تنمر تجاه "مُغنّيات" المهرة.. ما السبب؟

يواجهن أشكالًا من التمييز والإساءات
علاء الشلالي
December 17, 2021

تنمر تجاه "مُغنّيات" المهرة.. ما السبب؟

يواجهن أشكالًا من التمييز والإساءات
علاء الشلالي
December 17, 2021

يعتبر أهالي محافظة المهرة (شرقي اليمن)، غناءَ المرأة من أكثر السلوكيات المعيبة، فمن غير الممكن أن يتزوج أبناء القبائل المهرية من المرأة التي تُغني أو حتى من أقارب لها.

كما لا يمكن أن تحظى النساء الفنانات "المُغنيات" بحقوقهن في أمور كثيرة إسوة بغيرهن من النساء في المجتمع المهري، وهو الأمر الذي يفسر سبب قلة أعداد الفنانات اللواتي يغنين أو يعزفن الموسيقى في مناطق البوابة الشرقية لليمن، إذ إن حضور تلك "المغنيات" اللواتي لا يتجاوزن عدد أصابع اليد، يكاد يقتصر على إحياء الأعراس الخاصة بالنساء، وفي مناطق محدودة في المهرة.

الأمر ذاته تسبب بوقوع مشاكل وضغوطات تعاني منها بعض الفنانات "المغنيات" المهريات اللواتي أكدن في حديثهن لـ"خيوط"، تعرضهن لتعنيف لفظي ونفسي.

تمييز عنصري

في أحياء وحارات الغيضة، عاصمة محافظة المهرة، خلال مناسبات الأعراس، وفي مناسبات ختان المواليد، منذ عشرة أعوام، تغنّي سَحَر، الفتاة الثلاثينية ومعها شقيقاتها الصغيرات اللواتي يرددن بعدها عددًا من الأغنيات الفرائحية باللغة المهرية، مقابل حصولهن على مبلغ مالي لا يزيد عن 30 ألف ريال.

"ليست المشكلة في المبلغ المالي الضئيل الذي نحصل عليه، والذي لم يرتفع رغم غلاء الأسعار وارتفاع الأجور، المشكلة تكمن في تعرضنا لتمييز وإساءة دائمة من قبل النساء والرجال في كل مناسبة نحييها، نتعرض لأقدح الشتائم إذا لم نغنِّ كما يريد بعض الأهالي، وفي بعض الأحيان نتعرض للإهانة والطرد"، تقول سحر، وهي تشكو حالها وأقرانها من الفنانات "المغنيات" في محافظة المهرة.

مديرة تنمية المرأة في محافظة المهرة لبنى كلشات، تؤكد أن المرأة في هذه المحافظة اليمنية تحظى بدعم ومساندة كبيرة من قبل السلطة المحلية في كافة المجالات الثقافية بما فيها الفنية.

وتضيف في حديثها لـ"خيوط"، إن المغنيات لا يستطعن رفض أي دعوة توجه لهن لإحياء عُرس نسائي، لأنهن مأمورات ويجب عليهن التنفيذ دون الخوض في أي حديث يتصل بظروف الفنانة، هكذا جرت العادة، وفق حديث سحر: "منذ أن عرفنا أنفسنا ونحن في هذه المهنة".

من أشكال التمييز العنصري الذي تعاني منه الفنانات الشعبيات في المهرة، تسمية بعضهن (بالخادمات)، وهو لقب يُزعجهن، بحسب وردة، الفنانة الشعبية وعازفة الإيقاعات الأشهر في مدينة الغيضة، إذ تقول في حديثها لـ"خيوط"، "ذات مرة أحببت أن أشارك في إحياء مناسبة رسمية نظمتها السلطة المحلية قبل ثلاثة أعوام لكن طلبي قوبل باستهزاء وسخرية، فليس لنا الحق أن نطمح بتطوير أنفسنا من قبل السلطات المحلية، لأننا "أخدام" على حد وصفهم لنا".

لا تقتصر الممارسات العنصرية والتمييز ضد النساء على محافظة دون أخرى، إذ يتم وصف النساء المهمشات أو ذوات البشرة السمراء بـ"الخادمة" في صنعاء وإب وتعز وعدن، بينما في محافظات حضرموت (شرق اليمن) يتقسم المجتمع إلى طبقات مختلفة، ويضمن هذا التقسيم النساء، حيث لا يمكن لشاب من فئة السادة أو المشايخ أو البدو والقبائل أن يتزوج من نوعيات معينة من النساء بسبب مهنهن أو نسبهن.

تنمر وتهميش

عائد العمودي، محمد مشعجل، حسن العجيلي، عبدالله حبريش، عسكري حجيران، قحطان الكاش، أسماء لفنانين من محافظة المهرة لاقوا شهرة واسعة في المهرة وعلى مستوى اليمن وخارجها في الدول المجاورة مثل سلطنة عُمان، لكن لا أحد يعرف "الوالدة حبش، وحمدة، ورحمة"، وهن من أشهر الفنانات الشعبيات في محافظة المهرة.

ولا يُعرف اسم واحد من أسماء المغنيات المغمورات هناك، بسبب التهميش المتعمد لهن من قبل الإذاعات والقنوات الفضائية الحكومية والخاصة منذ سنوات طويلة سابقة، كما ترى الناشطة الثقافية شروق الكثيري خلال حديثها مع "خيوط"، وتصف الكثيري معظم الرجال بالمتنمرين ضد المغنيات في المهرة.

وعلى العكس من ذلك، تؤكد لبنى كلشات مديرة تنمية المرأة في محافظة المهرة، أن المرأة في هذه المحافظة اليمنية تحظى بدعم ومساندة كبيرة من قبل السلطة المحلية في كافة المجالات الثقافية، بما فيها الفنية.

وتشير لـ"خيوط"، إلى حرص السلطة المحلية لتمكين المرأة في المهرة وتعزيز دورها الفاعل في التنمية الشاملة، مؤكدةً أن "المجتمع في المهرة ينبذ العنف والعنصرية والكراهية والكل سواسية".

في السياق، يشجع الفنان الشعبي والإعلامي مراد العوبثاني، تزايد أعداد الفنانات المغنيات في محافظة المهرة؛ لأن هذا الأمر، من وجهة نظره، فيه حفاظ على الموروث الشعبي للمحافظة، فالكثير من الرقصات النسائية والتقاليد في المناسبات الاجتماعية بدأت رياح التغيير تبدل ملامحها التي كان أهالي المهرة يعرفونها.

ويقول العوبثاني لـ"خيوط"، إن حاجة المجتمع تكمن في أهمية الحفاظ على التراث والموروث الثقافي والشعبي؛ لذا هناك أهمية لكي يساهم المجتمع في دعم الفنانات ماديًّا ومعنويًّا، بينما واجب الجهات الرسمية هو القيام بعملها الذي يتخلله الاهتمام بهؤلاء النسوة عبر إقامة أنشطة تساهم في الحفاظ على التراث والموروث الشعبي، واستهداف ذوي الخبرة وإتاحة الفرصة أمام كل من يريد التعلم وعدم ترك المساحة لاندثار الموروث عبر التهميش والإهمال الواقع حاليًّا.


إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English