صحفيات اليمن في "مهنة المتاعب"

بيئة عمل يغلب عليها التحديات وحملات التشهير
February 6, 2022

صحفيات اليمن في "مهنة المتاعب"

بيئة عمل يغلب عليها التحديات وحملات التشهير
February 6, 2022

عصام القدسي – حمدي رسام 


في إحدى صباحات أغسطس/ آب 2021، مُنعت الصحفية اليمنية عبير عبدالله من تغطية إحدى الفعاليات في مدينة تعز، كونها امرأة والفعالية خاصة بالرجال، كما أخبرها القائمون على الفعالية. "قلت لهم أريد تغطيها كتقرير، ومع ذلك رفضوا دخولي، وبعد إلحاح شديد سمحوا بدخول المصور الذي يعمل معي"؛ تقول عبير الذي تعمل في إحدى القنوات الفضائية المحلية.

تعاني العاملات في الحقل الصحفي اليوم عوائقَ بالغة الصعوبة؛ أبرزها المنع من الوصول إلى المعلومة ومناطق الحدث، تواصل عبير حديثها لـ"خيوط": "لأني صحفية كان يرفض بعض القادة العسكريين السماح لي بتغطية بعض المناطق التي فيها نزاع، بينما يسمح لزملائي الصحفيين بذلك".

ووَفق دراسة بعنوان "واقع الإعلاميات اليمنيات.. تحديات في السلم والحرب"، أعدها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي عام 2017، فإن الصحفيات يواجهن صعوبات عديدة في بيئة عمل يغلب عليها الطابع الذكوري والتحديات التي تفرضها طبيعة المهنة والحرب الخفية التي يمارسها زملاؤهن بدافع الكيد والمنافسة، وهو ما يؤثر سلبًا على استمرار الصحفيات في خوض غمار المنافسة.

الناشطة المختصة بقضايا الدفاع عن حقوق المرأة، وداد البدوي، تؤكد لـ"خيوط"، أن هناك معوقات كثيرة تواجهها النساء في اليمن بسبب الحرب المستعرة في البلاد منذ سبع سنوات، والتي تؤدي إلى فقدانهن الكثير من الفرص الإعلامية"، إلى جانب استغناء وسائل الإعلام عن توظيف النساء، بحجة أن المرأة لن تستطيع أن تغطي الأحداث كما تريد هذه الوسائل.

تضيف البدوي أن حملات التشهير بالمرأة والطعن بشرفها وأخلاقها وأسرتها، تعد من أبرز المعوقات التي اعترضت الصحفيات اليمنيات، كذلك غياب الحماية والتي جعلت الصحفية تعيش في حالة قلق.

ما تزال ثقافة عدم الثقة في القيادة النسائية لتولي المناصب قائمةً في اليمن، خاصة الإعلاميات، ومن خلال البحث نجد أن تواجد الكادر النسائي في المناصب القيادية لا يكاد يذكر، خصوصًا على مستوى الإعلام الرسمي.

لا مجال للاستسلام

رغم طردها مرارًا وتكرارًا من بعض المؤتمرات الصحفية، وكذلك عدم السماح لها بالنزول الميداني للتغطية الصحفية، تغلبت الصحفية عبير عبدالله على كل تلك الصعوبات التي واجهتها، وتقول في حديثها لـ"خيوط": "كنت عندما أعرف أن زملاء صحفيين سينزلون منطقة معينة أنسق معهم وننزل مع بعض، حتى لا يتم منعي لو نزلت وحدي، لأني صحفية، وعند التنسيق كنت أتجنب التواصل بالجهات مباشرة وأستعين ببعض الزملاء في التواصل لإبلاغ الجهة بأننا سننزل نغطي مع قناة كذا بدون ذكر لاسمي، وكانت الأمور تمشي".

وتضيف: "فيما بعد كانت أفضل طريقة لي أنني أتواصل مباشرة مع أهالي المنطقة التي سأنزل أغطي فيها، وهم أكثر معرفة بالمنطقة والأماكن الخطرة التي يجب تجنبها، وكنت أجد مساعدة من الأهالي في تسهيل عملي".

هيمنة ذكورية على وسائل الإعلام 

تكشف الدراسة المشار إليها سابقًا، عن الهيمنة الذكورية على المؤسسات الإعلامية في اليمن، حيث تشكل النساء العاملات في المؤسسات الإعلامية حوالي 20% فقط مقابل 80% للرجال. ولم يقتصر الأمر على المؤسسات الإعلامية، مع وصول الأمر إلى عضوية نقابة الصحفيين التي أصبحت حكرًا على الرجال، إذ لا يزيد عدد الصحفيات الأعضاء في نقابة الصحفيين اليمنيين، عن 170 صحفية من أصل 1500 عضو؛ أي ما يشكل 11% من نسبة الأعضاء.

ما تزال ثقافة عدم الثقة في القيادة النسائية لتولي المناصب قائمة في اليمن، خاصة الإعلاميات، ومن خلال البحث نجد أن تواجد الكادر النسائي في المناصب القيادية لا يكاد يذكر، خصوصًا على مستوى الإعلام الرسمي. طرحنا السؤال أمام وكيلة وزارة الإعلام في الحكومة المعترف بها دوليًّا، ليزا الحسني، لمعرفة رأيها عن سبب هذا الإقصاء، وعن الخطط والبرامج الحكومية لإشراك الإعلاميات في مناصب قيادية، خاصة في الإعلام الرسمي، وأوضحت أن هناك حواجز وضعت من قبل القيادات الذكورية، وخاصة في الأحزاب السياسية، وأنهم "كما ترى، متفقون على تغييب المرأة وتهميشها ومشاركتها في صناعة واتخاذ القرار".

وتضيف المسؤولة الحكومية، في حديثها لـ"خيوط": "لقد خسرنا الكثير من المكتسبات السياسية والاجتماعية والحقوقية والتي ناضلت المرأة اليمنية لانتزاعها في السنوات الماضية، وخاصة في مؤتمر الحوار الوطني والذي كان للمرأة حضور ومشاركة فاعلة".

وبالرغم من إقصاء المرأة من المشاركة السياسية والحكومية، أوضحت الحسني أن قيادة وزارة الإعلام تعمل جاهدة من أجل تفعيل دور النساء وتصدرهن لمناصب قيادية فعالة، والاعتراف بكينونتها في كافة القطاعات.

وبحسب الأخصائية الاجتماعية الدكتورة ذكرى العريقي، فإن حرية المرأة في المجتمعات المحافظة كاليمن، تتأثر بشكل كبير، خصوصًا أن ثقافتها مرتبطة  بالعادات والتقاليد والموروثات.

وترى في حديثها لـ"خيوط"، أن العادات والتقاليد عملت على برمجة العقل، بشأن وجود المرأة بشكل نمطي محدد في الحياة؛ إما معلمة أو دكتورة، وخروجها إلى عمل آخر مختلف، لا يتقبله المجتمع، خصوصًا أن نسبة الأمية مرتفعة.

ولفتت العريقي إلى أن الحرب عملت على تراجع دور المرأة بعد أن كانت قد بدأت بحركات نضالية، وبدأت العمل بمنظمات المجتمع المدني. مضيفة أنها حاصرت المرأة لأنها بدأت تطالب بحقوقها، خصوصًا عندما تكون إعلامية، تكون الصوت المدافع والمعبر الذي ينقل احتياجات المرأة ووضعها ومشاكلها وهمومها.


•••

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English