واقع محفوف بالمخاطر للصحفيات في اليمن

تحديات وعراقيل وتمييز في الوصول إلى المعلومات
سكينة محمد
May 3, 2022

واقع محفوف بالمخاطر للصحفيات في اليمن

تحديات وعراقيل وتمييز في الوصول إلى المعلومات
سكينة محمد
May 3, 2022

تتخرج الفتيات من أقسام كليات الإعلام في الجامعات اليمنية، وما أن ينخرطن للعمل في الساحة الصحفية، حتى ينصدمن بواقع محفوف بالتحديات والعراقيل. على رأس هذه التحديات صعوبةُ الوصول للمعلومة من مصادرها.

ويرجع ذلك إلى تحفظ بعض الجهات عن الإدلاء بها للصحافيين عمومًا، والصحافيات على وجه التحديد، وتتم معاملتهن بناءً على النوع الاجتماعي، وبالتالي الامتناع عن التعاطي الإيجابي معهن أو إعطاؤهن معلومات خاطئة ومضللة. 

تقول آفاق الحاج، صحافية وأستاذة في جامعة تعز، لـ"خيوط"، إنّ الصحفيات يُمنعْن من تغطية الأحداث في المناطق العسكرية، أو حضور مؤتمرات صحافية معينة واحتكارها على الذكور فقط، بحجة أنّ ذلك لا يتلاءم مع طبيعة النساء، وهذا ما حصل فعلًا مع بعض الصحافيات، ما يكشف الستار عن تقليل يندرج تحت مظلة غياب الثقة بدور الصحفيات وعمل المرأة بشكل عام في مثل هذه المجالات.

تضيف أنّ الصحفيات اليمنيات يواجهن مشاق التنقل والوصول إلى مناطق الصراع والمناطق العسكرية، إضافة إلى عدم الثقة بدورهن، وبالتالي يحتكر الذكور معظم الفرص في المؤسسات الإعلامية. 

بيئة عمل شاقة

تؤكد ناشطات وعاملات في المجال الصحفي والإعلامي، أنّ "هناك معوقات كثيرة تواجهها النساء في اليمن بسبب الحرب المستعرة في البلاد منذ سبع سنوات، والتي تؤدي إلى فقدانهن الكثير من الفرص الإعلامية"، إلى جانب استغناء وسائل الإعلام عن توظيف النساء، بحجة أن المرأة لن تستطيع أن تغطي الأحداث كما تريد هذه الوسائل.

تشير نور علي صمد، مديرة إدارة المرأة والطفل في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون في عدن، لـ"خيوط"، إلى أنّ أهم الصعوبات التي تواجه الصحفيات العاملات في اليمن هي سيطرة الرجال على إدارة المؤسسات الإعلامية الحكومية، وشبه غياب الوجوه الجديدة الشابة، والتعامل مع الشباب بنظام التعاقد لسنوات طويلة بالرغم من ضعف المردود المادي الذي يحصلون عليه.

تستمر الانتهاكات بحق الصحفيين من الجنسين بوتيرة عالية في اليمن، بحسب منظمات حقوقية وما رصدته نقابة الصحفيين اليمنيين من انتهاكات في الربع الأول من العام الجاري 2022

مروى العريقي، الصحفية في منصة "هودج"، ترى من ناحيتها، في حديث لـ"خيوط"، أن لعادات وتقاليد المجتمع علاقة بضعف حصول الصحافيات على المعلومة من مصادرها، إذ تعيب هذه العادات عليهن مسألة التواصل مع المصادر، وهذا ينطبق على المؤسسات التي قد يرفض مديروها إعطاء أرقام هواتف المصادر، عوضًا عن ذلك يتم الطلب منهن كتابة الأسئلة، وهم من سوف يتولى التواصل مع المصدر وتسليم الصحفية الإجابات، أو يذهب أحدهم لإجراء المقابلة الصحفية مع المصدر في "جلسة قات" مستغلًّا عدم تمكُّن فتاةٍ من الذهاب هناك.

كما أن معظم الداعمين يتوجهون لجرّ الصحفيات للحديث عن قضايا النساء دون غيرهن، صحيح أن الاهتمام بقضايا النساء مهم ومطلوب، ولكن تظل مشكلة تأطير الصحفيات للعمل ضمن مجالات محددة، واقتصارهن على تغطية مجال واحد فقط، من شأنه أن يضعف قدراتهن ويقلص تواجدهن المهني في المجالات الأخرى.

وكمشكلة عامة، فإنّ الصحفيين يعانون من تهم التنميط والقولبة والشك في تبعيتهم وانتمائهم لأطراف بعينها، وبالتالي يتحدد، بناءً على ذلك، عملية تنقلاتهم وممارستهم للعمل الصحفي. 

تتابع العريقي حديثها بالقول: "إن تقييد الحريات الشخصية يشكّل عبئًا إضافيًّا لم يكن في الحسبان، فبعد الاعتماد على الذات نعود لنقطة الصفر، وهي ما يتم اشتراطه من تواجد الأهل في ظروف متعلقة بالعمل، كيف أحضر موافقة أشخاص لا يتواجدون معي بالمدينة نفسها، وهو ما يمثل عائقًا قد يفقد المرأة عملها". 

عمل بلا حماية

مع استمرار الحرب في اليمن، تعرضت الصحفيات من مناطق النزاع والاشتباكات للخطر المباشر، علاوة على عدم وجود أي إجراءات لحمايتهن. كان مقتل الصحفية رشا عبدالله الحرازي وطفلها وإصابة زوجها الصحفي محمود العتمي، في تفجير استهدف سيارتهما في عدن عصر الثلاثاء 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، نموذجًا لبشاعة ما يتعرض له الصحفيون والصحفيات في اليمن.

ويعيش الصحفيون اليمنيون في الداخل أوضاعًا معيشية وإنسانية قاسية، في ظل الحرب القائمة وعدم توفر فرص العمل، بالإضافة إلى الملاحقات والانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل أطراف الحرب، إذ تعتبِر منظمات محلية ودولية، اليمنَ "من أسوأ بلدان العالم في حرية الصحافة والإعلام"، وأنها "الأسوأ عالميًّا للصحفيين".

 وفي سابقة هي الأولى، تم اعتقال الصحفية هالة باضاوي في ديسمبر/ كانون الأول 2021، من قبل قوات من الاستخبارات العسكرية بمحافظة حضرموت (جنوب شرقي اليمن)، على خلفية كتابتها بمواقع التواصل الاجتماعي، تنتقد فيها الفساد وتطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، قبل أن يتم الإفراج عنها في أبريل/ نيسان الماضي 2022، بشرط حضورها جلسات محاكمتها التي ستبدأ بتاريخ 24 مايو/ أيار، بعد أن تم تحويل ملف قضيتها للمحكمة الجزائية المتخصصة في حضرموت، رغم عدم اختصاصها بقضايا الصحافة والنشر.

تتحدث مها البرطي، مراسلة قناة بلقيس اليمنية بمدينة تعز لـ"خيوط"، قائلة: "تواجه الصحافيات عددًا من المخاطر المحدقة، أبرزها الخوف من الاستهداف المباشر من خارج مدينة تعز، وخاصة من أماكن تمركز جماعة أنصار الله (الحوثيين)، إضافة إلى الخوف من القناصين والقذائف".

ليس هذا وحسب، كما تضيف البرطي، أن الوضع الأمني الهش داخل مدينة تعز واحتدام الصراع بين الأطراف والجهات المختلفة، خاصة في ظل اصطفافات سيئة للغاية، يعتبر كذلك من المخاطر والتحديات التي تواجهها الصحفيات في اليمن بشكل عام، وفي المناطق الأمنية والعسكرية بشكل خاص. وتعزو البرطي سبب تزايد أعداد الضحايا من الصحفيين في الصراع الدائر إلى شحة دورات السلامة المهنية، والصحافة الحساسة للنزاعات، التي تمكن الصحفيين من تغطية الأحداث أثناء الصراعات والنزاعات والحروب. 

وتستمر الانتهاكات بحق الصحفيين من الجنسين بوتيرة عالية في اليمن، بحسب ما رصدته نقابة الصحفيين اليمنيين من انتهاكات في الربع الأول من العام الجاري 2022، في تقرير اطلعت عليه "خيوط"، إذ تم رصد ست حالات إيقاف لمحطات إذاعية، وخمس حالات اعتداء على مؤسسات صحفية وصحفيين، إضافة إلى رصد خمس حالات تعذيب طالت عاملين إعلاميين معتقلين في السجون، وحالتي احتجاز حرية، وسجّلت النقابة حالة تهديد واحدة، كما سجلت حالة قتل واحدة كان ضحيتها المصور الصحفي فواز الوافي بتعز من قبل مجهولين.

وفق تقرير نقابة الصحفيين، فإن جماعة أنصار الله (الحوثيين) ارتكبت إحدى عشرة حالة انتهاك من إجمالي الانتهاكات، وتحتجز أربعة صحفيين، هم: (عبدالخالق عمران، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، وتوفيق المنصوري) منذ 2015، وتم الحكم عليهم بالإعدام. في المقابل، ارتكبت الحكومة المعترف بها دوليًّا أربع حالات انتهاك، وخمس حالات سجلت ضد جهات مجهولة. 

وكانت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان ذكرت في الإحاطة السنوية لسنة 2021، أن أطراف النزاع واصلت ممارسة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، وشتى الممارسات اللاإنسانية والتعذيب ضد الصحفيين، إذ وثّقت "مواطنة" أربع وقائع انتهاك طالت خمسة صحفيين وعاملين في مجال الصحافة والإعلام؛ تتحمل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية في اعتقال صحفي واحد، كما تتحمل جماعة أنصار الله (الحوثيين) مسؤولية اعتقال صحفيَّين، بينما اعتقلت قوات الحكومية المعترف بها دوليًّا صحفيَّين آخرين. فضلًا عن استمرار جماعة أنصار الله (الحوثيين) في احتجاز أربعة صحفيين بشكل تعسفي، يواجهون عقوبة الإعدام بعد محاكمتهم بصورة جائرة في المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء في أبريل/ نيسان 2020، فيما يظل الصحفي وحيد الصوفي مختفيًا قسريًّا منذ 2015.

* تحرير خيوط 

•••
سكينة محمد

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English