.

وتتابع: "هناك بعض التجارب القاسية التي تتعرض لها النساء، وأغلبهن يسكتن خوفًا من العيب والعار في المجتمع، مما يزيد من هذه السلوكيات اللا أخلاقية (التحرش) بحق المرأة، وما يدعو للاستغراب أن المجتمع يحاسب ويعنف المرأة فوق عنف التحرش، ولا يحاسب المتحرش الذي لم يلتزم بغض البصر وعدم إيذاء النساء في الشارع أو على الطريق". وترى مارينا كمال أنه "ما دام المجتمع يرى المرأة عارًا، وأنه يجب أن تُخفى وراء الستار الأسود، فلن يتطور للأفضل".

العنف الأسري هو المدخل الأساسي لجميع أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة لاحقًا، حيث يقودها ذلك للبحث عن الأمان في أماكن أخرى، فتقع تحت رحمة أشخاص لا يؤمنون بحقوق المرأة ولا يحترمون كيانها.

النظرة الدونية للمرأة

تشير الدكتورة نجوم أحمد صالح قديش، أستاذة الاقتصاد بجامعة عدن- القسم الدولي، الى أن "النظرة الدونية للمرأة أثرت كثيرًا على مجتمعنا من خلال إقصاء الفتاة عن الدراسة، والسماح لأخيها بذلك لأنه رجل". وتضيف أن الظروف الاقتصادية تدفع بعض الآباء لتزويج بناتهم وما زلن قصّرًا أو يحرمونهن من اختيار الزوج، وهذا يندرج ضمن النظرة الدونية للمرأة. 

وبشأن التحرش الجنسي، تقول الدكتور نجوم، إنه "يؤدي إلى أمراض نفسية للنساء، تجعلنا أمام مشاكل كبيرة تتطلب توعية المرأة أمام انحسار وعي المجتمع بسبب تدني مستوى التعليم"، وقصور المناهج الدراسية عن مواكبة دور المرأة في المجتمع، خاصة بعد حرب 94، التي أعقبها، كما تقول، تعطيل لحياة المجتمع والنساء بشكل خاص، وهو سياق سياسي للإشكال الاجتماعي الكبير. 

أفعال عنيفة تمارس ضد المرأة

وتقول بهية الزامكي، مدير مكتب وكيل قطاع التدريب والتأهيل بوزارة التربية والتعليم، إن التحرش يندرج ضمن أشكال العنف التي تمارس ضد المرأة. وتشير إلى أن العنف الأسري هو المدخل الأساسي لجميع أنواع العنف التي تتعرض لها المرأة لاحقًا، حيث "يقودها ذلك للبحث عن الأمان في أماكن أخرى فتقع فريسة تحت رحمة أشخاص لا يؤمنون بحقوق المرأة، فيتم استغلالها واستغلال حاجتها الاجتماعية والنفسية العاطفية، وكثيرًا ما نسمع عن حالات اغتصاب أو تحرش تحدث في هذا الجانب".

وتتابع: "نعيش اليوم في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، تضطر معها المرأة للخروج من أجل العمل، وستجد من يستغل ضعفها، خاصة عندما تكون المرأة  غير متعلمة. ولهذا لا بد لنا من توعية المرأة  لمواجهة الواقع الذي نعيشه اليوم، وما هي الطرق الوقائية لحمايتها من أشكال العنف  لكي تحصن نفسها، وهنا يبرز دور الإعلام  ووسائل التواصل من خلال نشرات قصيرة إرشادية توعوية لجميع النساء بكافة الأعمار، وكذلك من خلال خطب الجمعة في المساجد، وإنشاء أندية نسائية في الأحياء تتكون من أخصائية اجتماعية وحقوقية وطبيبة".

غياب المحاسبة والعقاب 

وتقول شفاء سعيد باحميش، ناشطة وشخصية اجتماعية، إن "العنف بالتحرش أصبح منتشرًا بشكل مخيف، ولا يوجد طريقة للحد منه، نظرًا لغياب المحاسبة والعقاب للمتحرشين، ونظرًا لسكون بعض اللواتي يقع عليهن هذا العنف، كوننا مجتمعًا محافظًا،  ويخافون على سمعة من تتعرض للتحرش، فيتم التزام الصمت على أن يتم التبليغ".

ظاهرة التحرش الجنسي "مشكلة خطيرة تعود أسبابها إلى التنشئة الاجتماعية غير السوية"، إضافة لأسباب تتعلق بالثقافة المجتمعية الذكورية التي تستسهل إيذاء المرأة.

وتشير إلى أن "العنف الأسري يتسبب بتسول النساء، ومنهن صغيرات أيضًا، من أجل أن يجدن ما يسد جوعهن، وهنا يتم استغلالهن، ويؤدي هذا إلى الانحراف والانجرار إلى أمور خطيرة"، موضحة أن استمرار الحرب وتدهور الظروف المعيشية للأسرة اليمنية، "أدى الغى شتى أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي، وأظهر بشكل قوي التميز بين الجنسين، حيث يتم معاملة المرأة بشكل قاسٍ نتيجة هذا التميز؛ بينما كرمها الإسلام وجعل لها الحق مثلها مثل أخيها الرجل".

وتؤكد أن "على جميع النساء مواجهة كل ظواهر العنف القائم عليهن، وذلك عن طريق معرفة حقوقهن وواجباتهن بدقة، لأنهن نصف المجتمع".

كيف تتجنب المرأة التحرش

ترى المحامية أحلام ياسين، ناشطة حقوقية، على أنه "يجب على المرأة مواجهةالعنف بما يمنع تعرضها له. وتضيف "أن جميع الأديان والحضارات تجرّم العنف ضدالمرأة، بما فيها الإسلام". 

تتحدث أفراح الحميقاني، ناشطة حقوقية، عن ضرورة التفريق بين أربعة أنواع من العنف الذي تتعرض له المرأة: العنف الجسدي، "مثل الصفع والركل واللكم والحرق والضرب"، والعنف النفسي، "وهو سلوك يقوم على الإساءة من أجل تقويض كرامة المرأة وإضعاف ثقتها بذاتها، مثل السخرية والإهانة والتهديد والتهكم"، إضافة إلى العنف اللفظي، "وهو أشد أنواع العنف على الصحة النفسية للمرأة، وتستخدم فيه الألفاظ المسيئة والإهانات، ومن أشكاله: التحقير والإذلال والسب والشتم، وأخيرًا العنف الجنسي، "وهو السلوك الجنسي غير المرغوب، مثل الاغتصاب أو الإكراه الجنسي".

وتتفق أفراح مع المتحدثات في هذا الاستطلاع، على أن  ظاهرة التحرش الجنسي "مشكلة خطيرة تعود أسبابها إلى التنشئة الاجتماعية غير السوية"، إضافة إلى أسباب تتعلق بالثقافة المجتمعية الذكورية التي تستسهل إيذاء المرأة. كما تشير في حديثها إلى ما تتعرض له المرأة من عنف أسري، يتمثل في أخف أشكاله بالنظرة الدونية إليها، والتي "قد تصل إلى منعها من التعليم والعمل". 

وختامًا تجمع المتحدثات على أن مواجهة ظاهرة التحرش تبدأ من المؤسسة المجتمعية الأولى، وهي الأسرة، التي يتوجب عليها تنشئة أبنائها على احترام المرأة وعدم التحرش بها، وتنشئة الفتيات على أساليب مواجهة التحرش وتجنب الوقوع فيه. كما يؤكدن على ضرورة محاسبة المتحرشين من قبل الجهات الضبطية في الدولة، وسنّ قانون لمعاقبة المتحرش بالمرأة والأطفال، وعلى ضرورة قيام المجتمع بدوره في تشنيع الظاهرة ونبذ سلوك التحرش ومن يمارسه.


* تحرير خيوط


•••
خديجة الكاف

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English