بالتزامن مع انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة في غزة، وفقًا للاتفاق المبرم بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، شنت الولايات المتحدة منذ منتصف مارس/آذار 2025 مئات الغارات الجوية على مواقع تابعة لجماعة الحوثي في اليمن، ما أسفر عن مقتل أكثر من 124 مدنياً وإصابة 256 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب ما أعلنته جماعة الحوثي.
في الأسبوع الثاني من أبريل/نيسان 2025، شهدت اليمن تصعيدًا غير مسبوق في وتيرة الغارات الجوية الأميركية، حيث نُفذت أكثر من عشر غارات ليلية استهدفت عدة محافظات؛ من بينها: مناطق جنوبي وشرقي العاصمة صنعاء، إضافة إلى معسكر الحفا وجبلي النهدين ونقم؛ وهي مواقع عسكرية خاضعة لسيطرة جماعة الحوثي. ولم تكشف الجماعة سوى عن تفاصيل محدودة بشأن المواقع المستهدفة، في حين لم يصدر الجيش الأميركي (القيادة المركزية) أيّ توضيحات دقيقة بشأن الأهداف التي تم قصفها.
بالتزامن مع هذا التصعيد، ظهر على منصات التواصل الاجتماعي في اليمن وسم "#مدري"، الذي يدعو اليمنيين إلى الامتناع عن الإدلاء بأيّ معلومات تتعلق بالغارات الأميركية، أو المواقع المستهدفة، أو العمليات التي تنفذها جماعة الحوثي. إلا أن الانتشار الواسع للوسم دفع العديد من النشطاء والمدونين وحسابات أخرى إلى استخدامه – إلى جانب وسوم أخرى – لطرح تساؤلات بشأن الفساد الإداري في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والمطالبة بحقوقهم المدنية؛ مثل الرواتب المتأخرة، وتحسين خدمات الكهرباء، كما أشار بعضهم إلى حالات اختطاف طالت صحفيين حاولوا أداء مهامهم في كشف الحقائق.
في هذا التقرير، نكشف كيف انطلق وسم "#مدري" عبر منشور إعلامي من إعلامي مقرب من جماعة الحوثي، ثم أعادت حسابات آلية هذا الوسم، ما أدى إلى تضخيم التفاعل عليه، ودفعه إلى قمة الوسوم المتداولة في اليمن في ذلك الوقت، رغم أن محتواه الأصلي لا يتجاوز سبعة في المئة من إجمالي المحتوى على الوسم.
في المقابل، ظهرت حملة مناوئة تحت وسم "الشعب_داري_ياحوثي" أطلقتها حسابات سعودية ولبنانية، وضخمتها حسابات نصف آلية. وحملت هذه الحسابات رسائل عنيفة تبارك الغارات الأمريكية على اليمن.
وتعمل شبكات الحسابات الآلية ونصف الآلية عبر برمجيات أو بإدارة أفراد أو جهات بشكل منسق، لتضخيم الرسائل السياسية أو إخفاء آخرى؛ للإيحاء بأن هناك رأياً عاماً، وهو في الحقيقة صدى دخل غرفة مغلقة.
"#مدري" تعميم أمني في شكل حملة إلكترونية
بلغ الوسم ذروته الأولى في الخامس من أبريل/نيسان 2025، إذ تجاوز عدد منشوراته 54 ألف منشور حتى 15 أبريل/نيسان. وحقق الوسم انتشاراً واسعًا، إذ وصل عدد مرات ظهوره إلى نحو 280 مليون مرة، بمتوسط وصول يومي يُقدّر بـ17.5 مليون مرة.
عند تتبّع بدايات الوسم في الخامس من أبريل/نيسان 2025، تبين أنه أُطلق من قبل حساب لإعلامي يمني يُدعى عبد الحافظ معجب، وهو مدير الأخبار في قناة "الساحات" الفضائية المؤيدة لجماعة الحوثيين. غير أن التحليل الزمني لتاريخ انتشاره أظهر أن حسابات يمنية أخرى كانت قد استخدمت الوسم منذ أواخر مارس/آذار 2025.
6
ظهر الوسم لأول مرة مساء 27 مارس/آذار 2025، عبر أحد الحسابات اليمنية على شكل 'تعميم'. ثم بلغ ذروته الأولى في 5 أبريل/نيسان، عندما أعاد الإعلامي عبد الحافظ معجب نشره، ما أسهم في زيادة انتشاره. لاحقًا، سجّل الوسم ذروته الأكبر في 10 أبريل/نيسان، ضمن فترة التحليل الممتدة حتى منتصف الشهر ذاته، محققًا أكثر من 292 مليون ظهور خلال 20 يومًا فقط.
ورغم الانتشار الواسع الذي حققه الوسم، لم تتجاوز نسبة المحتوى الأصلي سبعة في المئة من إجمالي المنشورات، في حين شكّلت إعادة المشاركة والاقتباسات معًا أكثر من 50 في المئة، وبلغت نسبة الردود نحو 42 في المئة.
وتضمنت سحابة الكلمات الأكثر تكرارًا ضمن منشورات الوسم مفردات تُصنّف ضمن الخطاب الدعائي، يُرجّح أن تكون صادرة عن حسابات مقربة أو داعمة لجماعة الحوثيين.
كما تضمنت منشورات الوسم كلمات وشعارات تنتقد "الحوثيين" وتهاجمها؛ من منها "#الشعب_داري_ياحوثي".
وعلى الرغم من أن الوسم يتناول قضية داخلية تخص اليمن، إلا أن نتائج التحليل أظهرت أن المملكة العربية السعودية جاءت في المرتبة الثانية ضمن قائمة الدول الأكثر تفاعلاً مع الوسم، ما يعكس وجود مستوى من التضخيم الإعلامي ضمن الخطاب المتداول، إذ استُخدم الوسم في الترويج سياسيًا لصالح جماعة الحوثي، في مقابل حملات مضادة تصف الجماعة بـ"الإرهابية".
حسابات أمنية تقف وراء الحملة
بدأ التفاعل على الوسم في أواخر مارس/آذار، من خلال حساب يمني يُدعى "مبارك العسالي"، الذي نشر ما وصفه بـ"تعميم أمني" يدعو للإبلاغ عن أي حساب ينشر صورًا لمواقع القصف الأميركي.
ويُعرّف هذا الحساب نفسه بديلاً لحساب مدير تحرير صحيفة المصير اليمنية، المقربة للحوثيين. وقد أعادت عدة حسابات مشاركة المنشور؛ من بينها حساب بديل آخر باسم "أبو خالد الظاهري بديل"، الذي أعاد نشر محتوى العسالي مرفقة بصورة تحمل شعار "جهاز الأمن والمخابرات"، تتضمن تحذيرًا للمواطنين من التحدث بشأن الغارات، بزعم أن القوات الأميركية تتجسس على المكالمات الهاتفية.
ورغم أن الحسابين المذكورين حديثا النشأة كونهما بديلين، فإن عددًا كبيرًا من الحسابات التي تفاعلت معهما كانت أيضًا حسابات جديدة، ويبدو أن أغلبها مقرّب أو داعم لجماعة الحوثي. من بين هذه الحسابات، يبرز حساب يُدعى "الزاهر الزاهر"، تنطبق عليه كل معايير الحساب الآلي (الوهمي): فهو حديث النشأة، لا يستخدم صورة شخصية حقيقية، ويستخدم معرفاً (username handle) يتكوّن من حروف وأرقام عشوائية (@lzhrlzhr425875). وقد نشط بشكل لافت في تضخيم وسم "#مدري" من خلال التعليقات وإعادة المشاركة.
بمراجعة أرشيف حساب "الزاهر الزاهر"، تبين أنه يقوم بنشر منشورات حساب آخر بشكل مكثف، وهو حساب يُدعى "أخبار 24 أبو قايد البيضاني إعلامي" (@aaa73753). يُعد هذا الحساب حديث النشأة نسبياً، إذ يعود تاريخ إنشائه إلى عام 2021. وما يثير الريبة حوله هو وجود كلمة "مؤتمت Automated" تحت اسم المستخدم، ما يشير إلى إمكانية استخدامه لأدوات مؤتمتة. أما المنشور الذي أعاد حساب "الزاهر الزاهر" مشاركته من هذا الحساب، فقد احتوى مقطعًا مصورًا يروج لدعاية سياسية لصالح جماعة الحوثي، زاعمًا مقتل خمسة آلاف جندي أميركي في البحر الأحمر، وهو ادعاء لم نتمكن من العثور على أي دليل يثبته.
بمراجعة أرشيف حساب "أبو قايد البيضاني"، تبين أنه حساب آلي (مؤتمت) ويشكل جزءًا من آلة الشائعات الحوثية، إذ ينشر العديد من الأخبار الكاذبة والمضللة. وعند العودة إلى حساب آخر يدير هذا الحساب، وهو "@wert7715" (أبو قايد البيضاني... أعــــلامي2)، وجدنا أنه لا يختلف كثيرًا عنه. فهو أيضًا حساب حديث النشأة، يستخدم صورة "بدر الحوثي" صورة شخصية، وخلفها صورة "حسن نصر الله". كما يواصل نشر دعاية سياسية مكثفة لصالح جماعة الحوثي، تتضمن أخبارًا كاذبة ومضللة، من أبرزها خبر زعم خروج حاملة الطائرات الأميركية "هاري ترومان" عن الخدمة؛ وهو خبر مضلل.
ما كان مريبًا أيضًا بشأن حساب "أبو قايد البيضاني... إعلامي 2" هو أننا عندما توجهنا إلى الحساب الذي أشار إليه في الوصف على أنه حسابه الرسمي، عدنا مجددًا إلى حساب "أخبار 24 أبو قايد البيضاني إعلامي" (@aaa73753) المؤتمت. وهذا يشير إلى أن هذه الحسابات تعتمد تكتيك "الدائرة المغلقة"، إذ تتبادل لجان إلكترونية وحسابات وهمية المحتوى وتعيد نشره وتضخيمه، ما يخلق حلقة مغلقة من التفاعل التي تعزز بعضها بعضًا.
الحسابات الأكثر تفاعلاً على الوسم
للتحقق من الحسابات التي تقود التفاعل مع هذا الوسم، سحبنا عبر أداة Meltwater عينة من المنشورات عددها 20 ألف منشور، وبتحليل البيانات، حصلنا على قائمة بالحسابات الأكثر تفاعلاً مع وسم "#مدري".
تصدر قائمة الحسابات الأكثر تفاعلاً حساب "مدري" (@md9013712576636) بواقع 272 منشورًا. وهو حساب حديث النشأة، يستخدم صورة المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية التابعة لجماعة الحوثي، "يحيى سريع". وبمراجعة أرشيف الحساب، تبين أنه ينشط بشكل مكثف ويعمل بالتنسيق مع شبكة من الحسابات الأخرى لتعزيز ظهورها، وزيادة عدد متابعيها، في حين يركز المحتوى الذي ينشره على الدعاية السياسية لصالح جماعة الحوثي، فضلاً عن نشر الشائعات والأخبار المضللة.
20
21
على الرغم من أن الحساب ينطبق عليه جميع معايير الحساب الوهمي؛ مثل كونه حديث النشأة، وعدم استخدام صورة حقيقية، واسم المستخدم (username handle) العشوائي، إلا أننا طبقنا كودًا برمجيًا لتحليل أوقات النشر بشكل إحصائي. وكما يظهر في الرسم البياني، تبين أن الحساب ينشر عددًا كبيرًا من المنشورات في أوقات محددة بفارق زمني لا يتجاوز دقيقتين، ويستمر في النشر على مدار اليوم من دون توقف، حتى في ساعات متأخرة من الليل، من الساعة الواحدة صباحاً وحتى الخامسة صباحًا، ويستمر حتى الساعة 12 منتصف الليل. هذا النمط من النشاط يتعارض مع السلوك البشري الطبيعي، ما يشير بشكل مؤكد إلى أن الحساب هو حساب آلي وغير حقيقي.
26
أما الحساب الثاني في قائمة الحسابات الأكثر تفاعلاً مع وسم "#مدري"، فكان حساب "راجي الله" (@rajyallh13)، الذي نشر 105 منشور. ويتشابه هذا الحساب كثيرًا مع الحساب السابق من حيث أنه حديث النشأة، ولا يستخدم صورة شخصية حقيقية. كما يركز في نشر نفس الدعاية السياسية لصالح جماعة الحوثي.
وبعد تطبيق نفس الكود البرمجي عليه، تبين أن الحساب ينشر بنمط أقل كثافة من الحساب السابق، لكنه ينشر عدداً كبيراً نسبيًا من المنشورات في أوقات محددة بفوارق زمنية قصيرة، أقل من دقيقتين، ما يشير لوجود نوع من الجدولة للمنشورات، مع احتمالية أنه حساب آلي غير حقيقي.
وجاء في المركز الثالث حساب (سلمى Dz@sel_ma88) الذي نشر 59 منشورًا، لكن بالبحث في أرشيف الحساب تبين أن كل المنشورات التي شملت وسم "#مدري" كانت في صورة تعليقات، وهو نمط تفاعل تضخيمي، أما محتوى الحساب فكان لا يختلف عن الحسابين السابقين، إذ اشتركت الحسابات في نشر منشورات متطابقة، إلى جانب الدعاية السياسية لجماعة الحوثي.
عند تطبيق الكود البرمجي على نمط تفاعل الحساب، تبين أن الحساب ينشر بنمط أقل كثافة، إذ يكون توزيع نشر المنشورات متوازناً بشكل طبيعي على مدار ساعات اليوم. ورغم ذلك، كانت هناك بعض المنشورات التي نشرت بفارق زمني قصير لا يتجاوز دقيقتين، ما يشير إلى أن الحساب نصف مؤتمت أو أنه قد يستخدم برنامج جدولة المنشورات.
في المركز الرابع، ظهر حساب "أبو قايد البيضاني... إعلامي 2" (@wert7715)، الذي تناولناه سابقًا وأثبتنا أنه جزء من آلة الدعاية الحوثية. وعند تطبيق الكود البرمجي على الحساب، تبين أنه ينشر بنمط طبيعي، ولكن عند إجراء تحليل أكثر تفصيلاً، لاحظنا أن الحساب ينشر بشكل مكثف في ساعات معينة بفارق زمني قصير لا يتجاوز الدقيقة، ثم ينقطع عن النشر لفترة، ليعود لاحقاً لنشر منشورات بكثافة مرة أخرى. هذه الأنماط تشير إلى أن الحساب مؤتمت (آلي) أو على الأقل يستخدم برامج جدولة المنشورات.
نزاعات رقمية تتخطى الحدود
حسب التحليل الذي أجريناه على عينة البيانات، كان الافتراض الأول أن الحسابات الفاعلة ضمن وسم #مدري تنقسم إلى مجموعتين من الحسابات، تتكون المجموعة الأولى من حسابات لشخصيات إعلامية رقمية مقربة من جماعة الحوثي، مثل عبد الحافظ معجب، ومبارك العسالي الذي وصف نفسه بأنه "مدير تحرير صحيفة المصير اليمنية، وكاتب ومحلل سياسي ويتعلم التحليل العسكري ويعمل لدى مكتب رئاسة الوزراء بصنعاء".
32
33
34
تتكون المجموعة الثانية من حسابات آلية مؤتمتة تعمل على تضخيم الحملة، ورصدنا أبرز هذه الحسابات التي تنشر بكثافة ضمن وسم '#مدري'، مثل: @md9013712576636، @rajyallh13، @sel_ma88، و@wasam774. ولكن، عند إجراء تحليل أعمق للبيانات وإدخالها في برنامج Gephi لرسم شبكات الحسابات، ظهرت تقسيمات مختلفة.
أظهر التحليل الشبكي باستخدام خوارزميتي ForceAtlas وFruchterman أن الحسابات المتفاعلة مع وسم "#مدري" تتشكل من عدة شبكات، إذ يبدو أن هناك انفصالاً بين شبكتين أو تشابكاً بين كتلتين كبيرتين. كتلة تقع أسفل الصورة وأخرى تقع أعلاها، وكل كتلة تتكون من شبكات من الحسابات التي ترتبط وتتفاعل مع بعضها بعضًا، ما قد يشير إلى وجود تنظيم داخلي بين الحسابات ضمن كل كتلة.
وحسب التحليل الشبكي فإن الكتلة الأولى تقودها عدة حسابات، أبرزها حساب الدكتور احمد مطهر الشامي @drahmedalshami؛ وهو حساب يعود تاريخ إنشائه لعام 2019، ولديه ما يزيد عن 300 ألف متابع، كما أنه يعد مصدرًا تنقل منه كثير من الحسابات الأخبار عن اليمن.
وبالتحري عن خلفية الدكتور أحمد مطهر الشامي من خلال موقعه الرسمي والمصادر المنشورة عنه، تبين أنه يعمل داعية إسلامي ويُعد من المنظّرين الفكريين لجماعة الحوثي. كما يشغل مناصب قيادية داخل جماعة "أنصار الله". ففي مقابلة له مع صحيفة الصمود عام 2017، قُدم الشامي بوصفه رئيس للجبهة التعبوية المنسقة بين الجبهات الشعبية والرسمية خلال حملة "عاصفة الحزم" العسكرية التي وصفها بـ "العدوان السعودي". وعام 2020، نشرت صحيفة يمني برس مقالاً بعنوان: "بالفيديو.. القيادي في أنصار الله الدكتور أحمد الشامي: هذه ثلاثة أسباب لأزمة الرواتب في اليمن"، تضمن تلخيصًا لمقطع مصور بثه الشامي عبر حسابه الشخصي. ويشير هذا كله إلى أن الشامي يؤدي دورًا محوريًا في الدعم المعنوي والدعاية السياسية للجماعة.
كما كشف التحليل الشبكي أن من أبرز الشبكات المتفاعلة مع وسم "#مدري"، شبكة يقودها حساب موثق باسم نصر الدين عامر | Nasruddin Amer (@Nasr_Amer1)، والذي يتابعه أكثر من 350 ألف مستخدم. ويعرّف عامر نفسه في وصف الحساب بأنه رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، ونائب رئيس الهيئة الإعلامية لجماعة أنصار الله.
ويبدو من التعريف الذي كتبه عن نفسه أنه مقرب من قيادة جماعة الحوثي ويلعب دورًا قياديًا في جهازه الإعلامي، غير أن البحث قد أظهره في صورة مروج دعاية سياسية لجماعة الحوثي وإيران، كما ظهر في عدد من نتائج البحث التي ربطت بينه وبين ترويج بعض المعلومات المضللة؛ مثل حديثه عن أعمال عنف حدثت بين المهاجرين الأثيوبيين والصوماليين عام 2021، إلا أن عديد من المصادر ذكرت أن ما حدث كان اعتداء من عناصر تنتمي لجماعة الحوثي على المهاجرين بعد إضرابهم عن الطعام بسبب سوء أوضاعهم، ما جعل صحيفة المشهد تصفه بـ"مروج الأكاذيب".
وفي كل هذه الحسابات التي تلعب دورًا مركزيًا في التفاعل مع وسم "#مدري"، نلاحظ وجود عدد كبير من الحسابات التي تعيد مشاركة ونشر محتوى هذه الحسابات المركزية، ونراها في التحليل الشبكي على صورة مظلات ترتبط بالحساب المركزي الذي تنشر وتضخم محتواه.
ومن هذه الحسابات المركزية التي يحيط بها عدد كبير من الحسابات المتفاعلة، حساب (عبد الحافظ معجب @hafeed000) الذي رصدنا دوره في تضخيم وسم "#مدري" في ذروته الأولى ببداية شهر أبريل/نيسان.
يملك حساب (معجب) ما يزيد عن 244 ألف متابع، وهو إعلامي بقناة الساحات المقربة من جماعة الحوثي، كما أن البحث في أرشيف الرجل أظهر دوره منذ عام 2017 في تبرير عمليات القتل والتصفية التي نفذتها بها جماعة الحوثي لشخصيات معارضة لها، مثل رجل الأعمال عبدالسلام الشميري.
أما الإعلامي الآخر الذي رصدنا تفاعله مع وسم "#مدري"، فهو حساب يحمل اسم عبدالغني علي الزبيدي (@Abdlgni_AZubidi)؛ وهو حساب يمني يتابعه أكثر من 211 ألف مستخدم، رغم حداثة إنشائه الذي يعود إلى عام 2020. ويعرّف الزبيدي نفسه بأنه "باحث في الشؤون السياسية والعسكرية | Researcher in political and military affairs"، ما يشير إلى محاولة تقديم نفسه كصوت تحليلي متخصص، رغم انخراطه في تفاعل مباشر مع حملة دعائية ذات طابع سياسي واضح.
كما ثبت على حسابه منشور يقول فيه:" هذه صفحتي شخصية ولست في منصب حكومي ولا أنا متحدث بأسم أي جهة حكومية في صنعاء وما أنشره فيها أتحمل مسؤليته أنا فقط.. سواء لجهة المعلومة التي أحصل عليها من مصادري.. أهم شيئ أن ما أنشره لايضر الأمن القومي للبلد ولايضر أو يمس أي شخص..".
بالتقصي عن خلفية الزبيدي، اتضح أنه يكتب في جريدة المسيرة وعلى موقع أنصار الله نفسه، الذي كتب عليه مقالتين؛ الأولى عن لقائه بالقائد، والثانية عن الجهد الذي تبذله جماعة الحوثي في "معركة الرواتب" كما سماها. غير أنه وصف في تقرير قديم يعود لعام 2023 على جريدة يمني بوست بالقيادي في جماعة الحوثي، أما في يناير/كانون الثايي 2025؛ فقد نشرت جريدة صحافة.نت تقريرًا يصف فيه الزبيدي إدارة محافظة البيضاء بالفشل.
لكن لم تقتصر الحسابات المتفاعلة مع وسم "#مدري" وشبكاتها على الشخصيات القيادية والإعلامية المحسوبة والمقربة من جماعة الحوثي؛ فقد رصدنا أيضًا شبكة كاملة من الحسابات الآلية، يقودها حساب (أخبار 24 ابو قايد البيضاني إعـلامي @aaa73753) المؤتمت، الذي تحققنا من نمط تفاعله سابقًا، وأثبتنا أنه جزء من آلة الدعاية الحوثية.
غير أن خريطة التحليل الشبكي أظهرت اتجاهاً قوياً للتفاعل مع حساب آخر، هو حساب (أبو قايد البيضاني... أعــــلامي2 @wert7715)، والذي كنا قد تحققنا سابقاً من نمط تفاعله وتبين أنه - على الأقل - حساب نصف مؤتمت. وقد لعب هذا الحساب دورًا محوريًا كحلقة وصل بين شبكة (أخبار 24 أبو قايد البيضاني إعلامي @aaa73753)، وشبكة أخرى تدور حول حساب موثق باسم أنيس منصور (@anesmansory)، الذي يتابعه أكثر من 847 ألف مستخدم، ويُعرّف نفسه بأنه "مستشار إعلامي، ورئيس مركز وموقع هنا عدن للدراسات الاستراتيجية، وكاتب في صحيفة @Arabi21News".
ونظراً لتموضع شبكة الصحفي أنيس منصور في نقطة وسط بين الكتلتين الرئيسيتين الظاهرتين أسفل وأعلى خريطة التحليل الشبكي، قمنا بالتحقق من الحسابات الأكثر تفاعلاً معه، وخاصة تلك التي تميل نحو الكتلة العلوية من الشبكة. وقد تبين أن أبرز هذه الحسابات هو حساب يُدعى "صنعاء (قادمون يا صنعاء)" (@ArmnHanm15584)؛ وهو حساب حديث النشأة، يتفاعل مع وسم "#مدري" من زاوية نقدية، ويوجه انتقادات حادة لجماعة الحوثي.
وبالعودة إلى أرشيف الحساب، تبين أنه يكثر من إعادة مشاركة تغريدات مرتبطة بوسوم ناقدة لجماعة الحوثي، من بينها: #الشعب_داري_ياحوثي، و#الحوثي_يتاجر_بالبترول_المغشوش، و#الحوثي_إيراني_لايمني، ما يعكس بوضوح موقفًا معارضًا للجماعة، ويؤكد أن هذا الحساب يشكّل جزءًا من الحملة المضادة التي ظهرت ضمن التفاعل مع وسم "#مدري".
دفعنا هذا للعودة والتحقق من هذه الوسوم، وكشف الكتلة الأخرى التي تهاجم الحوثي.
حملة مضادة تدعو الحوثي للاستسلام
كشف تحليل شبكات الحسابات الفاعلة ضمن الكتلة الثانية، التي هاجمت حملة "#مدري"، عن وجود عدد من الحسابات المركزية التي تتهم جماعة الحوثي بالإرهاب. غير أن هذه الحسابات، وفي سياق سعيها لتجريم الجماعة وانتقاد ممارساتها الاستبدادية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ذهبت إلى أبعد من ذلك، إذ أعلنت صراحة دعمها للغارات الأميركية على اليمن، ودعت جماعة "أنصار الله" إلى الاستسلام.
وكان من أبرز هذه الحسابات، حساب Raymond Hakim) (@RaymondFHakim، وهو حساب موثق يضم أكثر من 150 ألف متابع، ويعرّف نفسه بأنه "ناشط مهتم بالشأن اللبناني والعربي – جيشان لا يبنيان دولة". وبمراجعة أرشيف منشوراته، تبين أنه يتبنى خطابًا معادياً لحزب الله وجماعة الحوثي على حد سواء، إلا أنه – في الوقت ذاته – يعبّر صراحة عن تأييده للغارات الأميركية على اليمن، وينشر منشورات تبرّر الغارات الأمريكية بوصفها استهدافاً مباشراً لمقرات الحوثيين وتدميرًا لبنيتهم العسكرية، رغم أن هذه المزاعم لم تُدعَم بأي أدلة، ولم تُؤكّدها القيادة المركزية الأمريكية نفسها.
وبالتقصي عن الحساب، تبين أنه يعود لناشط لبناني مقرب من حزب القوات اللبنانية، وينشر دعاية سياسية لقائده سمير جعجع.
أما الحساب الثاني الذي برز كأحد الحسابات المركزية في الحملة المهاجمة لوسم "#مدري"، فكان حساب الصحفي السعودي محمد العرب (@malarab1)؛ وهو حساب موثق يتابعه أكثر من 677 ألف شخص. وسبق أن ظهر العرب في لقاء متلفز على قناة سعودية بصفته "مراسل حربي سابق"، تحت عنوان لافت: "راقصت الموت ثلاثين سنة وسأعلن تحرير صنعاء"، في إشارة إلى تبنيه الواضح لخطاب معادٍ للحوثيين، يتقاطع مع رواية التحالف العربي بقيادة السعودية.
ورغم أن محمد العرب يصف نفسه بمراسل حربي سابق، إلا أن أرشيف حسابه على منصة إكس (تويتر سابقاً) يمتلأ بمنشورات عن اليمن تُقدَّم في صيغة بلاغات عاجلة، يروي فيها ما يحدث كما لو كان شاهداً مباشراً، من دون الإشارة إلى أي مصادر موثوقة. ويلاحظ تبنّيه الكامل للرواية الأميركية ودعمه الصريح للغارات الأمريكية على اليمن. أما اللافت والمثير للريبة، فكان نشره لمنشور يعرض فيها مبلغ مائة ألف ريال سعودي مكافأة لمن يُدلي بمعلومات تقود إلى عناصر من جماعة الحوثي في محافظة إب.
كما برز حساب مركزي آخر على خريطة التحليل الشبكي باسم (الشيخ / جمال المعمري 🇾🇪 @JamalAlmamari11) وهو حساب يمني موثق، يمتلك نحو 36 ألف متابع، وإلى جانب هجومه على جماعة الحوثي، فهو ينشر دعاية سياسية مستمرة للسعودية، وتأيدًا لقراراتها السياسية.
ينشر حساب المعمري معلومات مضللة بشأن مقتل عناصر من جماعة الحوثي نتيجة الغارات الأميركية، من دون أن يقدم أي دليل موثوق لدعم هذه الادعاءات. كما يتبنى الحساب تحريضاً متكررًا؛ مثل تحديد موقع معين على أنه معمل لإنتاج غاز السارين السام جنوبي صعدة، وهو ما لم يتم تقديم أي مصدر أو دليل عليه. ورغم أن الحساب يمني، إلا أنه يروج بشكل مستمر لدعايات سياسية تتماشى مع النظام الحاكم في السعودية.
توضح خريطة التحليل الشبكي أن كلًا من الحسابات الثلاثة السابقة (محمد العرب، المعمري، وRaymond Hakim) ظهر كحساب مركزي داخل شبكتين متداخلتين. الشبكة الأولى تضم الحسابات التي تضخم محتوى الحساب المركزي عن طريق إعادة مشاركته، في حين تضم الشبكة الثانية مجموعة الحسابات التي تشتبك مع الحسابات المركزية في التعليقات، سواء كانت هذه التعليقات داعمة أو مهاجمة.
كل حساب من الحسابات الثلاثة التي رصدنا ارتباطها بالحملة المضادة لوسم "#مدري" شارك بشكل متسق في الهجوم على إيران وحزب الله وجماعة الحوثي أولاً، ثم تبنى نشر منشورات تمجد السعودية. هذا التناغم بين الحسابات يفسر تفاعل حساب لبناني من أتباع حزب القوات اللبنانية مع مراسل حربي سعودي وناشط يمني، ما يعكس تنسيقًا مشتركًا بين أطراف متعددة في المنطقة. كما تتفق هذه الحسابات الثلاثة في استخدام وسوم محددة؛ مثل "#الحوثي_جماعة_إرهابي"، و"#الشعب_داري_ياحوثي"، و"#أيام_الحوثي_الأخيرة".
حملة ضد "ممارسات" الحوثيين
عدنا لاستخدام أداة Meltwater مرة أخرى وقمنا بتحديد الوسوم الثلاثة ككلمات مفتاحيةP فتبين أن هذه الوسوم هي جزء من حملة إلكترونية مستمرة ضد جماعة الحوثي في اليمن، التي بدأت منذ العام الماضي واستمرت في بداية هذا العام. ورغم أن عدد المنشورات التي استخدمت هذه الوسوم تجاوز بالكاد 18 ألف منشور فقط، إلا أن الحملة حققت انتشارًا واسعًا وصل إلى 121 مليون مرة، بمعدل وصول يومي بلغ مليون و340 ألف.
تحديد الحملة المضادة لحملة "#مدري" بشكل دقيق، استبعدنا وسمين وركزنا فقط على وسم #الشعب_داري_ياحوثي". تبين أن التفاعل مع هذا الوسم بدأ ووصل إلى ذروته يوم 10 أبريل/نيسان 2025، وهو اليوم نفسه الذي شهد ذروة نشاط وسم "#مدري". ورغم أن عدد المنشورات التي استخدمت هذا الوسم لم يتجاوز 15 ألف منشر، إلا أن الوسم حقق انتشارًا واسعًا وصل إلى 104 مليون مرة، بمعدل مليون و150 ألف مرة يوميًا.
ومع ذلك، كشفت أنماط النشر عن تباين واضح في نوعية التفاعل، حيث شكلت الردود نحو 50 في المئة من المنشورات، في حين كانت نسبة إعادة المشاركة والاقتباس مجتمعة نحو 38 في المئة. في المقابل، لم تتجاوز نسبة المحتوى الأصلي 13 في المئة فقط. هذا التوزيع يشير إلى وجود درجة من التضخيم عبر إعادة المشاركة، كما يوضح أن نصف المنشورات تقريبًا كانت على شكل نقاشات وردود.
وقد تجلى هذا التوزيع في قائمة الوسوم المرتبطة بوسم "#الشعب_داري_ياحوثي"، إذ يمكن ملاحظة ثلاثة أصناف رئيسية من الوسوم. الأول يشمل الوسوم المهاجمة لجماعة الحوثي، مثل "#الحوثي_جماعة_إرهابية"، والثاني يضم الوسوم الداعمة له، مثل "#مدري". أما الصنف الثالث فيتمثل في الوسوم التي استخدمت لوصف واقع الأحداث؛ مثل "#القصف_الامريكي" و"#صنعاء".
انعكس هذا على سحابة الكلمات الأكثر استخدامًا وظهورًا على وسم "#الشعب_داري_ياحوثي"، كما انعكس على سحابة الكلمات التي تصف المشاعر ضمن الوسم، ونلاحظ شيوع المشاعر السلبية في منشورات الوسم.
وتشابهت قائمة الدول التي تنشط منها الحسابات المتفاعلة مع وسم "#الشعب_داري_ياحوثي" مع تلك الخاصة بوسم "#مدري"، إذ تصدرت اليمن القائمة في كلا الحالتين، تليها المملكة العربية السعودية. كما برزت كل من مصر، والولايات المتحدة، وفلسطين المحتلة ضمن قائمة الدول الأكثر نشاطًا، محتلة مراكز متقاربة.
حملة مضادة تقودها الربوتات
لكشف أهم الحسابات الفاعلة على وسم "#الشعب_داري_ياحوثي"، سحبنا جميع المنشورات باستخدام أداة Meltwater ثم قمنا بتحليلها، واستخراج قائمة بأكثر الحسابات تفاعلاً على الوسم.
جاء في صدارة قائمة الحسابات الأكثر تفاعلاً مع وسم "#الشعب_داري_ياحوثي"، حساب @MoslahAlraimi، الذي نشر 104 منشورات، بينها 84 منشورًا على شكل ردود. لكن عند التحقق من الحساب لاحقًا، تبين أنه قد أغلق. ومع ذلك، استخدمنا البيانات المتوفرة لدينا عن منشوراته السابقة لتطبيق الكود البرمجي عليها، وتحليل الأنماط الإحصائية الخاصة بأوقات النشر.
أظهرت نتائج التحليل الكودي أن الحساب ينشر بشكل مكثف في ساعات محددة، وأن أكثر من 50 في المئة من منشورات الحساب نُشرت بفارق زمني صفر، ما يؤكد أن الحساب آلي بالكامل.
وتلاه في الترتيب حساب (وضحى مرشد @wadhamurshed) بـ87 منشورًا، وهو حساب حديث النشأة ينشط بكثافة ضد جماعة الحوثي. وتصف صاحبة الحساب نفسها بأنها "إعلامية وحقوقية يمنية"، إذ يركّز محتوى الحساب على انتقاد سياسات جماعة أنصار الله، متناولاً قضايا مثل أزمة الرواتب، وغياب الحريات، وانتشار المظاهر العسكرية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي.
وجاءت نتائج التحليل الكودي مماثلة للحساب السابق، إذ أظهرت أن نمط النشر يتم بشكل مكثف خلال أوقات محددة، وبوتيرة غير بشرية، إذ تكررت فوارق زمنية قدرها صفر دقيقة بين عدد كبير من المنشورات، ما يشير إلى أن الحساب آلي بالكامل.
وفي المركز الثالث، جاء حساب (مصطفى غليس @GhulaisM) وهو حساب يمني موثق، نشر 81 منشورًا، ويصف نفسه بأنه صحفي يمني، وقد ركزت منشورات الحساب على إظهار استبداد جماعة الحوثي وفسادها، مستخدمًا وسم "#الشعب_داري_ياحوثي" ليطرح تساؤلات بشأن ما وصفه بالممارسات "الفاسدة والمخربة والفاشلة للإدارة التابعة لجماعة الحوثي".
وعندما طبقنا على الحساب التحليل الكودي، أظهرت النتائج أن هناك توزيعًا طبيعيًا لساعات النشر على مدار اليوم، لكن ظهر نمط نشر مكثف في الساعة 14:00 بفوارق زمنية قصيرة أقل من دقيقتين، ما يشير إلى أن الحساب نصف آلي أو يستخدم برامج جدولة المنشورات.
وهو ما اختلف بشكل ملحوظ عن نمط نشر حساب عبدالرحمن العطاوي @bdalrhmn85644، إذ أظهرت نتائج التحليل الكودي أن نمط النشر لديه موزع بشكل طبيعي على مدار ساعات اليوم، دون تركّز زمني حاد كما في الحسابات الآلية، ورغم ذلك رُصد عدد كبير من المنشورات نُشرت بفوارق زمنية قصيرة تقل عن دقيقتين.
وحساب عبدالرحمن العطاوي @bdalrhmn85644 هو حساب سعودي حديث لكنه موثق، وقد نشر 81 منشورًا ضمن وسم "#الشعب_داري_ياحوثي"، ويتبنّى بالكامل الرواية الأميركية بشأن الصراع في اليمن، إذ يدعم الهجمات الأميركية على اليمن بحجة التخلص من جماعة الحوثي، حتى في الحالات التي تشير فيها التقارير إلى سقوط ضحايا مدنيين.
أما حساب الصقر @PptFV65QXgffMwh، والذي يتّضح من اسم المستخدم العشوائي أنه حساب غير موثوق أو وهمي، فقد نشر 74 منشوراً على وسم "#الشعب_داري_ياحوثي"، وتبنّى السردية نفسها التي روّجت لها الحسابات السابقة، والمتمثلة في وصف جماعة الحوثي بالفساد والفشل في إدارة المناطق الخاضعة لها. غير أن اللافت في نشاط هذا الحساب هو إعادة مشاركة منشوراته بكثافة من حسابات سعودية، بالإضافة إلى اتهام مباشر لسلطنة عُمان بدعم جماعة الحوثي.
وعند تطبيق الكود البرمجي على حساب الصقر @PptFV65QXgffMwh، أظهرت النتائج وجود نمط نشر مكثف في ساعات محددة من اليوم، في حين نُشرت نحو نصف منشورات الحساب على الوسم بفارق زمني أقل من دقيقة، وهو ما لا يتوافق مع النمط البشري الطبيعي للنشر. هذا يشير بوضوح إلى أن الحساب إما آلي بالكامل أو يستخدم برامج جدولة المنشورات.
يتضح أن الحملة ضمن وسم "#الشعب_داري_ياحوثي" رغم امتلاكها لسردية قوية تبرز فساد ممارسات الإدارة التابعة لجماعة أنصار الله، فإن الحسابات الأكثر تفاعلاً معها هي في الغالب حسابات آلية أو شبه آلية، تعمل على نشر دعاية سياسية، وتتبنى الرواية الأميركية بشأن الغارات على اليمن وأهدافها ونتائجها.
*نشر مشترك بين خيوط ومجتمع التحقق العربي