منع فتيات من الإنترنت "لكيلا تفسد أخلاقهن"!

الحماية من الابتزاز وقيود تغذّيها خُطَب الجُمعة
سكينة محمد
March 20, 2023

منع فتيات من الإنترنت "لكيلا تفسد أخلاقهن"!

الحماية من الابتزاز وقيود تغذّيها خُطَب الجُمعة
سكينة محمد
March 20, 2023

تروي الفتاة العشرينية، سمر سعيد -التي تم منعها من التدريب على الإنترنت تحت مبرر أنّ "هذه البرامج خطرة ويمكن أن تسحب الصور منها وتفضحها- بكثير من الحسرة، كيف منعها والدها من فرصٍ عدة على الإنترنت بحجة سماعه في خطبة الجمعة في المسجد، أنّ برامج النت، وخصوصًا الفيديو، تفسد أخلاق البنات، بينما يقودهن التدريب إلى "أشياء خطيرة".

وتضيف سمر لـ"خيوط"، أنّها تستخدم الإنترنت بحذر شديد، وتتخذ كل التدابير في ذلك: "لا أظهر بوجهي، ودائمًا الكاميرا مغلقة، لكن أحيانًا أخاف من قصص الابتزاز الإلكتروني والاحتيال، وأشعر أنّني بحاجة لمعرفة أمور كثيرة عن الأمن الرقمي، وكيف نحمي بياناتنا ونقنع أهلنا والمجتمع، أنّ الموضوع آمن جدًّا". 

تلجأ كثير من النساء اليمنيات إلى التكنولوجيا، لإسماع أصواتهن للعالم، وتؤثر تجربة النوع الاجتماعي بشكل كبير في المستخدمات على الإنترنت، وتدفع إلى تعزيز الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية للعالم الواقعي أثناء المشاركة الفاعلة في الفضاء الرقمي.

وتقول سمر: "إنّ العالم أصبح مفتوحًا، ويمكن أن تصنع النساء فرقًا في العالم الرقمي، وأكبر دليل ثورةُ نساء إيران عبر النت، والنساء السودانيات، وهاشتاج الهوية اليمنية وكيف ظهرت النساء بقوة؛ لكن لا بدّ أن نتسلح بالمعرفة حتى نستطيع مواجهة الأهل أولًا، ومِن ثَمّ المجتمع، ومن ثم السلطات وقيودها". 

وسلطت حملات بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، الضوءَ على عمل نساء وفتيات مميّزات يدافعن عن حقوق الإنسان، وعلى حركات نسائية تتصدّى لردود الفعل العنيفة ضدّ حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين. 

وكانت النساء اليمنيات قد شاركن في يناير 2023، تحت هاشتاج #الهوية_اليمنية، والتي اجتاحت فيه صورُ النساء بملابس تراث ملونة، مواقعَ التواصل الاجتماعي، كمحاولة لإبراز الهُوية اليمنية ومواجهة عملية حصرها في لون واحد.

ضوابط تقنية مهمة للاستخدام

بحسب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فإنّه يتعيّن على الفضاء الرقمي أن يمر بالثورة النسوية التي هو بأمسّ الحاجة إليها، ولا بُدّ له من أن يمرّ بها.

وتشير المهندسة والخبيرة بالأمن الرقمي، جنى قائد سعيد، في حديثها لـ"خيوط"، إلى أنّ الأمن الرقمي عبارة عن طرق ووسائل مختلفة لحماية حسابات الإنترنت والملفات الخارجية من التطفل، من قبل أطراف خارجية. 

لا تعتبر البرامج نفسها خطرة، لكن الخطورة تكمن في طريقة التعامل مع هذه المواقع بدون حماية للخصوصيات والبيانات؛ ما يؤدّي إلى ظهور "ثغرات أمنية" يستغلها المتطفلون للحصول على البيانات والعمل على تحليلها للوصول إلى المعلومات، وهنا قد تتعرض بعض النساء للاحتيال أو مصادفة محتوى غير لائق وإعلانات مزعجة ومتكررة".

وتؤكّد سعيد على أهمية الاستخدام الواعي للوسائل الرقمية، والتنبّه للأدوات، بَدءًا من كلمة مرور قوية ومختلفة للحسابات، والمصادقة الثنائية، والتحديث الدائم للبرامج، سواء على المحمول الشخصي أو الجهاز اللوحي ليوفر حماية أمنية عالية، وروابط آمِنة، والابتعاد عن التطبيقات المعدلة والبرنامج التي تتطلب أذونات لإحداث تغييرات في الأجهزة.

وتحذّر من: "شبكات الـ(واي فاي) غير المنزلية، ومشاركة معلومات خاصة مع جهات لا نثق بها، كمعرفة أولية لا بُدّ أن تتوفر لدى أيّ فتاة تتعامل مع جهاز إلكتروني، وما زال هناك الكثير من الاحتياطات التي تحتاج لتدريب، للكثير من النساء". 

ومع تفاقم خطورة مشاركة البيانات الشخصية على الإنترنت وسهولة الوصول لها، تزداد التهديدات للنساء القائمة على النوع الاجتماعي، وتعرّض البعض منهن للعديد من المشاكل الأسرية، وفقدان أخريات لفرص جيدة، إضافة إلى رفض مجتمعي وتضييق متواصل من سلطات الأمر الواقع. وتحذّر جنى من خطورة الجهل الرقمي، ومن قصص كثيرة تصل لديها جُلّها بسبب جهل هؤلاء الفتيات بالأمن الرقمي.

من جانبه، يشرح مهندس البرمجيات، عزمي غالب، لـ"خيوط": "الأمن الرقميّ نفسه لا يميز بين النوع الاجتماعي، بل الجميع عبارة عن شخصيات رقمية واسم وصورة ونوع اجتماعي وأصدقاء وعائلة وأعياد ميلاد، فضلًا عن الكثير من المعلومات الخاصة والعامة؛ لكن المشكلة في المجتمع ذاته الذي تنتمي له هذه الأنثى التي أضافت معلوماتها ولديها جهل أو قصور معرفي بالأمن الرقمي".

وقد تنبّه العالم لهذا، وبدأت جمعيات نسائية ومؤسسات مختصة بالأمن الرقمي، بعمل أدلة تدريبية أو تطبيقات أو فرص تدريبية لتوعية النساء وتسليحهن بالمعرفة الرقمية، فمبادرة: OWASP Women in AppSec (WIA) تهدف إلى تعزيز القيادة والمشاركة الفعّالة، ومساهمات النساء في المجتمعات المهنية لأمن التطبيقات. وتهتم مبادرة Cyversity بتحقيق التمثيل العادل للنساء والفئات الأقل تمثيلًا في صناعة الأمن الرقمي، من خلال برامج مصممة لتعزيز التنوع والتثقيف والتمكين، كما تعالج "الفجوة الرقمية" من خلال توفير منح دراسية، للطالبات حول العالم. 

أهمية الأمن الرقمي 

عند تسجلينا الدخول لأيّ برنامج على الإنترنت، سواء برامج محادثات أو تصفح أو معرفة أو تدريب وتأهيل يتم السؤال بشكلٍ دائم عن الجنس، وهنا يوضح المهندس غالب، أنّ ذلك لأغراض إعلانية بحتة، وإحدى مدخلات نظام الإعلانات. 

ويضيف: "لا تعتبر البرامج نفسها خطرة، لكن الخطورة تكمن في طريقة التعامل مع هذه المواقع بدون حماية للخصوصيات والبيانات ما يؤدّي إلى ظهور "ثغرات أمنية" يستغلها المتطفلون للحصول على البيانات والعمل على تحليلها للوصول إلى المعلومات، وهنا قد تتعرّض بعض النساء للاحتيال أو مصادفة محتوى غير لائق وإعلانات مزعجة ومتكررة". 

ويرى أنّ هناك ضرورة لنشر التوعية الرقمية وطرق الأمن الرقمي، ويتطلب الأمر كذلك متابعة المختصين في هذا المجال، سواء على السوشيال ميديا أو البرامج التأهيلية والتدريبية التي يتم تنظيمها في هذا الخصوص. 

وعملت مبادرة She Secures لزيادة الوعي حول الأمن الرقمي وإشراك المزيد من النساء في هذا المجال في سن صغيرة، وتستضيف المبادرة: الفعاليات، وفعاليات التدريب، والندوات عبر الإنترنت، وجلسات الإرشاد. 

وتنتشر أدلة للأمن الرقمي خاصة بالنساء يمكن الاستفادة منها، كما تمّ مؤخّرًا إطلاق منصة باركود تعمل على رفع التوعية بأهمية الأمن الرقمي، وتقدّم معلومات بطريقة بسيطة ومبتكرة. 

•••
سكينة محمد

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English