الحرب تلقي بتبعاتها على اختبارات الثانوية العامة

مهمة أشبه بمواجهة الطيور للعواصف
وفاء سليم
June 26, 2021

الحرب تلقي بتبعاتها على اختبارات الثانوية العامة

مهمة أشبه بمواجهة الطيور للعواصف
وفاء سليم
June 26, 2021
© AP

صباح جديد تشرق شمسه مليئة بالتحديات المصاحبة للقلق والتوتر على نوافذ آلاف الطلبة في العاصمة اليمنية صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين).

ما يقارب 191 ألفًا، و819 طالبًا وطالبة سيتقدمون لاختبارات الثانوية العامة، بقسميها الأدبي والعلمي لعام 2020/ 2021. حسب بيان وزارة تربية صنعاء اطلعت عليه "خيوط".

خطوة أمل جديدة ويوم فاصل في حياة آلاف الطلبة الذين يتوجهون للمراكز الامتحانية لاجتياز الاختبارات النهائية في المرحلة الثانوية لمواصلة تحصيلهم العلمي، رغم الأوضاع السياسية والاقتصادية والصحية المتردية التي تمر بها اليمن منذ سنوات، كان آخرها تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19). الذي فاقم من معاناة الطلبة، حيث أصدرت وزارة التربية والتعليم بصنعاء قرارًا في مارس/ آذار مطلع سنة 2021 بإيقاف الدراسة وبدء الاختبارات النهائية خوفًا على سلامة الطلبة من انتشار الجائحة؛ مما أدى إلى ضغط الفترة الدراسية لإتمام المنهج الدراسي بوقت قصير دون مراعاة قدرات الطلاب والفوارق الاستيعابية لديهم. حيث يعتبر التعليم الثانوي آخر مراحل التعليم المدرسي في اليمن، لذا تعد مرحلة حاسمة وفاصلة، ونقطة تحول لدى الطلبة؛ لأن إتمامها يؤهل الطلاب لاختيار تخصصاتهم الجامعية وتحدد المساقات التي يريدون الالتحاق بها حسب ميولهم العلمية.

معلمون بلا رواتب

يعاني طلاب الثانوية العامة في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) بشكل كبير نتيجة لشحة الكادر التعليمي المتمكن في بعض المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء، بسبب عزوف عدد من المعلمين عن التدريس، نتيجة انقطاع الرواتب منذ ما يقارب خمس سنوات.

أهدر الكثير من الطلاب والطالبات فرصة الاستفادة من إجازة كورونا، حيث كان من الممكن أن تساعدهم في مراجعة دروسهم واستذكارها

وعليه عانت المدارس عمومًا، والمرحلة الثانوية تحديدًا، من نقص حاد في الكادر االتعليمي، فيما يفتقر العاملون منهم لفرص التدريب وتعزيز القدرات، والتوجيه لطرق التجريب الممنهج والتركيز على ما يفيد في تقديم الاختبارات النهائية.

شكوى الطلاب

في هذا الصدد تقول الطالبة شهد عبدالرحمن، طالبة في إحدى المدارس الحكومية، لـ"خيوط": "أنا متخوفة من تقديم الاختبارات، ومن الطريقة التي صيغت بها الأسئلة"، معللة ذلك بسبب قلة عدد المعلمات اللواتي كن يحضرن لشرح الدروس "الكثير من المعلمات أصبحن يشرحن بدون رغبة منهن، بسبب الضغوطات الكثيرة التي يواجهنها وعدم صرف رواتبهن"، بحسب شهد.

وأضافت قائلة: "إن الكثير من المعلمات يتغيبن لفترات طويلة، ومنهن لم يكملن المناهج الدراسية في الفترة المحددة؛ لذا تراكمت علينا الكثير من الدروس وخاصة في المواد العلمية".

فمنذ انقطاع الرواتب واستبدالها بسلال غذائية، والمعلمون يعيشون أسوأ الظروف ويفتقدون لأبسط الحقوق، وهذا انعكس على أدائهم الوظيفي الذي ألقى بظلاله أيضًا على الطلاب. 

طالب اعتذر عن قول اسمه، قال لـ"خيوط:" "لم أعد أكترث للاختبارات؛ همي الوحيد هو كيف أغش في قاعة الامتحان، إذ إن الوضع العام في البلاد، لا يجدي معه مذاكرة ولا جد ولا اجتهاد".

وأكمل حديثه: "إن المناهج الدراسية لم تعد تناسب احتياجات الطلاب، والتطبيق في المواد العلمية التي تحتاج لتجارب معملية كالكيمياء غير متوفر".

ويستمر مسلسل معاناة طلاب الثانوية، إذ إن المعلم الذي كانوا يلجؤون إليه، وينتظرون منه كلمات التحفيز لبذل المزيد من الجد، أصبح هو الآخر يواجه صعوبات عدة حرمته من تلبية احتياجاته، وأهدرت كرامته، في ظل غياب تام لأي دعم يمكنه من مواصلة رسالته دون كلل.

انقسام التعليم

فاقمت الأزمة السياسية المستمرة في البلاد منذ سنة 2014 من سوء الوضع التعليمي، وأدت الصراعات المتتالية إلى انقسام العملية التعليمية؛ حيث بدأت اختبارات الطلاب الذين يعيشون في المحافظات التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا في مطلع يونيو/ حزيران الجاري.

بينما يبدأ اليوم السبت 26 يونيو/ حزيران الطلاب الذين يقطنون في المناطق الخاضعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) اختباراتهم في ظل انهيار العملية التعليمية بشكل كبير وملحوظ بسبب شحة المعلمين وإغلاق الكثير من المدارس التي أصبحت مأوى لكثير من النازحين من عدة محافظات، وكان أشد وطأة على عشرات الطلاب النازحين، وخاصة ممن هم في المرحلة الثانوية، وهو ما أكدته أروى أحمد، معلمة، التي قالت لـ"خيوط": "تم تأجيل التحاق الكثير من الطلبة النازحين بالمدارس في السنوات الماضية، حتى يستكملوا أوراقهم الرسمية، ليسمح لهم الحصول على أرقام جلوس".

وأكملت قائلة: "توقف الطلبة النازحون عن الدراسة لفترة طويلة، وبعد استكمال أوراقهم الذي استغرق سنوات، تم إخضاعهم لاختبارات؛ ما أدى إلى ضغوط شديدة، تعرضنا لها ككادر تعليمي وتعرضوا لها هم كطلبة".

الجدير بالذكر أن الطلاب النازحين يعيشون مأساة مضاعفة دفعت بالكثير منهم إلى ترك الدراسة والذهاب للعمل لمساندة أسرتهم. عصام الصلوي، طالب، كغيره من مئات الطلاب الذين نزحوا من مدينة تعز قبل ثلاثة أعوام، منعه حصار تعز من العودة لمدينته، وبالتالي حرم من التقديم في الامتحان؛ ما أجبره الانتظار لمدة عامين ليكمل أوراقه ويقدم في إحدى مدارس العاصمة صنعاء.

عصام وزملاؤه تغلبوا على مشاعر الإحباط واليأس، ويستعدون الآن للاختبارات التي ظنوا يومًا ما أن استكمالها أمر صعب وبعيد المنال بسبب ما واجهوه من عراقيل كانت أشبه بمواجهة الطيور للعواصف.

أمنيات صغيرة

شهدت العملية التعليمية في اليمن مؤخرًا، صعوبات جمة تزامنت مع انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)؛ ما حتم على وزارة التربية والتعليم إيقاف الدراسة وضغط الوقت ثم التعجيل بالاختبارات النهائية، وعليه ارتفعت شكاوى الطلاب والطالبات، خاصة بعد تعديلات بعض المناهج الأدبية، حيث عبر الكثير منهم عن استيائهم، وعن معاناتهم الكبيرة، وعدم قدرتهم على استيعاب القدر الهائل من المعلومات في فترة قصيرة جدًّا، وهو ما يشعرهم ببعض الخيبة.

على النقيض قال الأستاذ محمد مرشد، موجه في التربية، لـ"خيوط": "أهدر الكثير من الطلاب والطالبات فرصة الاستفادة من إجازة كورونا، حيث كان من الممكن أن تساعدهم في مراجعة دروسهم واستذكارها"، وأضاف: "أعتقد أن من يشتكي من ضيق الوقت ليس إلا استهتارًا ملحوظًا منه ومن بعض أولياء الأمور الذين أبعدتهم متطلبات الحياة عن الاهتمام بأبنائهم وحثهم على المذاكرة أولًا بأول".

وطالب مرشد عبر "خيوط"، وزارة التربية والتعليم بصنعاء بمساعدة الطلاب في تخطي هذه المرحلة دون تعقيد وأن تهيئ المراكز الامتحانية ليكونوا قادرين على تقديم الاختبارات في أكمل وجه.

من جهتها تمنت غالية القدسي، طالبة، أثناء حديثها مع "خيوط" أن يراعي واضعو الاختبارات كل الظروف المحيطة بالطلاب، وأن تكون الأسئلة تحفيزية لا تعجيزية، وأن تكون مناسبة لمستويات الطلاب كافة".

ويعبر الطالب، عزام عبدالرحمن، عن خوفه من تكرار تجربة السنة الماضية التي رسب فيها، وقال لـ"خيوط": "أنا طالب متبقٍ من السنة الماضية، وبرغم استعدادي التام للامتحان هذه السنة، إلا أني أشعر بالخوف، وهذا طبيعي كوني أتقدم للامتحان للسنة الثانية على التوالي".

الكثير من الطلاب والطالبات يواجهون مخاوف بشأن طريقة وضع الوزارة للاختبارات أو إدراج أسئلة من خارج المنهج المحدد، كما حدث في العام المنصرم، ما دفعهم للمطالبة بتيسير الاختبارات على الطلاب والطالبات "أتمنى ألا تعيد الوزارة ما حدث في السنة الماضية، إذ تم حذف عدد من الدروس ثم تفاجأنا بوجود أسئلة من الدروس المحذوفة، خاصة في المواد العلمية"، يقول عزام عبدالرحمن.


•••
وفاء سليم

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English